دخول المسعى

198 15 21
                                    

أذا لم يكن لديك سبيل للسعي والمضي قدماً، فلا تنتظر النجاح من أحد، سبت نظرك على الهدف الذي له تسعى، او الذي قد تكون له تسعى.
وهنا لم يفعل عبد الحميد ذلك ولكنه كان للحياة يسعى ولم يصل لشيء، بلا قد تراجع عن سعيه، و عاد عبد الحميد للذهاب لمنزله في محافظة المنصورة، ترجل من القطار بعد محاولة بائت بالفشل، وقف امام العربة في محاولة تفادي تصادم من الركاب.

ذهب خارج محطة القطار، يتأمل الحياة التي باتت رمادية، الذي فيها تعتمت الأحلام، مات الطموح، والأصعب تدمرت الذات..! في نظره الأن بُئساً لا يوجد أمامه بريق لأمل قادم من أي جانب، بعد موت والدته من الداء، و فقر والده... و خيبته في كل مرا يتقدم فيها لعمل ماذا سيحدث في غيبه...

بين سلالم المحطة وزراعيها الحديدية قرر الهبوط عن المدرجات، ظل يمشى مبتئسا، بين الشوارع والأراضي الخضراء حتى وصل أمام بائع جرانيل ومن أمامه الحدائق، بالجانب الأخر من مبنى المحطة، وقف يتأمل المكان لبرهة، يسترجع بنظرة الصبابة الماضي الأليم، ثانياً، و عندما كان صغيراً، وكيف كان يركض هنا ويلعب هنا، ولى ظهره للحدائق وذهب لبائع الجرانيل، ليشتري منه كتاب ليخرج به من الواقع، أي شيئاً سيشتت انتباه تفكيره.

وقف يتصفح الكتب أمامه وجد الكثير منها، فوقعت عينه على غلاف لكتاب يكثوه آلتراب، يحمل عنوان (ركن الهدوء )

دفع لبائع الكتب ثمن الكتاب وهو لا يعلم لماذا أشتراه، ولا يعلم من هوا مؤلف الكتاب، ثم مضى إلى منزله وقف أمام باب البدرون الباهت بلونه المصفر، دخل وضع الكتاب على الأرض بجانب الفراش الذي ينام عليه، ثم وقف أمام فراشه ينظر للشق بين الحائط بدأ ضوء النهار بالتسلل داخله إلى الغرفة، ولون الغرفة الرمادي الذي يكسوه الأصفرار والأتربة.

جلس على فراشه ممسك بالكتاب، فتح أول صفحاته، وجد مقدمته تقول:
" ان تكون الشخص الذي تريده أنت سيكون لك ذلك " .... فوضع الكتاب جانبا بعد ملاحظة ان المنزل يهتز ثم عاد يقرأ ليجد:
"والخروج خارج دائرة الحياة سيكون"
فبدأ المنزل بلأهتزاز بشدة حتى بدأ الغبار يقع من السقف.
أخذ الكتاب في يديه و هو يركض، لخارج المنزل، حتى لا يسقط فوقه المنزل من أثر الأهتزاز.
وجد نفسه في مكان لا يوجد به سوا الأسود ولا شيء غير العتمة، بدأ يرا ضباب كثيف كاد أن يخنقه وظلام حالك، و خيالات تركض... ورائه ظلت أنفاسه تضيق ليركض و يركض حتى وقع في بئر معتم، وظل يسقط داخله حتى وجد نفسه..! يقف في صندوقا لا يوجد به ضوء ليحدد ملامح ليده، وبدأ الضوء يعود تدريجياً ليجد الحياة ليست تلك التي أعتاد عليها، فوجد أشجار كثيرة أمامه والقمر ساطع في السماء يداول ركن الحراسة الخاص به، أصابه الفزع ليركض بين الأشجار تلو الأخرة ليجد ضوء سيارة من بعيد ركض تجاهها ليجد طريق يمتد بحدائق عدا.

وقف عبد الحميد أمام الحدائق، وهو لا يعلم أين هوا أعتقد أنه يحلم ولكن لا هناك بشر وبكثرة، ولكن أين أنتقل في لحظات أنه كان في منزله كيف أتى لهنا ... وهناك بنايات مشيدا، فنظر لمظاهر الناس وجدهم غريبة عن التي اعتاد عليها، عاد سريعا لسردابه البادرون فلم يجده، ماذا يفعل في كل تلك الهوجاء وبعد ارتداء ملابسه ، ولا يملك سواهم للأن!

ركض سريعاً ليعلم أين أنتقل وكأنه أنتقل بالزمن ملابسهم غير ملابسه، هم لديهم صيحات للشعر بطريقة شذا، وملابسهم والأنقطاع من على مفاصل ركبته، ولهجتهم قريبة له على حد سواء، وينظرون له باستهزاء وغرور مصتنع ويضحكون.
نظر لشخص كبير السن يرتدي بدلة زيتية، وشعره الأسود المزركش بالرمادي، وأنحناء ظهره الذي أدا لحني رأسه لأسفل ويبدو عليه أن الزمن أغتصبه من قبل ومذال ليقول:
-السلام عليكم يا عم الحج أنهردا كام في أيام ربنا، وانا فين، المكان دا أسمه أيه؟
-وعليكم السلام يابني أنهردا 30شعبان كل سنة وانت طيب بكرة اول رمضان.
وكأن العجوز صفع وجهه بقالب من الحجارة ليس بيده فقط الا أن يقول مصدوما.
-اذاي دا أمبارح كان أول يوم في سنة1963.
نظر العم له ليستوعب ماذا يقول ليضحك عاليا وهو يقول.
-أنت بتقول إيه يا أبني انت شارب حاجة.
نظر له عبد الحميد متعجب من لهجة العجوز.
-حاجة إيه انا مبدخنش يا عمي أحنا في سنة كام ؟... وإيه المكان ده ؟
أستفهامات كثيرا تجوب زهنه أجاب عليه العجوز ليقول:
-يا ابني أحنا في 2050 وهنا احنا في مجمع الأشجار، انت غريب مش من هنا شكلك بيقول كدة، وإيه الكتاب اللي ماسكه في إيدك دا.
-يا عمي متكذبشي عليا احنا في سنة كام؟ وفين مجمع الأشجار دي.
-الله... يا بني بقولك في2050 في ايه بس عايز تروح فين، وأقلع التربوش دا أحسن حد يتريق عاليك.
-2050 اذاي يا حج طب انا جيت هنا إذاي ؟
-أنا إيش عرفني يابني .
ثم صاح العجوز في عبد الحميد.
-بقولك إيه متوجعش دماغي متطيرليش الأصتباحة بتاعتي يلا أمشي.
نظر له عبد الحميد ليقول.
-هدأ من روعك يا عمي أنا...
صاح العجوز مجددا ليقول بصوت عاليا. -بقولك ايه ولا هدأ من روعك ولا بتاع سبني في حالي الله لا يسيئك وأتكل على الله.
ليحدث الرجل نفسه بصوت مسموع "الانسان دا شكلة عبيط باين!"

وهكذا كما رأيتم أنتها الحديث بينهم، ومشى عبد الحميد، لا يدري هل العم يقول الحقيقة ام أنه يستهزئ به، جلس على مقعد في الحدائق وبعد تفكير وتركيذ قرر فتح كتابه ليجده كما هوا ولكن تغيرت صفحاته باللون الأبيض لا يوجد بها شيئاً، لمح غلافه الذي تكون من حروف ذهبية وبذلك تشكل الأسم، وصورة الغلاف لشخص وسيم تكثو الجروح في وجهه، يرتدي قبعة تلك التي يرتديها رعاة البقر في المكسيك، ويضفي بها على عينيه ليغطيهما، ومن خلفه اللون الأسود للخلفية كاملة.
***

ديستوبيا أرض الضياعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن