وهمٌ و إلهام

الفصل الثاني

"وكان لنا حبٌ
كسواد الفحم
كبشاعة الدم
ومرارة الذم
ورغم ذلك
كان لنا حبٌ
كجمال الحلم"

___________________

مذهل! حقًا مذهل! اللغز ذاته يحمل بداخله لغزًا، أشعلني؟ربما علي إشعال شيء، أم أن المعى مجازي فحسب، لكن ماذا علي أن أشعل؟ الساعة؟ الساعة مصنوعة من زجاج وحديد لا أظن أنه يمكنني إشعالها، ربما يوجد شيء هنا أو هناك يمكن إشعاله.

تلمّست الساعة قليلًا ولم تبدُ لي كشيء يمكن إشعاله، درت حول الصخرة ولا شيء أيضًا، بعد أن يئست عدت إلى المكان الذي استيقظت فيه واستلقيت محاولًا التفكير في حل لذلك اللغز .

لا أعلم كم مر من الوقت وانا مستلقٍ هكذا لكنني بدأت أشعر بالجوع..لحظة! ألست في حلم؟ من المفترض الّا أشعر بالجوع! لا يهم الان، يجب أن أعثر على شيء أتناوله، لا بد أن هناك مخرجًا.

المنجم يبدو كنفق واحد أي لا انعطافات فيه، استيقظت أنا في أوله، وتلك الصخرة في آخره، لا أظن أن هناك مخرج

ذهبت إلى الضخرة مجددًا لعلي أكتشف ما وراءها، الصخرة ملتصقة بجدار المنجم وعن يمينها توجد الساعة الرملية بينما عن شمالها لا يوجد شيء.

مشيت نحو يسار الصخرة علّي أجد شيئًا ولكن للأسف لا شيء، فقط فحم و...

وجدتُ شيئًا لكن لا يبدو لي مفيدًا.. فأس، ماذا قد أفعل به! اهدأ آيثان اهدأ، لا بد أن هناك حكمة من كونه هنا، نظرت حولي الى ما يمكن تحطيمه بفأس، عُدت إلى الساعة الرملية و للتو ألاحظ أن لا رمال بها، فارغة من الداخل، فهمت الان، علي أن أشعل الساعة من الداخل، فمنحوت عليها "أشعلت داخلك" لست متأكدًا ، لا بأس بالمحاولة .

تركت الفأس على الأرض وبدأت بجمع الفحم لأضعه داخل الساعة، لحظة لحظة، تذكرت انه منحوت"لا اريد أن أسود كالفحم" أي أنه يجب علي استخدام شيء آخر، "أشعلني بثلوجك" ما أسخف هذه الجملة! كيف لي أن أشعل نارًا بثلوج، وأنا أتجول جذبني ثقب صغير جدًا لا يكاد يُرى على الصخرة، أحضرت ذلك الفأس وضربت به الصخرة لتتكسر ويكبر الثقب بسهولة، صخرة هشة جدًا! ما كان بداخلها شيء يصعب تخمينه، بحق الله قطن؟! كان بداخلها قطن! لا أعلم ما الحكمة من وجوده هنا

تثائبت وأنا أمدد جسدي بتعب، انا في حلم كيف لي أن أشعر بالنعاس؟ والجوع؟ حقا نايتا؟

دخلت عبر الثقب الذي صنعته فكما اخبرتكم الصخرة عملاقة، شكل القطن هكذا كان مغريًا فاستلقيت، تقلبت قليلا وقفزت في رأسي فكرة، أشعلني بثلوجك! ربما المقصود هنا هو القطن فهو ابيض كالثلج، سأصفق لنفسي لاحقًا الان لدي لغزٌ لأحله.

أخذت كمية كبيرة من القطن وفتحت الساعة الرملية بطريقة اكتشفتها سابقًا، حشرت القطن بداخلها وكررت الفعلة حتى املأت، جميل جدًا، بقي فقط أن أشعلها، أحضرت الشعلة التي ثبّتها أنا بأحد الاحجار وأشعلت القطن.

في البداية بدى الأمر طبيعيًا مجرد احتراق قطن، لكن بعد ثوانٍ بدأ المكان يمتلئ بالدخان الأسود الكثيف مثل الذي صنعته الجدة نايتا ، وبعدها فقدت الوعي.

استيقظت وأنا أشعر ببرد شديد، فتحت عيني لأرى زُرقة السماء، استعدلت في جلستي وتلفت لارى أنني في مكان متجمد، الثلج يغطي المكان، اشعر ببرد فظيع، نهضت بألم وجسدي متخدر نظرًا لاني كنت مستلقيًا على الثلج، رأيت بجانبي فروًا يبدو لدب أو شيء كهذا، امسكته ولففته حولي فأنا حقًا أكاد أتجمد، تذكرت شيئًا فنزعت الفرو عني، ربما يكون اللغز مكتوبًا عليه، وكما خمنت ، كان مكتوبًا عليه ..بالدم.

"وجـُرْمٍ جَرّهُ عُشَّاقُ قَوْمٍ
وَحَلَّ بِغَيْرِ جَارِمِهِ العَذَابُ

حبنا يستحق التضحية
اذا كنت تريد أن ترى احمرار خديّ الناصعين خجًلا
فعليك أن تضحي بشيءٍ ولو كان بشعًا"

_______

ملاحظة•البيت المكتوب بالاعلى غيّرته أنا قليلاً تماشيا مع فكرة اللغز، هو كالتالي.

وَجُرْمٍ جَرّهُ سُفَهَاءُ قَوْمٍ
       وَحَلّ بغَير جارمِه العَذابُ

-للمتنبي من قصيدة مطلعها :بِغَيرِكَ رَاعِياً عَبِثَ الذّئَابُ