ليس كابوساً

16.3K 846 12
                                    

استيقظت وكان اول ما شعرت به هو الألم ،كل شيء كان يشعرني بالوجع .. جسدي بأكمله ، وقلبي كان ألمه لا يوصف .  وقفت مبتعدة عن سريري وانا افكر : لم يعد هناك يوسف الجني الذي يرافقني يحرسني ويهتم بما افعل وبما اشعر . لم يعد موجوداً يوسف الذي يعلم بكل تغيراتي ويفهمني دون ان اضطر لقول اي شيء .. لن ارى وجهه الضحوك على بوابة الجن في انتظاري ككل ليلة ، لن اسمع اي أصوات غريبة في غرفتي مجدداً .. لم يعد هنالك يوسف !
سقطت على الارض ورجليّ قد خذلتني ، كنت اشعر بالضعف والعجز يأكل ما تبقى في رغبتي في البقاء . عينيّ كانت تؤلمانني واشعر بحبات رمل فيها ، كنت قد بكيت كثيراً البارحة لكن تفكيري بفقداني ليوسف جعلني أذرف. المزيد من الدموع امام عجز مني لعمل اي شيء آخر .

دخلت غرفتي امي وكانت خالتي نسرين معها ووفاء ووالدي كذلك ، توقفت عن البكاء وانا اتساءل ما خطبهم !
جلست بجواري امي وخالتي نسرين وامي قد بدأت بالبكاء وهي تقول " هل كذبتي علينا يا اماني ؟ اخبريني الحقيقة .. انه الجني من يفعل هذا بكِ أليس كذلك؟"
نظرت مشتتة تماماً الى كلمات امي لقد كانت محقة ، لقد كان الجني سبب شقائي ... لكنه لم يعد كذلك ...
خالتي نسرين كانت تساعدني على النهوض الى سريري حيث استلقيت مرهقة  عندما تكلمت " امي لا تقلقي ، لقد غادر الجني الى الأبد اقسم لكِ ... لكن ، لم أرده ان يتركني لماذا تركني ؟"
انفجرت باكية أغطي وجهي بكلا يديّ  للحظات قليلة قبل ان اشعر بضربة عنيفة على كتفي رفعت  رأسي لأرى والدتي تضربني مجدداً وهي تصرخ عليّ " هل انتِ مجنونة؟ ألا يفترض ان تكوني سعيدة ان كان حقاً قد ترككِ هذا الجني وشأنكِ اخيراً؟ هل انتِ تقولين الحقيقة ام تكذبين مجدداً؟ "
كان والدي ووفاء قد غادروا الغرفة ولم ادرك متى حدث ذلك، تمنيت لو ان والدي بقي معي ليمنع امي من ضربي وقلت  والدموع تجري دون توقف صرخت " امي .. لقد ذهب حقاً الى الابد !"
سكتت والدتي وتجمدت وابتسامة ارتياح على وجهها ثم عادت لتضربني مجدداً " ولماذا تبكين ؟ ولماذا إياها الحمقاء تبكين ؟" كانت امي تصرخ  فصرخت دون خجل " لاني احبه .. احب الجني الذي تركني للابد !" شتمتني امي  " إيتها ال!#* الغبية هل تريدين ان تتسبب بموتي قهراً  ؟ اذا فقدتي صوابكِ سأعيده لكِ إيتها ال#£-#! "
وكالمجنونة صعدت على السرير وبدأت تنهال عليّ ضرباً وشتماً دون توقف وخالتي نسرين تحاول ايقافها  وانا اصرخ ليس للألم الذي سببته امي لجسدي المنهك بل للألم الذي يقطع قلبي بأنني فقدت الشخص الوحيد الذي أحببته .
****
بعد دقائق من المحاولة نجحت خالتي من اخراج امي من الغرفة ، وانتظرتني لاتمالك أعصابي. لم اشعر برغبة في الكلام  ، وانقضت الدقائق دون ان اشعر بها .كنت في حالة يرثى لها . أخرجني من حالة التبلد التي كنت فيها كلمات خالتي " حسناً ، حبيبتي أماني ابدأي الان "
انا بتعب " ابدأ بماذا ؟ .. خالتي انا متعبة هل بإمكاننا فعل ذلك لاحقاً؟"
خالتي نسرين بحزم " اخبريني الان وتفصيلياً ماذا حدث لكِ بالامس وكيف انتهى الامر بأن  ترككِ الجني ؟ .. والا سأخرج كما طلبتي وادعكِ بمفردكِ لكني لا استطيع ان اعدكِ انكِ سترتاحين فأمكِ كما رأيتي بنفسكِ متوترة للغاية لن أدافع عنكِ عندما تنقض عَلَيْكِ"
أجبتها بلا مبالاة " لا يهم دعيها فقط تفعل ما تريد لا تستطيع ان تسبب لي ألماً اكثر مما احس به بالفعل "
خالتي وقد ربتت على رأسي وملامح الحزن عليها " ارتاحي يا حياتي ، كل شيء سيكون افضل في الغد لا ألم بإمكانه الصمود امام الزمن ، الوقت يشفي كل الجروح فقط تحلي بالصبر "
كلمات خالتي التي بدت غير قابلة للتصديق او التنفيذ وقتها كنت ادرك انها الحقيقة . وعلمت ان يوسف لن يكون سعيداً برؤيتي في هذه الحالة . لكنني لم اكن قادرة على منع نفسي من الشعور بألم الفقدان القاتل بصمت .
كنت قد أصبحت بمفردي مجدداً ، أقفلت الباب لأنني احتجت للهدوء واحتجت ان أكون بمفردي .
كما لو كنت خارج إطار الزمان مرت الساعات . ورغم محاولات اهلي في جعلي افتح الباب الا انهم في النهاية تركوني وشأني .
غرقت في عالم من الاسى ومن الألم والخوف والشعور بعدم الأمان واللا يقين .. كنت ضائعة بدون يوسف الى جانبي . كنت اغرق في الظلام ، ولا احد موجود لانقاذي ... بل لم يكن احد بإمكانه إنقاذي .

© ManarMohammed

حبيبي الجني (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن