فوضى

24.6K 1.1K 149
                                    

لم اعتقد من قبل بأن ذلك ممكن ، ان تشعر في آن واحد بالسعادة و الحزن.. بالألم و الراحة . ليس قبل ان اكون في حضن الغريب الذي في حلمي ابتسم والدموع تنهال دون توقف مني .
" ما الذي يحدث معي ؟ .." تكلمت و في تلك اللحظة ذاتها استيقظت من الحلم  بطريقة عنيفة و نهضت جالسة و انا اتنفس بعمق كما لو كنت ارى كابوساً .
تمتمت ب " تباً" حيث اني لم ارد ان استفيق بعد. عندها
لمست وجهي المبلل بالدموع ثم مسحتها بعد ان تمالكت نفسي . كانت الساعة لا تزال تشير الى الواحدة صباحاً (انه مجرد حلم !) أخبرت نفسي و حاولت ان استوعب الامر كما هو في الواقع لعدة دقائق قبل ان اتأكد انه حلم صاغه عقلي ، فكرت ربما انا اشعر بالوحدة لذلك اختلقت رجل الاحلام الغريب ذاك . بعد ان استرخيت قررت العودة للنوم . لكن ذلك لم يكن ممكناً فقلبي كان كعصفور هائج يتخبط بلا توقف داخل قفصي الصدري. كنت في حالة لا احسد عليها .

*****
حاولت طوال تلك الجمعة ان انسى ذلك الإحساس الذي غمرني عندما احتضنني يوسف. كان حلماً كنت بالفعل ادرك ذلك لكنه بدى حقيقيا، كل شيء حقيقي جداً اكثر من ان يكون مجرد حلم.
اغلقت عينيّ استرجع الدفء و الامان الذي شعرت به ، كان شيئاً غريباً و جميلاً في نفس الوقت ،شيء لم اختبره من قبل .
أرجعني الى الواقع صوت وفاء الساخر " ما الذي تفعلينه الان؟ !"
فتحت عينيّ فجأة ، و استأت من تطفل اختي " ليس لكِ شأن بي ، اغربي عن وجهي!"
وفاء " حسناً كما تشائين " استغربت من سرعة استسلامها لكن عندها واصلت حديثها " بالمناسبة ، لن اقول بأنكِ مجنونة لكن لا اعتقد ان اي احد رآكِ تبتسمين لنفسكِ مغمضة عينيكِ في غرفة فارغة كان ليقول اي شي عدى هذا !"
ثم استلقت على سريري كما لو انها لم تقل قبل ثوانٍ انها ستفعل ما اريد و تغادر!
انا " أنتِ الانسان الوحيد المجنون هنا .. انهضي سريعاً أريدك خارج غرفتي قبل ان ارتكب جريمة !"
وفاء " لن اخرج ! " اخرجت لسانها تعاندني
انا حاولت بكامل قوتي ان أسيطر على مزاجي السيء الذي كانت وفاء فقط تزيد منه سوءاً ثم قلت بهدوء مصطنع " وفاء اخرجي من غرفتي فأنا اريد البقاء لوحدي " كنت آمل ان توافق ببساطة لكن تلك لم تكن شخصيتها.

وفاء " يجب عَلَيْكِ ان تخرجيني بنفسكِ لأنني لن أتحرك من هنا "
في تلك اللحظة فقدت أعصابي و أخذت أجرها ممسكة بقدميها و قبل ان تقع من على السرير تشبثت بشعري تشده بقوة .
هنا تحول القتال الى فتاتين سخيفتين يد كل واحدة في شعر الاخرى . بدأت اسحبها خارج الغرفة متجهتين الى امي لتحل المسألة . و نحن في الطريق سمعنا اخي يتحدث امام باب شقتنا و معه صديقه في ثوانٍ كانت وفاء قد تركت فجأة شعري و أخذت تترجاني لاتركها كان ذلك غريباً لانها بدت مستميتة ان لا يراها صديق سامر و هي في تلك الحال.
و ما ان تركت كومة الشعر الذي تشبت به يداي حتى كانت وفاء قد اختفت في غرفتها . انا بدوري ذهبت الى المطبخ حيث كانت امي . وانا قد ادركت سر اختي الصغير .

بعد نصف ساعة ، كنت اساعد في تنظيف الصحون عندما أخذ سامر كوباً كنت قد غسلته للتو و سكب فيه بعض العصير و شربه دفعة واحدة ثم أعاد الكوب لي لأغسله مجدداً .
ذلك كان حينها بالنسبة لي جريمة نكراء لا تغتفر ، كنت غاضبة بشكل لا يصدق و صرخت بينما سامر فر من المطبخ و هو يعلم السبب " امي اخبري ولدكِ ان يأتي لتنظيف كوبه  والا قمت بكسره "
سامر رد من غرفة المعيشة " تفضلي و اكسريه لاني لن انظفه!"  قال بتعالي مما جعلني دون شعور مني ارمي بالكأس للأرض متعمدة تحطيمه ، قبل ان احسب العواقب .
سريعاً كانت امي قد استهدفتني بحذائها الطائر و قبل ان اتعافى من الصدمة كانت تضربني بالفعل و هي توبخني
"الى متى ستبقين سيئة الطباع هكذا ؟ لقد تعبت ، لماذا لا تكبرين ! من هم في سنك أصبحوا يقولون كلماتي هذه لأولادهم !"
جرحتني كلمات امي اكثر من ضربها لي . أسرعت الى غرفتي و أغلقت الباب عليّ.
كانت دموعي تهددني بالانهيار على خدي لكنني وقفت امام المرآة و انا ارفض ان اضعف وأبكي . بينما شاهدت شعري الأسود المبعثر في كل مكان بعد عراكي  مع اختي  حاولت ترتيبه قبل ان أقرر ان لا جدوى من ذلك  ،فقد كنت بعكس اختي وفاء مختلفة بشكل سلبي . بشعر مجعد و قوام ممتلئ و ملامح عادية للغاية . كنت متقبلة لشكلي على العموم لكن ذلك في تلك اللحظة اثار غضبي و تكلمت كالمجانين الى نفسي 
" يريدونني ان اتزوج؟!!! لا أظن ان أحداً سيكون مهتماً بما يكفي للمخاطرة!" بثقتي المنعدمة من نفسي كنت اسخر .
حينها تكلم ذلك الصوت مجدداً " كنت لأكون مستعداً لأتزوج بكِ لو لم افعل ذلك بالفعل !"
ألتفت في كل مكان ابحث عنه ، كان الصوت واضحاً و قريباً جداً مني و ذلك أرعبني فلم يكن هناك احد غيري في الغرفة .
أمسكت  رأسي و انا مذعورة اتكلم " هذا ما كان ينقصني بدأت اتخيل أشياءً بالفعل لقد جننت!"
كنت اشعر بالسخط والغضب فقد كان كل شيء يمشي بعكس ارادتي ، اضف الى ذلك اهلي المهووسين بتزويجي واختي التي لا تكف عن ازعاجي ثم ماذا؟ ثم هذا الصوت المجنون في رأسي الذي يرسم لي مستقبلا في دار رعاية المرضى النفسيين. كان ذلك كثيرا جدا عليّ لاتحمله.

ارتميت على سريري مخبئة وجهي بالوسائد عندما سمعت " أنتِ لستِ مجنونة ، انتِ جميلتي التي لا استطيع العيش بدونها ."
صرخت للجدران " من انت بحق الجحيم هلا تركتني وشأني؟"
رد الصوت مستغرباً " ألم تتعرفي على صوتي بعد ؟ هذا انا زوجكِ يوسف، اماني !"

© ManarMohammed

حبيبي الجني (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن