انانية محب

25.7K 1K 26
                                    

يوسف متابعاً لقصته التي  استمعت اليها بعناية شديدة بكل جدية  " كانت في الحلم حبيبتي بثوب ابيض طويل مقيدة على عمود و بعض الأطفال يرمونها بالحجارة و الدم ينزف من جبينها .
كان منظراً مؤلماً و انا لم أتوقف للحظة او أتردد . قفزت اليها افك وثاقها بينما كانت الأحجار لا تزال تنهال علينا و انا أتلقاها محاولا حمايتها . ما ان تحررت حتى ارتمت مرهقة الى حضني بصمت تنظر الى الجهة المقابلة . و حملتها بخفة بين ذراعيّ ثم نهضت واقفاً .
ألتفت لأرى ما استدعى انتباهها و كان حبيبها هناك ممسك بيد فتاة اخرى و ينظران بسخرية نحونا . عدت بنظري إليها و دموعها قد احرقت قميصي . نظرات الحزن في عينيها كانت تقطعني و كان ألماً لا يوصف .
مشيت نحوهما بينما هي تطلب مني التوقف . أنزلتها على قدميها  و قبل ان يتمكن الوغد من قول اي شيء كنت قد هجمت عليه اضربه بلا توقف .
سمعت صراخ حبيبتي و هي تخبرني بأن ذلك يكفي . كانت ستجن حينها كما لو اني ضربتها هي، لذلك انصعت لمطلبها .

تقدمت نحوها بينما أخذت تضربني مرات متكررة و هي تبكي . أمسكت بعد لحظات بمعصميها لاوقفها ثم ضممتها إلي  كما لو ان تركها كان يعني الموت لي .

شعرت بأن قلبي يدق بطريقة جنونية و أفكاري مشوشة الا انني تنفست بعمق كما لو انه و لأول مرة يكون لي رئة اتنفس بها . وقتها علمت ان مكاني في هذا العالم كان بين ذراعي تلك المرأة البشرية مكسورة الفؤاد.
هي حاولت المقاومة في البداية  ثم بعدها دفنت وجهها في صدري و بكت بصمت . و وجدت دموعي تنهمر مع دموعها ألماً."
توقف يوسف عن الكلام لبرهة وعم الهدوء المكان.
لم اعلم لماذا كنت متأثرة جداً بما اخبرني ، شعرت بان قلبي يؤلمني  كما لو كنت هناك . و كانت دمعة قد تسللت من إحداقي دون علم مني ، حاولت ان اخفي اثارها بسرعة قبل ان يلاحظ  يوسف . ثم رفعت رأسي لأرى السبب الذي جعله يتوقف عن الكلام ، فقد اردت  ان اعرف بقية قصته، اردت ان اعرف ماذا حدث بعدها لكليهما .
عندها  تلاقت اعيننا  لم استطع تجاهل الطريقة التي كان ينظر فيها إليَّ . بدى قلقاً و كما لو كان خائفاً و شعرت برغبة في معرفة السبب .لكني لم اسأله فقط طلبت منه ان يتابع رواية قصته .
اجاب يوسف و قد نهض وبدأ بالمشي مبتعداً" ربما في وقت لاحق اماني "
انا بتذمر " لا زلت اريد ان اعلم ما حدث الان! ماذا ان لم احلم بك مجدداً؟؟!!!" 
صرخت لكنه لم يتوقف او حتى ينظر في اتجاهي وقال " أنتِ تحتاجين للراحة فقط اذهبي للنوم و لمرة على سبيل التغيير توقفي عن ترك الفضول يتحكم بكِ"
نهضت بسرعة لألحق به و لم أكن مقتنعة بأن ما اخبرني به كافٍ.
كانت خطواته سريعة و كان قد ابتعد كثيراً عني بالفعل  و عرفت بأني لن أتمكن من الوصول اليه بهذه الطريقة ، لذلك بدأت بالجري بكل تصميم و لم أتوقف الا عندما سبقته و ألتفت أواجهه و امد ذراعيّ كي أوقفه .
توقف يوسف و ابتسامة غريبة على وجهه
هو " هل تعتقدين بأنكِ ستوقفينني بهذه الطريقة حقاً؟"
انا بعناد " نعم لن تمر من هنا قبل ان تخبرني بالمزيد ، ماذا حدث بعدها لحبيبتك؟ لماذا تزوجتني و انت تحب امرأة اخرى!!؟؟؟!"
اتسعت ابتسامته و هو يقول  " تنحي  جانباً انت بالفعل تغرينني لاحتضنكِ "
انكمشت للحظات خائفة و كدت استسلم عندها استجمعت شجاعتي و وقفت بكل حزم اريد معرفة بقية القصة .

انا " و من يهتم انه مجرد حلم غبي هل تظن انني حمقاء لاتركك تذهب هكذا ؟!"
كانت ابتسامته قد اختفت ، يوسف ذلك الرجل ذو الوجه المألوف كما لو كان وجهاً آخر لي . رأيت عينيه يخفت بريقهما كما لو كان مصاباً بحزن يجثم انفاسه و يخنقه و قد بدى الألم يملأ تفاصيل وجهه ، بينما فكرت ( هل قلت شيئاً خاطئاً؟ ماذا فعلت ؟) 
و قبل ان ادرك كان يوسف قد أخذ يمشي نحوي وفي تلك اللحظة انزلت ذراعيّ مستسلمة و تنحيت جانباً خطوتين ليعبر ،  فقد رأيته يعاني و لم ارد ان أضيف الى أوجاعه .
لكني وجدت نفسي في لحظة واحدة و قد لفني بين ذراعيه  . كنت متفاجئة و لم استوعب بسرعة ان كان ذلك فعلاً يحدث !
كنت اتصرف بغرابة معه ، كان جسدي يتعلق به تلقائياً ، ومرة عن اخرى يضمني بها اشعر بأنني شيئاً فشيئاً آخذة في ادمان قربه مني ، ادمن رائحته وذلك الشعور الذي لا يمكن لاحد تحريكه في داخلي سواه.. لكنه كان حلماً.. ذاك الشخص الذي شعرت بأنه توأم لروحي لم يكن الا من صنع خيالي، كم كان ذلك محبطاً. سحبني ذلك الادراك الى الرجل الواقف امامي . يوسف.

احسست بألم اذاب الدموع في عيني كما لو كنت اشعر بكل ذلك الالم الذي قرأته في احداقه منذ لحظات بينما ضمني الى صدره و شعرت بالدفء كما لو انها المرة الاولى التي تشرق فيها الشمس على ارض الجليد .
( لماذا اشعر هكذا ؟) سألت نفسي.

© ManarMohammed


حبيبي الجني (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن