part 1

314 17 19
                                    

#الجزء_الأول

بين أزقة القدس العتيقة ,بين قبابها و صلبانها , و بين حاراتها المتلاصقة , كان يوسف يعمل نجارا بأسواق القدس القديمة , كانت أعماله يشهد لها بالأبداع و التميز , و كان يعود يوميا إلى المنزل ليرى وجه زوجته البشوش ماري , فقد كانت تحبه ضعف حبه لها , و قد كان حبه قد تجاوز عنان السماء .
و بعد سنوات من زواجهما بشرت ماري زوجها بحملها و بأن هناك طفلا يسكن أحشاءها , فرح يوسف بشدة لهذا الخبر , فقد تمنى دائما أن يرزق طفلا منها ليكون ثمرة حبهما لسنوات طوال .
وفي الخامس من آب كانت ميري تشعر بآلام الولادة فحضر يوسف على عجل وقد أغلق مكان عمله بدأ يدعو لها بالولادة اليسيرة وكان يأمل أن يأتي ابنه قبل آذان الظهر حتى يسمع اسم الله قبل كل شيء , و كانت ميري تبتهل بالدعاء إلى ربها أن يأتي مولودها بصحة جيدة .
كان جميع الحضور مذهولا منهما كيف يمكن لشخصين يختلفان بالدين أن يجمعهما منزل واحد , لكن حبهما قد فاق كل هذه الأفكار العنصرية .
سمع يوسف صوت صراخ طفله يتبعه قول المؤذن "الله أكبر الله أكبر " و قد صدف صوت قرع أجراس الككنيسة الملاصقة لبيتهما . فولد الطفل على صوت أذان المسجد و ضرب اجراس الكنيسة .
كان طفلا جميلا ذو عينين عسليتين صغيرتين بعض الشيء و شعر اسود داكن , يحمل البشرة البيضاء الصافية , و كان يتوسط خداه الممتلئان حفرة صغيرة جميلة تدعى ب "الغمازة " .
أمسكت إحدى الموجودات الطفل الصغير و نظرت إلى والده و قالت :
آه يا خالتي و شو نويتو تسمو ؟؟
- إن شالله عمر !!
- عمر ؟! روح يا ستي الله يبعتلك حظ حلو مثل اسمك , الله يخليلكم اياه و ان شالله يتربى بعزكو و دلالكو ...

كبر عمر بين أزقة القدس , و أحضان المساجد و باحات الكنائس , فقد كان يساعد المصليين علىالعبور , و يعطي الطعام و الشراب لراهبة تتعبد في محرابها , فقد كان محبوبا من الجميع .

و في أحد أيام شهر رمضان المبارك , كان عمر عائدا من صلاة التراويح في العشر الأوائل , فشاهد فتاة تمشي لوحدها و قد كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل فقال في نفسه : ولاااو هالكد البنات بطلن يستحن عحالهن !!! بطلعن لحالهن بنص الليل و ....
لم يكد عمر يكمل كلامه حتى شاهد اثنان من المستوطنين , استطاع تميزهما بسهولة تامة بسبب لبسهما و تلك القلنسوة التي تعلو رأسهما .
أحس بشيء فتبعهما , و إذ بهما يتبعان تلك الفتاة ... بدأت الفتاة بالصراخ : ولكو انكلعو من هون ... شو بدكو مني ؟؟؟ حلو عني !!!

لم يستطع عمر منع نفسه و بدء بخوض معركة معهما رغم معرفته بالنتيجة , فانهالا عليه بالضرب و رمياه أرضا , لشدة ألمه لم يستطع تحريك إصبع من أصابعه فبقي طريح الأرض حتى انصرفا .
بعد رحيلهما قدمت تلك الفتاة و بدأت بتضميد جراحه ففتح عمر عيناه و نظر إليها و قال :
-معكول استشهدت و انتي الحورية اللي ربنا أعطاني إياها بالجنة ؟؟
- حووريتك يا مجنون ؟؟؟ ولك شو يلي جابك انت آآه ؟؟ ناكصة خطايا منا !! يا ربنا ولك مجنون كان تركتني و رحت ؟؟ ولك هذول كانو بيكتلوك عادي !!
-دكيكة دكيكة وكفي شوي يختي رجعيلي حوريتي وين راحت ؟؟
- ولك انا مش حوريتك ولا بطيخ !!
- آآه يعني أنا ممتش ؟؟
- لا يحذق بعدك عايش !!
-يريتني متت و كنتي حوريتي !!
- وكت نغاشة هسه ؟؟ كيف الك نفس تنكت و انت بهيك حالة ؟؟
- مين كال اني بنكت ؟؟ يريتك حورية ترا بلبكلك !!
- طب كوم يا ...
- عمر ... اسمي عمر
- طب كوم يا عمر خليني أداوي جرووحك !!
- بس كبل لتداوي جروحي ليش كانو يلحكوكي هذول الكلاب ؟؟
- كنت بستنى بمعاليك تسأل , كوم كوم لاجاوبك ليش بس مش بالشارع عزا !!
- يلا بس وين رح نروح؟؟
- ع الساحات فوك عندالمسجد

أذان الكنائس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن