الفصل الثالث ( جنون )

4.4K 138 1
                                    

جلست على كرسيها خلف مكتبها الضخم ، تعبث ببعض الأوراق الموضوعة أمامها ، وتراجع الملفات المغلقة ، التي تطوي في صفحاتها العديد من الصفقات الهامة والتي تزن ملايين الدولارات .. حملت هاتفها قائلة : تعالي إلى هنا ..
دخلت السكرتيرة بسرعة ، فهي في غنى عن غضب تلك المرأة ، أردفت باحترام : نعم سيدتي ..
كارلا : من قام بتوقيع صفقات البارحة ؟!
نيرة : السيد جمال .
كارلا : احضريه حالآ . واتيني بكوب من القهوة ،
نيرة : أمرك سيدتي ..
ضربت كارلا الطاولة بعنف ، لطالما كرهت التقصير في العمل وخاصة مايتعلق بالأموال ، فهي عشقها الوحيد في هذه الحياة ..

تسللت ايلينا من خلف ايما ، وهي تجزم أن هناك دخان يتصاعد من اذنيها وشرارات الغضب تنطلق من رأسها ، هي على حق ، فهي هنا منذ اكثر من ساعتين ..
ايلينا : اووه حبيبتي ايما ، تبدين جميلة جدا اليوم .
ايما : أيتها الغبية ، تظنين أنكي ستنسيني مافعلتي ، لن أنتظرك مرة اخرى في حياتي ..
ايلينا : حبيبتي سامحيني فأنا أعشق البيتزا .
ايما : أساسا لا أعرف كيف لدي صديقة مثلك ، لن تكبري أبدا .
ايلينا : أعدك هذه آخر مرة ، لن تتكرر ، أنا أحبك .
ايما : حتما ستكونين سبب موتي ، سأذهب لاحضار بعض القهوة .
ايلينا : شكرا لكي يا أجمل صديقة في حياتي .
ابتسمت إيما يائسة من جنون صديقتها ، فيما أخرجت ايلينا كتابها المفضل وشرعت في قرائته ريثما تعود صديقتها ..

كايل : هل أحضر لك كوبآ آخر ؟
جاك : لا أريد ، هيا أريني تلك الصور وسيرته الذاتية .
كايل : تفضل ..
أخذ جاك يقلب الأوراق باهتمام شديد ، سحقآ لا أحد يعلم بماذا يفكر ..
كايل : سأذهب لإحضار بعض الماء ، وماإن استدار بظهره حتى صرخ بقوة ، التفت جاك بعينيه نحو كايل ، واذا به ملطخ بالقهوة والشرر يتطاير من عينيه ..
ايما : أنا آسفة ياسيدي ، حقا آسفة لم أقصد .
كايل : أيتها الفتاة الغبية ، ألا ترين من أمامك ، لقد أفسدتي قميصي .
ايما والدموع في عيناها : آسفة جدا .
جاك ببحة رجولية : اتركها تذهب .
كايل : ماذاا .. !! وهل نزلت إلى قلبك الرحمة ، فقط عندما تعلق الأمر بي !!
جاك : لست متفرغا لهذه التراهات ، اريد أن أسألك عن شيء مهم .
كايل : اذهبي أيتها العمياء ، لولاه لما كنتي حية حتى الآن .
رفعت ايما عيناها نحو جاك لشكره ، ولكن تعثرت الكلمات على لسانها وانسحبت بسرعة ..
كايل : يارجل إنك مخيف حقآ ، لقد اصفر وجه الفتاة .
جاك متجاهلا كلامه : انظر هنا ، يوجد العديد من المعلومات الناقصة ..
كايل : لا أعرف ، كل ما أعرفه هو أنه يعمل في شركة ضخمة ، أما كيف أتى ولماذا ومن رئيسه ، لم استطع الوصول له بعد ، وكنت اريد التأكد بأنه هو المقصود .
جاك : وهل تظن أنني قد أنسى وجهه !! سيتمنى الموت على ما سأفعله به ، أقسم أنني سأسلخه حيآ وأطعم جلوده لكلابي الضارية .

ايلينا وقد شعرت بعودة ايما ، مدت يدها دون أن تنظر قائلة : هاتي قهوتي هيا .
ولكن ايما لم ترد ، لترفع ايلينا عيناها نحوها وتصدم بمنظرها ، اسرعت لاحتضانها قائلة : ايما حبيبتي ماذا بكي ، ارجوكي تكلمي ..
قصت ايما ماحدث على ايلينا ودموعها تغزو خديها الصغيرين ..
ايلينا : يا له من وقح ، سأعطيه درسآ لن ينساه ..
ايما : لا توقفي أيتها المجنونة ، إن لديه صديق مخيف ، كاد قلبي يقف عندما رأيته ، شعرت بأنه وحش على هيئة بشري .
ايلينا : وحش لعين هو وصديقه الوقح ، خذي اغراضي وانتظريني أمام باب المقهى .
أومأت ايما بيأس ، فهي تعرف تلك المجنونة والتي لن يوقفها أحد ..

جمال باحترام : لقد طلبتني سيدتي .
كارلا : ألا تظن أنك قد بدأت تكبر وتحتاج إلى تقاعد مبكر ؟!
جمال : سيدتي ماذا هناك ..
كارلا : هناك عجز بقيمة سبعون دولارآ ، ماذا يحصل هنا ؟!
جمال : سيدتي ربما خطأ في الحسابات ،
كارلا : الخطأ يعني الطرد ، أنت تعلم ذلك جيدا ، ولتكن هذه آخر غلطة لك هنا .
جمال : أعدك سيدتي سأتوخى الحذر جيدآ مرة أخرى .
أشارت له كارلا بالانصراف ، وخرج يجر أذيال الذل والهوان ، ولكن يجب أن يتحمل ، فهو من اختار هذا الطريق منذ البداية ..

تسللت ايلينا نحو طاولتهما ، واختبأت خلف حائط صغير وهي تتوعده بأبشع الألفاظ ، أمسكت وشاحها الأسود ولفته حول وجهها بطريقة محكمة ، ولم يعد يظهر سوى عيناها ، واقتربت من خلف كايل وما إن لاصقته حتى قفزت على ظهره وبدأت تشد شعره بقوة وهي تصرخ : أيها الوغد الغبي الأحمق ، كيف تجرؤ على اهانة صديقتي ، أيها المختل سأريك الجحيم بذاته ..
كايل : من هناك ، أيتها الغبية انزلي عني ، شعري الجميل يكاد أن يقتلع من جذوره ..
الينا : أيها المغرور الأبله من تظن نفسك حتى تبكي صديقتي ، سأقطعك اربا وأرمي جثتك المتعفنة في القمامة .
جاك وهو يحاول كبت ضحكاته : انزلي أيتها الطفلة ، لا وقت لدينا للأطفال ..

نزلت الينا وكأنها لاحظت وجوده للتو . وتركت كايل يتحسس شعره المتساقط بألم ، اقتربت من جاك وهي تنظر في عيونه بحدة ، ثم همست قائلة : وحش غبي مغرور كصديقه الأبله ..
وانطلقت بسرعة نحو باب المقهى وهي تنادي : هيا ايما بسرعة لنجري ..
ايما وهي تلحق بها : ماذا فعلتي بحق السماء !!
ضحكت ايلينا وهي لا تعلم أنها أدخلت نفسها ضمن دائرة الوحش الكاسر ..

وردتي البيضاء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن