— "عند بحيرة الشمال العُـليا، بالقرب من جبال الرماد
أسفل الشجرة الأغصان هناك كنت أعيش في قرية صغيرة لم
يُـهدد أمنُـها يوماً منذ أن تأسست، أنـا مُـخـتـاريـة تلك القرية، وكُنت
أسوء من اختاروه ليحكم عليهم واسمي هو ايندڤاد انياليس، ألم يكن
هذا اول ما سألتني إياه يا روين ابراهم ؟"
كنت أظن أن أرض الشمال لا يسكنها احد بسبب الغابه المحرمة
التي تفصل نصف العالم السفلي عن الشمال ، لكني لم أبدي ما في
قلبي بقولي وأكملت الإنصات له بهدوء، فاليومين السابقين المليئين
بالصمت قد أنسياني كل الأسئلة التي كانت تعج في ذهني ..
— "لقد تعرضت لخيانت نكراء أيه الكريم، وفِي اللحظة التي أنكرت
فيها وجود اَي خير في العالم وحكمت على كل مخلوق بالشر أقبلت
على حياتي البائسة يـا رويــن لـتزيـل كـل تلك الأفكار، فـما خـطبك ؟
لـماذا تساعدني ؟ وكـيف لي ان أجـزيك خير صنعك فـيّ وانا عاجز
عـن الحراك، وفـقـدت كـل ما أملـكه فـي الـدنيا ؟"
— " أن تــكــون بـخـيـر ، هـذا كـل مـا أريـده مـنـك. "
نظر ايندڤاد الى روين بـتــقـديـرٍ ووقـار
وكأنه ينظر لملاكٍ كريم تنزل عـليـه من السـمـاء،
قد ملأت الدموع حجرعينيه شـكـرًا وإمــتِـنـان ..
وقبل أن تذرفا امسكها بـحزم وإعـتدال،
وقـطع لحظات الـصمت الـتي كانـت تـنطق بالــكـثيـر
بِـإبـعـاد نـاظِـريه عـن رويــن، فصار يحدق بالعـدم
مـحـاولاً كـبـت مـشاعره اتجاه مُـنـقِـذه ..
— "ما قصتك يا ايندڤاد ؟؟ "
— " قصتي ابتدأت قبل سنتين حينما أتى غرباء يرتدون السواد الى قريتي "لِـديــنــيــا" لقد كانت حالتهم يرثى لها ثيابهم الممزقة كانت تنطق بالفقر والسفر الطويل ، ووجوههم الغبره اخبرتني عن همٍ في قلوبهم كبير، كانوا تائهين ضائعين في الارض فـفتحت لهم أبواب قريتي وقلبي وؤأويهم في "لِـديــنــيــا" وتزوجت منهم إمرأه جميلة رزقت منها بإبن كان يحمل زراق عينيها الفاتحتين وسواد شعرها الطويل، وشيئاً من الصمت والغموض في عينيه اقترحت اسم "ديكلاسيس" كان اسماً فخماً وكبيراً على طفل يعيش في قرية معزولةٍ عن العالم قد اعتاد اَهلها ان يسمون اطفالهم بإسماء الزهور والطيور، لقد كبر ديكلاسيس ومع كل شهر كنت ارى صفات أمه تتجلى فيه شـيئاً فشيئاً الى ان اكمل عمره السنه وفِي عيد ميلاده الاول جمعت المجرمة اَهلها كلهم في بيتي وتغادروا علي بطعني ورمي جسدي الذي ظنوا انه فارق الحياة في النهر"
•••
