فصل الثالث
عقد حاجبيه و هو يتذكر انه أساء إليها البارحة، لقد استدرجته إلى الحديث ب كلامها و جعله يعترف ب تفكيره بها ك فتاة رثة و ثرية مدلعة و سهلة الانقياد و عندما سألته ، أخبرها أنه لا يكذب، الشيطانة قد نالت منه ببراءتها المتصنعة، جعلته يفكر بها ك طفلة و اظهرت عقلية لم يتوقعها " مزاحك ثقيل جدا "
وقفت تبتسم و قالت " عليك تحمله ان اخذتني معك، إلا تعتقد من الأفضل لي البقاء هنا؟ "
" أفعلتي هذا كي استغني عن الفكرة ؟"
" كلا! فقط كي اعطيك لمحة سريعة عما سيحصل ان أتيت معك، صدقني، لن تستحملني "
" ما رأيك في ان امتحن ذلك بنفسي؟"
قالت بعد تفكير قصير " يومين فقط "
" شهر كامل "
عارضت " ثلاثة أيام "
قال سيمون: " ثلاثة أسابيع "
" اربعة ايام "
" اسبوعين و نصف "
" اسبوعين "
وافق سيمون " جميل، اسبوعين و ان لم اتمكن من تغير رايك ستبقين ريثما يعود بول "
" سأفكر في الأمر "
احتجبت خلف مقعد الجلدي و هي تتفحص الصور في آلة التصوير، و تضغط ب ابهمها على الزر على الجانب لتقلب الصور، كانت معضمها صور حفلات الزفاف و عرائس حيث قامت ب التقاطها في ستوديو صور صغير عبارة عن غرفة شاسعة و معدات تحتاجها لتظهر في اجمل حالاتها. لم تخبر بول انها ترغب في العمل او ب الاحرى لم يكن لديه متسع من الوقت لينصت إلى رغباتها، لقد كان حافل دائما و جدول أعماله تقف بينهما، أرسلها إلى ماريليبون رغم عنها و عيشها في ظل خدمه طيب عشرة الأعوام الماضية، أعماله و أهماله الشديدين دفعاها إلى كتم رغبتها في مقابلته، فقط لو علم بول كم كانت تتوق لرؤية كم كانت متلهفة لتسمع صوته مرة واحدة في الاسبوع، لكنه لم يكن يتصل بها الى أوقات نادرا، اوقات يجدر به الاتصال و ليس عندما يريد ذلك، لاتزال تتذكر انه آخر مرة إتصل اتصل بها كانت قبل شهرين عندما سمع خبر تعرضها إلى هجوم من قيبل متسكعون كما حدث قبل ثلاثة أعوام، كانت قد خرجت من الستوديو عائدة إلى البيت في الساعة الواحدة ليلا، حيث تطلب عملها البقاء إلى ذلك الوقت و قد ساعدها رجل اسود الشعر ذو عيناه بنيتان و بشرة دافئة تشعرها ب الراحة، كان لبق في تعامله معها و نشيط ذهنيا، لم لن تراه ماكر او جشع تجاهها، و قد صادفته مرة أخري أثناء طريق عوداعا إلى البيت، كان قد اكتشف مكان عملها السري و يشق طريقه اليها في الكثسر من الأحيان، حينها شعرت ب انه شخص جدير ب الثقة، أو ب الاحرى شخص يحب عليها أن تتأكد منه و تعرف ان كان جدير ب الثقة، لقد كانت تتعامل مع الكبار في السن كثيرا و تهوي محادثاتهم و تكتسب منهم الحكمة بدلا من ان تنجرف وراء مشاعرها ك المراهقين في عمرها و أعطت نفسها مجالا للتأكد من مشاعرها، ثم وثقت به و وثقت ب اهتمامه بها، اهتمام كانت تتوق لتحصل عليه من بول، اهتمام إرادته بضمة من والدها، لكن ذلك لم يحدث، لطالما كان عليها الجلوس أمام التلفاز و سماع اخباره من لقائاته الصحيفة او قراءة الصحيفة في الصباح الباكر، راودها إحساسا ب أنها منبوذة لا يكترث احد لأمرها، ف هي تجذب المتاعب نحوها كما تجذب شذى الزهور النحلة إليها، ثم شيطنة و عناد لا مثيل لهما، كانت تعرف رأي الآخرين بها، كانت تعرف أنها ممقوتة لان ثروة بول و توقها له لعنة على حياتها، تمنت آلاف من المرات والدة تحبها و تمطر عليها حنانها و لكن تلك لم تكن سوي أمنية بعيدة المنال، استجمعت نفسها و حصلت على كل صورة من صورها و صنعت منها ألبوم صور جميل تنظر لها في الكثير من الأحيان، و لكن كان مجرد البوم لا ينفع مشاعرها، لم يكن يطفئ النار المتأرجة في ذاتها، كانت تريد من منه ان أن يجري لانجادها و ينقذها من وحدتها لكنه لم يفعل بل طعنها في ظهرها مع فتاة شقراء حسنة المظهر و مطيعة تنصاع لكلامه و تحترم العقيدات التي يؤمن بها، لكن عقيدة واحدة تؤمن بها سامنثا، و هي سامنثا نفسها، لن تنصاع و لن تثق مجددا، ليس بعد أن رؤية الشقراء الحسناء جالسة على سريره في شفاه المتواضعة تحمل جهاز اختبار الحمل في يدها و تصيح ب أنها حاملة منه، شعرت ب الخديعة و عادت إدراجها و لاحظت انها تحمل الجهاز في يدها، كان الجهاز الشقراء فلما هو في يديها؟ تذكرت أنها التقطت الجهاز لتتأكد من كلامها قبل ان أن يجري وراءها معترفا لها أنها كانت عشيقته السابقة و ليس لها مكان في حياته و سامنثا هي الفتاة التي لا يستطيع إمضاء يوم دونها، لكن ارضاء سامنثا لم يكن بتلك السهولة ف ما ان تكسر ثقتها لن تعود كما كانت و لن تثق ما لم تريد هي، سئمت سامنثا من الجلوس في كآبة خلف شاشة التلفاز و هي تنظر إلى بول ف وضبت امتعتها في اليل ة و عادت إلى البيت، استغرقت يومين حتى وصلت إلى البيت و ذلك لان الطريق كانت مغلقة و اضطرت النوم في فندق مجهول، و استغلت جمال الفندق لآلة التصوير الفوتوغرافي و راحت تتجول في المنطقة الاستوائية و تلتقط صور الطبيعة المفعمة ب رائحة الحياة، عشقت آلة التصوير و التعامل معها و في كل مرة تشاهد ثنائي جميل و تلتقط لهم الصور تتمني ان تجد رجلا، رجل بكل ما للكلمة معنى، رجل حنون يعوضها عن كل ما اذاقتها من مرارة الوحدة، رجل يحسبها من القهى المظلم و يملؤ حياتها الوان زاهية و فاقعة، رجل مثل هذا المسن الذي أنتظر عودتها خمسة ساعات مجهل أنها تراقبه عن كثب و تلتقط له صورا في سيارته الرياضية، أرادت أن تمتحنه، أرادت أن تعرف إذا ما كان جدير ب الثقة، ظنت انه مثل غيره من الرجال، بمجر ان تخرج إلى الطبيعة و تلتقط الصور ثم تحتفل مع نفسها في الطبيعة و تعود سيمون قد هجرها ك غيره، سيهرع إلى بيته و يختلق اعذارا لبول، لكنه لم يفعل، كانت قد سمعت مكالمات مع بول، ظن أنها نائمة و لكنها كانت تستمع إليه و كلها أذان صاغية " أخبريني السبب!"
استفاقت من شرودها فور سماعها لصوته العميق، و هو يقود السيارة على طريق ثانوي، و بسمة مبهمة تعلو ثغره، لاحظت سامنثا انه رجل قوي البنية له عيناه زيتونية حادة و جاذبية مغناطيسية، و واثقة و انف طويل يتناسب مع قساوة فمه و خشونة نظراته و شعر بني غامق و هالة غريبة تحيق به، انه رجل ذو هيبة، صلب و جذاب يجذب انتباهها إلى مرارا و تكرارا، منذ وجوده و تحيق بها رغبة في إطالة النظر إليه أكثر ف أكثر، و تسارع نبضها أمام قوة شخصيته و مرت قشعريرة جامدة تحت جلدها، خشيت أن الأمر قد أخال عليها و استعجلت في رسم بسمة على شفاها " أية سبب؟"
كان يبحث عن كلمات مناسبة ليعبر بها عما في خاطره و قبضته القوية تمس النقود بينما ابهامه ترتفع قليلا عن المقود الأسود " سبب قيامك ب تناول الفطيرة "
إذن ف هو لايزال يفكر ب الأمر، هل يجدر ب سامنثا قول أنها تناولتها لأنه اول شخص يعد الطعام خصيصا لها، استثناء خدم بول؟ و قررت الا تجيب جوابا يشعره ب الشفقة عليها " كي اجعل ضميرك يؤنبك بسبب كلامك الجاف ليلة الماضية"
ثم اتكأت ب مؤخرة رأسها على جدار المقعد و عيناها الفسيحة تتوهج " و أيضا كنت احاول أغوائك، ف رجل متنعم مثلك و الأهم بحوذته ملاين الدولارات عليه أن يكون مصدر إلهام الحسان "
" حسنا، لنقل بأن هذا صحيح نوعا ما، ماذا عنك انتي ؟ ف انتي فاحشة للثراء ايضا و من المؤكد أن الرجال متشبثين بك من جميع النواحي "
جرعت سامنثا رقها، استدارت ب صدرها تجاهه و قامت ب بثني قدمها تحت اردافها و اصابعها تداعب آلة التصوير، ثم قالت كاذبة بصوت خافت " هناك عدد كبير منهم، سيد آدامز مثلا"
" سيد ادامز؟"
لم تخبره ان سيد آدامز في الحقيقة يعمل تحت أوامر والدها منذ ثلاثين عام و هو هرم تحول شعره إلى لون الأبيض " أجل، سيد آدامز "
" إذن ف هو فاحش الثراء مثلك "
عرفت انه يستدرجها إلى الحديث و ان كان يعتقد أنها ستبعد الستار عن نفسها بهذه السهولة ف هو مخطئ تماما " نعم، انه فاحش للثراء، وسيم، و يافع، يبلغ من العمر ثمانية عشر عام فقط، مثلي تماما "
داعبت القرط القرط في شفاها السفلية و واصلت عندما رأت حاجبيه تتعقد " اتعرف ان سيد آدامز و انا كنا نقيم سوا في ماريليبون؟ و قدم لي كلب ابيض من سلالة البيتبول يدعى بوب، كان غاية في الجمال "
" أليس شرسا قليلا ؟ اقصد كلاب من سلالة البيتبول"
قالت نقيض ما قاله " ب الطبع لا، انه صغير و لونه ابيض مع بقع بنية "
فقد لو عرف هذا الرجل أن الكلاب في الحقيقة أكبر مخاوفها و لا يمكنها عبور الطريق ان كان هناك واحدا في طريقها، لم تكذب فقد قام سيد آدامز ب شراء كلب من سلالة البيتبول لها و لكنها لم تدعه يدخله البيت " ها قد وصلنا "
رفعت نظرها و وجدت نفسها أمام بيت خشبي كبير يبدو قديم الطراز مرتفع عن الأرض قليلا و سلتالم صغيرة تنتهي حيث يوجد سياج يحيق ب المساحة الفارغة امام الباب و الحديقة الكبيرة تحتوي على طريق حجري طويل يؤدي الى مكان ركن سيارته البرتقالية تحت الشمس، رأت أطفالا يسبحون في بركو السباحة على بعد أمتار و اعجبها المنظر، خاصة المرأة الحسناء ذو قوام رياضي مثير، تغلغل شعور جميل إلى و سارت تجاههم تلتقط الصور ب آلة التصوير، كانت سامنثا احب الأطفال و ملاعبتهم كما محادثاتهم شيء لا تقاومه، انه يوم السبت و المدارس مغلقة، و الأطفال يستمتعون في بركة السباحة و الواثقة لابد أن تكون والدتهم، و رؤيو رشاقة جسمها و جماله المتلإلؤ تحت سطوع الشمس و كبر صدرها لابد و أنها زوجة هذا الرجل، قراءة عنه سابقا عندما وجدته جنبا الى جنب بول في حدث صحفي و لكنها لم تكن تقراء شي عن زواجه او حياته الخاصة، راحت تقف قرب الحسناء و التقطت لها صورة باسمة " ما الذي تفعليه؟"
قالت بسخط و مايوه النيلي يبدو جميلا على جسمها الناضج، غمزت لها و قالت بشكل عفوي" أعجبني المايوه، "
قالت بصوت حاسم " من انتي؟"
و راحت ذو قسمات وجه حادة و مليحة تبدأ من كعب سامنثا العالي و تتحملق في سيقانها النحيلتان إلى ان وصلت الى أردافها اللامعة وخلخال رقيق حول خصرها الممتلئ بعض الشيء و فكرت سامنثا ان خصرها في شورت قصير جدا للمراهقات لا يقارن ب خصر زوجة ملياردير وسيم، لكن هذا لا يعطيها الحق في رمقها ب نظرة اشتمئزاز و كأنها تنظر إلى كتلة من النجاسة، و كبحت السخط المتسرب إلى صدرها الناضج تحت بلوزة قصيرة جدا بلون خوخي و أكتافها النحيلة تبدو غاية في الصغر أمام اكتاف هذه المرأة الضخمة، لم تتفاجئ ب ايادي الرجل التي تسللت إلى خصر زوجته الجميلة و همس لها ب كلمات ب الكاد جرت في مسمعيها " أخبرتك ب الا تبقي هنا في غيابي، الأطفال حساسون جدا "
بدت مدلعة و هي تقول ب ابتسامة عريضة " الأمر ممتع أكثر مع الأطفال يا حبيبي "
شعرت سامنثا ب الضيق لبرهة و هي تراقب تقربهم الشديد من بعضهما، لكنها حافظت على ابتسامتها المشرقة و هي عيناها تتوهج ك العادة " اختيار رائع يا رجل المسن ، زوجتك فاتنة "
" أنها حبيبتي "
قال سيمون و أضاف عندما التقطت لهم صورة " قلت لك لا احب الصور "
أظهرت سامنثا غمازتها الحلوة مجددا و غمزت " قلت لك ب انني لا انصاع لكلام احد "
" انها ضيفة عندي لبعض الوقت، اتمنى منك معاملتها معاملة حسنة يا جيس"
و مدن يدها إلى حبيبته و عرفت سامنثا حق الإدراك أنها لم ترق لها " سامنثا ميلر، ادعى سامنثا، يمكنك مناداتي سام "
الذهول على وجوه الأشخاص في بيئته لم تكن طبيعية، و أكثرهم الفتاة الشقراء في بركة السباحة، لحظت سامنثا شعارها العنيف مع شقيقها في الماء و كانت تصرخ به منذ وهلة و تنعه ب فتى شقي و ها هي تكف عن العراك و تنظر إليها، رفعت نظرها إلى الرجل العجوز و لم تكن نظرته تختلف عن الآخرون، الوحيد الذي بداء طبيعيا كان الرجل أمامها " توقفوا عن النظر هكذا !!"
ظهرت عليه علامات الغضب و كأنها اقترفت آثمة و سأل سامنثا " أقلت شيء خاطئ؟ "
" اقترفت خطاء بمجيئك إلى هنا "
قالت الشقراء و هي تجلس على الحافة ف تسرب الماء من مايوه الازرق الخاص بها و لاحظت سامنثا أنها صارمة و لها نظرة عجيبة رغم صغر سنها "
و قالت لسامنثا بلهجة مهينة " أصدقت اننا سنرحب بك فقط لأن اسمك سامنثا ؟"
أجابت سامنثا باسمة " لا أجد خطاء في اسمي، انه جميل، و لكن دعيني أسألك! أمن سبب يمنعك من الترحيب بي ؟"
" اسمك الجميل هو السبب، هلا غادرتي هذا البيت من فضلك، انتي لا تنتمين إلى هذا المكان"
للحظة شعرت سامنثا أنها محقة و هي حقا غير مرحب بها في هذا المكان، خصيصا عندما علقا مرأة الحسناء على ثيابها قائلة " الم يخبرك شخصا ان ثيابك تبدو فاضحة جدا؟ أليس من الأفضل وضع شيء على اكتافك؟ "
ابتسمت سامنثا بسمة مبهمة مرة أخرى و همست لها " للاسف، ليس لدي شخصا كهذا "
و جلست أمام الصغيرة ثم التقطت لها صورة باسمة " لديك وجه جذاب، من الصعب نسيانه "
ضربت الفتاة آلة التصوير في يد سامنثا بعنف و حلقت إلى البركة، لم تنزعج سامنثا البتة فقد كانت تملك من آليات التصوير ما يقارب مئة، و لكن شخصا آخر كان قد سخط من تصرفها و صاح في وجهها بعصبية شديدة " ما هذه الوقاحة يا أيما؟!! اعتذري لها حالا!!"
و مسك يد سامنثا ب قبضته الحديدة ثم اوقفتها على أقدامها، لأول مرة دافع عنها شخصا و كأنها ملك له، سررت بذلك و بشدة، و لكن دفنت سرورها تحت أتربة ضيقها من طريقة كلامه مع الصغيرة " سئمت من كلامك التافه مع الجميع، هي لم تقترف خطاء ب مجيئها الى هنا، انني من احضرتها، و ان كان لديك اعتراض ف من المستحسن لك محادثتي تحت أربعة عيون لاحقا "
لم تعجبها نبرته إلساخطة و حررت يدها. أنها غير مرحب بها هنا و عليها ب المغادرة قبل ان تتسبب في المصائب، لطالما لحقت لها المصائب و لكن لم تدع ان أن تلحق الاذي ب هذه الأسرة المكتملة ب وجودها، ابتسمت ابتسامة تخفي ضيقها و قالت ب إحباط " اعتقد انه وقت الذهاب قد حان، اتمنى لكم يوما جميلا، "
اخفت يدها في جيب الخلفي لشورتها القصير و تراجعت خطوة إلى الوراء بينما تشير ب أياديها إلى السماء ثم البركة " الطقس رائع، يمكنكم مداومة ما قاطعته ب مجيئي، وداعا"
قالت الكلام في وجه و هي دراكة ب شعوره ب الضيق، لم تحب احراجه أكثر " انني حقا غاية في الاسف، دعيني اشرح لك الوضع "
" لست بحاجة إلى ذلك، لست بتلك الأهمية "
و استدارت بصدر ضيق. و كادت تسقط جراء مشيها ب خطوات كبيرة، كل ما إرادته ان تبتعد عن هذه الإهانة و تحافظ على ما تبقى من كبريائها، و لكن كيف تفعل ذلك و جسم صلب ك الجبال يقف في طريقها فجأة و سارت تحاول المرور لكن لا طائل من محاولاتها و قد اضعفها ب قبضته على ذراعيها و رأسها على صدره كي تأخذ نفس همست و هي تدفن رأسها في قميصه و تحاول دفعه ب ذراعيها كي تعبر " اهدئي أرجوكي، آنسة ميلر هؤلاء أطفال و لهم أسبابهم الخاصة، انتي لم تقترفي أية أخطاء "
همست بصدر ضيق " الأمر دائما هكذا، الجميع يعاملني ك كتلة من القمامة، أنت فعلت ذلك مساء الأمس، و حبيبتك، ثم هذه الفتاة الصغيرة، لا أحد منكم يعرفني، لا يحق لأحد منكم إطلاق أحكام مسبقة علي ما لم تعرفوني حق المعرفة "
" أعتذر منك نيابة عن الجميع، سأتاكد الا يحدث هذا مجددا "
شعرت ب قلبها يخفق للمسة هذا الرجل على شعرها و صوته الحنون قرب أذنها، لثم جبهتها و كأنها طفلته الصغيرة و تراجعت كي لا تقع تحت تأثير سحره " الأطفال فقدوا والديهم قبل عام و لسوء الحظ كانت والدتهم تدعى سامنثا أيضا، اعتقد انني لست بحاجة إلى شرح المزيد "
رمشت سامنثا بعيناها غير مصدقة و مررت يديها على شعرها الطويل و تراجعت به إلى الخلف هامسة " تبا لي، تبا لك يا سامنثا "
لعنت نفسها و سارعت في الخطوات قائلة " تبا لي، لم أبقى هنا دقيقة واحدة، هذا ظلم "
" آنسة ميلر أرجوكي لا تذهبي "
وقفت سامنثا و صاحت في وجه بغضب و عجز " تبا لك ايه المسن، كان عليك اخباري بهذا، انظر إليهم، إنهم يتذكرونها بسببي، تبا لك ايه الفاسق "
إثمت سامنثا، هذا ما كان يجري في ذهنها، لم تتقبل رؤية ملامح الأطفال مجددا،تلك النظرة اللاذعة كانت نظرتها حينما كانت صغيرة، مضت سامنثا عمرها لا تعرف معنى حنان الأم و مجرد التفكير في أنها ستعيد الطفولة مرة أخري دفعها الى ذرف الدموع و غصة بكاء قد شدت طريق الكلمات، و همست محاولة إخراج الكلمات من حلقها و الغصة تسبب لها ألم لكن الم مختلف عن الذي في داخلها حيث كان يشبه نثر الملح على الجرح " انظر إليهم! انظر اليهم! انهم صغار، كيف تمكنت من احضاري إلى هنا ؟ هذا ظلم، انك ترتكب آثمة بحق هذه الأطفال، هذا لاذع ب النسبة إليهم، هذا لاذع أكثر مما تتوقع يا سيد ويلسون "
و لم تتمكن من كبح صوت شهقاتها المؤلمة، و جلست قرفصاء تحاول ان تحتض نفسها باكية " يا رباه! ما الذي آتى بي إلى هنا ؟"
تقفقفت أياديها و شعورا غريبا يغمرها، جلست على النجيل الأخضر تتأمل الشقراء و هي تجري حوارا مع حبيبة الملياردير و لم يكن حوارا عاديا، بداء لها أنها تتعارك معها، و الصبي الأصغر سنا يجري في الأرجاء رجل عطور ذو شعر ناصع البياض يجري خلفه محاولة القبض عليه و لكن سرعته لا تضاهي نصف سرعة الصبي الصغير، لم تتمكن سامنثا من ردع دموعها من هطول دموعها على خدها ك المطر و أزاحت بنظرها في تجاه الآخر كي لا تواجه نظرات المبهمة في عيناه الرجل الجالس قربها " لقد وعدت والدك ب الحفاظ عليك ريثما يأتي، ليس ب اليد حيلة، عليا فعلها "
نظرت له حدقيها المخضلتان و عضت على طرف شفاها السفلية لتمنوع نفسها من البكاء أكثر رغم أن ذلك بات مستحيلا " تحافظ عليا ب احضاري الي هنا؟ إلى هؤلاء الأبرياء؟ سأذكرهم ب والدتهم يوميا عندما يرون وجهي، سيتذكرونها عندما يتناولون الطعام و سوف يلتهمون الغم و الذكريات المؤلة اللعينة مع الطعام "
قال بحزن " قد يكون الأمر كما تقولين "
صاحت صيحة عجز و جسمها يهتز بمجرد التفكير في أنها اذاقت من نفس الطبق " سيكون كذلك، اعرف هذا، سيكون دون ادنى شك "
كان ينظر لها نظرة تائهة و عميقة لم تفهم مصدرها، عيناه الزيتونية لم تفارقا وجهها و أصابعه تغلغلت على وجهها لمسح دموعها الحارة ب ابهم جافة. احسسها ب الأمان لوهلة و هالة غريبة تحيط به " عشت ثلاثين عاما و لم اراه شخصا يذرف هذا العدد من الدموع من أجل أشخاص لا تعرفهم "
دفعه كلامه إلى الابتسامة و قهقهت بخفة " لست هكذا في العادة، لكنني اتعاطف معهم "
حاولت إيقاف دموعها و لكن من المستحيل ايقافها ما لم يزل الألم في حلقها، و همست سامنثا متوسلة " لا أريدهم ان يروني مجددا، ارجوك ايه المسن، لا تدعهم "
قاطعها ببرودة " ستعيشين هنا، معنا في نفس البيت، و لا يمكنني سجنك في زاوية صغيرة "
ذرفت دمعة أخري و حاولت التكلم " سأكون سبب حزنهم "
" لن تصبحي كذلك، سوف ينادوك الجميع ب سام، لن تصبح مشكلة لديهم "
قاطع نظراتهم وجود طرف الثالث " ماذا يحصل هنا؟"
كانت ذو قوام المديد و البسمة تعلو ثغرها، تأكدت سامنثا من عدم ترك أثر الدموع على بشرتها القمحية و أظهرت غمازتها الحلوة، تنفست صعداء و قالت " نتحاور فقط "
" حول ماذا؟"
شعرت سامنثا أن نار الغيرة هو ما يدفعها إلى التساؤل و تعمدت عدم إعطائها إجابة صريحة و متألقة " حول اشياء عدة "
شعرت ب نقمة في حدقيها و لكنها لم تبالي بها و بادرتها نظرة محبة، كانت قد فهمت عليها منذ الوهلة الأولي، غرائز سامنثا في الحكم على الإنسان كانت نادرا ما تخونها و على حد علمها ف أن المدعية جيس جافة المشاعر و متحجرة القلب ف تعليقها على مظهرها كان يوحى ب التشامخ و لم تروق لسامنثا لكنها كبحت مشاعرها و وقفت مستاذنة " أريد وضع أغراضي في غرفة ما، أمن غرفة شاغرة ؟"
و فهمت نظرات الشك العميقة في حدقيه القاسية ، كان قد فهم عليها و عرف أنها تفر هاربة من حبيبته و لكنه لم ينطق بكلمة حول ذلك، وقف امامها و اجاب " دعيني أرشدك إلى غرفتك "
وضعت يدها على كتفه ف لاحظت فرق شاسع بين قوامها الشبه قصير و قوامه المديد و قالت بنظرة وديعة " إستمتمع بوقتك مع حبيبتك، دع خادمة ما تهتم لامري"
و عندئذ اتت الخادمة الحسناء لتستطحبها إلى غرفتها، و تنقلت ببصرها في داخل البيت، كان البيت دمث، ليس به احد سواها و سوي أساس البيا القديمة، كانت البيئة كما تحبها سامنثا و الوان الأثاث والديكور من ألوانها المفضلة، لطالما احبت الوان القاتمة و الكئيبة، و منها المبهمة، و ظنت سامنثا ان الألوان تمثلها و تأثر عليها ك تعويذة لتمالك نفسها و تخفي مشاعرها، و التفكير في أنها فقدت السطوة على نفسها أمام غريب و انفجرت باكية أمامه و ذرفت دموع مكبوتة منذ أعوام احسسها ب الضيق و الإخراج، راودها احساس أنها تهتكت أمامه و لابد و انه شفق عليها كما فعلوا الخدم في الفيلا، كانت تعابير الخدم ملحوظة تجاهها و قررت الا تدع مجالا للشفقة في حياتها، و اصبح خوفها من الشفقة أكثر سوءا من الكره، الدموع و الضعف و الشفقة كانت كلمات ممقوتة منحوتة بعبارة ممقوتة في داخلها و قررت أن تجعل البسمة أهم أساليب حياتها كي تواصل العيش بسلام و لا تضطر مواجهة نظرة شفقة من احد، إرشدتها الخادمة إلى اخر غرفة في الزقاق و فتحت لها الباب قبل الاخير و نظرت إلى الأثاث المرتبة في الغرفة، ابتسمت سامنثا للخادمة ذو عيناه خضراوين و شعر اشقر مجعد و قالت " شكرا جزيلا ايتها المرأة الجميلة "
أنت تقرأ
الهيام
Romanceمدلعة، فكر سيمون ب الأمريكية الحسناء عندما وجدها ترقص ك المجانين في غرفة، كانت فريدة من نوعها لها نظرية مختلفة عنه و طريقة مخاطبة تحتاج إلى الأدب، و لابد أن الدها المليادير يتهاون معها كثيرا، و فضل عدم التقرب منها لانها ليست نمطه المفضل من الاناث...