ثورة سخط

156 4 0
                                    

فصل الرابع

نظرت لها الخادمة بعيون لامعة  ف لاحظت سامنثا لطفها الشديد و  حبها لعملها، و ما ان غادرت حتى شعرت سامنثا ب الفتور مجددا، جالت بنظرها على السرير الكبير في الغرفة الشاسعة و  فراش بلون الطوبي ك لون الجدران الطوبي مع بقع بيضاء و أرضية مغطاة ببساط من نفس اللون و لكن ب  درجات اغمق، و منضدو مدورة بين السرير و  طاولة زينة  الزينة  و دولاب ثياب أبيض ذو مرآتان كبيرتان تعكسان مظهرها على بعد أمتار و نافذة كبيرة مغطاة ب ستائر مزيج من لون طوبي و الأبيض، راحت سامنثا  تستلقي على السرير و تحضن جسمها متذكرة رأسها على صدره المكتنز، لم تشعر بنفسها تغفو على السرير، لم ترف لها جفن ليلة الماضية و ها هي تغرق في النوم إلى ساعة الثامنة مساءة، نهضت على صوت بكاء حاد، صوت طفل صغير يملؤ البيت، تركت سامنثا الفراش و فتحت الباب حافية القدمين  ف فوجئت ب صاحب قوام المديد أمامها، نتجت عن رؤيته يغلق الباب انه خرج من الباب في زاوية غرفتها " مساء الخير ايه المسن"
" أابدو لك مسنا؟"
ضمت ذراعيها إلى صدرها تفكر في سؤاله و عيناها ترمقان بدلته الرسمية ب نظرة متفحصة " لديك جسم لا بأس به، و لكن..."
عقد جبينه منتظرا إجابتها ف تعمدت قوده الى الجنون  " لازال غير كاف لجعلك تبدو يافعا"
و سارت أمامه تتجه إلى حيث يأتي الصوت و  كادت تخطو خطوة  لتصعد إلى الطابق الأعلى ، اوقفها قائلا " العشاء في الأسفل آنسة  ميلر  "
" أرغب في رؤية الطفل الباكي "
" دعني أخبرك يا انستي ب انه يشبه إنذار الحريق و لن يهدأ مهما بذلت من الجهد، تذكري كلامي!"
كانت رائحة الثقة مع شذى عطره تبدو أكثر جمالا لمناخير سامنثا عندما اقتربت منه و قالت بوجه بشوش " دع هذا تخاطر بننا، لأنني سأحقق ظفرا باهرا اليلة "
تقدم اليها اكثر و نظراته الغامضة تلمع، تسارعت خفقات قلبها و رمشت بعيناها قبل ان تعاود الابتسامة " تخاطر على ماذا ؟"
جرعت رقها و تنفست صعداء لتحرر قلبها الذي يرقص على الحانه، كان غاية في الوسامة، بشرته البرونزية و جمال عيناه الزيتونية  تؤثران عليها بشدة كما بسمة الثقة على شفاه كانت تدفعها إلى ارتكاب الحماقات  في تلك اللحظة و همست ناسية أمر انه شخص لديه حبيبة ب الفعل " أية شيء تريده، لكن لا تنسى انني الرابحة، و جهز لنفسك عقاب يليق بك!"
خفق قلبها لصوته الخافت في أذنها و رائحة عطره تدفعها إلى غمض عيناها  لتستمتع بها " تكلفي انتي ب أمر العقاب، سأبحث لنفسي عن شيء أريده "
و انسحب تارك اياها تضيع بين دقات قلبها و بسمتها التي لم تفارق شفاها، و التفتت إلى السلم، كانت ترغب في سلك المسار لولا هبوط الخادمة السلالم و الطفل يبكي بين ذراعيها، كان طفلا جميلا، ذو عيناه زرقاوات و بشرة بيضاء ك الثلج،  بشرته بدت ناعمة جدا عندما مسحت سامنثا دموعه و ناولته اياها الخادمة " كم عمره ؟"
" ثلاثة سنوات انستي "
فرحت سامنثا للطفل و ضمته بين ذراعيها " تعال إلى سام يا حبيبي الصغير، اشششش"
و راحت سامنثا تأرجحه بين ذراعيها و تلاعبه ثم أخذته إلى الأسفل و هو يبكي بشدة، فكرت سامنثا في إخراجه و لكن الظلام قد احتل و لكن لا بأس، عادت تفكر و خرجت إلى المناخ المنعش و ابتسمت الطفل الذي بدأ يحملق في وجهها محاولا التعرف عليها، و كان قد هدأ ب الفعل،   الشيء الذي هدا الطفل كانت السلسلة حاول رقبتها، و راح يلاعب السلسلة، ثم يتغلغل ب أياديه إلى صدرها و كأنه يبحث عن صدر والدته،  شفقت عليه سامنثا و نزف قلبها ألما بمجرد التفكير به و كيف سوف ينشأ طفل صغير بين ايادي الخدم مثلها،  وجدت الأسرة مجتمعة حول الطاولة في الحديقة و يتناولون الطعام بهدوء و فكرت في إطعام الطفل او على الاقل السؤال إذا ما كان قد تناول شيئا،  و قالت الخادمة انه لم يتناول شيء، أخذت المقعد الفارغ و الوحيد المتبقي و قد غمزت للرجل امامها متباهية ب نصرها و كان قد نظر و طرق حاجبه مرفوع " جيد جدا،  لم اتوقع هذا منك يا آنسة ميلر "
نظرات من حولها لم تكن بريئة و لم تشعرها ب الراحة ف حبيبته الجميلة في ثوبها الأسود القصير و ابنة شقيقه الكبيرة لم تكونا من المعجبين بها، نظرت إلى الشقراء و قالت بصوت خافت " يمكنك مناداتي سام،  هذا أفضل "
" انك تحملين سام بين يديك ب الفعل "
عقدت حاجبيها غير فاهمة كلام الصبي إلى جانبها " ايدعي هذا الصغير سام؟"
" لابد و انك معجزة، فلم يتمكن شخصا من اسكاته حتى الآن "
" دعيني اقدم لك أعضاء الأسرة يا آنسة ميلر "
خاطبها سيمون ب رصانة و مد يده تجاه حبيبته " هذه تكون حبيبتي جيسيكا جونسن، قربها أيما ويلسون، و اخيرا الي جانبك جيمس ويلسون، و الذي يكون اشقي شخص في الأسرة "
نظرت سامنثا إلى الشقي قربها و همست " من المؤكد انك تملك العاب الفيديو "
" املك عدد هائل يا سام "
سررت سام لتفهمه و تقبله اياها و اقترحت " ما رأيك في تحدي ؟"
" موافق، و لكن ماذا أكسب انا في المقابل ؟"
ذكرها ب التحدي الذي دار بينها و بين سيمون قبل دقائق و قالت سامنثا باسمة " فكر في  شيء تعطيني اياه  يا عزيزي، لأنني الفائزة "
ثم شاهدها سيمون  تقوم ب نفخ ملعقة من  حساء ساخن احضرته الخادمة لتوها قبل ان تضعه في فم سام الذي راح يتناوله من يدها، أكان مخطئ بشأن أحكامه المسبقة؟ فكر و عيناه تخطف نظرات نحوها بين الحين و الآخر، كانت بشوشة و حنونة، عرف عندما وجدها تبكي بشدة  فقط لأنها ذكرت الأطفال ب والدتهم معتقدة انهم لا يتذكرونها، يا لها من فتاة سخيفة،  فكر سيمون بينما تحادثه  جيس ب موضوع لم يكن منتبه له،  فضل اختلاس النظر إلي سامنثا و عيناه تتوق لنظرة منها، مضت ساعة و قاموا الخدم ب عملهم حق القيام و اخيرا اختلت سامنثا ب نفسها مع الطفل،  غادرت جيس مباشرة بعد العشاء و ذهبوا الأطفال إلى النوم و راح سيمون يقف أمام النافذة ينظر إلى الفتاة الذي اعتقدها رثة، كانت جالسة على المقعد و تراجع سيمون عن النافذة عندما وقفت و اتجهت الى البيت،  خشى أنها ستخطئ الفهم  ان عرفت وجوده، و لكن كيف تفهمه بشكل خاطئ و هو التفكير الصحيح؟ بماذا ستجيب ان أخبرها أنه يختلس النظر إليها لأنه بدأ ينحذب نحو  قلبها الطيب؟   قلبها الرقيق الذي ذرف آلاف من الدموع من أجل أطفال لا تعرفهم،  فكر سيمون لوهلة ان كانت حقا كما يفكر بها؟ ان كانت طيبة القلب كما يعتقد ؟ لما يشك بها الان؟  لم يفهم سيمون نفسه في تلك اللحظة و كاد يتجه إلى السلالم لولا ظهورها خلف الباب و سام النائم في حضنها " لقد غط في النوم بعد تعب شديد "
فضل سيمون اخذ سام من حضنها، ف الوقوف صلب في مكانه ينظر إلى فتاة ضعيفة تحمل طفل إلى الطابق الثالث لن يكون تصرفها رجوليا بتاتا " دعيني احمله عنك يا آنسة ميلر  !"
لم تتردد في وضعه بين ذراعيه و نزعت يد سام الصغيرة  من بدنها ، لقد شاهد سام يفعل هذا مع والدته، و من الغريب رؤيته يفعل هذا مجددا،  لثانية تخيل صوت سام الحاد  يملؤ البيت، كان هذا تفكير كاف لجعله ينتبه بشدة كي لا يوقظه،  و اخذ يبتسم لنفسه فيما يحملق في وجه سام النائم، لأول مرة يحمل سام في حضنه، لطالما هرع إلى الخارج بمجرد سماع صوت بكائه،  و بكل تأكيد كانت بسمة ملحوظة لبصر سامنثا الحاد، و قالت " انه ظريف، أليس كذلك؟"
" يبدو و انه معجب بك "
ها قد عادت حس الفكاهة مع بسمة منتشرة حول شفاها " أنا فاتنة، الجميع يسقط في شباكي،  انتبه و الا علقت مثلهم "
لم يضجر سيمون منها فيما كان يفكر أنها مراهقة و  كلام كهذا مجرد عبث لا طائل منه و أضافت بنبرة مبهجة  " سأذهب الان، طاب مساؤك  ايه المسن "
و لجأت  سامنثا  الى غرفتها،  لم تعد هناك إستحالة العودة إلى النوم، و تقلبت مرات عدة في تلك اليلة الا أن الأمر لان بات مستحيلا،   طهرت جسمها تحت المياه الدافئة  على امل ان تسترخي قليلا و  تعود إلى النوم، و عندما فقدت فقدت امل في الحصى على مبتغاها، وضعت  تنورة قصيرة مريحة على جسمها و بلوزة قصيرة تليق بلون بشرتها القمحية،  كانت قد رأت حولين  هذه المنطقة  الاستوائية و كل شيء كان مغريا لآلة التصوير، انسحبت دون أن تفكر في العواقب الوخيمة حين اكتشاف خروجها، كانت تعرف ان سيد ويلسون شخصا قاسيا و قد
يفرحه خروجها من البيت في منتصف اليل، لكن سامنثا لم تعترف ب العواقب الوخيمة و عندئذ سارت بخطوات محتاطة  نحو  المطبخ و خطفت وعاء جعة  تحتوي على عبارة ( هولستن ) في المقدمة، لم يكن هذا النوع مستحب عندها مع ذلك خطفت  ثلاثة أوعية أخري و وضعتهم في حقيبة ظهر صغيرة، كانت تعرف أنها تحب الجعة  بشدة خصيصا عند الجلوس تحت النجوم و تامل السماء،    و راحت تلتقط صور كل ما يلتقطه بصرها في الطريق، سواء كانت أشجار برتقال  مثمرة  في تلك الغابة الاستوائية او بحيرات صغيرة تنيرها أضواء على  بعد أمتار  او أشجار النخيل الطويلة على الحافة،لمحت أضواء كبيرة قرب المكان و انتفضت سامنثا سرورا، لابد و أن شيئا ما  مثيرا للاهتمام  في انتظارها، و قد تنتهز الفرصة لالتقاط بعض الصور الجميلة،  لم يكن التسرع سهلا بين جذوع الأشجار تسد طريقها و تستبطاها، و استغرقت سامنثا وقتا طويلا ريثما وصلت، وقفت تنظر إلى النجيل بلونه الجميل تحت أضواء تحيق ب الحديقة و  مطعم خشبي قديم الطراز  ممار بهجة و ضحكات عالية، و السماء تلمع  ب ضوء نجومها المتألقة و أصوات صاخبة حول الطاولات في دائرة جميلة من الزهور  الاوركيد البنفسجية، اعجبت سامنثا ب المنظر و راحت تلتقط صور عشوائية، و فيما تلتقط الصور كانت قد لمحت شيئا اوقفها حيث هي و أبعدت الآلة عن عيناها تتحملق في المرأة الجذابة ذو جسم برونزي  مثير و ثوب حرجلي قصير و ضيق  يظهر منحنيات جسمها الرشيق و بسمة سرور تملؤ وجهها  ذو مقاسم حادة،  و تأكدت سامنثا أنها حبيبة سيمون الفاتنة، بدت مسرورة بين أحضان رجل آخر يبدو بني الشعر و له جسم رياضي  صلب و مساند بقوامه المتوسط على الطاولة و بسمة ماكرة، أنها مكيدة، فكرت سامنثا، حبها لسيمون مجرد مكيدة، أنها تقبل الرجل على الشفاه دون تردد و هذا لا يبدو طبيعيا لسامنثا، أخذت سامنثا مكانا على طاولة قريبة و شربت  الأوعية الأربعة الى القعر،  راودها  خيال اسعدها،  خيل لها تقف و تتجه لها و تخدش وجهها و بسمتها الدميمة تلك حتى التشوه، و لكنها تمالكت نفسها و وقفت تترنح في سيرها و التقطت صورة احترافية لهم كي تضعه دليل في يد حبيبها عندما تخبره بما رأته عيناها،  كان البيت  بعيد و استغرقت الكثير من الوقت ريثما وصلت،  كانت تبتسم لنفسها و هي تتذكر ما رأته عيناها،  هل سيصدقها رجل المسن ان اخبرته؟ أسئلة كثيرة مشابهة لهذا السؤال  سبحت  في خلدها أثناء سيرها في الطريق الصغير المؤدي إلى البيت، و قبل أن تتمكن من خطي خطوة أخري اصطدمت ب صدر مكتنز،  رفعت بصرها تشاهد رجل صلب واقف بقوام طويل و ذراعيه متشابكة   ببعضها على صدره،  نظرة ثائرة تدفع قلبها إلى التذبذب،  كان مظهره بديع، أقرت سامنثا دون الاستخفاف به، و ان واصلت سامنثا النظر فقد يستحوذ على انتباهها و بما أنها تفكر في قوته ك هبة من السماء  ف ليس هناك مفر منه، ليس حتى من قبضته التي اوقفتها غصب عنها عندما كادت تعبر طريقها إلى البيت و  قال بلهجة  لبقة ب الكاد يسيطر عليها "  من فضلك آنسة ميلر، علينا أن نتحدث "
تمكنت سامنثا من الشعور بغضبه و لم تبالي بها "  دعنا نتحدث  غدا صباحا، الان انا لا استطيع الحديث "
ارغمها على ما يريده ب عدم تحرر ذراعها و أصابعه تغرز في جلدها " لما لا ؟"
" لأنني،..."
علق  الكلام في حنجرتها محتشمة الاعتراف ف أكمل  عنها بصوت جاف و وجه قاس "  لأنك مخمورة!"
ثورة سخط كانت تملؤ وجه و عيناه، اضطرت سامنثا  الوقوف غير راغبة في إثارة المتاعب في هذا الوقت المتأخر من اليل " نعم، انني كذلك،  و الان! هيا اسرع في قول ما لديك، لأنني بحاجة مأساة  إلى الراحة "
كانت سامنثا متعبة ب الفعل فقد قطعت مسافة لا تقل عن  ستة عشر كيلومترات،  و  ارتطمت مرات عدة في جذوع الأشجار بسبب ظلام الدامس، و شدخات  على ذراعيها و سيقانها كانت مكشوفة لنظراته " اكنت تعاشرين رجلا في الحقول يا انستي ؟"
سؤاله  المستذل جعلها تنظر له في ذهول  لبرهة و سرعان ما استعادت بسمتها المستفزة  كي لا تريه الشجي الذي سببه لها " ليس بعد، و لكن الفكرة لا تبدو سيئة لي، ما رأيك انت ايه المسن؟ اتود الغوص في التجربة ؟"
كان الغضب قد طغى عليه  و هو يشدها نحوه بقوة و تفوه بكلماته بين شفاه " اصمتي ايتها المدلعة،  إلا تملكين ساعة معك؟  أنها الرابعة و النصف فجرا،  الشخص الذي يتحمل مسؤليتك هنا هو انا، لذا تأكدي من أن اراكي في البيت قبل التاسعة "
نظراته الثخينة لم  تختلف عن  سؤاله  الأليم قبل ثوان و  كان سؤاله  لايزال عالق في ذهن سامنثا و تخدش كبريائها بشدة، و قالت قصدا  بصوت مغر "  فكرة المعاشرة في  الحقول تروق لى كثيرا،  كن مطمئنا! سأجرب ذلك ما ان تسنح لي الفرصة الذهبية، و سأكون مسرورة ان كنت صاحب الفرصة الذهبية "
و سحبت  ذراعها برفق و تراجعت خطوة إلى الوراء ف فقدت توازنها في لحظة خمول ،  أوشكت ان تسقط ارضها،  قبل ان تسارع ذراعي سيمون  إلى إعادة التوازن  لها بقساوة،   وقفت سامنثا أمامه قصيرة الباع ، كان ضخما و طويلا و له جاذبية تلفت  انتباهها و قوي البنية و لبشرته الرجولية تأثير على نظراتها و ها هو يستميل  قلبها ب لمسة يده الضخمة على خصرها الصغير و صلابة ملامحه الغاضبة و ارغمها على مواجهة نظراته  الناقمة  قائلا " لا انتهز فرص الذهبية مع الأطفال،  قد تروق الفكرة لسيد آدامز، انني متأكد من  انه سيفرح بها أكثر مني"
قالت بفظاظة محاولة إثارة امتعاضه " لقد انتهز سيد آدامز الف فرصة ذهبية، واحدة أخري لن تكلفه شيء "
و  تراجعت بصدرها الملتصق ب  قميصه الخزامي  إلى الخلف،  ثم تجاوزته ببسمتها الحلوة دون النطق بكلمة إضافية أخري،   فقط لو سمع هذا الرجل آنين قلبها جراء تفكيره الدنس بها، أنها تعرف حق المعرفة كم هي ممقوتة من قيبل هذا الرجل ذو  الهيبة،  نظراته لم تختلف عن الآخرين لها، كادت تفكر قبل ساعات انه يهتم لأمرها لأنه كشف لها عن أسنانه ناصعة البياض و لكن تلك كانت مجرد خيالات أخري من خيالات فتاة مراهقة، انه يعتبرها فتاة مدلعة تضعف امام الملذات الجسدية و  سهلة الانقياد تنصاع للرجال بسهولة لا يتخيله،  و طفلة لا تقارن به، يا للشمخ، فكرت سامنثا و  تمدد قوامها الصغير على سريرها و تسد البريق الذي خمد في لحظات ب إغلاقها  لأجفانها،  افاق صوت قرع الباب سامنثا من نومها  و الالم يهبط إلى مؤخرة  رأسها " ادخل!"
دخل الطارق ف اذا بها ترى العجوز بشعره الناصع البياض و بدلة عمل رسمية بلون  الاسود، كان مهذبا و حاذق في معاشرة الناس في بيئته " انستي، الإفطار جاهز و الأطفال في انتظار مجيئك"
" لا تناديني ب الآنسة يا سيدي، ساحب مناداتك لي ب سام أكثر "
قالت سامنثا باسمة في وجهه و  أضافت بعد أن شكت ب رائحة الخمر تفوح منها " أخبرهم ان يباشروا ب تناول الطعام  دوني،  عليا فعل شيء آخر قبل النزول إليهم "
" حسنا يا انستي "
سارعت سامنثا في القول " سام!!"
ف ابتسم لها في دوره " حسنا يا سام "
و انصرف الرجل،   و فور خروجها من تحت مياه إلساخنة سمعت صوت سام الصغير الحاد يبكي في الأرجاء،  لم تكن سام تغسل شعرها يوميا كي لا تتقصف بسهولة و بما أنها لم تكن ترتدي ثيابا كثيرا ف انها مهمة ارتداء الثياب في خمسة  دقائق و وضعت القليل من المشاركة على رموشها الطويلة و أضافت آخر لمسات  من احمر شفاه بلون البني  على شفاها  و بعض رجات من عطرها المفضل، كانت تحب عطور برائحة الفانيلا و معظم عطورها تحتوي على رائحة فانيلا الحلوة،    لم تستغرق الكثير من الوقت خوفا على الطفل الصغير و جرت في الزقاق حافية القدمين   مرة أخري، كانت سام رشيقة و خفيفة ك الريش  على عكس رجل الثقيل  الذي خرج من العدم في نهاية الزقاق و سد طريقها بقوامه الطويل، لم انتبه سام جيدا فيما كانت تفكر ب سام الصغير و اصطدمت به بغتة،  تراجعت إلى الخلف بخطوات و هي تضع كفها على جبهتها المتألمة " أانت مصنوع من الصخور ايه المسن؟ "
كانت نبرة سام تعبر عن السخط و هي تتأمل قميصه الخزامي على صدره و تذكرت انه كان يرتدي القميص ذاته  ليلة الماضية " الجميع في انتظارك يا آنسة ميلر "
" أخبرت السيد ان تباشروا ب تناول الطعام لانني منشغلة قليلا "
" سيد كارلوس لم يعطيني خبرا كهذا ،  اعتقد انه منشغل ب سام حاليا "
تذكرت سامنثا ما نسته في ظل وجوده و اتسعت عيناها أكثر " اوه صحيح، كنت متجهة إلى سام أيضا "
و تجاوزته ببسمتها الحلوة،  ما ان هبطت السلالم حتى وجدت الصغير بين ذراعين العجوز و عيناه مخضلتان من الدموع،  لم تبالي سامنثا ب أنظار الجالسين حول المائدة لها و قالت لسيد كارلوس " اعطيني اياه سيدي!!"
لم يتردد سيد كارلوس في وضع سام بين ذراعيها و راحت تبتسم له و تضع السلسلة حول رقبتها بين متناول يديه،  وطؤ صوته في ثوان و أنفاسه تتسارع،  كان منهك من البكاء و صدره ال صغير في كنزته السماوية ك لون عيناه يهبط و يعلو،  قبلت سامنثا جبهته ب مودة و عطف،  راح سام  يداعب السلسة و يضع أياديه تحت كنزتها القصيرة من القطن،  شهدت سامنثا هذه الحركة من سام ليلة الماضية و فهمت أنها حركة تعلمها من والدته، ف معظم الأطفال يمسون صدور والداتهم في فترة الرضاعة و سام لايزال متوق لفعلها " هل تناول الطعام؟"
سالت الخادم الباسم و اجاب ب حنان " كلا يا سام، حاولت و لكنه رفض تناوله من يدي "
" ساطعمه انا، هذا ان أن نجحت طبعا"
" ما رأيك أن تتناولي انتي  الطعام يا آنسة ميلر؟ سيد كارلوس سيهتم ب سام "
التفتت إلى مصدر الصوت و لم يكن شخصا غير رجل ذو ملامح صلبة، أشهرها ب قشعريرة تجري في جسمها و تقلصت احشائها أمام تقربه الشديد منها، و سرق سام من حضنها،  علا صوت بكاء سام مرة أخري و جلست سامنثا تنظر إلى الوجوه الغاضبة، و عندما لمحت نظرة مغتاظة من حدقين حبيبته الخائنة، لم تبالي بها سام و ارتسمت بسمة عريضة على فكها، حينذاك جلس سيمون على مقعد الرئاسة و قالت حبيبته " سيد كارلوس، هلا اخذت سام إلى الخارج؟ "
تلاشت بسمة سامنثا و استحوذ التعجب على ملامحها " إلى الخارج؟"
تبادلت النظرات مع جميع من حولها و لم ينطق شخص واحد ب كلمة سوي سيمون الذي  بادلها نظرة ثاقبة " أمن شيء خاطئ في ذلك يا آنسة ميلر ؟"
قالت  سامنثا  على امل ان يفهمها " الطفل يبكي "
" انه يبكي دوما، ماذا عليا ان تفعل  حيال ذلك ؟"
قالت سامنثا بصوت خافت على امل ان يعيد التفكير فيما يقوله " لم يتناول الطعام "
" سيد كارلوس سيطعمه في الخارج، اطمئني آنسة ميلر انه شيء شائع في الأسرة، يحدث كثيرا "
وقفت سامنثا ب انفعال و همست غاضبة " الطفل يبكي بشدة، و لم يتناول الطعام، و الشمس خارقة في الخارج، كما انه لم يتناول الطعام من ايادي سيد كارلوس و ليس هناك أمل في تناوله للطعام،  و انت تجلس هنا متحجر القلب  و تخبرني  انه شيء شائع "
تنهدت سامنثا محاولة السيطرة على غضبها و همست " لا عليك، ساهتم ب الأمر "
و كادت أن تذهب لولا صوته القاسي " اجلسي من فضلك "
" و الطفل ؟"
" لن ارسله إلى الخارج لذا اجلسي"
تراجعت سامنثا و جلست في مقعدها، كانت أصوات سام تشعرخا ب الاضطراب و لم تتمكن من وضع الطعام في فمها رغم أن الجميع قد بدأ يتناوله،  آثار ذلك الاشمئزاز في ذاتها،  أصوات طفل جائع يرفض تناول الطعام تعلو في البيت و الجميع جالس يتناول الطعام  بهدوء،  و سأل  سيمون عندما لاحظ اضطرابها " أمن شيء يزعجك؟ لم تتناولي شيئا "
كان الجميع قد لاحظ ذلك و ينظر اليها نظرة تساؤل ف أوجهت كلامها إلى الفتاة الشقراء التي ارمقتها ب نظرة غير مرحبة بها " بما تنظرين لي هكذا ؟ لم أفعل شيئا خاطئ، دعيني أخبرك شيء واحد، لا اجد نفسي مخطئة فقط لانني ادعى سامنثا، هناك آلاف من سامنثا موجود حول العالم،كما أن كنت ممقوتة ب النسبة إليك انصتي إلى كلامي جيدا كي لا تحاولي ان تحبيني مجددا، انتي مثيرة للاشمئزاز و ليس هناك فائدة من قوة نظراتك بما انك لا تعرفين كيفية استخدامها "
وقفت سامنثا ب انفعال و صاحت بين أسنانها و الدم يتصاعد إلى وجهها " شقيقه الصغير يبكي جائعا، و انت تتهنئين ب الطعام ناسية امره "
و حولت نظرها إلى الرجل قربها " أنت شخص عديم الاحساس،  قد تكون ناجحا في عملك و قوي الشخصية و تجذب الأنظار بوجودك و لكنك ب النسبة لي شخصا عديم الاحساس و المسؤلية "
" كلامك مر بعض الشيء يا آنسة ميلر "
صاحت غاضبة " كنت اتمنى ان يكون جارحا و ليس مرا "
و راحت سامنثا تحضن طفل الصغير بين ايادي سيد كارلوس و تأرجحه في حضنها " اششش  كفى يا عزيزي ، ها قد أتيت  اليك،  استرخي يا عزيزي"
تعاطفت سامنثا مع الطفل و لم يسعها تركه قبل التناول من  وجبة لحم بالخضراوات في طبقه،  لم يتناول الوجبة ب أكملها  و لكنه على الأقل ملئ بطنه الصغير ببضع الملاعق،   و أصبحت على قناعة تامة انه ليس هناك ما يدعى القلق،  كانوا الآخرين قد انهوا طعامهم منذ فترة قصيرة و خرجوا إلى بركة السباحة،  ف استلقت على الأريكة مع الطفل قربها و الذي ابتسم لأول مرة ثم ضحك لها بصوت طفولي جميل،  كان ينطق ببعض الكلمات غير المفهومة و يداعب شعرها بعنف، احبت ما يفعله و انزعجت في الوقت ذاته،   كان يغضب عندما تنتشل القلنسوة من رأسه و يتفوه بكلمات صارخة تصير اعجابها ف تضحك بدورها و تحادثه " اتحب القلنسوة كثيرا يا حبيبي؟ "
كان يفهم عليها و يرفع أياديه في وجهها " اممم"
كانت إجابة موافقة عنده  و بما ان سامنثا لم ترغب في الخروج الى الاخرين و اخلت بنفسها مع الطفل قررت تعلمه طريقة نطق اسمها و جلست امامه مباشرة و قالت " هيا قل سامنثا !"
نظر لها ببراءة غير فاهم شيء مما تقوله " قل سام "
" شم "
نطق بنبرة جعلتها تنفجر سعادة و أعادت تصحح" سام و ليس شم ، سام "
و سررت ب صوته الناعم و هو يردد خلفها " شام "
" أجل صحيح يا عزيزي " شام "
و راح الطفل ينط على مؤخرته و يصيح ب ما تعلمه " شام، شام، شام "
بعد نصف ساعة من النط و الكلام المبهم تعب سام بشدة و مل من القلنسوة ف استلقي في حضنها و وضع يده في صدرها، كانت تلك علامة النوم، فهمت سامنثا انه تعب و يريد النوم، داعبت سامنثا شعره الاشقر بنعومة و حنان و بعد دقائق يدات أجفانه تذبذب بنعس،   غلبه النعاس و غفو على ذراعيها،  سالت الخادمة في الطبخ عن غرفته ف إرشدتها الخادمة إلى الطابق الثالث و سارت تجاه اول غرفة في الزقاق القصير ، فتحت الباب و مررت نظرها على الدهان بلون مائي ف راودها احساس جميل و كأنها على شاطئ البحر و العابه مرتبة على سرير اطفال مزين ب شرائط بيضاء و مائية في الجهة المقابلة للستائر البيضاء على النافذة الصغيرة، لم تكن غرفته شاسعة ك لاقي الغرف، و لكن لها جمال لا يقاوم، وضعته سامنثا ساكنا في سريره و كادت تسد الستائر لكنها توقفت للحظة تشاهد الأطفال في الحديقة، كانوا يتشاجرون لوقت قصير ثم جري جيمس نحو الشجرة و أيما تلحق به، تسلق جيمس الشجرة و ابتعدت أيما مستسلمة،  ف تذكرت سامنثا أنها فعلت ذلك مرات عدة، و لكنها لم تتزحلق على الاطلاق كما حدث مع جيمس،  و كان يحاول النهوض لكنه غير قادر على النهوض، شدت الستائر و جرت كل الطريق إلى الخارج،




الهيام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن