هذا ماتستحقين.

29 5 0
                                    

11--
وقفت الأم المسكينة حائرة بين زوجها المصدوم الغاضب وبين ولدها الذى يشعر بمرارة الظلم ..
ساد الصمت في البيت ومرت ساعات والوضع كما هو عليه مشحون بالتوتر والكآبة الى ان قررت الام ان تحسم امرها فهي لم تعد تطيق هذا الوضع أكثر..
توجهت نحو غرفة ولدها وفتحت الباب بهدوء فوجدته ﻻيزال بملابسه التي كانت عليه جالسا على سريره محتضنا ركبتيه بذراعيه محمر الوجه ذابل العينين لم تره في حياتها بهذه الصورة ابدا..
نظرت اليه بعينين مشفقتين ثم قالت في محاولة منها لتهدئته وتبرير غضب والده..
:-- لقد تعرضت أختك أمنية لحادث وقد أحضرناها الى هنا..
قطع صمته والتفت إليها متفاجئا..
:--ماذا؟!! أمنية!! وأين هي لم أرها؟!!.
قال ذلك وقام من مكانه متوجها الى غرفة أختيه..
استمرت والدته بالكلام وهي تمشي ورآءه وكأنها شعرت انها نجحت في تغيير مجرى انفعاله وثورته..
:--لقد هاجمها لص في منزلها فوقعت وأصيبت في رأسها فنقلها زوجها الى المستشفى ثم عدنا بها الى هنا..
عندما أنهت كلامها كانا قاد وصﻻ الى الغرفة ..كان الباب مفتوحاً أطل منه فراس فرأى أمنية وحين وقعت عينها عليه وقفت واقتربت منه وهو أيضا اقترب منها وفي عينيه مزيج من الحزن والاسف ..
:--أمنية!!
وضع يده على رأسها المصابة بحنان ثم أكمل..
:--سامحيني. .سامحيني أنا آسف ..أنا لم..
قاطعته أمنية:-- ﻻعليك أعرف أنك لو كنت تعلم لماتركتني لحظة واحدة ..ﻻبأس أنا أعرفك جيداً. .
دمعت عيناه وطأطأ رأسه فقد زاد منظرها والشاش يلف رأسه وعيناها المتورمتين من حزنه وأسفه..
جلس على سريرها محطما تائها ﻻيعرف ماذا عليه أن يفعل أو يقول ..هنا تدخلت اﻷم قائلةً. .
-:-- أرأيت..لقد أغضبت والدك فوق غضبه وصرخت في وجهه رغم أن الحق معه..
نظرت أمنية الى والدتها بنظرة تقول بأن الوقت ليس مناسبا لهذا الكلام الآن ..
--- لابأس فبعض أمهاتنا هكذا ..فيهن شبه كبير من والدتك ياأمنية تغلب عليهن الشفقة والخوف من تفاقم المشكلات فتخونهن الفطنة ويخطئن في نظم الكلام وفي اختيار الوقت المناسب له ذلك لأنهن على سجيتهن قلوبهن بريئة رغم مرور السنين ورغم أن الحياة قد أوجعتهن مراراً إللا أن براءتهن بقيت كماهي ..لازلن لا يتقن فن اللف والدوران وتنميق الكلام فما في قلوبهن يظهر دون تفكير على ألسنتهن ..هكذا عرفناهن وهكذا نحبهن .---

كم هو أمر موجع أن تضطر للإعتذار وطلب الصفح من شخص تسبب بجرحك بينما قلبك لايزال ينزف بسببه ..حتى وإن كان ذلك الشخص هو والدك رغم أن كلمة حانية أو تربيتة منه على كتفك أو ضمة منه بحب  ستمحو من ذاكرتك وقلبك كل شيء وكأنه لم يكن. .
ولكن هذا لم يحدث فقد ذهب فراس الى والده ..اعتذر منه وقبل رأسه ويده وطلب السماح فلم يجد من والده تجاوبا أو كلمة تريح نفسه المتعبة..

تنفس الجميع الصعداء بعد أن انتهت تلك الزوبعة ..لكن حدث ما أعاد القلق الى قلب أمنية ..فبعد أن هدأ الوضع في البيت ذهبت أمنية الى سريرها لترتاح ..التقطت هاتفها لتتصفحه فإذا بها تتفاجأ برسالة من شخص غريب تقول:(( هذا ماتستحقينه )) ..
أرعبتها هذه الرسالة فهي تعني أن ذلك اللص لم يكن لصا عاديا فقد كان يستهدفا شخصيا ..
وفجأة تذكرت أن زوجها لم يتواصل معها منذ ان رأته آخر مرة في المستشفى والآن يكاد الليل أن ينقضي ولا تعرف عنه شيئاً. .
قلبت صفحات هاتفها على أمل أن تجد رسالة منه أو مكالمة فائتة لم تنتبه لها فلم تجد..لم تستطع النوم تلك الليلة فقد داهمتها اﻷفكار السوداء من كل صوب..وبمجرد ان سمعت والدها وأخاها عائدان من صﻻة الفجر هرعت إليهما وقد هدها القلق ..نقلت اليهما مخاوفها فطمأناها بأنهما سيذهبان ليستطلعا خبر زوجها ويعودان بعه بإذن الله. .

حكاية أمنية..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن