ما تنسو التصويت + عايزة رأيكم ف الرواية برضو ❤
- مقدمة -
مدينة ( الرهد ) ..
20 ديسمبر 1998
هكذا كتبت ( ست عديلة ) في الركن الأيمن من السبورة الأسمنتية البائسة التي أختلط سوداها برماديها ، ثم أعقبتها بكلمة ( لغة عربية ) في الركن الأيسر وتحتها خطان ، ثم ألتفتت ببطء إلينا وحدجتنا بنظراتها المخيفة ، قبل أن تستدير لتكتب في منتصف السبورة الكلمة المرعبة ..( تسميع ).. كان البرد الجاف يتسلل من فتحات الشبابيك الحديدية المتهالكة التي يتساوى غلقها مع فتحها ومن الباب المفتوح ، ومن نظرات ست عديلة .. بنفس البطء وقفت أمام درج المكتب الحكومي الرمادي الذي يستند على طوبة لأن قدمه اليمنى كسرت منذ سنوات ، وأعتدلت ليستقيم ظهرها وهي تضع السوط الجلدي الرهيب على المكتب وجواره المسطرة البلاستيكية القاسية وكيس الطباشير وكتاب ( النبراس ) .. صوت بلع الريق كان واضحا من كل تلاميذ الفصل ، ونظرات التوتر وضربات القلوب التي بلغت الحناجر .. البرد يزداد وهي تستمتع بكل ثانية تمر وهي صامتة تنظر إلينا .. ثم بصوت هادئ يحمل من خلفه العاصفة القادمة قالت :
- سنة سادسة .. إنتو أسوأ فصل في المدرسة دي كلها .. مهملين .. وسخانين .. فصلكم وسخان .. ما عندكم اي نشاط أدبي .. وفوق لده كلو بليدين .. أول مرة في حياتي أشوف تلاميذ زيكم .. من الليلة دلع تاني مافي يا تمشو عديل يا أقطع فيكم السوط ده مفهوم ؟ .. عمر أبوبكر قوم فوق سمع القصيدة
ران الصمت أرجاء الفصل وعمر ينهض ، وأنا ألكز بكوعي (عثمان ود عشة ) ليلكز (يونس الحلبي) من أجل أن يغمز ل(سامي إبراهيم) ليغلق النافذة المجاورة له ويضع الطوبة جيدا حتى لا تفتح من جديد لأن البرد يقتلنا .. كان من الواضح إن عمر لم يكن حافظا .. لا أحد يحب اللعب في الفصل وخارج الفصل كما يحبه عمر برأسه الأصلع وقوامه النحيف وضحكاته المجلجلة التي جعلته شبيها تماما بسميه ( عمر ) الذي يلعب في فريق المجد في مسلسل كابتن ماجد .. يهمهم عمر :
إذا جاريت في خلق دنيئا .... فأنت ومن تجاريه سواء
رأيت الحر .. يج.. يختنق المخازن .. ويحميه من الجدري العواء
طاخ هوى السوط مصطدما بالمكتب ليجعله يخرس عن مواصلة إهانة (أبو تمام ) بهذا الشكل ، وست عديلة تشير له :
- ما حافظ .. تعال أقيف جنب السبورة بجاي
إرتجف الضحية الأولى وهو يغادر مقعده ، بينما ست عديلة تلتفت إلينا من جديد :
- قوم يا سامي إبراهيم سمع .. عبد الحي أقفل النبراس البتقرأ فيهو تحت الكنبة ده الصلاة يوم القيامة ما بتنفع ولا أجيك أكسر ليك رأسك الغليد ده
أخفى عبد الحي ود حاج موسى العربجي الكتاب بضيق وهو يتلفت بغباء شخص يجلس في مؤخرة الفصل وينال يوميا نصيبه من سوط الجلد .. لحق سامي بعمر وأستمر التعذيب