23:24

171 19 6
                                    

5- افتقارٌ لإحساسِ البيت

لم يكن هناكَ أيُّ صورٍ تزينُ جدرانَ منزلكِ حينَ دخلتُه أولَ مرة..
كانَ ذلكَ هو أولَ ما لحظتُه..
الافتقارُ للإحساسِ بالمأوى والبيت.

ذرعتِ البيتَ جيئةً وذهابًا بشكلٍ مُريب، بل لم تتركِ أيّ قطعةَ إثاثٍ إلا وقد تعثرتِ واصطدمتِ بِها، وعرقلت مسارَ قدميكِ أصغرُ الأشياءِ أمامَكِ.
أظنُ بأنكِ وقعتِ حتى حينَ صعدتِ السلالم للطابقِ العلويّ، ولكني لم أسمع إلا صوتَ ارتطامٍ وهمسَ لعنةٍ خفيض، فلستُ متأكدًا.

قلتٍ لي بصوتٍ يتعرجُ ترددًا بأنّ أجلسَ على الأريكةِ وأرتاحَ وكأنّ المنزلَ منزلي، ولكنكِ بنفسكِ لم تجيدي عقدَ هدنةِ سلامٍ مع منزلكِ.
صحيحٌ أننا نسيرُ الآن في أرجاءِ المنزلِ بأريحيةٍ تامّة، ولكن يستحيلُ أنّ أنسى ذاكَ اليوم..

يستحيلُ أن أنسى الجدرانَ القاحلة، أو كل ذاكَ الاعتلاجِ الذي كنتِ فيه.

استغرقتِ عشرَ دقائقٍ كاملة تبحثينَ عن معطفٍ ريثما جلستُ أنا على الأريكةِ متكدرًا أنتظرُ صوتَكِ الناعم ليأتي مخبرًا بخروجِنا.

آملُ بأنّ تعرفي أنّي رأيتُ المعطفَ معلَّقًا على رفِ المعاطفِ بجانبِ الباب، ولكن قلبي لم يطاوعني على إخباركِ..
آسِف..

ولكن انظري اليومَ في أي مدىً أمسينا..
لا زلتُ أتذكرُ كيفَ كانَ شعورُ الإرتباكِ في غرفةِ المعيشةِ جليًّا قبلَ بضعةِ أشهر، ولكنها الآن الغرفةُ التي قررتُ أنّ أكتبَ لكِ كلَّ هذا فيها..

الآن.. أمسيتِ تسيرين في منزلكِ على علمٍ بما يحيطُ بكِ من الأشياء..
حينَ تقدرين على السير، لو حقَّ القَول..

لم تبرحي سريركِ منذُ يومين..

[ تبقت ستةٌ وثلاثونَ دقيقة ]

****

PASSAGE حيث تعيش القصص. اكتشف الآن