14~| عرينُ الملكة |

607 120 82
                                    

-" ألن يُنزع عنّي هذا الشيء؟ يجعلني في مشيتي أتثاقل " كان لوبين قد رمق القِزم بانزعاج، وتساءل.

-" أقوالك لن تنفع، فنحن ندرك كل ما نفعل " ردّ عليه ببرود، مضيفاً سحبةً قوية للسلسلة المرتبطة بقدم لوبين التي قاومت معه جرعةً من ألم.

عبس الآخر، وقرر مآثرة الصمت للوقت الراهن.

استرسلا في المشي مدةً طويلة بما تخيل لوبين كونه ممراً. الأرض المتجمدة تحت أقدامه الحافية بدأت بترك آثارها بالفعل؛ دون نسيان جلده الذي بدأ يقشعر برداً. لكن ومن المحزن، انه سبق واعتاد كثيراً على مثل هكذا حالٍ قبلاً.

-" تحرك، أسرع ! " صِيح به من قبل القزم رفقة دفعة قوية، واجهها لوبين بالتنفيذ غاضعاً، لعلمه بلا فائدة المعارضة.

لازمهما صمتٌ تامٌ تقطعه هزهزة أصوات السلاسل بين الحين والآخر، استمرا بالمشي واستمرا، لدرجة أن لاحت بعقل لوبين فكرةٌ عن كونهما للأبد هكذا لن يتوقفا ! حتى ولحسن الحظ، أو سوءه، وصلا.

رُغم كون الإنارة لا تزال بالضئيلة؛ فقد اعتمد على حواسه الأخرى لإدراك ماهية ما يجري حوله حتى استعادة الرؤية قوتها، والصوت الذي اخترق أذُنه هو بالتأكيد صريرٌ لانفتاح بابٍ عملاق..

دلفا داخله كما فكّر، واستشعر أسفله سِجاداً أرعش ملمسه الناعم نفسه للحظة من بعدما كان من أيام يتبختر في العراء باختلاف أشكاله. كذلك الدفئ الذي يطوق الجو هنا؛ لدرجة سماعه أصوات الأخشاب تحترق بزاوية ما بالقرب.

جوٌ عامٌ غيّم يدعو للسكينة، لكن قلب لوبين لم يسعه إلا أن ينقبض، وعقله أمر بأخذ الانتباه والحيطة، خوفاً من مجهول قد يحصل بثانية وينتهي في الدقيقة ..

شمعة، اثنتان، وأنارت الغرفة فجأة من اللامكان.

فاحت رائحةٌ غريبة، لم يكُن قد اشتممها قبلا؛ لكنها كانت زكيةً بحيث لم يهتم أساساً بشأن أصلها وأخذ فحسب باستنشاقها.

-" أعجبك؟ " كان صوتٌ فجأة قد اخترق لحظاته مع الرائحة معيداً إياه للواقع، نظر حوله قصد البحث عن مصدره؛ ولم يكن إلا من شخصٍ خلف ستارةٍ حمراء لا يظهر منها شيءٌ قابع.

أو أصحاً فقد كانت امرأة.

-" أعجبني نعم، لكن تلك الحقيقة بحد ذاتها مخيفة بمثل هكذا عالم.."

سمع قهقهتها البعيدة، ثم صوتها الذي ارتفع قائلاً:" إذن فأنت هو المسافر الثالث. حقاً، لم يكذبوا حين قالوا أنك مثيرٌ للاهتمام "

أرضُ العجائبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن