السابِع .

39 5 1
                                    

" أنت مسخٌ خائِن ! "

استفتح إيڤان يومه مع جُملة كهذه خرجت بصوت بهِ رجفة . تبسَم إيڤان وأغلق عيناه مُجدداً فهو أعلم يقيناً أن هذا مُجرد تابع لتوابع الأحلام أو مُجرد ذِكرى قديمة مرت بهِ لوهلة !
ولسببٍ عقيم الإجابة لم يطغو النوم عليه أو يصحُو سلفاً ؛ فكر إيڤان أنه لم يعُد حياً لدرجة أنه يسمع صوت صاحِبه الساذج عبر مسامعه وهو يُعيد شتمه مراراً وتكراراً ؛ أغلق عيناه وشد عليهُما بقوة حتى يُنهي هذا الشعور الذي حلَّ به بغتة ؛ وهنا عادَ لمسامعه صوت ڤينيك اليائس : " إيڤان أنت تتنفس! أأنت حي ؟ "

- إذاً هذه ليست أضغاثِ أحلام ! وليست مُجرد أطيافٍ تتراقص أمام عيناي ؟

- هل ءانسكَ وجودك مع الأموات لهذه الدرجة ؟ لو لم تصحُو لقطعت هذا الخيّط الذي يقف بين سُرتِك و روحك !

- لماذا تتحدث بهذه الطريقة ؟! كم لبثتُ نائماً ؟

- أتمزح معي ! كُنت ميّت .. ميّت . أتقول أنك كُنت نائماً ؟ بحقك يا رجُل لقد يأس الأطباء أن تعود حياً ؛ لقد أمضيتَ ثمانية أشهر .. ثمانية أشهر وأنت ميّت !

- ميّت ؟ أختر كلماتك بعناية يا رجُل ! بدلاً من قول أني كُنت ميتاً عليك قول أني كُنت نائماً أو كُنت في غيابٍ مؤقت !

- على كُلٍ ؛ أتشعُر بالجوع ؟

- أرجوك ! سأتمزق لأشلاء إن لم تُحظر لي طبقاً .

خرج ڤينيك مُسارعاً إلى سوق الطعام الخاص بالمُستشفى نفسه ؛ كان يُسرع مع كُل نفس وهو يضحك كالمجنون .. كان راجياً أن هذا سينتهي كُله . سيعود إيڤان بعد كل هذا الزمن ؛ ليس ذلك المسخ غريب الأطوار بل هو نفسه إيڤان صديقه ذو العشرين عاماً ، وقف على عُجالة أمام السوق و أخذ يُمسك بهذا وذاك و يصيح بهم بسعادة و سذاجة قائلاً : " عاد صديقي ! لقد عاد إيڤان ! "

ودعونا نُسدل ستارة الأحداث والتفاصيل المُملة جانباً . عودة إلى صاحبة " عداء الطائرة الورقية " التي كانت مُمسكة بكلتا يديها أمام معبد أو كنيسة وتدعو الله أن يُعيد محبُوبها وعشيقها . خرجت الفتاة من الكنيسة بعد ثلاث ساعات من الدُعاء وذهبت حتى أبعد بُقعة من تلك الكنيسة وصولاً إلى مُستشفى قديم ذو جودة متوسطة ؛ مشَت حتى وصلت إلى صاحب الغرفة رقم 201 و وقفت لثوانٍ لا أحصيها أنا ولا غيري .

زامنت تلك الفتاة إمساكها بمقبض الباب صوت ڤينيك المُتسائل وهو يقول : " من أنتِ ؟ " أدارت الفتاة رأسها بهدوء خاطفةً إهتمام ڤينيك بكُل وضوح وهي تقول على إستحياء : " أسفه. أخطأت الطابق ! "

" لا عليكِ ! أأنت هُنا لزيارة أحدهم ؟ "
وهنا ضربت الصواعق عقل ڤينيك وأشاح الغباء على عقله مُلقياً على نفسه عبارات توبيخية لسؤاله الساذج الذي طرحه تواً . وما فاجأه هو إجابتها المُتحفظة بعيداً عن كُل هذا الوضوح في الجواب المُفترض قائلة : " أتيت لزيارة صديق لي ! يُدعى إيڤان ، ولكن يبدو أن غُرفته ليست في هذا الطابِق ! " كاد ڤينيك يوقفها ولكنه سحب نفسه ودخل الغرفة تاركاً توقعات مُفترضة كأن تكون قاصدة شخصاً آخر مثلاً ، وعلى الرُغم في السذاجة الظاهرة على هذا التوقع أو الإفتراض إلا أنه تمسك به بشدة ؛ كي لا يندم لاحقاً !

🎉 لقد انتهيت من قراءة كِـذبةٌ بيّضاء | متوقِفة. 🎉
كِـذبةٌ بيّضاء | متوقِفة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن