شجار مع الحياة

103 10 2
                                    

ظل يبحث في الكتاب عن أي حروف منثورة لم يجد سوا التي ظهرت له في البداية، فتح اول صفحات الكتاب  على المقدمة وجدها لم تتغير، وكتب فيها أيضاً.
"لعلك تستطيع البدء من أي وجه تريده، أعطيناك قصة لتكتب فيها عن نفسك فمن ستكون، أنت بطل كتابك الأن ولديك كل مفاتيح الألوان لتلون بها صفحاتك، أنظر لعلمات طريقك."
تعجب عبد الحميد مما كتب ولا يعلم ماذا يحدث او ماذا يقصد الكتاب، ومن ذلك البطل، وما تلك الحكاية، وماذا يحدث الأن، وقف عبد الحميد بعد إغلاق الكتاب ونزع الطربوش ليمضى إلى حيث لا يعلم.
ظل يفكر عبد الحميد "إذا كنت أنا بطل ذلك الكتاب ماذا كنت سأفعل؟" .
لم يجد أجابه عن سؤاله، ماذا يفعل ألان هو في عام جديد بعيدا ًكل البعد عن عالمه، وحياة جديدة، بعدما أنتهت حياته لتبدأ حياه أخرى جديدا.
***

سنضع أعتقادين لكل القصص، الأول، اما أن يصبح من هوات الإثم، و مروجي المخدرات وسارق ثم يسجن وتنتهي قصته.
والثاني، أن يصبح شيخاً ذو لحيه، ويمشي بجانب الحائط حتى تنتهي قصته بذلك المنوال.
وهناك أعتقادت أخرا،  أن يظل كما هوا لا جديد في حياته، او ان يظل يمشي في دائرة لا تنتهي وفي أي اعتقاد سينتهي دون أن يعلم للحياة قيمة.

أخذ الكتاب داخل السترة التي يرتديها حتى بدأت الأبتسامة على وجهه من أثر الأشياء العجيبة بالنسبة له، وقف في حي قديم مملوء بجوامع وكنائس، وبجانبهم محلات تجارية، مملوئة بالملابس جديدت الصيحات، وقف امام محل به الكثير من الأجهزة الإلكترونية، وقف يتأمل الأجهزة.
خرج له رجل يقف بالمحل ليقول:
-أؤمرني يا فندم، في حاجة عجبتك.
أردف عبد الحميد قألا:
-أعزرني، ممكن سؤال ؟
-أتفضل!
-هيا إيه الحجات دي؟ وإذاي بتنور كدة!
-نعم؟
-حضرتك مستغرب ليه؟
-لا عادي بس هوا في حد لسه ميعرفش إيه هيا شرائح الضوء الإلكترونية!
تعجب عبد الحميد ليقول له:
-إيه؟ مين! مش واخد بالي هيا دي إيه يعني؟
نظر له الرجل الرشيق الوسيم ليسحبه من يده ليدخله داخل المحل.
يقف الأن عبد الحميد في محل مليئ بألياف ضوئية، والديكورات الجزابة التي لم يجدها في زمنه، وقف امام ڤترينا مملوئة بشرائح الضوء الإلكترونية  كما قال الشاب الوسيم.
-بص يا فندم ركذ معاية.
-حاضر هركذ اهو.
-بص كده شايف الشرايح دي؟
نظر عبد الحميد لما يشير وجد قطعة من المعدن، طولها بما يقارب الخمسة عشر سنتيمترات، ثم أمسكها من الوسط ليقسمها إلى نصفين، لتصبح بعرض خمسة وعشرون سنتيمترا، وتشع بضوء واهج ليقول الشاب.
-بص أحنا كدة فتحناها، مفهوم؟
-مفهوم.
-شايف كدة أحنا ممكن نجيب الكاميرا
وضغط على زر تهيئ من خلال الضوء لتختفي الأضوء ليظهر الضوء كا لوح من الزجاج، وجه الشريحة لوجه عبد الحميد ليظهر شكله داخل الضوء بكل وضوح.
-مين دا؟
نظر له الشاب ليقول له:
-نعم أنت كمان مش عارف شكلك دا أنت!
-أيوة فعلا دا أنا! بس أنا دخلت جوة إذاي؟
-يا فندم أنت واقف قدامي اهو، ودي الكاميرا اللي جوة الشريحة، ومش بس كدة، دا كمان تقدر تسحب لوحة المفاتيح من جوة الجهاز وتخرجها تحطها أدامك كدة.
وسحب زر من الضوء وهوا يضع يده على الهواء ليسحب أنامله على الڤترينة، ليضع الكيبورد على زجاج الڤترينة ويكتب عليها.
-عرفت حضرتك دي إيه ؟
-أيوة، بس...
-الله أما طولك يا روح، يا فندم أنت مبتفهمش.
انتهى من حديثة ذلك لينظر له عبد الحميد بغرابه، وشعر منه بالمهانة .
-أيوة انا كدة فهمت، متشكر أوي على وقتك، وأسف اني دايقتك.
وأخذ نفسه وخرج من المكان، لينظر له الشاب بغرابه.
خرج ليقول لشخص عابر تبدو هيئته بطلة من الهيبة، ويبدو عليه النزاهة، بدين قليلاً يرتدي بدلة سوداء، مترزة بقطع من الماس.
-ممكن سؤال؟
-أتفضل!
-المكان دا اسمه إيه؟
-دا ركن التجار.
-متشكر جداً يا فندم.
-العفو يا فندم.
ذهب الرجل ليمشي في طريق رخامي الصنع يمتد لكيلو مترات، مستقيم، وبجانبيه المحلات التجارية منها الملابس، والأكسسوارات، والشرائح الضوئية بأحجام كثيرة، وأشياء لا يعلم عنها شيئاً حتى الأن.
***

ظل يتجول في المدينة حتى وصل لحي أخر، مكتوب هنا على لافتة، في بداية الطريق الممتدة، حي الشياطين.
شعر بوخذة في قلبه، وهو يمشي بداخل الطريق، وجد أمرأه حليقة نصف شعرها، وضعت وشوم على جسدها بأكمله، شعارات مثل عين الماسونية، وكبش، و شعائر كثيرا، وترتدي ملابس سوداء قانطة قصيرة تكاد تبين جسدها كله، ذات عود منحني بلمسة من الجمال، نهودها بحجم فاكهة ألأنانس، ذات مؤخرة متناسقة ظهر معظمها من قليه الملابس.
تتجه المرأة نحو عبد الحميد بتبختر، وانحنائت مثيرة، لتثير رغبته تقف أمامه وتضع يده حول عنقه لتقول:
-عيزنا نعمل إيه؟
نظر عبد الحميد في عينيها ليهتز الكتاب داخل سترت البدلة ذات الطراز القديم، شعر وقتها أنه يمكنه ان يزني بها، ولكنه لا يريد أن يغضب الأله، شعر بشيء كامن بداخلة وغريزته تتحرك وقلبه ينبض سريعا، أمسك يدها بخشونة، ودفع بها بعيداً لتقع على الأرض التي تشكلت بقوالب من الحجارة منتظمة، لتقوم وتنفض الغبار عن جسدها المثير، وصاحت قأله:
-يا جيمي
-ودول مين بقى ؟
انها الجملة بقوله ليأتي الضوء من بعيد بأشخاص على درجات مغناطيسية ترتفع من على الأرض سنتيمترات ليتوقف شخص عاري الجسد، بارزة عضلاتة يرتدي برمودة قصيرة ترتفع من على الركبة، يترجل من فوق الدراجة، ليمسك بيدها ويقول لها.
-إيه يا حبيبتي مالك؟
-الواد ده كنت عايزة معايه جوة زأني وقعني على الأرض.
كان ينظر لها عبد الحميد بزهول مبالغ، وهيا تتحدث بحزن وطريقة اشمئز منها بعد تقبيلها له من فمه.
وقف الشاب ذو العضلات أمام عبد الحميد ليقول له:
-أنت إذاي تعمل كدة معاها، انتا متعرفش دي مين؟
ثم بكلتا يديه دفع عبد الحميد ليقع على الأرض، وقف عبد الحميد ينفض الغبار من فوق ملابسه، وعقد حاجبيه و أطبق يده و ركض تجاه الشاب....
***

ديستوبيا أرض الضياعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن