26 والأخير~| ليونارد وكِتابُ أرضِ العجائب |

1K 124 119
                                    



دقة ودقتّان، وصوت الساعة انبثق من كل مكان.

فتح جاك بهدوء عينيه، كان صوتُ الدقّ عالياً ومزعجاً؛ رُغم أنهم وكما توضح بعد تيّقظه التام في غرفةٍ خالية من الساعات إلا ثلاثاً مُعطلات، ذّكره بأيام كان يزور جدته التي امتلكت ساعةً قديمة تُشبه البيغ بان تدق كلما تبلغ الثانية؛ سواء نهاراً أو ليلاً، لم يفهم يوماً لم الثانية بالضبط؛ لكنه لم يهتم بأي حال.

كانت أجساد رفيقيه لمُسافران بجواره، يبدو أنه أول من استيقظ، المسافر الثاني كان بخير حسب ما بدا؛ لكن ليو اعتلاه شحوبٌ شديد لم يُطمئن أبداً.

شرع يحاول إيقاظ كِليهما، انتبه لوجود الكتاب أمامهم؛ ذاك الكتاب الملعون الذي بدأ منه كلّ شيء، لكن العجوز لم تكن، وتلك حقيقةٌ مرعبة نظراً لأنها لا تُبعده عن عينيها أبداً إلا إذا ما أرادت اصطياد فريسةٍ جديدة. التقطه بسرعة وفتحه، وجد أن نصفه تقريباً كان عبارةً عن أصفح مُمزقة بينما نصفٌ آخر لازال بأوراق سليمة وفارغة، استنتج أن نصف الصفحات المُقطعة كان يخصهم نظراً لخروجهم دونما أن يأتي أحدهم بالإكسير لهنا. هم أنهوا أسطورة الإكسير، لكن ذاك بحدّ ذاته لم يكن الغرض من الكتاب في حال ما كانت تلك العجوز من صنعته؛ الغرض منه هو إخراج الإكسير من ذاك البُعد وجلبه للبعد الآخر.

هل يُمكن تدمير أو إتلاف الكتاب للأبد؟ تساءل جاك، ولم يكن مجرد تساؤل من فضول، كان تساؤلاً من احتياج؛ عليهم تدمير الكتاب ! لازالت هناك أصفح فارغة، ما يعني أن الفرصة أمام المخبولة لاختطاف أشخاص آخرين وإرسالهم لذاك المكان الدمويّ لا تزال موجودة، فرصة خلود تلك المخبولة لا تزال موجودة !

سمع صوتاً من خلفه فاستدار ليجد المُسافر الثاني قد استيقظ، بدا مبهوتاً لبضع لحظات؛ لكن وسُرعان ما تذّكر آخر الأحداث حتى تيّقظ وتمتم:" هذا هو.. " لم يدري جاك هل قصد الكتاب بقوله أو البيت عموماً، لكنه لم يهتم واتجه لليو يحاول إيقاظه مجدداً.

لم يبدو أن ليو يعاني من مشكلة في التيقظ، هو بالفعل متيقظ، لكنه يتألم بصوتٍ مكتوم. رغب جاك في سؤاله عن ألمه غير أنه أدرك استحالة ذلك، كان عليهم الخروج من هنا بسرعة؛ لا يدري ما به لكنه يحتاج لرعاية ما قُبيل أن يحصل الأسوأ ولعلّ يموت ! قد لا يكون بذاك القُرب منه لكن ولولاه، ما كان لا هو ولا المُسافر الثاني قد خرجا من ذاك العالم الغريب. له فضلٌ كبير، وأن يموت الآن لهو حقّاً خسارة !

حان دورهما لردّ الفعل.

عقد العزم على إخراجه، أمر المُسافر الثاني بإسناده على كتفه ومُساعدته على السير، اتجه هو للباب وتفحص الطريق أمامهما نحو الباب الخارجي، أول ما واجهه بالطبع الساعات الكثيرة المُعلقة على الجدران؛ كانت تُثير اشمئزازه، والطريق بأي حال كان فارغاً.

أرضُ العجائبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن