الفصل السابع

30.3K 1K 13
                                    

عادت زينـة من جامعتهـا بعد إنتهاء اليوم الدراسي..
ما أن لمحها أكرم تدلف من مدخل البناية أسرع وهو يصر علي أسنانـه غيظـا منها.
تفاجئت بقبضة حديدية علي ذراعها ألمتها في قوتها.
تألمت قليلًا وهي تصيح به: اااااي سيب ايدي في ايه!!
أكرم بصوت جهوري:
من اولها بتخلي بالاتفاق؟ احنا اتفقنا علي ايه امبارح؟؟
عقدت حاجبيها وأردفت: اتفاق ايه وبتاع ايه '! ليه هو انت ناوي تحبسني في البيت؟!
قال وعيناه تتوهج غضبا ؛ اه شكلي كده، بقولك ايه انا مبحبش الحال المايل لما اقولك كلمة تسمعيها مفيش خروج من البيت بدون علمي والا وقسما بالله هتندمي، ولازم تعرفي انك علي ذمة راجل!!
كتمت غيظها بداخلها ثم قالت بضيق ؛:
- بس انا مخرجتش اتفسح، انا خرجت للجامعة مش كل حاجة هجري استأذن منك!
إقترب منها أكثر وقد مال عليها قليلًا: كل حاجة فيها استئذان يا كده يا هخل باتفاقي معاكي انا كمان قولتي ايه؟!
اتسعت عينيها لوهله، وبالأخير قالت بخفوت: اوك ممكن تسيب ايدي بقي!؟
تركها علي مضض لتبتعد هي خطوة للخلف وهي تفرك مكان قبضته بألم، أشفق أكرم عليها واقترب مرة ثانية يمسح علي ذراعها بحنان وقال: وجعتك؟
إرتجفت قليلًا أثر لمسته ثم ابعدت يده بحدة: لأ، انا محدش يقدر يوجعني أصلا فاهم؟!
نظر لها بدهشة ثم تقوس فمه بابتسامة معجبا بهذه القطة الشرسه، اقترب منها أكثر وهو يقول غامزًا بمزاح: بحبك وأنت بتخربش، ثم إندفع فجأة طابعا قبلة علي وجنتها وهو يقول هامسًا: إدلع براحتك بكرة تندم يا جمييل!
أنهي جملته وتركها متجها إلي ورشته مرة ثانية تاركا إياها تبتلع ريقها بخجل شديد وقد توردت وجنتيها أثر لمسته وهمسته وقبلته أيضًا!
انتابها شعور غريب لاول مرة تشعر به ولكنها نفضت هذا الشعور عن عقلها وصعدت الدرج بخطوات سريعه أقرب إلي الركض..
ما ان دلفت من باب المنزل ركضت الصغيرة نحوها وهي تهتف بمرح:
- زينة وحشتيني أوي.
انحنت زينـة في مستواها وهي تقبلها بحنان ثم قالت بابتسامة: وانتي كمان يا حبيبتي وحشتيني.
أقبلت السيدة نادية عليها وهي تقول:
حمدالله علي سلامتك يا زينة يلا الغدا جاهز.
قالت زينه بهدوء: الله يسلمك يا طنط، معلش انا مش جعانه
قفزت ندي بغضب طفـولي وهي تهتف: لا هتاكلي معايا مليش دعوة انا مش أكلت عشان تاكلي معايا يا زينة البنات انتي.
قهقهت زينـة وهي تقول من بين ضحكاتها: زينـة البنات؟
أومأت الصغيرة ضاحكة: اه زي ما بابا بيقولك!
توترت زينـة وهي تعبس بوجهها ثم اتجهت الي طاولة الطعام وقالت:
طيب يلا ناكل..
ركضت ندي نحوها ثم جلست جوارها وهي تأكل بسعـادة بينما ضحكت ناديه وهي تجلس قبالتهما وتدعي في سرها: ربنا يهديكي علي ابني يا زينه والله ده طيب وابن حلال بس عاوز الي يفهمه!
............


بعد مرور ساعة.

عادت سهـا إلي المنزل، دلفت إلي شقة السيدة نادية لتجد الثلاثة يجلسن ويشاهدن التلفاز ويتبادلن الضحكات بمرح..
شعرت بالدماء تغلي في عروقها وهي تري إبنتها منسجمة مع زينـة !!
هتفت بحدة: ندي!
نظرت لها ندي وهي تقول: نعم يا ماما.
صاحت سها:
تعالي هنا، يلا قدامي علي الشقة!! ..
قالت الصغيرة بإعتراض: لا أنا بتفرج علي الفيلم مع زينـة وتيته مش عاوزة ادخل جوه!
اتسعت عينيها بغضب وأسرعت تجذبها من يدها بقوة، لتهتف زينـة بضيق: براحة يا سها عليها في ايه مالك؟
صاحت بها بغيظ:
وانتي مالك انتي؟ ما تخليكي في حالك وابعدي عن بنتي ولا تكوني فاكرة نفسك بقيتي امها ولا حاجة لا يا حبيبتي امها لسه عايشه وعلي وش الدنيا!
نهضت زينـة وهي تقول بصرامة: ايه الكلام السخيف ده ومين قالك اني فاكرة نفسي امها؟ انتي مريضه في عقلك يا سها شكلك كده!!
دفعتها سها بيدها لتسقط زينـة علي الأريكه، ثم نهضت وكـادت أن تهجم عليها الا ان اوقفها صوته الصارم وهو يهتف: ايه الي بيحصل ده؟؟؟!!
دلف أكرم من باب الشقه وملامحه متجهمه ليردف بحدة: انتوا بتتخانقوا مع بعض ولا ايه؟!
أغلقت زينـة عينيها وهي تمسح علي رأسها بغضب شديد، بينما قالت سها بامتعاض: الهانم بتقل ادبها عليا، وفاكرة نفسها ست البيت انا مش عارفه ايه البلاوي الي جبتهالي دي!
صرخ اكرم في وجهها: امشي علي جوه!
ارتعدت اوصالها من صوته الغاضب فتحركت وهي تجر ابنتها معها الا انها هتفت بغضب: لا يا ماما سبيني انا عاوزة بابا!
قال أكـرم بحدة: سبيها!
تركتها ودلفت إلي شقتها لتركض الصغيرة إلي والدها تحتضن ساقه فمسد هو علي شعرها..
ليتفاجئ بها تصيـح به:
شوفت عملت ايه؟؟ قولتلك مراتك هتزعل قعدت تقولي ولا فارق معاها اتفضل بقي!
تنهد أكرم بجدية:
متشغليش بالك بيها وقولت صوتك ميعلاش عليا فاهمة ولا؟!!
زفرت بحنق قبل ان تهتف بغضب:
لا مش فاهمه واوعي تفتكر اني هسمع كلامك وتعملي فيها راجل وسي السيد!!
تحولت عينيه الي جمرتين وهو يندفع نحوها ثم جذب ذراعها ليلويه خلف ظهرها وهي يقول بصرامة أخافتها:
- أنا راجل غصب عنك وأوعي تتعدي حدودك معايا والا قسما بالي خلقني وخلقك لتشوفي وش مش هيعجبك يا زينه فاهمه ولا لاء؟؟
أدمعت عينيها بشدة وهي تحاول الفكاك من قبضته الحديدية، فتدخلت نادية بعتاب: يا أكرم سيبها عيب كده يابني..
قال بنفي ؛ هتعتذر انا مبحبش قلة الادب دي!
ردت عليه من وسط بكاؤها: مش هعتذر.
زادت من غضبه ليشتدد علي ذراعها اكثر وهو يقول بتحدي: هتعتذري.
اااه.. تألمت بشدة فإنه علي وشك كسر ذراعها ..
لتهتف ندي بخوف وهي ترتعش: يا بابا سيبها
لم يصغي أكرم انما قال بغضب ؛ اعتذري يا زينة
لا يوجد مفر امامها سوي انها تعتذر ورغما عنها ستتنازل عن القليل من كبرياء أنوثتها..
أردفت بخفوت ودموعها تهبط فوق وجنتيها بغزارة ؛ انا آسفة! ..
تركها علي الفور ولكنه لم يتخلي عن ملامحه الصارمة:
فكري تقلي أدبك تاني، دي بس قرصة ودن خفيفة..
مسحت دموعها بظهر يدها وهي تهمهم بخفوت، ليقترب منها قائلًا: متبرطميش!!
صمتت رغمًا عنها اتقاءا لشره وغضبه ذاك، إستدارت لتذهب إلي الغرفة فأوقفها صوته الصارم: تعالي هنا.. !
أغلقت عينيها بضيق وهي تشتم في سرها وتلعن حظها الذي أوقعها في براثنه..
تقدمت نحوه وهي تقول علي مضض: نعم!
قال بلهجة آمرة: حضريلي الاكل عشان جعان واعملي حسابك كل طلباتي من النهاردة انتي الي هتعمليها فاهمه؟
اتسعت عينيها قائلة: نعم؟
- الي سمعتيه يلا اتحركي بقولك جعان!
انهي حديثه وراح يجلس علي الأريكه فقالت ناديه بنفاذ صبر: انا هعملك الاكل يا اكرم اسكت بقي.
اكرم نفيا بحزم:
لا يا ماما هي الي هتعمل!
سارت زينـة الي المطبخ وهي تتأفف بضيق، بينما نظرت ناديه له بعتاب وغيظ ودلفت الي المطبخ خلفها حتي تُصلح ما أفسده هو...
بينما اقتربت الصغيرة منه وهي تقول بتذمر: انت وحش يا بابا مش حلو خالص!
تنهد أكرم وهو ينظر لها بدهشة: انا وحش يا ندي؟
أومأت برأسها وهي تقول: ايوة عشان ضربت زينة وزينة حلوة وانا بحبها، انا قولتلها بابا حلو بس خلاص هقولها بابا وحش وبيضرب.
جذبها أكرم اليه وهو يضحك بخفوت: كده برضو! ماشي انا زعلان منك، وبعدين انتي مش فاهمه حاجة يا ندي، يعني ينفع هي تقول علي بابا مش راجل؟ ها
حركت رأسها نافية ببلاهه، ليستكمل اكرم: طيب يبقي هي غلطانة برضو يا ندي وعيب تعلي صوتها عليا صح؟
أومأت الصغيرة برأسها ثم تابعت: بس هي حلوة يا بابا وبتلعب معايا مش تضربها تاني.
ضحك أكرم: هي من ناحية حلوة فهي حلوة بنت الايه، وانا بعشقها مش بحبها بس.
ابتسمت ندي باتساع وهي تهتف: وانا كمان يا بابا
...........

- حقك عليا يا زينة يابنتي.
أردفت السيدة نعمة بتلك الكلمات في حين قالت زينة بحزن:
انتي ملكيش ذنب يا طنط، العيب فيا انا الي رضيت اتجوزه كان عندي انام في الشارع ولا ابقي علي ذمته!
تنهدت ناديه وقالت:
والله يا زينة بكلمة حلوة هتكسبيه ده بيحبك ويتمنالك الرضي ترضي افتحي قلبك وحبيه مش كل الرجالة زي جوز امك صدقيني.
انتهت زينـة من اعداد الطعام ثم قالت وهي تتجه الي الخارج: كلهم زي بعض!
توجهت إلي خارج المطبخ ثم وضعت الاطباق علي الطاولة وهي تقول بحدة: اتفضل الاكل!
ركضت ندي نحوها وهي تهتف بمرح: زينة بابا زعلان عشان انتي قولتي ليه ان هو مش راجل.
هزت زينـة ساقها بعصبية تامة في حين نهض أكرم وتوجه الي طاولة الطعام ليجلس وهو يقول بابتسامة: تسلم ايدك يا زينة البنات!
اتسعت عينيها غيظـا فمنذ قليل كان يعنفها والآن يغازلها!!!!
رفع أحد حاجبيه قبل أن يردف: اقعدي كلي معايا!!
رمقتـه بجمود ودلفت الي الغرفه مغلقه الباب خلفها، وقلبها يخفق بعنف من نظراته المتفحصه لها ومن معاملته الغريبه ايضا!!
...........

انتهي أكرم من تناول الطعام ثم نهض يغسل يديه في المرحاض، استغل انشغال والدته في المطبخ بصحبة صغيرته فتوجه فورا الي الغرفه المتواجدة بها زوجته زينـة..
فتح ودلف لتنتفض هي قائلة بذعر: ايه الي جابك هنا، اطلع برة!
كانت تشير له بسبابتها لكنه لم يبالي واقترب منها بخفة الفهد، جذبها اليه لترتطم بصدره بينما ذراعيه التفا حول خصرها..
شهقت شهقه مكتومة من فعلته الجريئة فحاولت الفكاك منه الا انه ثبتها وهو يقول بصوت حنون: ششش اهدي يا حبيبي!
ابتلعت ريقها من همسه الذي اذابها ثم همست بتحشرج: لو.. لو... سمحت خليك عند وعدك احنا متفقناش علي كده ابدا ابعد عني..
- وانا عند وعدي يا زينـة البنات، قالها بهمس وهو ينظر إلى عمق عينيها الجميلتين.. ثم أكمل بنبرة خافته:
- أنا بحبك حسي بيا بقي والله العظيم عمري ما حبيت حد قدك حتي مراتي يشهد ربنا اني عمري ما حبيتها انا اتجوزتها عشان دي كانت رغبة ابويا الله يرحمه انما قلبي ما دقش غير ليكي انتي بس.
أغلقت عينيها رافضة كلامه خوفا من ان تضعف امام رجولته الطاغية تلك..
صاحت به: ابعد عني انا مش بحبك متتعبش نفسك معايا!
قال بإصرار: هتحبيني، انا متأكد
ردت بحنق: انت واثق من نفسك اوي!
غمز لها وقال: طبعا، ده أنا الوحش..!
طبع قبلة علي جبينها ثم ابتعد خطوتين للخلف وهو يقول: انا عند وعدي مش هقرب منك الا بارادتك انتي، لكن كلامي لو ما اتسمع انا اسف هخل بالاتفاق تمام يا زينة البنات؟
أومأت رأسها بضيق، ليطلق لها قبلة أخيرة في الهواء ويخرج تاركا إياها في دنيا أخري وشعور غريب يجتاحها، تري هل القلب دق ولاَنْ؟؟

بين أحضان الوحش - الكاتبة فاطمة حمديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن