الى عالم مجهول

564 21 10
                                    

الفصل الأول :

( بناء )

قرية صغيرة في الضواحي يعمها هدوء الليل الصامت ، الجارح ، كل البيوت في حالة سكون قاتل ، لا يسمع سوى صوت الحشرات المنتشرة في الغابات المحيطة بها ، ولا يضيء ظلمتها سوى قمر كان يبتسم طوال الليل لينير اجزاء منها ، استيقظت القرية مع أول خيط من خيوط ضوء الشمس التي أشرقت عليها لتنير اجزاء منها ، بعدها بمدة بدء أهل القرية في الانتشار فيها ، حتى ظهر ذلك اليوم انتعشت القرية بالحيوية والحياة وضجة الناس فيها وأصوات الباعة والأطفال الذين يلعبون حولهم ببراءة ، كان حال القرية جيد الى ممتاز بالنسبة لأهل القرية المتواضعين ، كانوا مكتفين بحالهم وراضين عنه تماما ، كل من فيها كان سعيد ، ازدادت سعادتهم عندما عرفوا أن عمدة المدينة الكبيرة التي بجانبهم قرر بناء محطة قطار صغيرة تصل بين المدينة وقريتهم ، حيث كان اهل القرية يستصعبون الذهاب للمدينة المجاورة لهم رغم انها كانت قريبة نسبيا منهم بسبب الغابات التي حولهم وصعوبة السير فيها ليلا للوصول للمدينة لما فيها من وحوش ومفترسات تتحرك ليلا لتأمين طعامها ، حيث رغم قربها فان المسيرة اليها تحتاج يوم وليلة على الأقل مشيا على الاقدام خلال هذه الغابات ، حيث كانوا كل يوم يراقبون أعمال البناء التي كانت تقام في الجانب الايسر من القرية لتكون موقع محطة القطار المنتظرة ، يراقبون كل اعمال البناء والعمال الذين كانوا يعملون بجد وجهد بسعادة غامرة ورضى تام ، مرت أيام كثيرة حتى صارت اسابيع ، لتكون الاسابيع شهور ، بدى ان المحطة شبه جاهزة ، شبه منتهية بشكل جزئي لخدمة اهل القرية ، مرت أيام قلال بعد ذلك ولم يرى اهل القرية أي عمال يأتون اليها صباحا لاكمال عمليات البناء النهائية وتأمين القطار وغيره ، ولكن رغم ذلك لم يفقد اهل القرية الأمل ابدا حتى مؤت أيام كثيرة سمعوا فيها خبر من عمدة المدينة المجاورة لهم بأنه يعتذر بشدة عن قراره في الغاء عملية اكمال بناء محطة القطار بسبب نقص وعجز شديد في المكونات والاعالة والمال ، هنا بدى ان اهل القرية فقدوا الأمل في هذا القطار وضاع أملهم الصغير فيها ليطلقوا على هذه المحطة الغير مكتملة البناء بمحطة سوء الحظ ، ظنا منهم انه مجرد سوء حظ فقط ، بعد شهور ظلت المحطة مهجورة تماما ومكروه من قبل اهل القرية ، لم يكن يحدها من اطرافها أي منازل من منازل القرية أبدا بسبب كره اهل القرية لها ، ظانين انها تجلب سوء الحظ لمن يحيط بها ، مرت عليها سنوات وسنوات كثيرة ، تناقلت الأجيال عنها بسبب انها اصبحت مهجورة تماما أن الاشباح والارواح الشريرة تسكنها ، كان أكثر أطفال القرية وحتى رجال ونساء القرية يخافون من الاقتراب منها أصلا ، بسبب اعتقادهم انها تجلب الحظ التعس وكذلك قد تموت فيها اذا ما وضعت احدى قدميك على ارضها ، كانوا متخلفين الى حد ما ، ولكنهم كانوا حذرين في هذا .
( رحلة )
عائلة صغيرة مكونة من أم وأب مع ابنتهم الصغيرة ، عائلة مسالمة لطيفة ، تتوجه الى ريف جديد لم يزوره من قبل ، قرب قرية صغيرة جميلة ، يصلون الى ذلك الريف وهم يمشون بين ثناياه بسعادة بينما كانت القرية الصغيرة امامهم مباشرة ، كانت الفتاة الصغيرة تلعب وتجري بين الزروع المنتشرة بسعادة بينما كانت الأم تمسك بكاميرا بيديها وتلتقط صورا للمناظر الطبيعية الخلابة حولهم وكذلك صورا لابنتها وهي تلعب فيها ، بينما كان الأب يشاركهم هذا بابتسامات وضحكات سعيدة ، مرت العائلة عبر هذه المناظر الخلابة لتصل الى تلك القرية الصغيرة التي كانت أمامهم مباشرة ، دخلوها بسلام بسعادة ورحابة صدر رغم أن اهل القرية كانوا غليظين وجافين معهم وغير مرحبين بأشخاص جديدين عليهم ، ولكنهم تجاهلوا كل هذا حتى وصلوا الى اكبر منزل في القرية ليطرقوا بابه بينما يفتح الباب رجل عجوز والعبوس مرسوم بشكل واضح على وجهه ليقول بغضب : من أنتم لتطرقوا باب سيد القرية باهمال هكذا ؟؟!
قال الأب بابتسامة يتصنعها بصعوبة : فقط نريد سؤالكم عن مكان لاقامتنا فيه .
ضحك الرجل العجوز بعبوس وقال : في احلامكم يا اغبياء .
ثم صرخ وكأنه يتحدث مع رجل في داخل المنزل وهو يقول : اخرج هؤلاء المتمردين من القرية .
انتهى حال العائلة المسكينة بالخروج من القرية غصبا ، كانوا مطرودين منها ظلما ، رغم ذلك لم يفقد الام الأمل وقالت لزوجها العابس : يمكن أن يكون هذا خير لنا ...لنتفاءل بالخير .
قال الاب بعبوس : اي خير في بقائنا بدون مأوى !
تبسمت الام بحزن وقالت : سنقوم بتدبير أمرنا ، غدا سنحاول مره أخرى مع أهل القرية ، اقصد انها هي الارض التي كنت تخطط ان نسكنها .
قال الاب بغضب : لن نسكن مكان مليئ بالحمقى مثلهم ، على كل حال سنعود ديارنا غدا صباحا ، لان حلول الليل قريب ، سيكون طريق العودة صعب ليلا ، كما انه طويل ، رغم طوله مجيؤنا الى هنا كان سوء حظ ، لذا سنبيت حتى فجر الغد ، على كل حال لن نبقى اكثر لانه لا اظن ان اهل القرية سيرحبون بنا لا غدا ولا حتى بالمستقبل ، لنتركم ونرحل .
قالت الأم وهي تراقب ابنتها التي كانت تلعب
أمامها : حسنا اذن كما تريد .

الى عالم مجهول _into New Worldحيث تعيش القصص. اكتشف الآن