يوم سيء

22.4K 1K 16
                                    

صرخت هذه المرة خائفة من نفسي! لقد كان ذلك اسوأ خوف اختبره: ان تخاف من عقلك ولا تستطيع الفرار منك!!!
فكرت وانا أسد اذنيّ " لقد جننت بالفعل ! الان وقد بدأت احلامي تخرج للواقع انه كل ما يسمى جنون ! يا إلهي ،لا أستطيع ان اسمح لنفسي ان أجن بلا مقاومة"
نهضت على قدمي فجأة فوق السرير ودون اي فكرة بالضبط  أخذت اركل الاغطية والوسائد كما لو انني احارب نفسي، كان ذلك شيئاً غريباً حتى انا اعترف بذلك ، ولم ألقي لوماً على  الصوت في رأسي عندما تكلم بنبرة متهكمة " ما الذي تفعلينه الان بالضبط؟!"
أجبت " أريدك ان تخرج من رأسي انا لا اريد ان يكون بي عيوب اكثر مما هو موجود بالفعل وبالتأكيد لا اريد ان اصبح مجنونة "
قلت جملتي الاخيرة بصوت يختنق بالدموع . بينما سمعت الرد " يالك ِ من زوجة مستاءة وعنيفة!"
كنت قد بدأت استسلم لكوني مجنونة وأمسكت بأذنيّ أسدها بكل قوة امتلكتها وعينيّ مغمضتين بعد ان أنهرت جالسة على السرير وانا اقول ودموعي بدأت تتسلل " سواء كان هذا جنوناً او مجرد حلم مزعج ارجوك .. اتوسل إليك لا تدعني اسمع هذا الصوت مجدداً ، لا اريد ان افقد عقلي ارجوك ، ارجوك" احسست بالحزن فأنا لم أتحمل الفكرة بالمرة .
كنت قد مررت بفترة اكتئاب إعاقتني لسنتين من الزمان وكنت اعلم صعوبة الامر . بالكاد تمكنت من النجاة من مرضي  منذ سنين قليلة . لكن ان ابدأ بالهلوسات كان ذلك شيئاً اكثر خطراً من مرضي السابق بمئات المرات وتذكرت كم عانيت خلال تلك الفترة وفكرت ان  هذا المرض سيجلب لي نفس المعاناة ان لم تكن اكثر .
كنت في تلك الحالة ادعو الله خائفة يملأني الرعب وانا أكرر رجائي بينما ابكي  بأن لا اسمع ذلك الصوت مجدداً.

بعد دقائق طويلة من البكاء توقفت وبقيت أحدق في سقف الغرفة  ، ولا ازال خائفة .
دون ان أجرؤ على الكلام ولو بحرف واحد انتظرت ذلك الصوت  ..
مرت دقائق طويلة قبل ان ابعد خوفي بعيداً واقرر الخروج في نزهة الى الحديقة العامة بما انها الجمعة وليس عليّ الذهاب لتدريس الطلاب . وانا افكر بأن ذلك سيبعد الضغوط عني وربما تختفي أعراض المرض الناشئ حديثاً - الهلوسات.
*****

في تلك الليلة نمت  وانا افكر انني ربما يجب ان اذهب للطبيب قبل ان يسوء الامر وافقد صوابي كلياً .
ومجدداً كنت امشي في الظلام حتى وصلت الى البوابة العملاقة الخشبية وتوقفت افكر بحنق " ليس مجدداً ! لماذا استمر بنفس الحلم كل ليلة؟ كلا ، لن ادخل !!" وقررت اني سأظل أتجول هناك حتى ينتهي الحلم .
في ذلك الظلام الذي لا يرى منه شيء ، كنت قد مشيت بعيداً حتى كانت البوابة قد اختفت عن ناظريّ تماماً. كان الهدوء والبرد يلف المكان ولم أتمكن من رؤية اي شيء لعدة دقائق طويلة . حتى بدأت اتساءل لماذا هذا الحلم لا ينتهي مهما انتظرت ؟!

بعد لحظات اخترق صوت الهدوء صوت خطوات سريعة ورائي وسرعان ما توقف . ألتفت أواجه مصدر الصوت رغم انني لم يكن بمقدوري رؤية شيء . سمعت صوت تنفس متسارع؛ زئير كما لو كان حيواناً ما !
تجمدت الدماء في عروقي، كنت في حالة من الترقب وأحسست بكهرباء تتدفق في عروقي . مستعدة لأي شيء .اخذت اجري وشعرت بالهلع عندما سمعتها تلاحقني !
كانت أصواتها  من كل اتجاه هذه المرة ، عرفت انها مجموعة من حيوانات ما بدت كقطيع ذئاب . وأخذت احاول الاستيقاظ من ذلك الحلم بأي طريقة ، قرصت نفسي بقوة ثم اني صفعت خدي حتى صرخت من الألم ، لم استيقظ ؛ وبدأت افكر لماذا اشعر بالألم بينما هو حلم ! قبل ان اعود بتركيزي الى تلك الكائنات التي من أصواتها علمت  انها أصبحت تحيط بي من كل جانب ، أصبحت ارتعش مرتعدة وانا اسمعها تقترب مني شيئاً فشيئاً وانا عاجزة عن فعل شيء .
لم اعرف لماذا كان حلي الاخير ان انادي بأسم  يوسف فربما يأتي لنجدتي وبِمَا انه حلم فمن الممكن ان يظهر من العدم ، رجوت عقلي الباطن ان يرسل فارسي الخيالي لنجدتي .
صرخت والخوف واضح في صوتي " يوسف ! .. ارجوك تعال انا خائفة " كانت الدموع تنسكب مني دون توقف عندما قفز مهاجماً احدها عليّ ، وشعرت بأنيابه تحفر في معصمي وصرخت من الألم بينما آخر عض رجلي ، وفكرت حينها انني سأصبح طعاماً لتلك الحيوانات الغريبة الغير مرئية.
بعدها سمعت اصوات ضربات وهدير تلك المخلوقات التي عرفت حينها انها ليست ذئاب او اي شيء آخر فقد بدت كأنها تصرخ متألمة وأسرع مما ظننت كانت قد تراجعت وشخص ما اصبح بجواري " يوسف " قلتها بصوت منخفض لكنه تمكن من سماعي
" انا اسف حبيبتي" كلماته لسبب ما جعلت قلبي يرف لثانية ، والنبرة التي تكلم بها كانت محملة بالأسى .
شعرت بالاطمئنان ورجليّ المتعبتين لم تتمكنا من حملي ووجدت نفسي انهار أرضاً ، لكن قبل ان الامس الارض كانت قبضتا يوسف ممسكة بي وألتفت ذراعيه ترفعانني اليه يحملني.
ما كان لي ان أوافق ببساطة على حمله لي لو لم أكن متيقنة بأنه حلم وقتها .
ولم أكن لادفن وجهي في صدره وانا ابكي من فظاعة ما حدث لي ومن الألم الذي كان يغمرني.

© ManarMohammed

حبيبي الجني (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن