part 2

116 7 9
                                    

#الجزء التاني

خرج عمر مسرعا عائدا إلى منزله لم يستغرق معه طريق العودة سوى خمس دقائق في حين أنه كان يستغرق ربع ساعة في الأيام العادية . وصل بيته , منزل عتيق كباقي منازل القدس , بابه بني اللون قد اعتراه بعض الإهتراء , حجارة المنزل قديمة لكنها صلبه كقلبه , و جرس منزله الذي يعمل أحيانا و يتعطل أحيانا أخرى , قرعه لعل و عسى في هذه المرة تستجيب هذه الدارة الكهربائية الغبية لرجائه الوحيد , و لكنها كالعادة أخجلته و لم تستجب لرجائه فبدء بالطرق على الباب بيديه البيضاوتين , فسمع صوت خطوات رقيقة كانت تمشي بسرعة إلى أن استقرت خلف الباب و خرج صوت ناعم جميل ينطق بكل عفوية : مين ؟ مين ع الباب ؟
ارتفع معدل نبضات قلب عمر , بدء هرمون الأدرينالين يتدفق بقوة عبر عروقه , أراد أن يكسر هذا الباب القديم بكل ما أوتي من قوة , كانت هذه الفكرة التي لم تتجاوز أجزاء من الثانية تعبر في مخيلة عمر لكنه قطعها بقوله : أنا عمر , افتحولي !!
-تفضل فوت يخوي ..
نظر إليها عمر لأول مرة بتعمن شديد , فتاة تمتلك بشرة حنطية و قوام جميل طويلة قليلا و خصلات شعرها الأسود مرمية على أكتافها !! خصلات شعراها ؟؟ أفاق عمر من حلمه قائلا : عزا شهاظ ؟؟ وين حجابك وليه ؟
- حجاب شو ؟
- الحجاب اللي كنتي لابستي مبارح ؟
- ولك انا مو لابسة الحجاب بس لبستو هيك لانو كانت الدنيا ليل
- آآه حكتيلي !! و ليش ان شالله مو لابسيتو صغيرة باكية ؟ ولا شو ؟
- لا صغيرة ولا شي بس محدش حكالي البسو و لحالي ما بدي البسو !
- يا سلاام , لا يختي بدك تلبسيه دبري حالك !
- ليش ان شالله باكي ابوي ولا زوجي لتحكيلي بدك تلبسيه ؟؟
- "الحيوان اللي أخذتي عكلو " قالها بينه و بين نفسه ... لا هاظ ولا هظاك واحد و خايف عليكي حرام يعنيي ؟؟ المهم وين امي ؟
- اليوم الأحد عزا راحت عالكنيسة عندهم صلاة ... بس حسيتها متذايكة ... بتعرف ليش ؟؟
- كنت جاي اشوفها ... مثل هاظ اليوم كبل ثلث سنين استشهد ابوي الله يرحمو و بكل سنة بتظل طول النهار زعلانة مع انها بتعمل كعك و خبز و بتوزع عن روحو بس بحس انها دايما زعلانة ..
- ابوك استشهد ؟؟ كيف ؟؟
- كان مروح من الشغل و كان طالب من امي تطبخلو دوالي كانت أكلتو المفضلة و يومها كانت امي تعبانة بس لحتى ما تكسر بخاطرو لفتلو و كان يومها ريحة الدوالي معبية الحارة كد ما هي زاكية دخلت علبيت بكلها :يما يلا خلينا نوكل ,فحكتلي : بس يجي ابوك تاخر اليوم الرب يستر !! كانت حاسة انو في شي رح يصير , كان حسب ما الناس بيكولو كاعد بيسكر بالمنجرة الي بيشتغل فيها و كان في دورية مستوطنين ماركة من هناك كام ضربو مرة و شالو عنها حجابها , فابوي مثلي دمو حامي ما كدر يشوف هاظ المنظر و يسكت اجا ظرب الجندي اللي شال حجابها و بأكل من دكيكة كان الرصاص مخزك جسمو , يومها اجا الخبر حسيت كل جسمي انشل ما كدرت اعمل اشي امي ربنا نزل عليها الصبر ظلت تحكي الله يرحمو و تعيط بصوت واطي و من يومها لليوم ما طبخت دوالي امي بالبيت .

لم تستطع وطن مسك دموعها فكل قوتها خذلتها في لحظة و بدأت دموعها تنهمر أمامها كالمطر , فزاد ذلك جمال عيناها جمالا , هنا أحس عمر بتوقف الوقت بقي ينظر إلى عينيها الصغيرتين و استمر في ذلك إلى أن سمع صوت أجراس الكنيسة تقرع فاستيقظ من سباته اللحظي و قال : شف مهبلني هيني خليتك تعيطي الحك علي اللي كلت ول علي مثكل دمي ...
- لا متحكي عن حالك هيك انا الحساسة زيادة عن اللزوم ..
- خلص انتي فوتي جوا ..
- ما بدك تفوت انت ؟
- كيف افوت و امي لساتها ما اجت اصلا هسه رح يأذن الظهر بخلص صلاة بتكون إجت ...
- طيب على راحتك أنا رح أفوت ...

أذان الكنائس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن