الجزء الثاني

149 19 17
                                    

عند عودة اخي كانت المأساة تسبقه التي لم اخبره بها منذ شهرين وربما سيعاتبني على ذلك ويلوموني لاني لم اخبره لكني لم ارده ان يحزن ووالداي منعاني ايضا من اخباره فكان الامر خارجا عن ارادتي لم استطع فعل شيء انا اسف اخي .

عندما فتح الباب بلهفة واشتياق شديدين وكان متلهف جدا الى احتضاني واحتضان والداي.

تمنيت في تلك اللحظة ان اقول للباب ارجوووك لا تفتح مع انني كنت اود ان ارى اخي منذ اثنتا عشر سنة وقد اصبح الان شابا وسيما يافعا .
لقد تمنيت ذلك بشدة لكن القدر ابى دون رغبتي.

وعندما دخل وجد المنزل متشحا بالحزن والسواد ثم اتجه صوبي عندما رآني واقفا انتظره وكان يرسم في وجنته ابتسامة جميلة لازلت اذكرها لقد كانت جميلة جدا جدا لدرجة الروعة اردتها  ان تدوم وانا اركز وانظر اليها واتابعها وهي تتلاشى عندما تقترب مني .
وعندما وصل الي رايت علامات الاستفهام والتساؤل بادية في عينيه وعلى قسمات وجهه .

بعدها مد يديه الي ليعانقني لكني لم ابادله ذلك لقد بقيت يداي جامدتين في مكانهما وهو لاحظ ذلك مني .
وبدا يضمني اكثر اليه وكأنه يريد ان ادخل الى صدره وارى اشتياقه الي .

بعد ذلك ابعدني عنه وظل ينظر الى وجهي وتيقنت الان ان تلك الابتسامة الراءعة قد اختفت تماما عن وجنتيه .
وسالني عن والداينا وظل يسال ويهزني بقوة:اين ابي  اين امي ....اجبني يارافد ..ماجرى لك اقول لك اجبني ارجوك رافد لا تخفني بسكوتك؟

ثم بدأت اتعلثم واقول :اب ...ابي...امي ..لقد ..لقد وقاطعني قاءلا :لقد ماذا ..اين هما ؟

ثم صرخت :لقد ماتا وانا ابكي بحرقة وحنين اليهما
لقد ماتا يافرات ...اتسمعني ..لقد ماتا منذ شهرين قتلهما الارهاب يااخي .

لم يكن منه الا ان جلس على ركبتيه منهار القوى خاءر العزيمة نافذ الصبر .
فقلت له :اخي لا تكن هكذا فانا لم يعد لي احد في الدينا غيرك .ووضعت وجهي بجنب ووجهه واشمه واقبله فانا لم اره منذ سنين عدة .وفي المقابل كان هو جامدا من صدمته وانا احاول التخفيف عنه لكن بلا جدوى .
بعد ذلك اليوم دخل الى غرفته القديمة وقفل الباب ولم يعد يسمح لاحد ان يدخل اليه .

ودامت حاله هكذا لايام وانا في الليل اتصنت واسمع بكاؤه وابكي معه على والداينا .
لكن قلت بنفسي ان اخي خارت قواه وانا ايضا فلن نستطيع فعل شيء اذا دامت الحال هكذا..

وبعد ان رايت حاله هذه قد طالت قررت ان اذهب الى صديقه راءد عله يساعده .ولحسن الحظ انني كنت اعرف عنوانه ..فذهبت وطرقت الباب فخرج لي هو ..وشرحت له حال اخي .

وماكان منه الا ان ذهب فورا معي الى بيتنا .لقد كان عمي وعمتي يعيشان معنا في البيت .
ثم طرقت باب غرفة اخي فلم اسمع جوابا وطرقت اخرى فلم اسمع ايضا .
فقال راءد :ألديكم مفتاح احتياطي فبحثت والحمدلله وجدت .
فتح الباب ودخلت انا وهو لقد رايت منظر اخي مروعا .كانت الهالات السوداء تغطي عينيه وكان يبكي وهو ناءم .

سالني راءد:هل اعطيتوموه مهدىء
فاجبته بنعم وكان يتناولها بكثرة .  
فاقترح راءد علي ان نخرج وقال:اخشى ان تزداد حالته سوءا برؤيتي .

فرضخت لاقتراحه وخرجنا وجلسنا نتحدث قليلا ونحتسي شايا كانت قد اعددته لنا عمتي .وحدثته عن والداي وكيف توفيا وكان يواسيني بكل المواساة .

فقاطع حديثنا صوت اخي وهو ينادي علي ويطلب مني ان اجلب له مهدىء اخر وقدح ماء .
فذهبت لاحضر ماطلب واتيت لراءد وتكلمنا بنفس الوقت وكانت نفس الفكرة تدور ببالنا .
قال راءد:اعطيني ماطلب فانا ساذهب له .

ذهب راءد لاخي ودخل غرفته كان فرات ينظر الى النافذة اي انه لايرى من يدخل .وتقدم راءد ووضع المهدىء والماء على الطبلة بهدوء .
فاتيت انا انظر ماذا يفعل فرات كنت امل ان يتحسن اذا راى صديقه الذي طالما انقذه عندما صغيرا .
كماانني في مرات عديدة كنت اسمع اخي ينادي في منامه :(راءد انقذني ...الست في كل مرة تنقذني )

أدار اخي راسه لياخذ المهدىء وراى راءد وحسبه انا فاخذ راءد مباشرة المهدىء قبل ان ياخذه فرات وجلس على سريره وناوله هو المهدىء واشربه قدح الماء وهو يقول له:ياصديقي ماالذي فعلته بنفسك ؟؟
دخل فرات هنا تحت تأثير المهدىء واقترب راءد من اخي واضعا يده على راسه وينظر اليه  ويهدىء به وهو يقول:ستكون بخير لاباس عليك.

اقول لقد احسن اخي اختيار صديقه كان احن على اخي مني حتى انه استلقى الى جانبه وانامه بحضنه.

بعدها سمعت اخي يقول:را...را ..راءد اين انت؟ساعدني بصوت خافت .
وهذا الاخير يضمه اليه ويقول بصوت هادىء :لا عليك انا هنا.
فيرد فرات : ياراءد لقد مات والداي
فيقول الاخير :اعلم
فيرد :لكن أتعلم ما معنى هذا ؟يعني انني اصبحت وحيدا وانا لم اعش معهما سوى خمسة اعوام .
راءد:ساكون اباك وامك وصديقك لكن لاتحزن ارجوك ولا تشق على نفسك فانت عزيز علي.
وانا يشق علي ان اراك مهزوما منكسرا هكذا طوال الوقت هذا قضاء الله فاقبل به .ياصديقي كلنا نموت في الاخير .
فيقول فرات وهو يبكي :لكني لم اشبع من والداي بعد.
فيرد:قلت لك اعتبرني والديك واصنع كما يصنع المسافر الذي يعود بعد غياب طويل الى اهله واحباءه لعلك ترتاح ويخف المك .
فرات:احقا تقول ؟
راءد:اكيد.
ثم نهض فرات ووقف وبعدها نهض راءد ومد ذراعيه ليطوق بهما صديقه الكءيب ويدخله الى جنة صدره وهو يقبله .
ثم مسك راسه بيديه وهو يقول :ياصديقي قل لهذه الكآبة ان تذهب بعيدا وعش حياتك واكيد سيكون والديك سعيدين من ذلك فلايعقل ان يقبلا بحزنك الطويل هذا.
وارجعه الى صدره .
بعدها قال راءد:الان علي الذهاب .

فتنحيت انا راسا عن الباب وامسكت كتابا وكانني كنت اقرء ولم ارى شيءا.
لكن راءد كان اذكى ونظر الي وقال:هل كنت تختلس النظر يالك من طفل وضحك.
فقلت:وهل كنتما تفعلان شيءا يستحق ان انظر اليه وضحكت .
فرد متعلثما :ها ..لا ادري ..كلا فقد كنت اهدىء اخاك فحسب 😅.

موت المتوددينِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن