15~| قلعةُ السحاب |

625 112 106
                                    



" يقولون الدنيا سوداء، وأنا أعارضهم بذلك " باح بصوتٍ خفيض، نظره على الأفق البعيد ..

-" كيف للسواد أن يعّم حيث ما ترى الشمس تشرق كل يومٍ تبغى إنارة الدنيا لأمدٍ سحيق، وكيف للحياة أن تذبل مع كل هذا الجمال الذي يحيط؟ " أطرق برأسه ينظر أرضاً حيثُ ومن مكانه لا يُرى إلا الغيم في رحلةِ ضياعه بالسماء، واستكمل مجيباً:" أسئلةٌ كثيرة من ذاك النوع تُطرح، وإجابتها تبقى واحدة .. هم البشر، فألا توافقينني؟ "

تلمّس غُصن النبتة الأخضر الذي يُخاطب لحظة، ثم وقف منزعجاً وراح يستعجل طريقه للأعلى:" أجل، رسمياً فقد جُننت .. علّي أن أخرج من هنا قريباً "

أثناء تسلقه للأعلى، تلمّس فجأةً يداً ناعمة في موضع ما وضع خاصته، ولم تمر من لحظتها الثانية إلا وأطل الشخص الآخر برأسه الأحمر:" أوه؟ من أنتَ يا هذا؟ " حملت أعينه الخضراء نظراتٍ جِدّ مستغربة، ومن شكله العام والعمر المقارب للعشرة سنين توقع هويته.

-" أنا؟ مجرد زائر وقد أذهلتني هذه النبتة ! وأصابني الفضول بالفعل لمعرفة ما تؤول له نهايتها "

ابتسم الآخر ابتسامةً باهتة، وقال في نبرة خفيضة:" الفضول كما النهر حيثما ينتهي بشلالٍ قاتل، سيجرفك معه لموتٍ محتم."

-" أو وبمنحى مفاجئٍ للبرّ، جاك. "

-" كيف تعرف اسمي؟ "

تجاهل لوبين آخر سؤالٍ له واستكمل في تسلقه. لحِق به جاك رُفقة سربٍ من أسئلة راح يعصف به على رأسِ لوبين دون هوادة، سخر الأخير منها ومن مُطلِقها بقرارته، ذاك الذي كان يتكلم توَّا عن خطر الفضول..

توقف بعد مدةٍ للراحة وقد صار قريباً لا يفرقه عنها سوى بضع أقدام من الصعود، وأدار رأسه للجانب الآخر من النبتة بُغية أن يعرف هل ما زال ذاك الطفل مصرّا على تتبعه أم لا. وقد كان.

-" لماذا تتبعني؟ "

-" لأني أخشى عليك ! "

-" أنتْ؟ تخشى عليَّ أنا؟ " وقع الكلمة نفسه أخافه، لو قال أنه يريد ذبحه لتفهّم، لكن أن يخشى عليه فذاك هو الرعب بحد ذاته ! " مِن ماذا؟ " أكمل تساؤله.

-" مما سترى ! " ذعرٌ واضحٌ بملامحِ الصغير كان قد تجلّى.

لا شك أنها محاولة أخرى لتعطيله وإرباكه، هكذا صنّف لوبين أقوال جاك الغريبة هذه. فلو كان غير مرتحل؛ لكان من المُفترض أن يقذفه بأهدأ النظرات كما العادة قُبيل ما يهجم الهجوم الأكبر بأياً كان سلاح الشخصية، لكن يبدو أن هذا الطفل له طريقةٌ أخرى تكسر هذه العادة..

أرضُ العجائبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن