الفصل الحادي والثلاثون

12.5K 239 4
                                    


صراع أبدي بين القلب والعقل فهناك من يرجح العقل باعتباره رمز الحكمة والفطنة وهناك من يفضل اتباع القلب فهو مصدر الاحاسيس والمشاعر التي بدونها نصبح كآلات بشرية وكلا الفريقان يخسران في النهاية, وتوجد قلة قليلة هي التي تستطيع تحقيق المعادلة الصعبة وهي التوفيق بين الاثنين معا وتلك هي الفئة الرابحة.

أما عن دارين فمن ناحية قلبها فيميل الى الكلام الذي سمعته من أختها فهناك شيء بداخلها يريدها أن تظل بجانبه تحت أي مسمى فهو كان ولا يزال مصدر الأمان والحنان لها ولا يمكنها أن تأتمن أحد غيره على قلبها, ومن ناحية أخرى لازال عقلها لا يستطيع تقبل هذا الوضع الذي يعتبره شاذا كما أنه يعتقد أن مازن قد استغل ضعفها واحتياجها اليه ليفرض عليها سيطرته وهي وقعت في هذا الفخ كالبلهاء, جلست دارين لساعات أسيرة هذا الصراع حتى في النهاية تغلب العقل على القلب مؤقتا ورفضت أن تمتثل لما فرضه مازن عليها فهي لن تقبل بالأمر الواقع أبدا لذا قامت من مكانها ونقلت ثيابها الى حجرة الأطفال التي كانت فيما مضى حجرة نومها, ثم تناولت طعاما سريعا ودخلت حجرتها وأغلقت عليها بابها من الداخل, وعاد مازن الى الشقة في ساعة متأخرة فبحث عن دارين في معظم أرجاء الشقة ولم يجدها, وعندما رآى خزانة الثياب فارغة من ملابسها ظن أنها قد رحلت ولكن لاحظ أن حجرة الاطفال مغلقة بالمفتاح من الداخل ففهم ما يجري ولاحت على شفتيه ابتسامة ساخرة وهو يخرج من جيبه سلسلة مفاتيحة والتي تحوي مفتاح اضافي لكل حجرة بالشقة تحسبا للظروف, وخطر له ان يقوم بفتح ذلك الباب الذي يفصل بينه وبينها ليبين لها مدى سذاجة فكرتها الا انه تراجع وقرر تأجيل الامر لوقت لاحق فليتركها بعض الوقت لتنعم بانتصارها الواهي,

فعاد أدراجه الى حجرة نومه يلتمس بعض الراحة بعد هذا اليوم الشاق الذي قضاه مع صديقيه.

أما عن دارين ففور ان سمعت قدومه أطفأت نور حجرتها الرئيسي, وجلست فوق احد السريرين ترهف السمع لتتبع خطواته وما ان سمعته يقف أمام باب حجرتها حتى حبست أنفاسها تنتظر خطوته التالية وظهرت ابتسامتها المنتصرة وهي ترى محاولاته لفتح الباب تبوء بالفشل, وزادت سعادتها واتسعت ابتسامتها حينما سمعت خطواته تبتعد عن الباب متخيلة أنه قد رضى بحكمها واستسلم للأمر الواقع.
وتمر الايام ويبقى الوضع على ما هو عليه, مازن يخرج مبكرا الى عمله قبل ان تستيقظ دارين حيث اتفق مع عبدالرحمن ان يهتم هذا الاخير بأمر صديقهما الثالث بينما يترك مهام العمل على عاتق مازن, ثم يعود ليلا بعد ان تكون قد دخلت حجرتها وأغلقت الباب عليها بالقفل, حتى جاء يوم الخميس مساء وقف أمام تلك الحجرة المحرمة وقال محدثا صاحبتها: دارين! احنا بكرة معزومين عند عم فؤاد وطنط سميرة ياريت تكوني جاهزة ع الساعة خمسة.
ثم انطلق الى حجرته ولم يكن قد تلقى ردا ولكنه يعلم ان رسالته قد وصلت, وقد تأكد من ذلك في اليوم التالي عندما خرجت اليه في تمام الخامسة الا عشر دقائق تقول له بنظرات متهربة تخشى إلتقاء عينيه: أنا جاهزة.

حب بالإكراهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن