( الى عالم مجهول ) الجزء التاسع :

100 2 0
                                    

البداية :
( الرجوع للوحدة )
استيقظت وأنا أرى نفسي مرمية على أرض منزلي ، جلست مكاني وحدقت حولي ، ولكن انتظروا !!! لماذا انا في منزلي وحدي ؟! ألست فيه مع هفرون وبالين ؟! كنا في نقاش حاد بيننا ، ولكن اين هم ؟! لا يمكن أنهم خرجوا للخارج لقتال بعضهم ؟!!!!! خرجت للخارج حيث كان الوقت ليلا ، وبدأت أنادي على هفرون في بادئ الأمر ، مشيت لمسافة بعيدة من منزلي وسط الصحراء الباردة المظلمة ، وبعد البحث في الانحاء لوقت طويل ، بدأت انادي على بالين ، ولكن حتى بعد وقت طويل من ذلك لم اجد لهم رد أبدا ، اين هم ؟! كيف اختفوا فجأة ؟! هذا غريب ، قررت بعدها العودة للمنزل ، لان البرد ازداد ، والليل ليس مكان آمنا ابدا ، حيث وبينما كنت في طريقي للمنزل كنت أحدق بالنجوم الجميلة التي تظهر ليلا ، اعتدت على رؤيتها برفقة هفرون ، ولكنه أصلح الآن ذكرى حزينة بالنسبة لي ، هذا مؤلم ، ولكن انتظرواا !!! أنا ارى شيء غريب ومشكوك في السماء ، أظن انني ارى وهج يتحرك بهدوء في السماء البعيدة ، يلعب بين النجوم وكأنه طائر جميل ، ولكن حركته كانت هادئة وغير مشكوكة بالنسبة لمشاهد من بعيد مثلي ، ولكنني لاحظت ذلك ، نعم أظن انها بالين ، قلت من مكاني بصوت عالي : لترحلي فقط ، أنتي وهفرون كما فعلتم ال آن ، لن نرى بعضنا ابدا على ما اظن لذا كوني سالمة .
بعدها توجهت سريعا لمنزلي ودخلته وأشعلت النار وتدفأت بها في ليلة باردة ، مرت أيام علي ونسيت فكرة ان اكون سونين ، نعم لم أعد أفكر بذلك ، ولكن قد رجعت وحيدة كالسابق تماما ، الوحدة صديقتي المفضلة ، الصمت رفيقي ، الهدوء هو اهم الأحداث التي أمر بها في اليوم ، أليس هذا حالي سابقا ؟!!! أشعر بالوحدة وهذا يزعجني ، لا أريد ذلك ، وخصوصا بعدما قضيت وقت طويل مع هفرون ، لقد نسيت الوحدة بعدما بدأت بالين بالمداخلات ، لقد اختفى كل هذا في الذكريات .
( تجسس الوهج الازرق)
مرت أيام في بقائي وحيدة مثل العجوز الشمطاء التي تعيش وحدها بعزلة حتى سمعت طرق في بابي ، توجهت تجاه الباب وفتحته لأجد جاري سيفار الذي يبتسم لي ويقول : أرى ان أصدقائك قد ودعوك .
قلت بتهجم : ما الذي تريده هذه المره ؟!
قال سيفار : هل هذه طريقتك في استقبال جيرانك بعد انقطاع طويل !؟
قلت بتهجم : ومتى كنت جاري ؟ على كل حال ما الذي تريده ؟
قال سيفار : هناك شيء غريب حول منزلك .
قلت بتجهم : لا يوجد شيء ، منزلي طبيعي .
قال سيفار : هل هذا ما تظنينه ؟!
قلت بعصبية : كن صريحا وقل ما عندك .
قال سيفار : أظن ان هناك من يأتي كل يوم ليلا وفي بعض الأحيان نهارا ليراقبك ، ولكنه لا يدخل المنزل ابدا ، أليس هذا غريب ؟!
قلت بتجهم : لا اصدقك يا هذا ، ولكن اذا كان كذلك لماذا تخبرني بذلك ؟! لا يمكن ان تكون قلق علي ؟!!!!
ضحك سيفار ضحكة خفيفة وقال : أنت جارة صعبة جدا ، اقول هذا لانه ليس مريحا بالنسبة لي ، هذا الشخص الذي يزورك غريب علي ولا أءمن نفسي لذا فهو خطر علي ، ويزعجني لذا حلي أمره .
قلت بتهجم : لا يوجد اي احد ، ولكن سأجاملك واقول انه كذلك ، لذا لتخبرني اذا ما حضر هذا الشخص في اي وقت يا سيفار ، في ذلك الوقت قد تكون صادق ، واذا لم تكن فانك ستودع منزلك هذا هنا .
ضحك سيفار بسخرية وقال : لقد عشت هنا سنين طوال اكثر منك بكثير ، هل تقارنين سنوات اقامتك هنا بي ؟!! أم ان قواك جعلتك تغترين بها علي ؟!!
قلت بعصبية : ارحل يا سيفار ولا تستفزني .
قال سيفار : اذا ما حضر ذاك الشخص الغريب سأحضر لك .
قلت بتجهم : لنرى ذلك .
انصرف سيفار وقد اغلقت باب غرفتي بينما قلت بعصبية : تبا له ، انه يبحث عن المشاكل .
حيث توجهت لغرفتي وجلست على سريري وفتحت دولاب متعلقاتي بعصبية بينما كنت اريد تبديل ثيابي لتسقط منها قلادة بجوهرة زرقاء ، حدقت بها ببرود وقلت : انها تلك ، لكن كان علي التخلص منذ وقت طويل .
امسكت بها ورفعتها امام ناظري وقلت ببرود : لقد اردت رميها مئة مره ، ولكن ألمي وذكريات احلام اليقظة منعتني ، ولكن هذه المره هي لن تفعل .
فتحت النافذة ورميتها بعيدا وبكل قوتي على امل ان تنكسر جوهرتها ، حيث بعدها اغلقت النافذة وحضرت مشروب محبب لي وجلست على الكرسي المفضل لي في غرفتي الخاصة ، بعد وقت طويل من هذا حل الليل بينما كنت على استعداد للخلود للنوم ، حيث فتحت دولاب متعلقاتي لأبدل ثيابي لثياب النوم ، حيث بينما كنت ارتدي ثيابي سمعت صوت طرق بسيط من خارج النافذة ، تجاهلت هذا الطرق واكملت ارتداء ثيابي ، حيث عندما كنت على وشك اغلاق الدولاب رأيت القلادة ذات الجوهرة الزرقاء موجودة في دولابي في نفس مكانها ، حدقت بها بقلق وقلت : أنا متأكدة أنني رميتها من النافذة !!!
شعرت بوجود شخص ما خلفي في احد اركان الغرفة ، التفت اليه بسرعة وقلق ، لأرى سيفار وهو يشير لي بالصمت والقاء نظرة من النافذة للخارج ، تجهمت وزفرت بهدوء ثم توجهت تجاه النافذة وفتحت زجاجتها بعصبية ، اذ انني لم ارى اي شيء ، حيث عندها اخرجت رأسي منها قليلا لأرى الوضع حول المنزل ، للنظر من نطاق أوسع ، حيث لم أرى اي شيء ابدا ، ادخلت رأسي للداخل بعصبية وأغلقت النافذة وقلت بتجهم : للأسف لا ارى شيء يا سيفار .
قال سيفار : لأنه الآن يقف فوق المنزل .
قلت بعصبية : لنرى ذلك خذني الى هناك .
اخذني سيفار الى هناك ، ولكننا لم نقف على المنزل ، لأنه منزل متواضع ومهترى الى حد ما ووقوفنا عليه يهدده بالانهيار لوقت قريب ، حيث قلت وأنا احدق بالمنزل من اعلاه بينما كنا نمشي على الهواء : ولا حتى هنا لا ارى شيء يا سيفار .
أشار سيفار امامي وقال باستغراب : الا ترين هذا الشخص الغريب امامنا ؟؟!
قلت بتجهم : لا يوجد احد يا سيفار .
قال سيفار وهو يتحدث مع الهواء أمامنا : من أنت ؟! ما الذي تريده ؟!!
قلت بتنهد: يبدو أنه شخص آخر مثلك يريد ازعاجي ، لا تقلق ، ساقتله لكي ترتاح وارتاح منك .
وجهت يدي تجاه ببرود ووجهت له ضربة الموت بينما قال بعدها سيفار : كيف توجهين ضربات الموت الخاصة بك لشخص لا تريه ؟! انه يتفاداها بكل سهولة !!
قلت وانا ازفر : انزلني للارض يا سيفار ، وتخلص انت منه .
قال سيفار بقلق : لا اظن انني استطيع ذلك .
قلت : اذن هو مجرد واحد من اوهامك ، مثل ابنتك تلك .
قال سيفار بعصبية : ما دخلها في هذا ؟!
قلت : لا شيء سوى ....
قال سيفار بقلق : أين ....أين اختفى ذلك الشخص ؟!!
قلت بابتسامة ساخرة : لقد هرب خوفا منك .
قال سيفار بعصبية : لقد كان هنا للتو !!
قلت بانزعاج : اوهامك لا تتوقف يا سيفار .
انزلني سيفار على الارض وقال بعصبية : هذا ليس وهم ، انه حقيقة ، ولكنه يتخفى منك .
قلت بتهكم : ولماذا يختبئ مني مثل الجبان ؟
قال سيفار بعصبية : لا اعرف ولكن لا تحاولي ادخال ابنتي بالموضوع .
قلت ببرود : ولكنك كذلك ، هي وهمك .
قال سيفار : لما كنتي لتقولي هذا لو شعرتي بشعور وجود طفل محبب لك .
حدقت به بتجهم وقلت : ما الذي تقصده ؟!
قال سيفار : ظننت انك قد تتفهمينني اكثر وتساعدينني في انقاذها بما ان لديك طفل ، ولكنك مازلت متصلبة وقاسية .
قلت بعصبية : ما الذي تقصده يا لعين ؟!!
قال سيفار : حقيقتك هي ما يراها الآخرون وليس انتي .
قلت بعصبية : انصرف يا لعين من هنا ولا تأخذ طفلي عذر بالنسبة لك يا ساقط .
قال سيفار : أنا الذي اخطأت لأنني قد اردت مساعدتك .
قلت بعصبية : تبا لك ، لا تعد ، انت فقط تسبب لي الازعاج لا اكثر .
( تحفيز الأمومة )
انصرف عني سيفار بتجهم بينما زفرت بعصبية ودخلت منزلي ، حيث توجهت غرفتي للخلود للنوم ولكنني لم استطع ، كنت افكر فيما قاله لي سيفار ، عن شعوره بالقلق على مفقودته ، بينما ذكرني بذلك الشعور ، شعور الامومة بالأحرى ، تبا له ، ولكن مع ذلك كلامه صحيح ، هل انا كذلك ؟! انانية منعزلة ، اتجاهل واتجنب حالي ، منغلقة عن العالم ، تعيسة بسبب كل هذا ، في نفس الوقت اريد رؤية طفلي ، بل اشتاق له ، بل اريد قتله ايضا ، ولكن ما ذنبه ؟!! تبا لك يا يوبين ، ولكنه قد مات ، لا شيء يواسيني سوى ان افعل شيء ، ان اتحرك من مكاني ، ان اتحرر من شرنقتي كالفراشة للعالم ، نعم يجب ان اجد طريق نفسي ، ولن اجده لو بقيت وحدي في صحراء قاحلة وحدي بعدما تركني هفرون وبالين والكل بصراحة ، الوحدة قاتلة ، لذا ما هو الحل ؟!! ما الذي علي فعله ؟! فكرت تلك الليلة مئة مره في كلام هفرون ، وما قاله لي عن امكانية خروجي من هذا العالم ، استطيع ذلك ، نعم استطيع ، لذا هل سأفعل ؟! فكرت مره بالهرب من هذا العالم والانتحار ، ولكن ذلك مجرد جبن ، ووقاحة ، وهرب من الواقع ، يقال ان الأم بطلة ، ولكنها انسانة في نفس الوقت ، فهي تتألم وتخاف وتقلق ، بل كلما فكرت في الانتحار تذكرت طفلي الذي اسميته يوبين ، لا يمكنه العيش وحده ، بل هو سيفتقد أمه الحقيقية ، بل سأكون لعينة ، لذا ما الذي سأفعله ؟!! هل سأكون بطلة من أجل ابني ؟!! هل سأفعل ؟! هناك طريق اذا عبرته بشكل صحيح ، فقد استطيع !!! نعم ، بعدها سيكون كل شيء بخير تماما ، بل سعيد كل يوم ، حتى لو كنت وحدي بدون زوج فإنني بخير ، على الأقل سأكون حرة من قيود هذا العالم المرعب ، نعم سافعلها !! سأفعلها ، بل سأعود من اجل ابني ، قد استطيع ، بل ساستطيع رؤيتة وجهك يا ابني والبقاء معك ، لأن والدتك كانت يوم ما سيدة الموت المخيفة ، ستكون قادرة على كل ذلك من أجلك .
( الاستجابة الأولى )
استيقظت في اليوم التالي وانا قد عزمت على توديع التعاسة التي أعيشها ، لذا اخذت معي بعض متعلقاتي المهمة التي اضعها في دولاب متعلقاتي كلها ، حيث بعدها خرجت من منزلي الكئيب وأنا اودع التعاسة التي امتلأت في اركانه التي لن اعود لها ابدا حتى لو كان الموت مصيري ، حيث توجهت بعدها الى البئر الذي يملكه سيفار ، حيث وقفت عنده وقلت : اين انت يا سيفار ؟ اريد التحدث معك بشأن امر ما .
لم يرد علي اي شخص ، حيث كررت ما قلته اكثر مره ، ثم قلت بعصبية : هذه آخر فرصة لك يا سيد سيفار ، ولكنك للأسف ستتركها .
سمعت صوت ضحكة خفيفة قادمة من خلفي ، التفت للخلف بسرعة لأرى سيفار الذي حدق بي بابتسامة وقال : ما الذي جعلك تخرجين من منزلك فجأة ؟؟
قلت : لا شيء سوى انني اريد الخروج من منزلي وعدم العودة ابدا ، ولكنني قبل ان اودعك يجب ان اساعدك بشأن ما طلبته مني ، كمساعدة للشخص الذي كان جاري منذ اربع سنين .
قال سيفار : بشأن ما طلبته منك ؟! هذا غريب منك بشكل مفاجئ ؟!!
قلت : لست من ذلك النوع الخوان ، لذا انا لن اخيب املك وارحل ، سأساعدك في ايجاد ابنتك .
قال سيفار بابتسامة : تقصدين حمراء ؟
قلت : نعم .
قال سيفار بتأثر : انا حقا اشكرك ، يا شيري .
قلت : لا تشكرني ، لنذهب فقط لما نريده .
قال سيفار بابتسامة : حسنا .
قلت : ولكن يجب عليك اخذي لمكان تلك الفتاة اذا كنت تعرفه ؟!
قال سيفار : حسنا .
( مدينة جديدة )
اخذني سيفار لأرض جراء استقرت وسطها اسوار كبيرة ، فقلت بتعجب : هل انت متأكد اننا نستطيع ايجاد حمراء خاصتك هنا ؟!
قال سيفار : نعم ، متأكد ، اقصد ، هل تذكرين ذلك المكان الذي اخذتك اليه للبحث عنها ؟! كانت هناك رهينة تحت رحمة سيدة هذه المدينة .
قلت : تقصد ابنة تلك اللعينة الساقطة .
قال سيفار : نعم ، ولكن مؤكد انها الآن جعلتها ممن ينفذون اوامرها العبدة ، سواء كانت تلك الحاكمة طيبة او تنوي الشر .....
قاطعته وقلت : النبتة السامة لا تأتي الا من بذرة مسمومة ، وستكون كل زهورها وثمارها التي تثمرها سمية تنفث سمها على كل من اقترب منها .
قال سيفار : هذا يؤكد انها تنوي الشر من كلامك .
قلت : لا يمكنك ان تأخذ الامر بكلامي ، ولكنني كذلك دائما وأبدا ، لنذهب وندخل المدينة .
خطوت خطوة واحدة للأمام ولكن سيفار استوقفني وقال : ما الذي تخططين له لو وجدناها ؟!!
قلت بتهجم : ستأخذها فقط ونقتلع حياة كل اهل هذه المدينة .
قال سيفار : لا يمكنك ذلك !! أقصد !! لنتخلص من ابنة سوان فقط واتباعها ، لانهم خم فقط من اختطفوا ابنتي .
قلت بعصبية : لا شان لك بما سافعله ، فقط اذا ما رايت وجه ابنتك اخبرني وخذها وارحل فقط بوداع اخير لي لأنني سأمحي كل اهل هذه المدينة واخرج منها بدون رجعة ، لانني ساخرج من هذا العالم باكمله على كل حال .
قال سيفار بتوجس : ما الذي تقصدينه بخروجك من هذا العالم بأكمله ؟!!
قلت بسخرية : لا تقلق لن اقتل نفسي او اي شيء آخر .
قال سيفار : اذن ما الذي تعنيه بخروجك من هذا العالم ؟!
قلت : انا اعنيه بكل معنى له .
قال سيفار بريب : هل تعرفين انه لا يوجد سبيل للخروج من هذا العالم !! الا لو ...
قلت مقاطعة له : وسافعل ما كنت ستقوله بعد قولك الا لو ........
قال سيفار بوجه مذهول : هل تعرفين أن لا احد قد نجى من محاولتهم تلك ؟!
قلت بابتسامة : لا تقلق ، سأتراني خرجت منه بسلام في احلامك ، ولن أعود أبدا .
قال سيفار : كل هذا من اجل ابنك ؟!
قلت : مقولة الأم بطلة هي صادقة .
قال سيفار وهو يحدق باسور المدينة العالية والواسعة بتنهد : لندخل اسوار المدينة الآن .
اخذني سيفار الى داخل اسوار المدينة ، وقد مشيت أنا وسيفار بين شوارعها المليئة بالاشخاص بشكل نسبي ، حيث كنت ارتدي ثوبي الأسود الطويل الذي اغطي به رأسي بينما كان سيفار بهيئة مماثلة لي وهو يرتدي ثوب مشابه لثوبي ، حيث كنا نمشي في انحاء المدينة بشكل عادي جدا ، ولم يشك بنا أحد بل كان أكثرهم يرتدون ثياب مثل ثيابنا ، حيث مشينا وسط المدينة حتى تعمقنا داخلها ، حيث بعدها رايت انا وسيفار قصر طبير في الأفق ، فقلت لسيفار : أظن أن هذه هي وجهتنا التي كانت هدفنا منذ وقت طويل .
قال سيفار : سآخذك اليها سريعا .
( عرش الحمراء )
دخلت القصر انا وسيفار ، حيث سمعنا صوت معازف وضحكات لأشخاص كثيرين من مكان قريب ، فقال سيفار : يبدو أن هناك حفلة تقام هنا .
قلت : للاسف فانها ستكون حفلتهم الأخيرة .
تقدمت خطوة للامام في نية مني للتوجه للحفلة التي ستقام وتنفيذ ما اريده ولكن سيفار استوقفني وقال : هل جننتي ؟! نحن هنا للبحث عن حمراء ؟!! لا يمكننا الانصرا من هنا بدونها او اقحام انفسنا باي مشكلة حتى نجدها .
قلت وانا أزفر : اذن ما الذي تخطط له ؟!!
قال سيفار : لا يمكننا الدخول بين مدعويين الحفلة لنبحث عن حمراء بين الناس بمظهرنا هذا ؟!!
قلت بتجهم : ما الذي تقترحه اذن ؟!!
قال سيفار : علينا ارتداء بعض الثياب المناسبة للحفل .
التقدم بالاحداث .......
سيفار وهو يحدق بي ويقول : وااااه تبدين جميلة بشكل لا يصدق بهذا الرداء الاحمر .
حدقت به وقلت بابتسامة ساخرة : تبدو وسيما أيها الشاب العجوز بهذه الثياب الانيقة .
ضحك سيفار وقال : لنذهب وكأننا ضيوف بشكل طبيعي وكأننا لسنا ننوي لشيء .
قلت بابتسامة : لنذهب .
توجهنا تجاه باب ابيض كبير مزخرف يستقر بجانبه رجل ، حيث قال لنا وهو يحدق بنا ويمد أقنعة ذهبية مزخرفة بشكل ساحر لنا : تفضلوا يا ضيوف السيدة كورا .
حدقت بسيفار باستغراب ولكنه تجاهلني واخذ تبك الاقنعة وقال لي : لا تسألي ، قومي بارتدائها فقط .
ارتديتها وأنا غير ومرتاحة ، حيث دخلنا قاعة الاحتفال الكبيرة المليئة بالاشخاص الذين يرتدون اقنعة ذهبية مزخرفة ، حيث ومن بين كل الناس المكتظة رأيت كرسي مرتفع مذهب تجلس عليه امرأة ما وهي ترتدي قناع ذهبي يغطي وجهها وجزء من شعرها ، حيث قلت لسيفار بقلق : لا شك ان تلك هي كورا ابنة سوان .
قال سيفار : نعم ، ولكنني الآن أخمن بان حمراء مجرد واحدة من الخادمات اللاتي يخدمن الضيوف .
قلت : لنفترق ، للبحث عنها ، لا اعرف ولكنني سابحث فقط عن امراة بشعر أحمر .
قال سيفار : حسنا .
افترقنا عن بعضنا وبدأت احوم في المكان بحثا عن امراة سواء كانت خادمة من الخادمات اللاتي يخدمن الضيوف أو من الضيوف او الراقصات ، حيث بينما كنت افعل ذلك بدون اي جدوى ، مر بي أحد الرجال الذي استوقفني وقال : يبدو انك احد ضيوف كورا المميزين ؟!
قلت بوجه متجهم اخفيه خلف قناعي : نعم ، هل يمكنك الانصراف ؟!
ضحك ضحكة خفيفة يخفيها خلف قناعة : كل الضيوف يرقصون ، هل يمكنك الرقص معي قليلا ؟
تنهدت وقلت : لا اريد ذلك يا سيد ، هل يمكنك الانصراف ؟
اقترب مني وهمس لي قائلا : أعرف ما تبحثين عنه ؟
حدقت به وقلت بسخرية كانت واضحه من صوتي : ما الذي ابحث عنه ؟!
قال بهمس : فتاة بشعر احمر ، ليس فقط احمر ، شديد الاحمرار .
قلت بقلق اخفيه : كيف عرفت هذا ؟!
قال الرجل وهو يمسك يدي : ساساعدك في ايجادها لو رقصتي معي لوقت قصير .
زفرت بصوت منخفض وقلت بصوت متجهم : لوقت قليل فقط ، لانه ليس لدي وقت اضيعه معك .
قال : بالطبع .
اخذني للمكان الذي اكتظ بالاشخاص الذي يرقصون في ثنائيات وكأنني في قصة سندريلا او غيرها من قصص الاميرات الخيالية التي لا وجود لها ابدا في الحساة الحقيقية وخصوصا هذا العالم ، حيث شعرت بيده التي تمسك خصري بينما كنت اريد ان اكسرها له لو لم اكن محتاجه للسكوت فقط من اجل سيفار وابنته الضائعة منه ، حيث أن تسببي بالمشاكل سيعيق عليه بحثه عنها ، حيث وبينما كنا في وضعيه الرقص التي اغاظتني كثيرا ، وبينما كان يمسك بيدي وانا اراقبه لاحظت وجود جرح كان طويل اكثر من كونه عميق في أعلى صدره بينما تغطيها قلادة كان يرتديها بجوهرة شديدة الاحمرار ، ولكنها بدت وكأنها مكسورة ، قال الرجل وهو يحدق بي : اظن انني قد رايتك من قبل في حقل ماضي !
قلت بصوت متصلب : لا لم نفعل .
قال الرجل : بل انا من فعل .
قلت بصوت متململ : ماذا في ذلك ؟
قال الرجل : لقد تغيرتي كثيرا .
قلت ببرود : لا تتظاهر بمعرفتي يا هذا ، انه ليس ممتع .
قال الرجل وهو يحدق بطرف عنقي بشكل غريب : لديك علامة غريبة في كتفك .
قلت بصوت متصلب : لا تتدخل فيما لا يعنيك يا ......
قال الرجل : هل كنتي ستقومين بشتمي ؟!
قلت ببرود : بالطبع .
قال الرجل : انت لديك طفل .
حدقت به بأعين مهتزة بعصبية : ما شانك يا لعين ؟! هل تعتقد ان من الممتع استفزازي بهذا ؟
قال الرجل : لا ابدا ، ولكنني اعتقد انه امر صعب عليك .
قلت بعصبية : لا تحاول التدخل ، لانك ستجد نتائج لن ترضيك .
قال الرجل : بشأن الفتاة التي تبحثين عنها .
قلت وأنا اتنهد : ماذا عنها ؟!
حول الرجل نظره لكورا الجالسة على عرشها وقال : انها تلك .
قلت وأنا احدق بكورا الجالسة بهدوء : ماذا تقصد ؟!
قال الرجل : امراة شعرها شديد الاحمرار ، انها ابنة سوان .
حدقت بصدمة في كورا بينما تصلبت مكاني ، حيث كنت احدق بها بدون انقطاع ، حيث قال الرجل وهو يحاول تحريكي : هل انتي مصدومة ؟! الم يعجبك الامر ؟! أم ان تلك الحمراء التي يبحث عنها الرجل الذي اعتبر نفسه والدها هي ابنة سوان التي قتلك سيدك .
حدقت به بغضب وقلت : ما الذي تفعله الآن ؟! من انت ؟! هفرون ؟! رادون ؟!! ام انك بالين بهيئة رجل ؟!!!
ضحك الرجل وقال وهو يتركني : لا تحاولي فعل شيء ، هناك من سينال من هذه الحمراء يوما ما .
تركني واختفى بين جموع الناس بينما حدقت بكورا بقلق وريب ، حيث بعدها بمدة قصيرة رايت سيفار الذي توجه تجاهي وقال بقلق : لا ارى اي امرأة بشعر أحمر هنا !! يبدو ان .....
قلت وأنا احدق به : لا اظن انك بهذا الغباء يا سيفار .
حدق بي سيفار بأعين مهتزة وقال بانكسار : كل هذت خطئي .
قلت : حمراء خاصتك تجلس على عرش فاخر ، هل ستتركها ؟!!
قال سيفار بخيبة امل : لم اكن اتوقع ان حمراء ابنة سوان .
قلت وانا ازفر : لننصرف من هنا ، لقد مجرد تضييع لوقتنا .
قال سيفار بتعجب : الن تقومي بما كنتي نخططين للقيام به ؟!
قلت : لا ....فقط ، سأتركها ، ساترك حمراء خاصتك ، لن اقوم بقتلها أمامك ، او حتى من خلفك لأن هناك من سينال منها على كل حال لو كانت ذات نوايا سيئة .
قال سيفار بابتسامة يخفيها خلف قناعة وبصوت مرتاح : لقد اتخذت القرار الصائب ، ولكن ...لا يمكن لأحد ان يغير رايك ، على حسب ما أعرفه !! ما الذي حصل ؟!! كيف غيرتي رايك بهذه السهولة ؟ اقصد لا يمكن أنك تتعاطفين معي ، او ان احد ما تمكن من اقناعك .
قلت بصوت متصلب : أنا لا اتعاطف مع أحد ، ولكن ....نعم هناك من اقنعني بذلك .
قال سيفار باستغراب : من قد يكون ؟!!!!مؤكد انه شخص مميز اسطاع اقناعك !!
قلت ببرود : ننصرف فقط يا سيفار .
بينما كنا على وشك الانصراف انا وسيفار سمعنا صوت كورا التي تجلس على عرشها وهي تقول بصوت عال أسكت كل جموع الناس : انتظرا .
توقفت مكاني أنا وسيفار بينما قالت كورا : هناك حضور غير مرغوب فيهم هنا !!!
التفت اليها انا وسيفار بصمت ، فقالت وهي تحدق بنا : سيدة الموت حاضرة يا جموع .
حدق كل الناس بي بينما حدقت بكورا وقلت : رائع انك عرفتني دون ان اكشف عن نفسي !!
قالت كورا : ما سبب حضورك الغريب الى هنا ؟
قلت : كنت على وشك الرحيل والعفو عنك ولكن يبدو انك تبحثين عن نهايتك .
ضحكت كورا بصوت عال وقالت وهي تشير بيدها تجاهي : هذه المراة التي اعدمت أكثر اهل هذا العالم ، ولكن بسبب من ؟!! بسبب موت حبيبها .
حدقت بها بصمت بينما كشفت كورا عن قناعها بهدوء وقالت بابتسامة : لقد اخرجتني من قصر والدتي ذليلة يا ساقطة ، ولكن لا تقلقي ، سأخرجك اليوم ميتة من هنا .
قلت ببرود وأنا اكشف عن قناعي : هذا ليس موقف مناسب مع الشخص الذي اعتبر نفسه والدك دون ان يعرف انه التقى ببذرة الشر التي نمت اليوم لكي تحاول قتلي .
حدقت كورا بتوجيدس تجاه سيفار وقالت بغضب : من قد يكون هذا ؟
قال سيفار وهو ينزل قناعه عنه : لقد خيبتي آمالي فيك يا حمراء .
حدقت كورا في سيفار بقلق وقالت : سيفار !!!!
قال سيفار : هل يمكنك السماح لنا بالانصراف فقط من هنا ؟! لا نريد البقاء هنا اكثر .
قالت كورا : ما الذي جعلك ترافق هذه السفاحة ؟
قال سيفار : ما الذي جعلك تجلسين على هذا العرش بغطرسة هكذا ؟!
قالت كورا بغضب : لا داعي ، لقد انتهت حفلتنا على كل حال ، أيها الحضور ، جميعكم تستطيعون ازالة اقنعتكم ، والمغادرة .
قال سيفار : أظن ان ذلك ينطبق علينا ؟
قالت كورا وهي تحدق بي: نعم ، تستطيعون ذلك ، ولكن بشأنك يا آنسة ، فان سيفار قد شفع لك عندي ، وقد انقذك فقط هذه المره مني .
ضككت وقلت : بل هو فعل من اجلك ، والا فقط متي انت وضيوفك دفعة واحدة .
سحب سيفار يدي بقوة وقال لي : لنخرج فقط .
قلت بعصبية مكتومة : حسنا .....
بينما كنت خارجة وسط جموع الناس الذين يخرجون من القاعة الكبيرة رأيت شخص يرتدي نفس ثياب ذلك الرجل الذي قابلته قبلا ، حيث كان يمر بين الناس بينما ان أحدق به بريب وذهول ، كنت اريد ان أعرف من قد يكون ؟!! كيف عرف كل ما قاله لي ؟! اتمنى ان يكون شخصا طيب ، لا ينوي لي الشر ، حيث وبينما كنت تحدق به واراقبه اختفى عن نظري ، حيث خرجت انا وسيفار من بين الجموع التي خرجنا منها بعد فترة وقفت مكاني بسرحان وانا أحدق بين الناس ، حيث حدق سيفار بجموع الناس وهو يقول لي : لماذا توقفتي فجأة ؟! هل تعرفين احد منهم ؟!
قلت بصوت حزين : لنعد فقط من حيث أتينا .
( وداع الجار )
اعادني سيفار من حيث جئنا ، الى تلك الصحراء الجرداء التي تحتضن منزلي المتواضع برمالها ، حيث قلت وأنا أحدق بمنزلي المنعزل بنظرات متجهمة : انا لن اعود ذللك المنزل ابدا .
قال سيفار : ذلك يعني الوداع بالنسبة لي .
قلت بحزن : أنا حقا آسفة تجاهك بشأن حمراء خاصتك .
قال سيفار بألم : اظن انني تعرضت للخداع لوهلة !! ولكن حمراء خاصتي لم تكن سيئة بهذا الحد الذي رايته فيها ، للن تلك كورا وليست حمراء التي اعرفها .
قلت وانا ازفر : هذا العالم تحتم أن يغير اشخاص كثيرين بشكل جذري ، وانا منهم .
حدق سيفار بي بحزن وقال : أنا من يجب ان يعتذر لك ، بشأن كورا ، لقد جعلتك جاهلة امام كورا بسبب غفلتي .
قلت بابتسامة أظهرها بصعوبة على وجهي : قد نخطئ جميعا ولكن الأهم ألا نخطئ مره اخرى .
قال سيفار بابتسامة بحزينة : اذن لا اظن انني استطيع رؤيتك مره اخرى للأسف ، اقدر لك مساعدتي بشكل كبير ، وخصوصا بشأن عفوك عن كورا وتخليك هما كنتي تخططين لفعله من اجلي ، أشكرك كثيرا ، بل ممتن جدا .
قلت بابتسامة : الوداع ايها الجار سيفار ، أنا أيضا ممتنة لك .
قال سيفار بابتسامة : الوداع يا شيري .
تركته بهدوء ومشيت وسط الصحراء الجرداء بينما أنا ابتعد اكثر واكثر عن منزلي ، حيث لم التفت اليه ولو مره ، كنت مصممة على تركه ، وترك كل حياتي بهذا العالم ، حيث في نهاية المطاف انتهى امري بدون هدف ، الى اين يجب ان أتوجه ، لا اعرف شيئا عما يجب علي فعله للخروج من هذا العالم ؟! لا شيء ، ولكن اظن ان لدي مكان استطيع ان اجد فيه من سيساعدني فيه ، نعم أعرفه .
( العصبة الهجينة )
طرق على باب ، رومين وهي تقول لسيوين بينما كانت جالسة على الكرسي بكسل: قومي بفتح الباب ، انا متعبة اليوم .
قال سيوين بزمجرة : انت من عليها هذا ، انت الاصغر بيننا !!
قالت فاريز مقاطعة لمحادثتهم : توقفا الآن عن هذا العراك السخيف الذي تقمن به كل مره يطرق فيه الباب ، انا من سيفتحه .
توجهت فاريز لفتح الباب وقامت بفتحه لتتصلب مكانها وهي تحدق بالشخص الطارق بصمت ، حيث قالت رومين بسخرية : من الطارق يا فاريز ؟ لماذا أنتي متجمدة لهذا الحد ؟ هل رأيتي فتى أحلامك ؟
قالت فاريز وهي تحاول الابتسامة لي : سيدة شيري ، تفضلي بالدخول .
دخلت المنزل بينما وقفت كل من رومين وسيوين في اماكنهما وهن يحدقن بي بصمت وتصلب ، فقلت بابتسامة : كيف كان حالكن يا فتيات ؟ لقد اشتقت اليكن .
قالت فاريز وهي تشير لاخواتها بالتصرف بشكل طبيعي والتوقف عن تصلبهن : كيف حالك يا سيدة شيري ؟ لقد مر وقت طويل منذ آخر مره رأيناك فيها !! كيف كانت أحوالك ؟ اعتذر عن تصلبي عند الباب عندما رايتك ، فقد مر وقت طويل كما تعرفين .
قلت بابتسامة : بخير يا فاريز ، لا تقلقي أنا أعتذرك ، ولكن أين سيدتك دورين ؟
قالت فاريز : لقد خرجت لوهلة ، وستعود عما قريب ، تفضلي بالجلوس معنا قليلا يا شيري .
قلت بابتسامة : لا داعي ، انا فقط أريد الحديث مع دورين ، ولكن يبدو انها ليست موجودة الآن ، سأعود عندما تكون موجودة .
قالت رومين بفضول : ما الذي جاء بك يا سيدة شيري ؟؟! بعد وقت طويل بهذا الحد !!
حدقت بها وباخواتها وقلت بابتسامة : مجرد بعض الاعراض ، والشؤون العادية ، هذا جيد جدا انكن مازلتن بخير ، ولم تتغيرن أبدا .
قالت سيوين : هل هذا يعني انك تغيرتي يا سيدتي ؟
قلت بابتسامة : قد يكون التغير جيدا في بعض الأوقات .
سمعت صوت الباب وهو يفتح ، حيث التفت تجاه الباب لأرى دورين وهي تدخل ، ثم تتصلب مكانعا وهي تحدق بي بفضول ، حيث قلت لها بابتسامة حزينة : لقد مر وقت طويل .
قالت دورين وهي تخرج من صدمتها وتبتسم بحزن وتقول : من الجيد رؤيتك حتى بعد سنوات .
قلت بابتسامة : مازلت ممتنة لك .
قالت دورين وهي تشير لي تجاه احد الغرف : تفضلي معي من هنا .
دخلت الغرفة مع دورين التي اجلستني على كنبة متواضعة ولكنها مريحة ، حيث قالت وهي تجلس مقابل مني بعدما أمرت احدى فتياتها باعداد بعض الضيافة : كيف كانت احوالك يا شيري ؟ حتى بعد اربع سنوات من تركك لمنزلنا ؟
قلت لها والدموع تذرف من عيناي بدون سبب : لم ..لم أكن ابدا بخير ...ولا في اي لحظة بعدما فارقتك ....اقصد ....حياتي بعد تلك الصدمة لم تعد كما كانت عليه ، كل شيء تغير ، وانا اول من تغير .
قالت دورين بتأثر : لقد افتقدت ، بل الفتيات اشتقن لك ، تمنيت لو عدتي الينا .
تنهدت وقلت : لا تقولي هذا ، كل شخص له مكانه ، وقد كان مكاني هناك .
قالت دورين : اين ؟ لقد بحث عنك كثيرا أنا وفتياتي .
قلت : الصحراء ، المكان الذي لا يمكن لأحد ان يجدني فيه .
قالت دورين : ولكن لماذا ؟
قلت : بل فكرت اكثر من مره بالكلام الذي قلتيه لي قبل رحيلي من منزلك ، وقد تكرر علي ذلك المكان مؤخرا ، شخص ما ذكره لي ، وقد بدى هذا الحديث لا يفارق عقلي مؤخرا .
قالت دورين : بشأن طفلك !؟؟
قلت : نعم ، أنا اريد الخروج من هذا العالم ، من اجل ...ابني بالطبع .
قالت دورين : لقد مرت اربع سنوات !! هل اطلقتي على ابنك أسم ؟
قلت : لا اظن انه قد تبقى من الوفاء شيء عندي ليوبين سوى أنني اسميه باسمه .
قالت دورين : جيد هذا رائع ، قد يكون اسمه مواسي لك بشان تركه لك .
قلت بحسرة : لا فائدة ، لا شيء يواسيني الآن سوى خروجي من هذا العالم لرؤية ابني .
قالت دورين : وأنا أعرق الحل .
قلت : وما هو ؟
قالت دورين : لم اكن اعرفه سابقا ولكن يبدو أن جوكين كان يبحث بشأن هذا الأمر ، وقد استطعت معرفة بعض الاشياء منه .
قلت بحماس : مثل ماذا ؟!
قالت دورين : ثلاثة عناصر ان اجتمعت في زجاجة واحد تأخذك من هذا العالم لعالمنا الحقيقي .
قلت : وما هو ؟؟! أقصد كيف احصل عليه ؟
قالت دورين : هو ترياق تشربينه بعدما تجمعين العناصر الثلاثة فيه ، ولكن اولا لا يمكن للخالدين بهذا العالم الشرب منه ، لأنه سيقتلهم ، اذ انهم اذا اصبحوا مخلدين في هذا العالم فسيكونون اموات في عالمنا الحقيقي .
قلت : ولكنني لست كذلك ، لم أفكر اصلا في الخلود ولو مره ، لن نجد السعادة في الخلود ابدا ، لان السعادة قصيرة .
قالت دورين : هذا جيد اذن .
قلت : ماذا عن وسمي ؟
قالت دورين بقلق : ماذا عنه ؟! لا يمكن أنك ....
قاطعتها وقلت بحزن : لم أفعل ....لا تقلقي ، ولكنني فكرت في ذلك .
قالت دورين : وسمك مهم لأنه هو مفتاح ايصالك للعالمنا الحقيقي .
قلت : ماذا !!
قالت دورين : وهو هويتك في هذا العالم .
قلت : ......نعم صحيح ....
قالت دورين : زجاجة صغيرة بترياق ازرق اللون مختبئة في حفرة وسط الصحراء ، الزهرة المضيئة بلون وردي وسط جزيرة مجهولة ، مسحوق ابيض يختبئ في كهف تحت البحر .
قلت وانا اتنهد : هذا يبدو اصعب مما توقعت !
قالت دورين : سأساعدك انا بناتي في ايجادها .
قلت : ولكن لا اريد ان الحق أي اذى بك وفتياتك .
قالت دورين بانكار : كيف تقولين ذلك ؟!
قلت : اعتذر لأنني تركتم ذلك اليوم دون اي زيارة بعدها ، وقد جئت هذه المره فقط لطلب المساعدة وكأنني ابحث عن المصالح فقط .
قالت دورين بابتسامة : لا تقولي ذلك ، سنساعدك رغم انني عذرتك في ذلك الوقت ولكن فتياتي كانوا على عكسي .
قلت : أعتذر اليك كثيرا ، ولفتياتك ، لقد كن لطيفات معي جدا .
قالت دورين : دعينا من هذا ، بالنسبة للعناصر الثلاثة ....
قاطعتها وقلت : اين اجد تلك الزجاجة ذات الترياق الازرق ؟! اي صحراء فيها ؟؟
قالت دورين بابتسامة : لا تقلقي بشأن هذا ، هناك شخص يملك تلك الزجاجة ، نستطيع خداعة لاخذها منه .
قلت : لماذا اخذها ؟ هل يحتاجها ؟
قالت دورين : ما الذي تقصدينه ؟ هل تتعاطفين معه ؟
قلت : قد يكون في موقف يتحتم عليه الخروج من هذا العالم مثلي ، لذا فهو يحتاجها ...
قاطعتني دورين وقالت : لا مكان للعاطفة عندما يتعلق الأمر بطفلك .
قلت : .............
قالت دورين : لقد تعلمت ذلك من اعالتي لفتياتي ، لقد فعلت اشياء كثيرة بدون تعاطف من الاشخاص غيرهم فقط من اجلهن .
قلت : ............
قالت دورين : انه من اعوان كورا ، واكثر معاونة لها لذا فهو يملك منزل كبير وفاخر في مدينتها .
قلت : تبا له ، اذا كان الامر كذلك فهذا يعني انني سآخذ تلك الزجاجة منه عنوة .
ضحكت دورين وقالت : ها قد خرجت شيري الحقيقية الآن .
قلت : لا يمكن ان اتساهل مع اي شخص يعاون كورا .
قالت دورين : بالنسبة للعنصر الثاني فهي تلك الزهرة المضيئة باللون الودري ، انها تقبع في جزيرة عرفتها مؤخرا ، لها اسم ولكنها خطرة ، لأن هناك مخلوقات وحشية تسكنها ، وبالنسية للمسحوق فهو موجود في زجاجة صغيرة في كهف تحت بحر هذه الجزيرة .
قلت : هذا صعب ، بل مخيف ايضا ، ولكنني لن استسلم .
قالت دورين : أعرف شخصا يستطيع مساعدتك ، في الحصول على ما تريدينه ، ولكنه ليس عادي .
قلت بقلق : ما الذي تقصدينه ؟!
قالت دورين : هو موجود في تلك الجزيرة بل يعيش فيها .
قلت : اي مقابل قد يطلبه مني ؟
قالت دورين : لا أعرف لذا يجب أن تحذري إذا ما ذهبتي اليها .
قلت : سأذهب اولا الى هذا ذلك الرجل الذي يعاون كورا اللعينة ، واقتلع منه تلك الزجاجة ، وساقتلع روحه من جسده ايضا و......
ضحكت دورين مقاطعة لكلامي وقالت : لا يمكنك ان تكوني هكذا ، بهذا التصلب والحقد ، فقط حاولي أن تكوني عادية ، وخذي ما تريدينه فقط . ولا تدعي حقدك يسيطر عليك ، خصوصا انك بهذا الحقد حتى الآن بسبب الماضي .
قلت بحزن : لا اظن انه يمكنني التحرر من ماضي ، ابدا ، لذا فهو يسيطير علي اكثر .
قالت دورين مواسية لي : ساساعدك في التسلل لمنزل هذا الرجل .
قلت : ولكن كيف ؟
قالت دورين بابتسامة : اول خطوة تتخذينها وهي عليك ان تتخلي عن تصلبك هذا وتتراخي قليلا .
قلت بتجهم : ما الذي تقصدينه ؟
قالت دورين : لا سبيل لدخوله سوى ان تكوني أحد الراقصات في حفله .
حدقت بها بذهول ثم قلت بعصبية : لا يمكنني فعل ذلك ؟!! راقصة ؟! اي حفل ؟؟!
قالت دورين بابتسامة ممازحه: ارى انك جميلة مناسبة لذلك الدور .
قلت بتجهم : لست كذلك ، ولكن ليس بدي خيار .
قالت دورين : ولكنهم سيشكون في امرك لو كنتي وحيدة لذا فتياتي ايضا سيكونون معك ، سيمثلون ويتظاهرن بكونهن راقصات معك ، ثم يذعبون عد سماح الحراس لكي بالدخول .
قلت : ارجوك لا تحاولي ادخال الفتيات في هذا ، ساكون قلقة عليهن .
ضحكت دورين وقالت وهي تتمايل : هل تظنين انني ساترك فتياتي وحدهن ؟!!، ساكون معهن .
قلت : ما الذي تقصدينه ؟
ضحكت دورين وقالت : هل تظنين انني اصبحت عجوز ؟؟ مازلت شابة مثلك ومفعمة بالنشاط والحيوية والشباب ، استطيع أن اتظاهر بكوني راقصة ايضا مثلكي انتي فتياتي ، ولا تقلقي سأكون اجملكن .
قلت بضحكة : أريد رؤية ذلك ، اظن انني ساسيع تجاوز ذلك بسببن .
قالت دورين : الحفل بالغد ، ويجب أن نستغل ذلك .
قلت بابتسامة : نعم .
( قصر سيد الظلال )
بينما امشي ليلا بجانب دورين وخلفي خلفنا فتيات دوري دورين ، حيث كنا نمشي وسط مدينة كورا ، حيث كانت مكتظة بالناس بشكل غريب اذا انه الليل وخصوصا في منطقة ما كنا قد وصلنا اليها ، حيث قالت رومين بزمجرة : تبا لماذا المكان مزدحم لهذا الحد ؟
قالت دورين وهي تقف مكانها لرومين : اذا ما رفعتي راسك للأعلى ستعرفين السبب .
رفعت رومين نظرها للأعلى وكذلك جميعنا بينما حدقت بالافق اأرى قصر كبير فاخر يقبع أمامنا بمسافة ، حيث التم الناس حوله من اجل الحفل الذي يقام فيه ، حيث قالت دورين لي وهي تبتسم : لنبدا ما خططنا له .
قلت لها بثقة : نعم .
واقفنا أمام باب القصر الكبير بينما حدق بنا أحد الحراس الذين يحرسون البوابة واستوقفنا وقال : من انتن ؟! هل انتن من المدعوات ؟
قالت دورين بثقة : نعم بالطبع ، كيف امكنك من عدم التعرف علينا ؟ نحن راقصات السيد الجديدات .
قال الحارس بضحكة ساخرة : هل تظنين انني ساصدق ذلك ، الكل يعرف راقصات السيد المعروفات ، ولم يغيرهن منذ سنوات .
قلت بصوت ناعم اتصنعه : السيد اضافنا اليهن .
قال الحارس بتجهم : هيا اروني وسم الراقصات لكي ادخلكن .
كشفت عن معصمي وكذلك جميعنا له ، حيث حدق به الحارس بدقة وقال بتجهم : ادخلن .
دخلت انا ودورين والفتيات بينما قلت لدورين بابتسامة : لم اكن اظن ان هذا الوسم سيجعله يصدق ذلك !!!
ضحكت دورين وقالت : انا وفتياتي متمرسات على فعل كل هذا ، اكثر مهماتنا مشابه لما نفعله الآن .
قلت : أنت مخادعة .
ضحكت دورين بصوت منخفض وقالت : لا تقلقي ، اكثر الافكار كانت من فتياتي المتمرسات قلبي بعدة سنين .
قلت وانا احدق بهن بالخلف بابتسامة ماكرة : لا يمكن الاستهانة بهن ابدا .
استطعنا دخول الى القصر ، وهنا توقفت دورين وفتياتها ، حيث قالت لي دورين : اظن أنه من الافضل ان تكملي الامر وحدك .
قلت وانا ابتسم لها وفتياتها : بالطبع ، هذه مساعدة كبيرة منكن .
فارقنني وابتعدن عني وهن خارجات من بوابة خلفية للقصر ، حيث يستطيعن من خلالها الخروج ، اما انا فقد توجهت الى قاعة الاحتفال التي كانت مكتظة بالناس ، حيث توجهت تجاه غرفة الراقصات ، حيث وجدت فيها الراقصات المحددات للسيد ، حيث لم يشككن بي ابدا ، وهذا جعلني استغرب ، حيث بعد ان تزينت الراقصات وقد كنت معهن قالت احداهن لي بابتسامة : يبدو ان هذه اول مره لك هنا !؟
قلت ببرود : لا .
ضحكت وقالت وهي تشير لاحدى الفتيات : لستي الوحيدة التي قد تكون هذه اول مره لك ، فهذه الفتاة المرتعشة مثلك .
قلت : ولكن لماذا هي قلقة ؟ اليس عليها فقط الرقص والضحك مع الساقطين قليلا ؟؟
حدقت المراة بي وقالت : يبدو انك دخلتي الى هنا بالخطأ ؟
قلت : ما الذي تقصدينه ؟!
قالت المراة وهي تضحك بسخرية : عزيزتي أنت لن ترقصي اليوم فقط الليلة ، لأن السيد اليوم سيختار محظياته .
حدقت بها وانا اتظاهر بالقلق : ماذا !!!! محظيات ؟
تركتني وقالت بسخرية : انتي لا تعرفين شيء ، لا تخافي لا يجب سيدنا الفتيات الخائفات أمثالك .
حيث جعلت هذا الأمر فرصة لي للحصول على مرادي ، وهي تلك الزجاجة بالطبع ، حيث توجهت انا والفتيات للخارج للقيام بالرقص وما يتبعها من أمور ساقطة ، حيث خرجنا لقاعة كبيرة وسط تجمع الحضور بينما كان أمامنا عرش مرتفع مزين استقر وسط كرسيه المزخرف المذهب رجل يرتدي ثياب مذهبة فاخرة ، وله ملامح ملموحة بالنسبة لي ، ولكنني لم أهتم بذلك ، فقد اشعلني الرقص التافه الذي كان يجعل السيد يبتسم ، تبا له ، انه قذر ، حيث بعد رقص وتمايل طويل بعدما احسست بأن جسدي ملموس من كل يد موجودة في الحفل انهينا الرقص ، حيث كنت متوجهة للغرفة الخاصة بالراقصات ولكن احدى الفتيات الراقصات استوقفتني وقالت بابتسامة ماكرة : الى اين انتي ذاهبة يا صغيرتي ؟ علينا التوجه الى غرفة السيد لكي يختار محظيته للليلة .
قلت : ..............
اخذتني الفتاة وتوجهنا مع كل الراقصات ودخلنا غرفة كبيرة وفاخرة يتوسطها كرسي فاخر وكبير من فرو ابيض يجلس عليه الرجل الذي دعوه بالسيد ، حيث لاحظت أنه مجرد رجل بملامح عادية لم يميزها سوى عينيه التي كانت زرقاء اللون ، وفد رسمت على وجهه ندبة ملتئمة في الجهة اليسرى من وجهه ، كانت متوسطة الحجم ولم تشوه ملامحه ، حيث وقفت مع الفتيات بهدوء وبرود ، بينما كن اكثر الفتيات مرتعشات الخائفات ، حيث قال السيد وهو يحدق بالجانب الأيمن منه بتعالي : انهن لا يعجبنني يا نسبون .
قال نسبون : حاول يا سيدي القاء نظره عليهن على الاقل .
قال السيد بتململ : حسنا ...فقط نظرة واحدة .
حدق بنا السيد لمره واحدة كنظرة سريعة ثم قال ببرود : لا اريدهن يا نسبون .
اشار نسبون لنا بالرحيل سريعا ولكنني سمعت صوت السيد وهو يقول : توقفن .
توقفت الفتيات وقد بدأن يرتجفن بخوف شديد كما دخلنا الغرفة لأول مره ، حيث توقفنا بينما قام السيد من مكانه واتجه تجاهنا وبدات يحدق بنا عن قرب ، حيث حدق باحدى الفتيات اللاتي كن يرتجفن خوفا وقال بسخرية : لا احب الفتيات المرتعشات الجبانات .
حيث توجه تجاه الفتاة التالية وقال وهو يلمس شعرها ببرود : ما الذي جاء بقبيحة مثلك الى هنا ؟
حدق بتلك الفتاة ببرود بينما قالت الفتاة برعب وارتعاش : لا املك ما اقوله لك يا سيدي .
ضحك السيد وقال بخبث : يجب ان تعطيني اجابة لسؤالي .
قالت الفتاة بصوت مرعوب : .....أنا ...أنا آسفة يا سيدي .....
ترك السيد شعرها ودفعها بخفة وقال وهو يلتفت تجاه نسبون بتململ : للأسف انني أخوض كل يوم نفس النقاش مع هؤلاء الفتيات يا نسبون .
قال نسبون بقلق : ...بل ..انا أعتذر منك سيدي ...يبدو انني لم اختر الفتيات بحرص كما اردت ....أقصد ملامح الفتاة تريديها .
قال السيد وهو يتحدث مع نسبون بينما يحدق بنا بملل وبرود ويمر علينا وكأنه يتفحصنا : نعم للاسف كالعادة انت قليل الخبرة ولا تعرف الملامح والأوصاف التي اريدها .
حيث توقف السيد عندما لمح وجهي بملامح مستغربة في بادئ الأمر بينما قال نسبون وهو ينزل رأسه : أعتذر منك يا سيدي ، اعتذر ....
قاطعه السيد وهو يحدق بي بملامح الاستغراب التي تحولت لملامح صدمة عندما بادلته التحديق ببرود : اخرج كل الفتيات لقد اخترت محظيتي لليلة .
قال نسبنون : ومن هي سيدي ؟
قال السيد وهو يحدق بي بملامح القلق : الا تظن ان هذا واضح يا نسبون .
اخرج نسبون كل الفتيات عداي ، حيث ابقانا وحدنا بينما حدق بي السيد بصمت لاحدق به وأقول بثقة : عرفت أنك لا تحب الفتيات المرتعشات والضعاف ، لذا انا هنا على حسب الأوصاف التي تحبها .
ضحك السيد ضحكة خفيفة وقال لي : اتبعيني .
حيث تبعته لندخل غرفة اخرى فاخرة وكببرة يتوسطها سرير كبير فاخر ، حيث حدق السيد وقال لي وهو يقترب مني : هل تقابلنا من قبل ؟
قلت ببرود : لا .
ضحك السيد وقال : بل كنا كذلك .
قلت وأنا احدق حولي بثقة : هل يعجبك انك تعيش في مكان فخم كهذا ؟!! وانت تظلم الناس ؟
حدق بي وقال وهو يقترب مني : أعرف بأنك سيدة الموت التي يهابك الجميع .
حدقت به وقلت : لماذا اذن لست خائف مني كما تقول ؟!!
ضحك بخفة وقال : لا اظن ان قدوم سيدة الموت الى هنا مجرد عبث !! ما الذي جئتي من اجله ؟!
قلت : من اجل زجاجة الترياق الازرق .
قال : هل تظنين انني ساعطيك إياه ؟
قلت : لا ولكنني لن أخرج من هنا حتى اخذه .
قال : لن اعطيك اياه .
قلت : ولماذا ؟! ما السبب ؟!
قال : هل لديك مقابل من اجله ؟؟!
قلت : لا ولكنني استطيع ان أكون محظيتك لليلة .
قال وهو يحدق بي بنظرات غريبة ولكنها أعطتني اشارة اشعرتني ايضا ببعض الغرابة ، حيث حدقت به عن قرب وقلت له : اظن أننا تقابلنا من قبل ولكنك لم تكن كما انت الآن !!!!
قال وهو يشير لي بالجلوس على احد الكراسي المغطاة بالفراء الابيض الفاخر الناعم : تفضلي بالجلوس قليلا يا شيري على ما أظن .
قلت له وانا احدق حولي في انحاء الغرفة : العيش في ترف أمر مقرف .
جلس على طرسي مقابل للكرسي الذي كنت عليه وقال : ما الذي قد تحتاجينه بتلك الزجاجة ؟ ما الغرض من حصولك على الترياق ؟ هل تظنين ان من السهولة الحصول عليه ؟!
حدقت له وقلت : لا شأن لك بغرضي منه ، فقط اذا كنت تملكه ، فانا اريده وساعطيك ثمنه .
حدق حوله بقلق وقال بجدية : هل ارسلتي معك مرسول ؟
حدقت به وقلت : عن اي مرسول تتحدث ؟ انا وحدي هنا ، لست خوانة مثل التي تعيش في عرينها .
قال وهو يحدق بي بجدية : هذا الوضع غير مريح بالنسبة لي .
قلت بابتسامة ماكرة وساخرة في الوقت نفسه : هل انت خائف مني ؟ ان اقتلك في مكانك !!؟
حدق بي بجدية وقال : أحس بأنني مراقب .
قلت وأنا أزفر واشير للسرير : سيدي ، لننهي ليلتنا بسرعة ، بينما مازالت ثمنك .
زفر السيد وقال : الأمر ليس بهذه السهولة .
قلت بغضب : اذن ماذا ؟!!
قال : لن تمتلكي الترياق بتلك السهولة .
قلت بعصبية وانا اقف مكاني : هل تريد اي مقابل آخر ؟! أنا لن اتردد في اعطائك اياه !!
وقف السيد مكانه وقال وهو يقترب مني ويحدق بكتفي المكشوف جزئيا : هل انت أم ؟!
قلت بعصبية : لا شأن لك ؟؟
قال بعصبية : من والد الطفل .
قلت بعصبية مكتومة : اخبرتك انه لا شان لك .
اقترب مني وكشف عن جنبي الأيمن بسرعة وحدق بوسمي وقال : انت من عصبة وهج الزرقاء .
قلت ببرود اتظاهر به : وماذا في ذلك ؟
قال بعصبية : من والد الطفل تكلمي ؟
قلت : يوبين
قال بشيء من الصدمة والقلق الغريب : اظن انك جئتي للمكان الخطأ .
قلت بشيء من الاستغراب : ما الذي تقصده بمكان خطأ ؟؟؟ أهل لديك خوف من النسوة ام ماذا !؟؟ يبدو انك خائف مني بالتحديد ، وخصوصا عندما تعرف سيدتك كورا انك نمت مع عدوتها اللدودة سيدة الموت .
قال وهو يحدق بي : لقد تقابلنا من قبل ، لقد قابلتك ، أنت من احد أفراد عصبة الوهج الازرق كما يقول وسمك ، ولكن سيدك قد مات .
قلت بعصبية : لا شأن لك يا هذا .
قال بابتسامة عفوية : حدقي بي اكثر وستعرفينني .
حدقت به ليبدو لي شخص ملموح جدا ، اذ انه نفس ذلك الشخص الذي هجم هو وعصبته علينا في ذلك اليوم عندما كنا في وسط الغابة ، حيث حدقت به وقلت : انت ذلك ....لقد لمحتك بذلك من قبل .
قال لي بابتسامة : أنا كاجون ، وانا مدين ليوبين بحياتي .
قلت بنظرات حادة : ...............
قال وهو يحدق بي : لا اعرف ولكن لا اظن انني استطيع اكمال ليلتي معك ، اقصد انه لا يمكن ان يكون ثمن ما تريدينه .
قلت بجدية : لا اهتم ، سافعل اي شيء من اجل ذلك الترياق .
قال كاجون بسخرية من الموقف الغريب : هذا رائع ، آخر لقاء لنا كان مخيف وسيء ، هذا لقاء غريب بشكل واضح .
قلت له بصرامة : لنكمل ليلتنا فهي ثمن الزجاجة .
قال كاجون : ما الذي تريدينه بهذه الزجاجة ؟ هل تريدين الخروج من هذا العالم بها ؟
حدقت به بصدمة وقلت : ...نع..نعم ، كيف عرفت هذا ؟
قال كاجون : لا يمكن لليلة ان تكون ثمن ترياقك ، يا زوجه صديقي يوبين .
قلت بعصبية : انا لست زوجته ، نحن لم تنزوج ابدا ، وهو قد مات وترك خلفه أهل ، انا ابنه ، وهذا هو اسوأ أنوع الرجال ، الذي يترك اهله بعده ، تبا له ، اتمنى ان يعذب طيل موته .
حدق بي كاجون وقال : اظن انني استطيع ان افهمك قليلا ، ولكن ....هذا مروع .
قلت بضحكة يائسة : انت لم ترى ما هو المروع حقا !! سوى انك تخدم تلك الساقطة ابنة الساقطة التي قتلت يوبين .
قال كاجون : لم يكن لدي خيار ، العيش بهذا العالم يتطلب كل ذلك .
قلت وانا امسكه من ثيابه القريبة من عنقه بعنف : لو لم تكن كاجون الذي يعرفه يوبين وقد ساعدنا تلك المره لكنت قتلتك مكانك واقتلعت الزجاجة منك .
قال كاجون ببرود غريب : هذه حدود يا زوجة صديقي .
تركته بعصبية وقلت وانا احدق به بنظرات السخط : لا يمكن لظلالك ان توقفني لو اردت قتلك .
قال كاجون : سأعطيك الجرعة ، ولن أقبل بقاءك الليلة معي كثمن ابدا ، ولكن بالنسبة للجرعة ...
قلت له بعصبية : لا تحاول ادعاء العفة الآن يا سيد بعدما لعبت بكل الفتيات يا ساقط .
ضحك طاجون بسبب صدمته من الكلام الذي وجهته له وقال : لم تكن الفتاة التي قابلتها قبلا صلبة مثلك ، يبدو ان ما واجهته قد غيرك جذريا !!
قاطعته وقلت : لقد سمعت مثل هذا الكلام من قبل ، تعبت منه ، فقط اياك ومواصلة ما تفعله ، يجب عليك أن تبحث عن الفتاة الوحيدة التي تستحقها بينما خي تعزك .
حدق بي وقال : تبدين كجدة تعطي المواعظ .
قلت : انا كذلك ، انا جدة ، رغم انني لست كذلك ، ولكن ظروفي جعلتني ناضجة بشكل اسرع من غيري ، عجوز أكثر من كوني شابة رغم شبابي الواضح .
قال كاجون وهو يتوجه تجاه ستار يكشف خلفه باب ما ويفتحه ويدخله : اتبعيني .
تبعته ودخلت معه تلك الغرفة لأرى وانها وكأنها غرفة سرية او شيء من هذا القبيل ، حيث رأيت وسطها طاولة يستقر وسطها صندوق متوسط الحجم ، جيث قال كاجون وهو يقف ويحدق به : أشكرك على ما قلته لي ، سأفكر فيه ، بل اظن انه اثر بي كثيرا ، اما بشأن الترياق ......
قلت : ماذا بشأنه ؟؟ هل يوجد داخل هذا الصندوق ؟؟!
قال كاجون : ولكن الترياق هو من يأخذ ثمنه منك ، وليس انا .
قلت باستغراب : ما الذي تقصده ؟
قال بابتسامة : انه بمقابة لعنة فهل انتي مستعدة له ؟؟!
قلت : نعم .
اقتربت من الصندوق بهدوء حدقت به بصمت ،
قال بابتسامة : تبدين مهتمة جدا بشأن الترياق .
قلت بجدية : ما الثمن الذي يريده الترياق مني ؟
قال كاجون : انت مهمته بالتحديق بالصندوق الذي يحتوي على الترياق ، لتعرفي ثمنه بينما ثمنه واضح أمام عينيك دون ان تعرفي ذلك .
حدقت به بينما بادلني التحديق بابتسامه ، حيث قلت له : لا افهم .
قال كاجون : هذا الترياق الازرق يؤثر في عين ناظره ومشاهده ، ستعرفين تأثيره عندما تحدقين به .
حدقت بالصندوق وهممت لفتحه ولكن كاجون استوقفني وقال : ناظره هو مالكه فقط ، وسوف ينتقل ثمنه لك ، حتى يأخذ منك ثمنه كامل ، ولن يكون سهل ، بل اقل وصف له هو مؤلم .
قلت باستغراب : ما الذي تقصده ؟؟!!
قال كاجون وهو يجلس على كرسي استقر في ركن تلك الغرفة : اعطائي لك الترياق بمثابة لعنة تخلصت منها اخيرا للاسف وليس شيء استطيع اهدائه لك للاسف ، ولكنه امر عادل ، أخمن انه سيكون مؤلم قليلا لي لك ، ولكن لا اظن ان ارادتك ستتوقف عنده .
قلت : .نعم لذا انا مستعدة للعنة مهما كانت ، لن اخرج من هنا بدون هذا الترياق على كل حال .
فتحت الصندوق على عجالة لأحدق بزجاجة بترياق أزرق بشكل عادي ولكنني بعد تحديق لثوان قليلة شعرت بألم في عيناي ، جعلني امسك رأسي بألم بينما كان كاجون في حال مشابه لحالي غير انني سمعت صوت أنينه المنخفض بهدوء ، حيث بعد ثوان ازداد الالم علي بينما كنت امسك رأسي بتعب وأنا اوجه بنظري تجاه كاجون الذي سقط مكانه وكأنه فاقد لوعيه بينما سقط مكاني فاقدة الوعي بعده فورا .
( عامي الاعين )
استيقظت وأنا أرى نفسي ذلك السرير الفخم الكبير ، وقد اختفى ألم عيناي بشكل جزئي ، حيث كان المكان شبه مظلم بشكل جزئي ، حيث لمحت شخص يقف امامي بصمت بينما يفتح جزء من ستار النافذة اليمنى ليتسلل ضوء الشمس تجاهي لأشعر بألم شديد في عيناي وامسك برأسي واغطي عيناي بألم وأقول : اغلقوا الستار ...هذا مؤلم ....
اغلق الشخص الستار بقلق وقال لي بصوت مألوف : أعتذر منك سيدتي ، لم اتعمد فعل هذا .
حيث فتح الشخص مصباح بضوء خافت بجانبي واقترب مني وقال : اعتذر منك سيدتي ، تستطيعين الآن فتح عيناك .
ابعدت يداي عن عيناي لأحدق حولي بهدوء وأنا اقول : ....نعم ...هذا مريح اكثر لنظري .
حدق الرجل الذي اتضح لي انه نسبون بي باعين واسعة متفاجئة لأقول له باستغراب : ما بال نظراتك يا نسبنون ؟؟
قال بارتباك وهو يعدل وقفته : لا شيء سيدتي ...فقط ...
في هذه اللحظة دخل كاجون الغرفة وقال بصوت ثابت : تستطيع يا نسبنون الخروج الآن .
خرج نسبون من الغرفة بينما توجه كاجون تجاهي وجلس على طرف السرير وحدق بي بأعين متغيرة اللون ، كانت بلون اقرب للون البنفسجي الداكن ، حيث قلت بقلق : ما الذي حدث ؟؟!
قال كاجون : أنا آسف يا شيري ، ولكن هذا هو ثمن الترياق ، أنه يستنزف سواد العين حتى يعميه .
قلت : ............
قال كاجون : عيناي الزرقاوتين كانت علامة للاقتراب من العمى ، حيث أنها تأخذ لون العين في درجات ، وتبدأ باللون البني الذي يتحول للون العسلي والى الاخضر ثم الازرق وتجاه الرمادي للبياض الذي يعمي العينين .
قلت : ......و..وماذا عنك ؟!!! عيناك تبدو وكأنها تميل للون البنفسجي الداكن .
قال كاجون : انها تأخذ وقتلها لترجع للونها الاصلي الذي اخذه مني هذا الترياق ليبدء في استنزاف لون عينك انتي بدلا مني .
قلت : ..........
قال كاجون : مهما كان ما تخططين له يجب أن تجدي هدفك بسرعة باستهلاك هذا الترياق ، او بنقله لشخص آخر ، لكي تحمي نفسك وتقيها من العمى .
قلت وانا احدق به : اذن هي ايضا ستأخذ وقتها معي ايضا .
قال كاجون : نعم .
سلم كاجون مرآة ليدي لأرفعها بهدوء وأنا احدق بانعكاسي في المرآة لأرى اعين بلون مماثل لعيني كاجون ، حيث قلت له وانا انزل المرآة للاسفل : قد يكون لنا نفس اللون ولكننا في طريق معاكس لبعضنا .
تبسم كاجون وقال بأسف : لا اظن انه امر منصف لك ولكنني فعلته كمقابل للترياق ولمساعدتك في هدفك .
قلت له بابتسامة : اشكرك يا كاجون ، لم اكن اظن انك ستساعدني بذلك .
قال كاجون : فقط حاولي هذه الفترة تجنب التحديق المطول بضوء الشمس القوي .
قلت بابتسامة: نعم ...لقد جربته لا تقلق ، انه مؤلم .
قال كاجون : أخمن أنك سترحلين من هذا العالم من اجل ايجاد ابنك .
قلت : نعم .
قال كاجون : اتمنى لك التوفيق .
قلت : ولكن لدي سؤال .
قال كاجون : ما هو ؟!
قلت : كيف استطعت الحصول على هذا الترياق ؟! ومن أين ؟!
تبسم كاجون وقال وهو يشير للندبة التي على وجهه : قصة طويلة ، من الافضل عدم ذكرها بسبب هذه الندبة على وجهي .
ضحكت بخفة وقلت : نعم ....أظن أنك محق .
ودعت في ذلك اليوم كاجون الذي ودعني بحرارة و اعطاني بعض الارشادات اللازمة بشأن عيناي وغيرها ، كنت ممتنة له ولتفهمه ما أريده .
( ترياق لامع )
احتضن دورين التي فكت حضنها عني وهي تبتسم لي تقول : كم ساشتاق لك بعد ذهابك !!!
تبسمت لها وقلت بصوت هامس : اخفضي صوتك حتى لا تستيقظ فنياتك ويعرفن بوجودي ، فقط اردت ان ازورك زيارة سريعة للمره الأخيرة .
قالت دورين بابتسامة حزينة : اتمنى لك طريق السلامة ، وصدقيني سيأتي من سيساعدك لو كان مقدر لك الخروج من هذا العالم ، سيساعدك احدهم حتى يخرجك من هذ العالم بسلامة ، واتمنى ان اكون ذلك الشخص ولكنني لا استطيع ترك فتياتي وحدهن .
ضحكت بصوت منخفض وقلت : لا تقلقي علي ، وخصوصا بعدما عرفت طريق الذهاب الى هذه الجزيرة منك بكل دقة وتفصيل ، كل الشكر لك .
بعد توديع حار لدورين والذهاب بهدوء ، توجهت تجاه المكان الذي وصفته لي دورين ، والذي يتضمن الذهاب الى مكان بعيد يكون أقرب للبحر ، بالطبع العللم الذي انا فيه يمتلك جميع بيئات عالمنا الحقيقي ولكن بشكل اجمل بأكثر ، حيث بعد عدة ايام من المشي صباحا والاستراحة ليلا وصلت الى ساحل بحر ما ممتد بشكل واسع ، شاطئ برمال تميل للون البني الفاتح ومياهه الصافية الشبه شفافة من شدة نقائها ، بحر ساحر بحد ذاته ، بقيت احدق بالبحر وأستنشق هوائه بسعادة وراحة ، حيث مشيت على طرف الشاطئ لتداعب مياه البحر ساقياي بخفة ونعومة ، بعد مدة ليست بالقصيرة من كل هذا الشعور الذي وصفته بالحلم بالنسبة لي بعد كل ما مررت به حدقت بالبحر بابتسامة غريبة وقلت بتوتر وانا اخرج من جيبي ترياق بلون شفاف لامع بشكل غريب حدقت به وقلت بابتسامة باردة : قد يستطيع هذا المسحوق مساعدتي دون مساعدة اي شخص آخر ، ولكنه سياخذ ثمنه مني كما فعل الترياق الازرق ، على الاقل هو سيعطيني قوى لمدة معينة لم احظى بها من قبل ، وانا اقبل ثمنه كما قلت لدورين من قبل .
شربت ذلك التريلق اللوامع الشفاف كله دفعة واحد وبعدعا شعرت بذوخان شديد واختناق شديد ، ولكنني لم افقد وعيي ابدا ، ولم اجد حل لذوخاني واختناقي سوى القفز تجاه مياه البحر .
( وحش بحر غريب)
قفزت تجاه مياه البحر مثل المجنونة بتوحش وبدأت اسبح بسرعة جنونية ، لم اعي في بادئ الامر الى اين كنت اتجه ولكنني بعدما اشبعت عطشي الغريب الذي شعرت به بشكل غريب توقفت مكاني وانا احدق حولي بقلق ، حيث حدقت برعب في جسدي الذي كان أشبه بوحش بحري يسبح بسرعة جنونية ، مثل تمساح جائع يطلرد فريسته ، لم اكترث كثيرا بشأن جسدي لأنني سارجع لحالي الطبيعي بعد مدة عدة ايام كما اخبرتني دورين لذا يجب علي التركيز فقط بالمكان الذي اريد الاتجاه اليه ، وعدم الاكتراث لاي شيء آخر لانه سيعكر علي مهمتي وهدفي ، بعد سباحة طويلة استمرت لاكثر من يوم تجاه الغرب دون استراحة او شعور بالتعب ، وقد كان هذا شعور غريب بالنسبة لي ولكنني لم اهتم حتى رايت امام اعيني من بعيد أرض يابسة تطفو على البحر قلت بابتسامة : هذا ما أريده .
توجهت تجاهها دون اي عائق ، وقد وصلتها سريعا ولكن سرعة السباحة التي كنت اسبح بها كانت كبيرة ولم أستطع التحكم بها جيدا لاضرب احد الصخور الكبيرة للجزيرة بقوة شديد وأسقط عندها فاقدة وعيي .
( حورية زرقاء)
استيقظ وانا اشعر بألم شديد في رأسي التي تستند على شيء كبير صلب بشدة ، اتألم وأتاوه بتعب وأنا اتنفس بثقل ، أحدق بالبحر الذي يبلل جسدي السفلي بلطف لأرى ذيل سمكة كبير بلون ازرق لامع ، حيث كان ذلك جزء من جسدي السفلي ، حيث بعد ثوان من السرحان حدقت بجسدي بقلق وأنا اتنفس بسرعة وتوتر لارى انني مخلوق اشبه بحورية البحر في القصص الخيالية !! حدقت حولي بقلق وخوف وانا أحاول تهدئة نفسي ، تحققت من كل جزء من جسدي لأرى أنني أمتلك نفس لون شعري الأسود ونفس لون بشرتي وكل شيء طبيعي عدا جزئي السفلي الغريب ، حدقت بقلق وحاولت التوجه تجاه البحر لأدخله بكل سهولة واسبح فيه بحرية ، ولكنني لم افهم الأمر بعد ، لماذا اصبحت حورية بعد تحولي لوحش بحري مجنون من قبل ؟!!! ولماذا لم اعد بشرية بشكل كامل ؟! هل للترياق بعض العيوب ؟! إو آثار جانبية ؟!! اتمنى الا يكون كذلك ، حيث حاولت الخروج من البحر والتحرر من تشكلي هذا ولكن دون فائدة ، كنت لا استطيع الحركة اصلا خارج البحر ، واشعر باختناق شديد لادخل البحر مثل السمكة المختنقة التي تقفز تجاه البحر بتهم ، وتعطش ، حيث بقيت على ذلك الحال طيلة ذلك اليوم حتى الليل ، ليلا وانا اتعلق بصخرة متوسطة الحجم مطمورة بالمياة قريبة من شاطئ الجزيرة بحزن ، حيث كنت متعبة ، احدق فقط بنجوم الليل الساحرة واقول في نفسي : عالمي الاصلي لا يختلف عن هذا العالم الا بالقليل ، ولكن لماذا أنا عالقة فيه ؟!! ولما انا عاجزة ؟؟
استلقيت على تلك الصخرة وحدقت بالسماء بتمعن لتذكرني بابني يوبين ، حيث أمسك بيدي كتفي الذي يحمل وسم تلك الورود التي ترمز لكوني أم يحزن وأنا ادمع واوجه يدي وناظري تجاه مياه البحر بألم وحزن ، لاعبت مياه البحر يدي بنعومة ولطف ، حيث حدقت بعدها بتلك الجزيرة وقلت : سادخلك واقتلع زهرتك المضيئة ومسحوقك من اسفلك ، وسأذهب الى ابني .
حيث وبينما كنت احدق بالجزيرة بدموع وحزن شديد لمحت ظل رجل يقف على شاطئ الجزيرة ، حيث تنبخت لذلك وجلست مكاني بسرعة لاحدق مره اخرى بالشاطئ ، ولكن يبدو انني كنت اتوهم ، ذلك الرجل لم يكن موجود ، وهمي ، واظن ان كتماني لألمي ، وتجاهلي لكون وجود اب لابني قد يكون هذا جزء من آثاره ، يقال ان كتمان الألم والمشاعر قد يقود الشخص للتوهم والجنون لاقصى الدرجات ، وقد اكون كذلك ، بل أكثر ، في كل فترة اسأل نفسي ، هل احببت يوبين ؟!! رغم انه سيدي ؟! لم اعرف الجواب لأنني كرهته ولكن بالنسبة له ....لا اعرف جوابه ولكنني أظن أنه ...يحبني ...ولكن الانانية والجشع والطمع يفرق الاحباب في كل قصة رومنسية ، لذا اظن ان حالي هذا نتيجة لجشعه وطمعه ، نعم ، ولكنني سامحته لانه مات فقط ، ولو كان حيا لقتلته ، امري غير مفهوم ومتناقض ، ولكنني بخير ، لانني اظن انني استطيع فهم نفسي اظن منك ايها القارئ ، هذا مضحك !! ولكنني وبعد كل هذا التفكير لمحت ظل رجل غريب مره أخرى في الشاطئ ، حدقت بأعين ماسحه ومتفقدة بظل ذلك الرجل الذي يقف بثبات على رمال الشاطئ ، ولكنه حقا كان ظل رجل غريب ، استلقيت مره اخرى على الصخرة ببرود وأنا أتجاهل ما رأيت متيقنة انه كل هذا آثار مشاري المكبوتة بصمت طيل سنين ، حيث حدقت من مكاني وانا مستلقية بظل ذلك الرجل ببرود وقلت بابتسامة حزينة : انت وهم زائل ، وانا الحقيقية ، قد اكون مشتاقة ، ولكنني انزعت شوقي لك منذ زمن طويل لأرى ظلك وأنا أؤنب عقلي الضعيف .
بعد ذلك غطيت في نوم عمق لم يعكر صوفه سوى ضربات امواج البحر ليلا والتي كانت تأخذ بجسدي يمينا ويسارا وتضربه بقوة ، حيث لم استطع مساعدة نفسي كثيرا واستسلمت لامواج البحر التي افقدتني وعيي بسبب ضرباتها القوية لترمي بي في مكان مجهول .
( بحر الضياع )
استيقظت وانا مرمية على سطح صخرة وسط مياة البحر ، كنت اشعر بألم شديد في جسدي وتعب شديد ، كنت في نفس الوقت منزعجة من ضوء الشمس القوي الذي كان عاموديا فوقي ، حيث جلست مكاني بصعوبة شديدة وحدقت حولي بتعب وأنا أمسك بكتفي الذي أظن أنه مخلوع ، حيث بعدها حدقت بشكل غير شعوري بجسدي الذي عاد لطبيعته العادية ، وقد كان اقدامي مليئة بالجروح التي جف نزيفها من قبل ، حيث عرضت اقدامي لمياه البحر لأشعر بألم شبيه بالاحتراق فيها ولكنني لم انزعها من الماء لأنني اعرف أن مياه البحر مفيدة للجروح حتى لو كان ذلك حارق ومؤلم ، حيث بينما كنت افعل هذا حدقت حولي مره أخرى لأرى انني لم اخطئ بما ظننته فقط كنت على صخرة كبيرة وسط البحر دون وجود اي شيء حولها ، وكأنها صخرة مقطوعة من جبل او جزء من جزيرة ما ضاعت من افراد عائلتها من الصخور التي تحيطها ، حاولت تدقيق النظر حولي أملا في وجود اي جزيرة قريبة أو سفينة او اي شيء يساعدني على الخروج من المأزق الذي كنت فيه ، ولكن بلا فائدة ، فقط ابتعدت عن تلك الجزيرة التي اريد البحث عنها وكذلك عن اي ارض مأهولة للعيش لشكل مؤقت للاسف ، كنت ساخطة ومتحطمة ، سأنقذ نفسي سباحة ، حتى لو كان صعبا سأفعل ولكن لحظة ....تبا ، انا لا أستطيع ، لأن كتفي الأيمن مخلوع من مكانه ، ولا اظن انني سافلح بعلاجه ، واقدامي مليئة بالجروح وكذلك هناك ضربات قوية ورضوض على اجزاء من جسدي كله ، تلك الأمواج لم ترد مساعدتي ابدا ، تبا لها ، ما الذي سافعله ؟!!
اشعر بالجوع والألم ، بعد مدة من البقاء وحدي على تلك الصخرة الغريبة تمكن الياس مني ، فقد عرفت أنني لن استطيع النجاة ، حتى لو اردت وتجاهلت ألم وسبحت تجاه اي ارض مجهولة رغم أنني لن استطيع ، سأكون ضحية مفترس بحري ، وبقائي هنا ايضا مميت لأنني سأموت جوعا ، وخصوصا انني في حالة ضعف ، تبا ، الموت ينظر الي وينتظر موتي بهدوء بما انه قريب ، لا اعرف ما سافعله سوى أنني سأبقى هنا بصمت وأنا أنتظر موتي ببطئ .
( خبثاء البحر )
ليلا وبينما أنا شبه واعية ومياه البحر التي تداعب جسدي بنعومة ، ولكنني لن أقع في الاعيبها الخطرة ابدا ، لانها ثعلبة ماكرة ، ستلاعب اطرافي قليلا الآن ثم تضرب جسدي في منتصف الليل بكل صلب تراه ، حيث وبينما كنت في نفس حالي ذلك اتمتم غير مفهوم وبنعاس وتعب شديد سمعت صوت همس غريب كان يأتي من داخل مياه البحر ، حيث لم استجب اليه ابدا لأنني كنت على وشك النوم على كل حال ، ولكنه اعاد همسه بصوت اعلى وأعلى حتى ارتفع صوته وافزعني ، حيث استيقظت من حالتي الشبه واعية لأصحو واعية بشكل كامل وأنا احدق حولي برعب ، حيث قال الصوت الهامس : هل تريدين النجاة ؟!! استيطع انقاذك من هنا ؟!!
حدقت حولي برعب رغم تعبي وجلست مكاني وقلت بصوت متعب : من أنت ؟! من يتحدث معي ؟!!
صمت الصوت لأعيد ما قلته اكثر وبصوت اعلى ، حتى سمعت ذلك الصوت يرد علي بصوت خبيث : هل تريدين أن انقذك ؟؟ هل تريدين النجاة من موتك هنا ؟!!
قلت وانا اتجاهل خوفي قليلا : نعم ...اريد ذلك .
قال الصوت : استطيع انقاذك ولكن بمقابل .
قلت : وما هو مقابلك ؟!
قال الصوت : يبدو انك فقدتي شيء من متعلقاتك اثناء تعرضك لضربات الموج .
قلت : ...............
ظهر لي من الظلام ظل قد مد مخالبه السوداء لي وهي تحمل الترياق الأزرق ، حيث قلت بتردد : نعم صحيح ...هذا الترياق ملكي .
ضحك الصوت بضحكة مخيفة لم تهزني وقال : لا اظن انها ملكك الآن .
قلت بعصبية : ما الذي تقصده ؟! لا يمكنك اخذها ؟
قال : بلى ، فانا من وجدها فهي ملكي ولا تمثل ثمن لكي انقذك بها .
قلت بعصبية اتظاهر بها لاخفي خوفي الشديد : وما هو مقابلك ؟
تبسم بصمت لأرى أسنانه الحادة والمخيفة وهي تظهر لي ببطئ وهي تظهر لسان كبير مرعب وهو يلمس جسدي بشكل ارعبني بشدة ، ولكنني كنت استطيع قتله في لحظات بسبب قواي ، ولكن في تلك اللحظة قواي لم تؤثر عليه أبدا ، بل ظللت أمامه عاجزة بشكل غريب ، حيث في تلك اللحظة استسلمت له ولموتي الحتمي وانا اغمض عيناي لاشعر بأمواج تضرب وجهي بقوة متوسطة ولكنني تشبثت في الصخرة ولم اسقط من عليها ولكنني ووسط ظلام المكان رايت ظلال غريبة واصوات ارتطامات في مياة البحر بقوة وصرخات عالية تدوي بالمكان ، حيث حاولت اغلاق أذني بيدي من شدة علو ذلك الصوت ، حيث وبعد فترة من ذلك هدء الوضع بشكل كامل تماما ، مما جعلني ابعد يداي عن اذني بتعب وانفاس متقطعة لارى شيء ما يسبح بهدوء تجاهي ، حدقت به برعب لأرى ظل رجل ما يخرج من وسط المياه السوداء التي حولي وهو يقف على الصخرة التي كنت عليها ويحدق بي من علو ، فقد كان طويل بشكل غريب ، حيث رفعت نظري لرؤية وجهه الذي لم يتضح لي ابدا ، حيث شعرت في تلك اللحظة بتعب شديد افقدني وعيي .

الى عالم مجهول _into New Worldحيث تعيش القصص. اكتشف الآن