عندما افقت من فقداني للوعي وجدت نفسي على سرير المشفى ومغذية موصولة الى مجرى دمي . شعرت بالقلق على يوسف ان كان بخير ، واستعدت شعوري بالحزن والالم الى ما آل به الحال . اردت ان اعرف لماذا كان يقوم بتلك الحماقات كوسيلة للعيش. نزعت الابرة المغروسة في يدي وتحركت نحو الاستقبال لأسأل عن مكان الممثل البديل المصاب الذي أتى قبل قليل .
توجهت نحو الغرفة ووجدت على الباب الرجل الذي صعد معنا على سيارة الإسعاف ، كان يقف حاجزاً الباب كما لو كان حارساً شخصياً ، استغربت موقفه .
توقفت أمامه اسأله عن حال يوسف عندما كانت ملامح الاستياء واضحة على وجهه لرؤيتي . اجاب " لا يزال فاقداً للوعي لكن اخبرني الطبيب بان حالته اصبحت مستقرة وسيعود بخير قريباً " تنفست الصعداء لسماع ذلك الخبر ..
انا " هل بإمكاني رؤيته؟.."
قاطعني بفجاجة وبنبرة مخيفة " ماذا تريدين اكثر بعد ؟بالكاد تمكن من استعادة رغبته في الحياة وانتِ تريدين ارجاعه الى الحضيض؟"
انا " لماذا تقول ذلك؟.. عن اي رغبة في الحياة وهو يرمي نفسه امام الموت كل يوم؟ ثم من انت لتتكلم معي هكذا؟ "
الرجل " انا صديقه وعلى الأغلب الشخص الوحيد الذي يهتم بشأنه ، وانتِ لمٓ تظهرين الان؟هل تريدين تحطيم ما تبقى منه ؟ انتِ لا تستحقينه!..من الجيد انكِ تركتيه لذا حافظي على قراركِ وابقي بعيدة عنه!" كان كلامه قاسياً جداً لكنني علمت بأنها الحقيقة . قاومت الدموع التي هددت بالانهيار ، لقد كان صديقه محقاً ومع ذلك لم ارد ان يواصل يوسف طريقة عيشه بلا مبالاة فقد كان يعني وجوده في الحياة .. الحياة نفسها لي ، حتى وان لم يكن الى جواري . صرخت في وجهه " هذا ليس قرارك لتتخذه ... انا اهتم لامر يوسف اكثر مما تظنه انت او يظنه يوسف ! .. انا لن اجرحه ابداً مجدداً لانني احبه وهذا شيء لا يعنيك لتتدخل فيه !"
كنت غاضبة لكنه بدى لسبب غريب اكثر غضباً مني وقال " يمكنكِ قول وفعل ما تريدين لكنني سأحمي صديقي منكِ إيتها الشريرة ولن تريه اليوم وهذا نهائي !"
علمت ان محاولتي في رؤيتي ليوسف لم تكن ممكنة في وجود ذلك الرجل الفظ لذلك أخبرته ان الطريقة الوحيدة لأذهب هو ان يعطي يوسف كرتي للتواصل معي لان لدي شيئاً مهماً لاخبره . كنت قد قررت إعطاء حبنا فرصة اخرى .انسحبت وقد استسلم اخر جزء في قلبي من رؤية يوسف .
شعرت باشتياقي اليه ما ان خطوت خارج المشفى وشعرت بالمسافة بيننا عادت لتزداد واللايقين والوحدة يملآن حياتي مجدداً .
كان يوسف الجواب لسكينتي وسعادتي ، بت يومها متأكدة من ذلك . غادرت وقد حفظت اسم ورقم شركة ممثلي المشاهد الخطرة ، المطبوعان في قميص رفيق يوسف دون علم منه . كانت تلك الطريقة الوحيدة لابقاء خيط مشدود يدلني الى يوسف في حال لم يتصل بي .
*****
انتظرت ، ايام كثيرة مضت وانا اترقب اتصال يوسف .. طوال الوقت ، حتى انهكت أعصابي .
كان قد انقضى اسبوعين دون اي شيء قبل ان ادرك انه لا يريد شيئاً يربطه بي ولم يعد يريد ان يسمع كلمة مني .كان هناك شيء تعلمته مما كان يفعله بي محمود ، ان اجمد أحاسيسي عندما يصبح الوضع اثقل من ان أتحمله ، اعتبرتها ميزة تساعدني في ان احيا بشكل طبيعي عندما كل شيء فيني يريد الاستسلام . الا انني لم استطع ! عندما تعلق الامر بيوسف لم استطع ان اتصرف بلا مبالاة بقيت في حالة دائمة من القلق ، بعد ان عرفت طريقة حياته المليئة بالمخاطر كان خوفي من فقدانه يجعلني افقد صوابي بمرور الايام .
وفي لحظة تهور وجدت نفسي امام بوابة الشركة انتظر ، بعد ان أخبرت الحارس بأني اريد رؤية يوسف .
مرت دقيقة واحدة عندما كنت بالفعل استعد للفرار بعد ان فكرت كم انني أبدو مثيرة للشفقة وبلا كرامة.
وقبل ان أتحرك راحلة ، رأيت يوسف يجري نحوي وسريعاً كان قد توقف امامي .شعرت بالتوتر والندم على مجيئي. كان حاجبا يوسف معقودين وبدى مستاءً . شعرت بألم في قلبي لانه كان منزعجاً لرؤيتي. لكنه فاجأني بطلبه ان نذهب الى مكان اخر للحديث ، فوافقت . وتبعته بهدوء .
توقف امام شجرة في متنزه قريب من مكان عمله ، لم يكن هنالك اي احد في الجوار . شعرت بشيء من الخوف عندما نظرت الى ملامح الاستياء لا تزال على وجهه.
" ألن تتكلمي ؟ مالذي أتى بكِ وماذا تريدين ؟" تكلم يوسف بنبرة منخفضة لكنها حملت قسوة ملحوظة.
تلعثمت وبصوت خافت قلت " لقد جئت لاطلب منك ان تتوقف عن هذا العمل الخطير .."
يوسف " هل تكلمين نفسكِ انا لم اتمكن من سماع شيء!"
انا بغضب وقد رفعت صوتي قلت بصوت اكثر ثقة " اريدك ان تتوقف عن ايذاء نفسك ..يجب ان تستقيل من هذا العمل "
اطلق يوسف صوتاً ساخراً قبل ان يتحدث " ولماذا يجب ان استمع إليكِ؟ .. هل نسيتِ؟ لقد كنتِ انتِ من تخلى عني والان تأتين لإخباري ما يجب وما لا يجب عمله!"
شعرت بأنه يتألم كان ذلك واضحاً في نبرة صوته وملامحه كلها . كنت انا أيضاً أتألم .
انا " فقط توقف ارجوك يوسف ، لن اسألك شيئاً اخر ..."
يوسف مقاطعاً " لماذا تتصرفين كما لو اننا لا زلنا معاً ، هل انتِ الان ستتظاهرين كما لو انكِ لم تذهبي للزواج من رجل اخر ما ان تركتكِ وتريدين ان نعود معاً باهتمامكِ الزائف؟ انا فقط لم يعد بإمكاني ان اثق بكِ "
كان كلامه جارحاً وقد جعل قلبي ينزف وروحي تتحطم الى اشلاء كنت غاضبة جداً لانه كان يراني بتلك الطريقة . صرخت عليه " أدرك انك لست مهتماً لكن لعلمك انا لم اتزوج الا لان والدي أصيب بذبحة صدرية بسببي عندما رفضت زواجي بالذي اختاره ، وبالمناسبة انا لست هنا لاسترجاعك اعلم انني لست جيدة كفاية لك انا لا استحقك .. لقد آذيتك بشدة وانا اسفة بالرغم ان ذلك لن يغير شيئاً كل ما استطيع فعله هو ان اعيش بقية حياتي نادمة على خسارتي لك ولن أطمع باستعادتك لا تقلق ... فقط اريدك ان تكون في امان .. وان تكون سعيداً "
انتهيت ودموعي تهدد بالانهيار كنت طوال الوقت أحدق في الشجرة وراء يوسف وما ان انهيت كلامي انطلقت مسرعة دون ان التفت للوراء .
كان الالم اكبر من ان أتحمله مشيت الى محل قهوة جيسيكا الذي كان يبعد مسافة قريبة مني وقتها . وما ان رأيتها هي علمت ان شيئاً خاطئاً قد حدث . احتضنتها وانفجرت باكية .
******
مضت الايام واتى عيد ميلادي ، كنت اخطط لقضاء الوقت في المنزل حتى وان حاول اوين وجيسيكا إقناعي بالخروج . لكنهما في الاخير تمكنا من جري خارج شقتي للذهاب الى السينما لمشاهدة فيلم ما .
تذمرت فور وصولي لأنهما احضراني لدار سينما للأفلام القديمة وبدى مهجوراً . ولسبب غريب كانت السينما فارغة . اوين ذهب لإحضار الفشار وبينما جلست مع جيسيكا بانتظار بدء الفيلم وفجأفة تحججت برغبتها في الذهاب الى الحمام . كنت لوحدي هناك في الظلام وشعرت بالخوف .. والوحدة .
سمعت خطوات اقدام وتمنيت لو انه اوين . لم تكن الإضاءة كافية لأرى بوضوح لكن جسد اوين كان ممتلئاً وكان اقصر قامة من ذلك الغريب الذي كان يتوجه نحوي . شعرت برغبة شديدة بالهرب لكن جسمي بأكمله كان مشلولاً من الخوف . كلمت نفسي ( اهدأي يا اماني انه شخص أتى لمشاهدة الفيلم)
استمر الرجل بالمشي الى ان توقف امام الشاشة، وانا اتساءل لمٓ اخذ اوين وجيسيكا كل هذا الوقت . وقبل ان اتساءل مالذي يفعله بدأ الفيلم ..
فجأة ، كتابة بخط كبير ظهرت على الشاشة :
كل الحياة التي عشتها قبلكِ لا تعني شيئاًفكرت ( يالها من بداية غريبة لفيلم ما ) اختفت الكتابة لتظهر اخرى
ان احيا بدونكِ بعد ان عرفتكِ كان جحيماً .. امانيصعقت وانا ادرك ان هذا ليس فيلماً وان الرجل الواقف هناك ليس الا يوسف . انهمرت دون مقدمات دموعي وبغزارة .
لانني تركتكِ ... انا اسف ارجوكِ سامحينياحسست بأنني احلم ، كنت اخاف انني اتهيأ كل ذلك ، لم اعرف كيف اتصرف .. اتجهت نحو المخرج دون ان أقوم بأي رد فعل .
توقفت عن التنفس عندما وجدت نفسي ادور مواجهة ليوسف لانه قام بإمساك يدي وجعلني أستدير . احاطني يوسف بين ذراعيه ووجدت نفسي في حضنه وكأن جروحي لكل ما مضى اصبحت في عالم اخر وأصبحت اخيراً في مكان اسميه وطني ، اخيراً.
" اسف لانني لم اكن موجوداً لاجلكِ وانتِ تتألمين ..اسف لانني كنت انانياً ولم اسمع رجائكِ بعدم المجيء.. انا اسف حقاً لانني لم اتي بسرعة كي احميكِ من محمود "
عندما قال ذلك لم اتساءل كيف علم بالأمر ، فقد ارتحت لانه بات يعلم كل شيء ، اردت ان اشكو له لكني اكتفيت بالبكاء كطفلة صغيرة مزعجة ." انا احبكِ اماني اكثر من اي شيء اخر في اي عالم ، ارجوكِ لا تبكي انا هنا ولن اذهب مهما دفعتيني بعيداً .. لن اترككِ ابداً مجدداً وان كلفني الامر حياتي "
انسحبت يديه من حولي ونظرت الى وجهه بعد ان توقفت عن الكلام وانا ادعو الله ان لا يكون ما أعيشه حلماً . ركع امامي مما جعلني أتفاجأ قبل ان ادرك ما كان يفعله .. نظرت الى خاتم في يده كان ممسكاً به عندما سمعته يقول " ارجوكِ اقبلي الزواج من هذا الجني سابقاً الاحمق حالياً والمجنون بكِ دائماً وابداً "
ابتسمت ودموعي لم تتوقف لاستئذاني ومهما حاولت لم اتمكن من اخراج كلمة واحدة . هززت رأسي بالموافقة وأخذ يوسف بيدي وألبسني الخاتم وهو يمسح دمعة سالت من عينه قبل ان ينهض ويحتضنني مجدداً و لم يتوقف عن ترديد "شكراً" للحظة .
سمعت صوت تصفيق وتصفير اوين وجيسيكا في الخلفية . وحاولت عندها ان أمحو كل ما عانيته للتفاؤل بغد افضل ، فالان بجانبي يوسف الى الابد . 💗The end .
©Manar Mohammed
تحديث : للمزيد تابعوا الجزء الثاني : حبيبتي الانسيةhttps://www.wattpad.com/story/349117207?utm_source=android&utm_medium=link&utm_content=story_info&wp_page=story_details_button&wp_uname=mannAr2011
أنت تقرأ
حبيبي الجني (مكتملة)
Romanceكل شيء بدأ بكذبة ! ... ان تقول شيئاً عن الجن لم يقوموا به هو اكبر خطأ ارتكبته اماني .. وعقابها حلو ومر ... صعب التصديق . يقودها الى عالم اقرب للخيال من ان يصدق ، وابعد ما يكون عن الحقيقة ومع ذلك يبقى حقيقة . اماني في عالم الجن وقصتها مع الجني يوسف...