مر أسبوعان ومن بداية الصباح كان بيك جالسا فى مكتبه يحاول أن يركز على صحيفة الأحد أخيرا تركها وذهب ليقف خلف النافذة الزجاجية التى تكشف حجرة الألعاب أستسلم لأفكاره ومشاهدة ألعاب الحظ الضوئية والتى تطل على حمام السباحة ذكره سطح الماء اللأمع بعينى كريستينا يا إلهى ! استدار الرجل كل شئ يذكره بعينيها وفمها وعطرها وضحكاتها.ذهب إلى المطبخ وصب لنفسه قدحا من القهوة وإحتساه دفعة واحدة ثم نظر إلى ساعته للمرة الثالثة خلال خمس دقائق قادته خطواته العصبية إلى الدهليز المؤدى إلى حجرته ثم عاد مرة أخرى إلى مكتبه إنه مثل أسد فى قفص وكل ذلك لأن كريستينا تحتكر كل أفكاره إن بيك يود أن يكون معها فى أى مكان سواء كان فى الحلم أواليقظة وهو ما يعانيه فى هذه اللحظة إن أحلامه التى يحبها فيها بوحشية وجنون كافية لأن تثير عاطفته ولكن الحقيقة للأسف شئ أخر إنه لم يرها خلال أسبوعين.كل مرة يطلب وسلالا من الفاكهة.ورد على كل مكالماته التليفونيه ودعواته للخروج معا كان يجد دائما الرد المعهود لا أستطيع ولكن شكرا هذه طريقة مؤدبة للتخلص منه وهو مدرك لها ويرفض فى نفس الوقت هذا الرفض,إن انجذابهما المتبادل قوى جدا لا يمكن لهما أن يتجاهلاه وإذا كان هناك ثمة مشكلة فلابد من حلها ولكن لن تختفى كريستينا من حياته دون أن يصارع ......بالتأكيد لن يحدث
تساءل :ما الذى حدث وأمكن أن يغير من تصرفها ؟إن مسألة إطعامه لها بالزيتون قد تبدو هى بداية ما حدث من برود عاطفى بينهما ,لقد تصرفت تصرف فتاة غرة ليست لديها تجارب ,هل هى معتادة بنفسها بحيث ترتعد من مجردة حركة مغازلة بسيطة؟لحسن الحظ إنها لم تستطيع أن تقرأ أفكاره...لقد كانت مائدتهما فى مكان منعزل ولا يستطيع أحد أن يرى شئ
رن جرس التليفون فقفز بيك من مكانه ليجيب,سمع صوت جون الهامس على الطرف الأخر :
-أنها أستيقظت لتوها وهى الأن تحت الدش
-شكرا.سأرحل فى الحال وحاول أن تعطلها إلى أن أصل,هناك أمر مؤكد أنه سيحصل على إجابات حتى ولو قفزت عليه تلك النمرة المتوحشة....كفاه دورانا حول الموضوع
قال جون محتجا :
-ولكنهم يا أمى فى حاجة إلى ...بل أن سال عرض على علاوة كبيرة
دست كريستينا ملابسها الداخلية المتسخة فى كيس وسادة ودسته وسط بقية الملابس فى سلة الغسيل وقالت :
-لا...لا على الأطلاق هذا الموضوع غير قابل للمناقشة
-يمكننى ان أشترى لك غسالة كهربائية ومجففا من النقود التى سأربحها من الرقص فى عطلة نهاية الأسبوع فى ملهى لوبوف
-على أى حال لا أريد غسالة كهربائية ومجففا من أموال تربحها من هذا النوع من العمل,هل فكرت على الأطلاق يا جون ولو للحظة فى العواقب؟أن عملا طائشا كهذا يمكن أن يزعجك طوال حياتك أى نوع من السمعة ستنالها وتحيق بك وأنت فى كلية الطب؟ ومن يمكن أن يتعامل مع طبيب كان عمله هو الرقص العارى؟
بعد أن نطقت كريستينا بحماس هذه العبارات النارية رفعت سلتها وخرجت من الحمام ثم هبطت الدرج وهى تهمهم وتزمجر وتسب ذلك الطفل الذى لا عقل له أنحرفت فى طريقها نحو باب المدخل حيث فتحته بكتفها ,سمعت صوتا حادا :
-لقد وصلت فى الميعاد كما ترين
ذهلت كريسيتنا وقلبت سحنتها فى الحال
-ماذا تفعل هنا ؟
-حسنا...لقد أتيت لأصحبك فى جولتنا الأسبوعية كل أحد التى أسميها غداء الغسيل الأسبوعى...لقد فاتنى لقاؤك الأسبوع الماضى وأحس بوحشة شديدة
-أسفة...لدى مشروعات أخرى اليوم
أبتسم وكأنه يعرف أنها تكذب وفحصها بعينيه ,لقد أعجب بقدميها العارتين فى صندلها بدون جورب وكذلك بساقيها اللتين ظهرتا من الشورت القصير البنى والتى شيرت الوردى وخصلة من شعرها التى أندست على جانب وجهها.إضطرت الشابة أن تضم ساقيها بقوة حتى تمنعهما من الأرتجاف قال :
--فاتنة أنت !أنى أحبك أكثر فى اللون الوردى
-أنه لونى المفضل
يا إلهى!يسألت لماذا تظل مسمرة هكذا فى مكانها وتجيب على أسئلته بسذاجة؟لماذا لا تستمر فى طريقها وتجعله يذهب إلى الجحيم؟ إن هذا هو المسلك الوحيد المعقول ولكن كريستينا وجدت نفسها بلا حركة ولا تفعل شئ سوى تأمله والأبتسام له أبتسامة فارغة.قال بيك وهو ينظر إلى قميصه الوردى أيضا:
-اعرف لأنى فكرت فيك وأنا أشترى هذا القميص هل تعتبرينه أكثر أنوثة من أى لون أخر؟
قالت كريستينا دون تفكير :
-لا....أريد أن أقول.....أنه مناسب لك جدا
-شكرا هل أنتى مستعدة للرحيل؟
لقد كان من الواضح أن شخصيته القوية هى التى تزيد من جمال اللون ثبت نظرها على الفراغ البعيد :
-لا أستطيع أن أصحبك يا بيك....ومن الأفضل لنا أن نكف عن اللقاء....هذا كل ما هنالك
-لماذا؟
-لأن.....لأن ....لأنه هناك مئات الأسباب!
-أذكرى لى خمسين منها
-أنى جادة يا بيك
-وان كذلك يا كريستينا.أنظرى إلى وقدمى لى أسبابك أعتقد أنك على الأقل مدينة لى بتفسير
عقدت الشابة ذراعيها حول صدرها بقوة لتمنع رجفة فى قلبها مفاجئة رغم حرارة الجو الشديدة
-انها حكاية معقدة للغاية
-هذا كل ما ظننته....تعالى ....لابد أن نتحدث
أخذ بيك منها سلة الغسيل وهبط درجات سلم المدخل بسرعة.سألته:
-أين أنت ذاهب ؟
رد وهو مستمر فى السير نحو سيارته :
-سنذهب لغسل الغسيل ونتغدى ونتناقش حول كل هذه التعقيدات
صاحت كريستينا :
-أعد لى غسيلى !لقد قلت لك أنى لن أذهب معك
فتح بيك حقيبة الرولز الخلفية فى هدوء ووضع فيها سلة الغسيل ثم أغلق الغطاء.فتحت كريستينا باب الممر وأنتظرت وقد وضعت يدها اليمنى فى جانبها وهى ترسل لبيك نظرات نارية
-من الأفضل أن تأتى أيتها النمرة أنا الأن الأقوى
رفعت عينيها إلى السماء فى تبرم وأستسلمت طبعا إنها لا تريد أن تحدث فضيحة وسط الشارع كان بإمكانها أن تدخل البيت وتغلق على نفسها الباب ولكن بدأ بيك مصمما وخشيت أن يظل للأبد مسمرا على عتبة بابها ,ثم إن عنده حق فإن كل ملابسها معه الأن عدا ما ترتديه
حمدا لله أنه لم تبدو عليه الشماته عندما جلست على المقعد المجاور له ولم يسألها أى سؤال وإنما رأت تلك الأبتسامة اللغز على وجهه عندما أنطلق بالسيارة وهو ما زاد من قلق الشابة حول ما يدور فى رأس بيك
قريبا أو بعيدا ومن المحتمل بعيدا جدا سيلح عليها أن تقدم له تفسيرات وهو أمر واضح.كيف يمكنها أن تخرج من هذا المأزق دون أن تفقد ماء وجهها تقلصت معدة كريستينا أمام هذه الفكرة وكم ستشعر بالمهانة إذا قصت عليه بعض الحقائق.....ظلت تكز على أسنانها داخل فكيها وأخذت توضح داخلها مختلف الأجوبة ولكنها بدت مزيفة
أستقر بينهما داخل السيارة صمت ثقيل سألها
-هل أنتهيت من حسابات الضرائب؟
-أى ضرائب؟
كان سؤاله البرئ بعيدا تماما عما يشغل بالها.نسيت هى أنها كانت تسنخدم حجة مراجعة وإنها أقرارها الضريبى كعذر كيلا ترى بيك الأحد القادم ردت:
-أهـ....نعم....لقد أستطعت أن أرسله قبل أخر موعد له
أخيرا قدمت خبر مؤكدا وليس كذبة فقد سبق لكريستينا أن أرسلت الشيك المطلوب من شهر فبراير تبعت ذلك فترة صمت طويلة
وضعت كريستينا ساقا على ساق وظلت لا تكف عن الحركة تحت حزام الأمان وتعدل من وضعها بأستمرار.
-كريستينا
قالت بصوت قوى جدا :
-ماذا؟
-يا كنزى لست محتاجة لأن تكونى عصبية هكذا معى كما تعلمين
-وما الذى أوحى لك أنى عصبية؟
-أولا عليك أن تكفى عن ضرب الأرض بقدمك
توقفت القدم فى الحال ورسم بيك أبتسامة
-هيا أسترخى فلست لدى النيه فى إلتهامك حية ...إننا ببساطة سنذهب لوضع الغسيل فى المغسلة ونتناول الغداء فى هدوء ,ثم نتناقش .
أرتجفت قدما كريستينا ورغم مظهره المطمئن أحست وكأنها الخاطئة ليلة الحكم الأخير
كانت مشغولة لدرجة أنها لم تنتبه إلى الطريق ولم تدرك إلا عندما وقفت السيارة أمام بيت بيك أنه أخذ الأتجاه الذى تخشاه وتتوقعه
-وماذا سنفعل هنا؟
أمسك بيدها
-إن لدى ماكينة غسيل ومجففا وخلافه والمكان هنا أكثر الفة وخصوصية مما يمكننا من الحديث بحرية....هل هذا يضايقك ؟
لم يجد ردا سريعا فصاح بنفاد صبر:
-بحق السماء يا كريستينا إننى لست سفاح بوستون تعالى معى
فى أثناء إخراجه السلة من حقيبة السيارة تمالكت بعض الشئ وأخذت نفسا عميقا لكى تكتسب الشجاعة ثم تبعت بيك نحو باب المدخل
كان المظهر الشامخ الخارجى للبيوت المقامة على نهر أوكس وطرازها الجامع بين القديم والحديث يدل على فخامة ما بداخلها دون شك كانت الردهة الخامية واسعة جدا وأكثر أتساعا من حجرة كريستينا نفسها وقد علق فى وسطها نجفة من الكريستال تتدلى من السقف المزخرف العالى كان ثمن النجفة لابد أن يكون أكثر من ثمن كل بيتها وكان بالردهة درج حلزونى يقود إلى الدور الأول ثم ينزل إلى الدور الثانى من الناحية الأخرى على شكل نصف دائرة حيث يوجد صالون فسيح وحجرة طعام مزينة فخامة وذات رفاهية بالعاج والخشب الفاخر كان الجو يوحى بشكل الفيلات الإيطالية التى نشاهدها فى أفلام السينما قال لها :
-إن المغاسل من هنا
أتسعت عيناها وفغرت فمها أمام كل هذه الفخامة وأستدارت كريستينا نحو بيك الذى كان لايزال يحمل سلة غسيلها الرهيبة المليئة بالبياضات والملابس الداخلية فجأة أحست بمدى ضألتها
-أنت غنى جدا. أليس كذلك ؟
كان كلامها دليلا على أنها عادت إلى صوابها أكثر من كونه تساؤلا أن بيك دائما بسيط فى سلوكه حتى أنها نسيت أنه يمكن أن يقطن فى مثل هذا الحى ,هز كتفيه
-أنى ميسور الحال هيا تعالى لتشغيل أول ماكينة
تبعته طوال الدهليز الذى صمم على شكل قاعة طعام وفكرت فى بيتها هى وفى طلائه الحائل وفى أريكتها المحطمة.ذكرها هذا التضاد بمدى الأختلاف بين نمطى حياتهما إنه إختلاف شديد بحيث لا يسمح بأستمرار أية علاقة قد تقوم بينهما ,عبرا مطبخا فسيحا كانت النظافة تشع من سقفه لأرضيته وكل جدرانه من السراميك الفاخر,بدا المطبخ وكأنه صمم ليحقق حلم الطهى الراقى لأى أسرة سواء بأجهزته الضخمة زمجموعة أدوات المطبخ والمائدة المعلقة بنظام تام ومن المطبخ عبرا بابا أخيرا صاحت الشابة :
-يا إله السموات حتى المغسلة رحبة وفاخرة إن هذا كثير جدا بالنسبة لشخص بسيط من ميكسيكانا
سألها بيك وهو متجهم :
-ماذا تقصدين ؟
كان رد فعله قد جعلها تفكر بسرعة :
-إن بيتك رائع يا بيك وبعد أن رأيته فقد أصبح أكثر وضوحا إنك بعيد عن عالمى بعد السماء عن الأرض إننى فى الحقيقة أتخيل إن السكن فى مثل هذا البيت الفاخر ثم حضورك إلى مسكنى أشبه ما يكون بالهبوط إلى كوخ
لل؛؟أـ سرت فى نظرات بيك عاطفة عميقة ولكن استعاد وجهه فى الحال تعبيره الجاد
-أنى لم أحكم أبدا على الناس على أساس موطنهم الذى يعيشون فيه ولا أتمنى أيضا أن يطبق ذلك على تخيلى إننى عشت وكبرت فى شقة مزدوجة فوق مطعم الأسرة.أن والدى وجدى وسبعة أولاد كانو يعيشون مكومون فى مكان يعتبر بيتك بالنسبة له قصرا
رفعت كريستينا حاجبيها دهشة وخفضت ذقنها ولوت شفتيها فى حركت أحتقار وقالت :
-أنك تعطى مثلا بعيدا عن الموضوع وعلى كل فقد تأثرت
كان كل ما على وجهها هو تعبير السخرية والبرودة ولكن ركبتيها أوشكتا أن تخونها وقالت :
-ألهذا السبب تجد رغبة من آن إلى الآخر أن تؤاخى إحدى العاملات الفقيرات مثلى ؟
كانت عضلات فككه المشدودة هى التى تدل فقط على تاثير تلك الكلمات عليه لقد أطلقت عليه سهما عندما أخذت عيناه تفحصانها لقد نزع قناع الجدية عن وجهه وحل محله قناع الفكاهة
-دعك من هذا يا كريستينا فإن هذا لن يفلح
-كيف هذا؟ما الذى لن يفلح ؟
-أن تحاولى البحث عن عراك لتجنب المواجهة الصريحة.سأتركك للعناية بأول دورة غسيل بينما أعد الغداء
أختفى بيك فأخذت الشابة تغمغم وهى تدس الغسيل فى الغسالة الكهربائية :
-أيها اللعين
جاءها الرد من الغرفة المجاورة فى صورة زمجرة
-نتقابل بعد خمس دقائق لكى نتناول فى لذة سلطة مثلجة بالجمبرى وخبز مصنوع من حبوب الشوفان
كان بيك يأكل بينما أخذت كريستينا تقلب طعامها فى طبقها وتنظر ساهمه إلى حوض السباحة.وضع بيك أخيرا شوكته وأخذ يتامل المخلوقة الفاتنة التى قلبت حياته رأسا على عقب.كانت رغبته عارمة أن يأخذها بين ذراعيه ويطرد عنها اليأس الذى ساد ملامحها الرقيقة ولكن الوقت المناسب لذلك لم يحن بعد لأنها كما يبدو تخشى شيئا ما وإذا قال لها من الأن أنه يحبها فإنه يخاطر بإخافتها إن عليه أن يعالج المشكلة التى تفصلهما بكل حذر لأن الشابة تحاول أن تخفى عواطفها وضعفها بوحشية وكذلك تحمى أبنها ,همس بصوت مسموع :
-إنها غريزة حب البقاء وهوما يجب أن ينجح
قالت كريستينا وهى تخرج من أفكارها :
-أرجو المعذرة ؟
-أقصد مسألة الكوخ والطبقة العاملة لابد أن تنجح إنك قوية جدا وهو ما جعلنى أدرك أنك تحاولين أن تخرجينى عن شعورى
أنت تقرأ
خطوات حذرة -
Romanceيهما ينتصر على الأخر الزواج أم العمل؟ فرضت الظروف القاسية على هذه المرأة أن تعول نفسها بعد وفاة زوجها فى حادثة مؤلمة وأن تعول أيضاً أبن زوجها الراحل فأختارت عملاً شاقاً لا يناسب إلا الرجال الأشداء وهو أن تقود شاحنة ضخمة تقوم بسحب السيارات المعطلة عل...