٦- سيدي تيمي !•

431 36 8
                                    

الفصل السادس

في ديجورٍ ضيق يكبت على انفاسها وسلاسل تقيد روحها ؛ هذا المكان الذي تُرمى إليه عندما تفقد وعيها ويتم الاستحواذ على جسدها بحيث روحها تصبح مقيدة اسيرة إلى ان يخرج الطيف من جسدها وفي رأسها كثير من التساؤلات واكثرها - ماذا حدث معها ؟! -
الوضع لها يؤكد بأن هناك من يحتل مكانها ، فكرت ملياً من يكون قد سيطر على جسدها !
وصلت إلى الاجابة حين تذكرت هرولة طيف والدته نحوها لتغتنم فرصة فقدانها وعيها ..
ذبلت عينيها بيأس ؛ لا بد وانه مع والدته الان ولا يعرف طريقة اخراجها ، وحتى إن عَلم الطريقة فـ على الارجح لن يفعلها ...لن يفقد روح والدته مرةً أخرى .
ظنت بأن مكوثها في الظلام سيكون طويلاً جداً ولكن قد فاجئها انبلاج الضوء من الاعلى وتمزيق الظلام " هل قام بلمسي ! "

فتحت عيناها بتعب لتتلقى ضوء المصباح المشع المتدلي من السقف ؛ رفعت أناملها تلامس الضماد حول رأسها وهذا ما جعلها تتأكد بأنها عادت لوعيها وجسدها وعلى ما يبدو قد تأذى من سقوطها السابق ؛ أخذت تحملق فيما حولها تتفحص مكان وجودها وأتضح لها بأنها في غرفتها الجديدة التي عرفها عليها تيم سابقاً ..
ثبت نظرها على ذاك الكائن الذي يجثو على الأرض بجانب سريرها مسنداً نصف جسده العلوي براحة على السرير ويحتضن يدها وكأنه طفلٌ صغير يتشبث بذراع والدته كي لا تذهب لمكان ما وتتركه !
نظرت إليه وادركت كيف خرجت والدته منها بسبب تشبثه بها ولمسها ؛ تأسفت على حظه الذي يجعل الأرواح تنفر منه وتتلاشى ! أي شخص آخر غيره لن تعره الأرواح اهتماماً .. ما السر فيه ؟!
نطقت بعد صمت طويل
" رجل القوانين .. هل انت بخير ؟ "
كان السؤال غباءً منها فـ الاصح ان يسألها هو ويقلق عليها لانها اذت رأسها بسببه وهي تلاحقه بينما لم يكن يصغي لها.
عقد حاجبيه متمتماً بكلام لم تفهمه ولكنها استطاعت استيعاب كلمة " امي " من بين كلامه
فتح عينيه متعمقاً في النظر إلى عيناها حيث بدا له ان كل شيء عاد إلى طبيعته ، دحرج نظره بعيداً عنها بصمت وكأن في خلده خيبة من عدم تواجد والدته فيها !
بعثر شعره بتعكر مزاج وذهن مشوش
" هل انا من اصطدم رأسه أم انتي ؟!"
رفعت حاجبها بانزعاج " هل تسخر مني ! "
ظنت بأنه يسخر منها بسؤاله ذاك لأنها حين أيقظته طرحت سؤالاً تتفقد إن كان بخير ام لا ..
بينما هو كان تائهاً من الذي حدث عند سقوطها ، شعر بأن ظهور والدته بجسدها كان وهماً فقط او تخيلاً طرأ في ذهنه

نظر لها بعينان ناعستان وبنبرة ملل قائلاً
" اهلاً بعودتك "
رمشت في عينيها عدة مرات لتنطق ببطء محاولة الاستيعاب " عودتي ! .. أين كنت سابقاً ؟ "

كان هذا السؤال الذي أراد معرفته بحيرة ، نهض واقفاً بطوله امامها وهي تنظر له ببلاهة وبذات نفسها اكثر حيرة منه لأنها على الاقل لا تعرف ماذا حصل بعد وقوعها ...
" أنتِ لا تذكرين أي مما حدث امس ، صحيح ؟ "
راقبها وهي تشرد لثواني محاولة التذكر بينما هو يتمنى ان تقول بأنها لا تتذكر شيئاً ؛ لان ما حدث كان محرجاً بالنسبة له فـ البكاء في احضانها تصرف لم يكن يعيه ابداً ..
" بالطبع اتذكر .. انا لم أفقد ذاكرتي لقد كان مجرد اصطدام وغياب عن الوعي "
كان ردها كـ الصفعة بالنسبة له " سحقاً "
ابتلع ريقه بتوتر ثم قال " حسناً .. ما أخر حدثٍ تتذكريه قبل فقدانك للوعي ؟ "

أعمى البصيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن