عادت ايلينا إلى البيت وهي تسترجع ماحدث معها ، ابتسمت بعفوية وقلبها ازداد نبضه ، ولكن ما ان تذكرت تلك العلامات حتى اقشعر جسدها .. ترى ماهي قصة العلامات ، ومن يكون جاك ؟!!
فتح جمال عيناه بصعوبة ، كانت شفاهه لازالت نازفة من أثر الكدمات ، حرك رأسه بصعوبة بالغة ولكن لم يرى سوى السواد ، حاول أن يتحرك ولكن لا شيء ، لقد كان موثقآ بالحبال من كل جانب ، بل ومعلقا في السقف ، انقبض قلبه لهذا الحال ، ولوهلة تذكر جاك ، ولكنه طرد تلك الأفكار بعيدا ، يستحيل أن يعود للحياة مرة أخرى ،لقد دفنه بيديه !!
حل الصباح ، وايلينا تفكر بالعودة مرة اخرى ، ذلك الجد هو من سيخبرها بكل شيء ويجيب عن تساؤولاتها ، لديها فضول شديد لمعرفة كل شيء ..
ارتدت ملابسها وتركت شعرها منسدل وأخذت حقيبتها ، وسارت نحو ذاك البيت ، ولم تنسى أن تقطف باقة من الورود البيضاء من حديقتها الخاصة وتحملها نحو الجد اللطيف ..كارلا : أين جمال ، لقد تأخر كثيرا ؟!
نيرة : لا أعرف ياسيدتي ..
كارلا : احضري كايل .
نيرة : امرك سيدتي .
فركت كارلا يداها بتوتر ، أحست أن هناك شيء يحدث ، ولكن لا ، كل شيء على مايرام ، لن تقع أبدآ ..تسللت ايليدنا نحو ذاك البيت ، دخلت إلى غرفة الجد ، فوجدته جالس امام النافذة ، وقفت تنظر نحوه ، هناك شبه بينه وبين جاك ، يبدو أنه ورث عنه بضع الصفات ولكن ليست طيبة القلب بالطبع ..
الجد : رائحة الورود جميلة ، ادخلي يا ايلينا ..
الينا بدهشة : كيف عرفت أنني هنا ؟!!
ضحك الجد قائلا : رائحتكي ياصغيرتي .. ألا تعرفين أن من يفقد بصره ، يقوى سمعه كثيرآ ..
ابتسمت ايلينا وقبلت رأس الجد ، وضعت الأزهار على السرير وجلست تتحدث معه وتطمئن على صحته ، ولكن لم يختبئ فضولها اكثر من ذلك ،
قالت باحراج : جدي أود أن أسألك عن شيء ما ..
الجد : بالطبع صغيرتي ..
ايلينا : لما جاك بهذه القسوة ، لما توجد علامات على جسده ، لما عيناه مسودة كثيرا ؟! وأين والداه ؟؟
ابتلع الجد غصة آلمت قلبه : لا تشغلي نفسك بالتفكير بهذه الأشياء ..
الينا بإصرار : أرجوك جدي أريد أن أعرف ..
الجد وقد عاد بذاكرته لأكثر من عشرون عامآ ...فلاش باك ..
الجد بغضب : ماذا تعنين بأنكي ستخرجين الآن ؟! وكيف تتركين ذاك الفتى ملقى بقسوة لوحده ..
ردت المرأة وهي تضع بخات عطرها : لا شأن لك بذلك ، فلتحترقا في الجحيم .. وخرجت مولية ظهرها ..
تنهد الجد بغضب فتلك هي عادتها دائما ..
حمل الجد هاتفه وضغط بضعة أرقام قائلآ : بسرعة ياجمال الحق بها ..
جمال : حاضر سيدي ..أغلق جمال هاتفه وتلك التي بجانبه تجلس ثم تبتسم بمكر قائلة : ذلك العجوز الغبي ، يظن أنه أفضل من الجميع ، أولا يعلم أنني أستطيع باشارة من يدي أن أقتله كما قتلت ابنه .. حقآ اشفق عليه !!
ضحك جمال قائلا : حسنا لنبدأ العمل ..
أومأت برأسها موافقة ..بااك ..
نزلت دمعة ساخنة على خد الجد وهو يروي تفاصيل حياة جاك ، منذ موت أبيه وصولا إلى اختفاء أمه ، كان لأبيه أعداء كثر ، وديون بمبالغ باهضة ، مما سبب العديد من المشاكل ، بدايتها اختفاء أمه والتي تم اختطافها وقتلها بوحشية ، وصولا الى تعذيب جاك منذ أن كان بالسادسة ، فلم يجد الرجال بدا سوى أخذ حقهم من جسد جاك ، ذاك الصغير ، إن كان بالجلد أو الحرق أو الضرب ..
كان الجد يروي تلك التفاصيل ودموع ايلينا لا تغادر مقلتيها ، لقد عرفت الآن لما يفعل ذلك ، أي كائن بشري سيحتمل تلك القسوة والتعذيب ، أي مجرم يقوم بتعذيب طفل صغير ليس له ذنب ..
لوهلة قررت ايلينا الذهاب إلى غرفة جاك ، لا تعرف لما ، ولكن أحست بالألم وأحبت أن تخفف عنه قليلا .. أخذت وردة بيضاء ومسحت دموعها واستأذنت من الجد ..
أومأ الجد موافقآ ، وهو متأكد أنها ستكون الوردة البيضاء التي ستعيد جاك إلى رشده من جديد ..نزلت ايلينا وتوجهت نحو غرفة جاك ، فتحتها بحذر ولم تجده بالداخل ، للتو تمعنت في تلك الغرفة جيدآ .. تلك الغرفة الموشحة بالسواد ، نزلت دمعة ومسحتها بسرعة ، لقد عانى كثيرآ .. وضعت تلك الوردة في كأس ماء بجانب سريره ، وأخذت تعبث في الأنحاء ، توجهت الى تلك الخزانة ، يبدو أنها مزاحة قليلا ، وضعت يدها على المقبض وكادت أن تحركها لولا صوت جاك ..
جاك : أراهن أنكي أحببتي كلابي الضارية ..
ابتسمت ايلينا : لقد جئت لزيارة جدي وليس لك ..
جاك بدهشة مصطنعة : ومنذ متى أصبح جدك ؟!
ايلينا : منذ أن دخلت هاذا البيت .. وأخرجت لسانها لإغاظته ..
اقترب جاك منها حتى ألصقها بالحائط ، وهمس بجانب شفتيها : لا تعبثي معي أيتها الصغيرة ..
احمرت وجنتا ايلينا وابتلعت ريقها قائلة : أحب اللعب مع الوحوش ..
قهقه جاك ضاحكا ، يا لتلك المجنونة ، انها تحت قبضته ولازال لسانها السليط يعمل بجدارة .. أردف ضاحكا : سأريكي أصول اللعب ..نظرت نحوه بحيرة ولم تلبث حتى انقض بشفتيه على شفتيها كالأسد الجائع ، فتحت ايلينا عيناها من الصدمة ولم تتحرك ، حتى شعرت بطعم الدماء في فمها ، حاولت ابعاده ولكنه لم يتحرك انشا واحدا ، بل استمر في تقبيلها وكأن حياته تعتمد على ذلك ..
ابتعد عنها بعد أن شعر بحاجتها للهواء .. أخذت الينا تلهث بقوة وهي تلعن بصوت مرتفع : أيها الوغد القذر المنحرف ، سأريك أيها الحقير كيف تلمسني ، أنت مقزز ، وأخذت تضربه في صدره وتركله بقوة وهو يضحك من قلبه بشدة ، سحقا لم يضحك منذ زمن ..
نظرت الينا له بحقد وخجل وتركت الغرفة هاربة ..ابتسم جاك وهو يستلقي على فراشه ، لمح تلك الوردة البيضاء ، حملها برقة بالغة بين يديه وابتسم قائلا : أنتي بالفعل وردتي البيضاء ..
أنت تقرأ
وردتي البيضاء
Mystery / Thrillerأخطاء الكبار يدفعها الصغار دائمآ .. ماذا إن تحول ذاك الصغير إلى وحش كاسر ، هل سينتقم ، أم سينسى .. وهل هناك بصيص أمل سيغير مجرى حياته .. !!