PASSAGE

23:20

4- ميقاتٌ يزينُ عروقي.

لا زلتُ أتذكرُ كم كنتُ سعيدًا بالخروجِ معكِ أخيرًا..
رؤيتُكِ لمرةٍ واحدةٍ وأنتِ تنزفين وأنا أحتضرُ بألمٍ حاولتُ التظاهرَ بعدَمِه، ثم سماعُ صوتُكِ كلَّ يومٍ كان أكثرَ من كافٍ لي..
وكنتُ أنوي أنّ أسألكِ إن كنتِ تريدين لنا أنّ نلتقي مرةً أخرى، ولكنكِ سبقتني حينَ اتصلتِ يومَها وأنتِ تأمرينني مازحةً بلقائكِ في منتزهٍ قريب.

- جونغكوك، إنّ لم تأتِ في غضونِ عشرة دقائقٍ سأتقاتلُ معك!

فأتيتُ إليكِ مسرعًا، ملتهفًا للقاءٍ ثانٍ.

كانَ مربكًا في بادئِ الأمر، وهو أمرٌ حريٌ بكلينا بأنّ نجزمَ بِه.
لم نعرف بشأنِ ماذا نتحدث وقد كانَ كلُّ شيءٍ دائمًا أسهلَ حينَ فصلتنا المسافات.

جلسنا على طاولةٍ في المنتزه، ولم تتركي شيئًا نُقِشَ عليها إلا وقرأتِه، ولكن أظنُ بأنكِ بعدَها لحظتِ المؤقتَ المتحركَ أسفلَ كفي وكيفَ زينَ عروقي، لأنكِ سألتِني بعدَها عن سببِ بقاءِ سنينٍ فقط في تعدادِ حياتي وأنا لا زلتُ في ربيعِ العشرين.

قلتُ لكِ بأنّي لا أعلم، ثم أضفتُ مازحًا بأني قد أموتُ جراءَ وقوفي أمامَ حافلةٍ عابرةٍ أو جراءَ اختناقي وأنا أتناولُ طعامي من بينِ كلِّ مسبباتِ الوفاة.

لا أعرفُ كم مضى من الوقتِ ونحنُ نتحدثُ عن كلِّ الطرقِ السخيفةِ الممكنةِ التي سأموتُ بها.

ولكني أعرفُ..
أنّي لم ألحظ أنّ مؤقتكِ تبقى فيه بضعُ أشهرٍ فقط.

لا أتذكرُ بالضبطِ ماذا حدثَ بعدَ ذلك، إلا من حقيقةِ أنّي علقتُ بطريقةٍ ما في أرجوحةٍ خاصةٍ للأطفال وأنّ كلَّ ما فعلتِه كانَ الضحكَ بقوةٍ لحدٍ ضاعَ صوتُكِ ورحتِ تضربين الأرضَ بقدميكِ.

ورغمَ أنّي علقتُ بحقٍ فيها، إلا أنني قلتُ لكِ بأنّ هذه قد تكونُ الطريقةُ التي سأموتُ فيها بعد سنينٍ فقط في سبيلِ رؤيتِكِ تضحكين بتلكَ الطريقةِ التي يخيلُ للرائي فيها أنكِ لا تضحكين.

اضطررنا إلى الاتصالِ بقسمِ طوارئ الحرائقِ كي يأتوا ويخرجوني من الأرجوحةِ بقطعِها، وأظنُ أنّي رأيتُكِ تصوَّرين الحَدث، ولكني لم أستطع الجزمَ بذلكَ تحتَ كلِّ تلكَ النظراتِ الشامتةِ من رجالِ الإطفاء.

ولكني أتمنى بأنكِ فعلتِ..
فبداخلي جزءٌ يخشى أنكِ لن تتذكري ذلكَ إنّ لم تفعلي..

[ تبقت أربعونَ دقيقة ]

****

هُنا هو الجانبُ الخياليّ في القصة، فلكلِّ فردٍ مؤقتٌ يُرَى تحتَ جلدِه، وفيه كم تبقى لك من عمرٍ قبلَ أنّ تموت.