3--
وهكذا كانت المسكينة تجد نفسها دائما في قفص الاتهام وفي دائرة الشك ، مضطرة على الدوام ان تبرر كلماتها وتصرفاتها..
لكنها صبرت وحاولت ان تتعايش مع الواقع ، حاولت ان تبحث عن الجوانب الإيجابية فيه وتنظر اليها .فقد اخبرتها والدتها أنها تعيش في نعمة كبيرة..فقد تزوجت في حين ان كثيرات أكبر سنا منها لم يتزوجن بعد ..كما ان زوجها رجل محافظ على صلاته..وهو لايشتمها ولايضربها ولايبخل عليها بشيئ من ضروريات الحياة إذا فلتشكر ربها ولتتناسى تلك التوافه التي كانت تحلم بها..-- مهلا لحظة ..هذه الكلمات ليست غريبة علينا ..أنا متأكدة ان البعض منا سمعتها من قبل مرة أو أكثر سواء كانت هي المعنية بها أو كانت المعنية بها أخرى أليس كذلك .. ماعلينا لنعد الى قصتنا -- وزادت هذه القناعة بعد أن رزقت بابنتها "فرح" ..الآن ياصديقتي لامجال أبدا للتراجع أو التذمر أو حتى للأحلام الوردية ..
لابأس يا أمنية كل شيئ سيكون افضل بإذن الله ..لابد أن القادم سيكون اجمل..سيتغر خالد وسيصبح أقل شكا وأكثر حبا..سيتفهم ذات يوم ما ذا يعني ان تكوني انثى..سيكون يوما ما كما تحبين ..الأمر يحتاج فقط الى المزيد من الصبر والكثير من التغاضي ...
هكذا كانت تمني نفسها ، واستمرت بالتفاؤل والاقبال على الحياة واستمرت ابتسامتها تضيئ وجهها الجميل..
وفعلا جاء اليوم الذي تغير فيه زوجها فلم يعد يشك فيها ابدا لقد اقتنع تماما انها فتاة في غاية البراءة والعفوية وقد احب فيها ذلك ..لقد تبدلت نظرته وتعامله معها ولكن للاسف ...
حلت محلها نظرة الاستخفاف والاستغفال..
فاصبح يراها فتاة ساذجة جاهلة في امور الحياة لم يحترم نقاء سريرتها ولم يقدر قيمة الكنز الذي وقع بين يديه.. فاصبح يعاملها بدونية ..شعرت أمنية بانتقاصه لكرامتها واهانتة لذكائها ..أهكذا يكون جزاء الطهر والنقاء ..لم تعد تتحمل اكثر فزادت وتيرة المشاكل بينهما وبلغ الصبر منها مبلغه الأخير ونالها من الإحباط ما نالها ...وأخيرا ..وقع الطلاق..
4--
صديقتنا أمنية تمكنت منها الكآبه فغاب بريق عينيها واختفت ابتسامتها وشحب وجهها ..
وعندما ظهر ياسر في حياتها وارتبطت به تغيرت اﻷمور .. فبالرغم من فارق السن الذي بينهما اللا ان هذا جعله يتعامل معها كطفلته المدللة ، يحبها ويجيد فن اسعادها. إضافة الى كونه رجل مهذب وانيق بطبيعته ..هو اراد امرأة تؤنسه فأعطاه الله اكثر مما تمنى واجمل مما اراد..فقد كانت زوجة جميلة بسيطة هادئة وديعة وغير متطلبه فهمت جيدا ما يحب ومالا يحب وتماشت معه.. اضافت الى حياته السكينة والاستقرار واجادت العناية به بحب ..واجمل الاهتمام ما كان بحب ..
وهي وجدت فيه الحب والأمان والتقدير لها ولابنتها التي كان لها كأفضل ما يكون أب لابنته..
تزوجته وسكنت معه في بيته ..ولم تغير في ذلك البيت شيئ فقد احبته كما هو ..أثاثه الكلاسيكي الدافئ ..ورائحة البخور الذي يعبق به كل يوم والإضاءات الخافتة التي تمنح المكان المزيد من الدفئ والهدوء ..وعطر العود الممزوج بالمسك عطره المفضل الذي يتسرب بين الحين والآخر ليخبرها بانه في الجوار..دخلت امنية المطبخ حيث كانت زهراء منشغلة بالتنظيف -- (زهراء هي عاملة منزلية من إحدى الدول العربية بمثل عمر أمنية ولهذين السببين اتخذتها كصديقة لها فلطالما جلستا سويا تشاهدان التلفاز وتتبادلان الاحاديث وقد تخرجان الى السوق كأي صديقتين متفاهمتين )-- اسندت امنية ظهرها الى الدولاب المواجه لزهراء وقالت مبتسمة :-
-- لقد صادفت امي في السوق.
-- حقا وكيف حالها اتمنى ان تكون بخير.
-- نعم الحمدلله هي بصحة جيدة أدامها الله ...تذكرت !! انتي لم تكملي لي ماذا حدث مع حسن ..
استدارت زهراء نحو امنية بحماس وقالت بنغمة مشاكسة وعينين لامعتين :-
-- لقد غضب وجن جنونه حين قلت له بانني قد افسخ خطبتنا وأقبل بالخاطب الذي تريده امي لانه مقتدر اكثر منه. وبدأ يهدد ويتوعد.
-- آآه حرآم ..لماذا تفعلين به هذا ..لماذا تكذبين وتتعمدين إثارة غيرته..
ضحكت زهراء وهي تقول:-
-- أحب أن اشاكسه تعجبني غيرته المجنونة علي..
قطبت أمنية جبينهى وقالت:--
-- المسكين ألاتكفيه غربته وما يعانيه من كد وشقاء ليوفر ما اشترطته أمك لإتمام الزواج ..كوني رحيمة..
- لاعليكي لابد انه قد اعتاد علي وعلى مقالبي ..يومين وسينسى..ثم انه يعلم كم احبه ولن ارضى بغيره زوجا حتى لو قطعتني امي قطعا..-
لا أزال مصرة ان تتوقفي عن هذه التصرفات التي لا داعي لها..
تبسمت زهراء ابتسامة طفل مشاغب وعادت الى التنظيف ..
نظرت اليها أمنية نظرة توحي بانها تفهم مايدور في رأسها ثم قالت :-
-- آخ منكي أعلم انك لن تتوقفي حتى تصيبي الرجل بالجنون..
عادت زهراء للضحك وشاركتها امنية بضحكة خفيفة ..
همت بالخروج لكنها تذكرت شيئا فعادت تسأل :-
-- أخبريني ..هل بقي لدينا صابون ؟؟ لقد اكدت لياسر انه لايزال لدينا منه مايكفي ..ارجو ان لا اكون متوهمة..
قالت زهراء وقد بدت على وجهها ملامح الاهتمام :-
-- نعم ..لايزال لدينا الكثير في المخزن ..ثواني فقط اغسل يدي وأذهب ﻷحضره..
-- لا لا ..لاداعي ..سأذهب أنا ..
خرجت أمنية من المطبخ وتوجهت الى المخزن الذي يقع بالقرب من باب المنزل ، توقفت قليلا ثم نظرت حولها وقالت في نفسها :
-- الإضاءة خافته جدا هنا لدرجة اقرب الى الظلمة ومفتاح النور لايزال بعيدا ..هداك الله يا ياسر لماذا تحب ان تجعل البيت مظلما هكذا..
اسرعت في مشيتها كي تصل الى مفتاح النور بسرعة ..اضاءت النور ثم فتحت باب المخزن ..
-- آوووه وهذا ايضا مظلم ..ليتني تركت زهراء تقوم بهذه المهمة .
دخلت بهدوء الخائف وحاولت ان تضيء النور ولكنه كان معطلا..
-- لاااا..ليس هذا ايضا.. (قالت في نفسها).
ثم تذكرت ان هاتفها الجوال في جيبها فأخرجته واستعانت بنوره كي تبحث بين الأرفف عن الصابون..
-- هاهو لقد وجدته..
وبينما هي كذالك ..خيل اليها انها تسمع شيئا ..تجمدت في مكانها وكأن عقلها يحاول اكتشاف حقيقة الصوت..
كاد قلبها ان يتوقف وسرت رعشة في جسدها .....
انه صوت تنفس شخص ما..
أنت تقرأ
حكاية أمنية..
ChickLitقصة فتاة قد تشبه اي فتاة منا قد تكوني انتي يامن تقرئين.. قصة ملئية بالمشاعر المتضاربة لكنها سلسة كسلاسةانفراط العقد من بين اصابعنا..