الثانِي .

87 7 9
                                    

اليوم الذي يلي ليلة الثلج الباردة قد كانت شديدة الحرارة ..
كانت ليلة حارة حتى أدت هذه الحرارة إلى ذوبان قطع الثلج
التي تراكمت بنظام أمام كُل منزل .

نتيجةً لهذه الحرارة التي لا رحمةً فيها وبينما كنتُم تلعقُون المُثلجات
بكُل مُتعة وكنت أنا لا أزال لم أكتب جُزءًا ؛ كان الأوقص يملك
موعداً لفتى الهاتف العمومي الذي حادثهُ ليلة الثلج آنذاك .

سارَ الأوقص حتى أوقفته وجهته ، وقف بكُل استقامة وجمع كُل
قواه في ذلك الأصبع أو كما يُدعى بـ السبابة .. مُركزاً كل الضغط على جرسٍ صغير بجانب منزل فتى الهاتف . ولم يلبَث إلا وقتاً كاد أن يكون أشبه بالثوانِ حتى فُتح الباب على مصرعيه مُرحباً بالأوقص .

سارَ الأوقص مُتعجباً نتيجة التطور الذي يُعاصره فتى الهاتف والذي
جعل بابهُ يُفتح دون أن يُشقيّ نفسه عناءَ القدوم وفتحه .
ألقى الفتى من ليلة الثلج التحية بطريقة تجعل المرءُ يقفُ مُتسائلاً
عن نوعها .. وهذا تماماً ما فعله الأوقص حين قال : " أهكذا تُحيِّ ضيوفك؟! "

فـرد عليه الفتى بنوعٍ من الهجوم قائلاً : " أنت دخيل يا هذا ولست ضيفاً لي حتى .. ولكَ أن تعلم كم يزعجني بقائك هُنا "

صمت الأوقص قليلاً وكاد أن يكون أخرساً ثُم سرد ابتسامةً
عريضة على شفتاه و قال مُسترسلاً بهدوء : " أوليس وجودي هُنا
هو نتيجة فتحك لـباب منزلك لي ؟ أولست من طلب أن لا أتأخر ؟ "

أدى حديث الأوقص لأن يجعل فتى الهاتف يضحك بشيءٍ من
السخرية ثم قال بروية : " أتعجب من طريقتك في حُب نفسك !
فأنت مُحباً لها لدرجةٍ تجعلك لا تُدرك أني أدخلتك منزلي المُقدس
كي أحظى بتلك الذاكرة التي معك ؛ لذلك اسألنِي ما شئت و سلمنِي
هذه الذاكرة ثُم غادِر ، فوجودك هُنا يتناسب طردياً مع رغبتي في
قتلك ! "

- يارجل أنت من هو مُغتراً بنفسه ومُحِباً لها هُنا ! فحُبك لنفسك
أعطاك درجة من عدم الإدراك و جعلك تؤمن أني أحضرت
الذاكرة معي !

بعد أن صمت الأوقص مباشرةً سحبَ فتى الهاتف ياقة قميص
الأوقص ثُم عادَ به للخلف حتى كاد أن يُحطم فقرات ظهر هذا
المسكِين ؛ ثُم نطق بحده : " ما الذي ترمِي إليه بقولك هذا؟ ألم تُحظرها ؟ "

ضحك الأوقص بهدوء ثُم قال ساخرًا : " للأسف لقد أحظرتها
ولكنه وكما يبدو فإنها حُطمت لأشلاء نتيجة دفعك لي ! "
ثُم أخرج الأوقص الذاكرة و بسط ذراعه أمام فتى الهاتف ثُم أردف بنوعٍ من السُخرية : " أتخالُ الذي كرسَ حياته في سبيل حماية روحه وأحب نفسه بفظاعةٍ سيفعل شيئاً يُعرض فيه حياته للخطر؟ "

بعد أن هدأ فتى الهاتف أمسك بالذاكرة و استقام ؛ ثُم بهدوء استرسل قائلاً : " وماهو مُبتغاك ؟ "

- لا شيء ؛ كُل ما أردته هو رفع بعضاً من الثقل عنِي !
ولك أن تُدرك أني لازلت راجياً عودة إيڤان الذي أعرفه !
سأنتظرك حتى اليوم الذي تغدُر فيه روحي بجسدي وتُغادِر !

كِـذبةٌ بيّضاء | متوقِفة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن