الفصل الثاني عشر

29.3K 1K 16
                                    

عندما يضيع الشئ من بين أيدينا نشعر به أو عندما يوشك علي الضياع فنندم ونتمني أن يعود كي نحافظ عليه... ولكن أحيانًا يفوت الآوان ونقول يا ليت يعود !!!


هكذا كانت تفكر زينة وهي تمسح دموعهـا الحارة عن وجنتيها وتتذكر لحظاته معها لحظة لحظة لما لا تمنحه الحب الذي يحتاجه وهو أوهبها قلبه؟ لما لم تمنح لذاتها الفرصة وتترك أوهامها جانبًا حتي تشعر بطعم الحياة والحب الصادق ذاك!!

في اليوم التالي..

إنتقل أكرم إلي غرفـة أخري بعيدًا عن العناية المركزة ولقد عاد إلي وعيه ولكنه مرهق ومجهد جدا..

إقتربت أمه تقول بلهفه وحنـان:
حمدالله علي سلامتك يا حبيبي خضتني عليك يا أكرم
إبتسم لها رغم الآلآم الساكنة في قلبه:
الله يسلمك يا ماما.
أسرعت الصغيرة تصعد إليه وهي تضغط علي كتفه فتأوه بألم شديد..
ااااه... أطلقها كرم بصياح فإرتعدت الصغيرة وتراجعت إلي الخلف بهلع..
فقالت نادية بعتاب: براحة يا ندي يا حبيبتي بابا تعبان.
هدأ أكرم ثم نظر إليها وقال بحنان: تعالي يا ندي متخافيش يا حبيبي.
أسرعت له فمد يده بصعوبة بالغة يربت علي وجنتها، فقالت ببراءة: بابا حبيبي أنا زعلانه أوي عشانك
إبتسم بارهاق وتابع:
أنا كويس يا ندي، متخافيش يا حبيبتي..
وأخيراا تحدثت زينة بخجل شديد ؛
حمدالله علي سلامتك.
نظر لها بصمت فابتسمت بحنان، فتعجب بشدة!!! أنها تبتسم له، وما هذه النظرة الحانية؟!
رد عليها بعد موجة من الصمت: الله يسلمك.
سألته ندي بتلقائية:
بابا فين ماما، هي الي عملت فيك كده؟ ، أنا زعلانه منها أوي
صاح أكرم وقد إشتعلت النيران داخل صدره: ششش متقوليش عليها ماما، دي زبالة متسواش إياكي أسمعك تقولي عليها كده تاني فاهمة ولا لا؟؟
إنهمرت دموعها بخوف وهي تلتصق بجدتها وتبكي، فأخذتها الجدة في أحضانـها قائلة بعتاب: ليه كده يا أكرم طيب وهي ذنبها ايه دي عيلة صغيره!
أكرم بغضب شديد: أمها ماتت خلاص ماتت ماتت
تأوه بشدة عقب أن أنهي جملته، فأسرعت زينة تربت علي كتفه برفق وهي تتفوه بصوت مرتجف: طيب اهدي لو سمحت كده هتتعب أكتر.
نظر لها بإستغراب، إنها تلمسه!! ما بها اليوم، هل هي خائفة عليه؟؟
تنهد بعمق.. صمت.. وصدره يعلو ويهبط بسرعة..
طُرق الباب ليدلف الضابط هشام قائلًا بابتسامة: حمدالله علي سلامتك يا بطل.
بادله أكرم الابتسامة وهو يقول بخفوت: الله يسلمك يا هشام بيه.
سأله هشام:
اخبارك ايه النهاردة؟
أكرم بهدوء: تمام الحمدلله.
ثم تابع بتساؤل وقد إحتدت ملامح وجهه:
عملت محضر يا هشام بيه وأثبت الحالة؟؟
صمت هشام قليلًا ثم تابع بصوتٍ أجش: ممكن تسبونا لوحدنا خمس دقايق يا جماعة؟
أومأت السيدة نادية برأسها ثم خرجت بصحبة زينة والصغيرة..
ليسأله أكرم بجدية: في ايه يا هشام بيه؟
هشام بإتزان:
بص بقي يا أكرم أنت عارف إني بعزك وعشان كده هنصحك لوجه الله.
نظر أكرم بفضول، فتابع هشام بتنهيدة:
- مراتك تستاهل الدبح مش السجن بس لكن مينفعش تسجنها عشان خاطر بنتك والسمعة الي هتلازمها طول عمرها هتبقي نقطة سوده في حياتها
كاد أكرم أن يعترض فقاطعه هشام بجمود: اسمعني كويس أنا مش خاسس عليا حاجة هسجنهالك ومفيش مشكلة خالص، لكن الموضوع ده حصل مع أعز الناس ليا وبرضو كان عنده بنت والبنت كبرت وفهمت أمها فين والناس مبتسكتش يا أكرم!! الحل الوحيد إنك تطلقها وتبعد عنها أنت وبنتك وبس
تنهد أكرم بضيق وقال: والزفت أنور؟
هشام بهدوء:
لا متقلقش ده أنا هربهولك المهم أنت تطلقها وخلصت الحكاية تمام؟
أومأ أكرم وهو يتنهد بعمق ثم سأله مجددًا: هي غارت في أنهي داهيه؟
هشام بجدية:
هي خرجت من المستشفى مع أختها والجنين نزل.
إتسعت عيني أكرم بصدمة: جنين!! هي كانت حامل منه كمان؟؟
قال هشام وهو يومئ برأسه: أيوة الدكتور قالي ان النزيف ده كان جنين..
هتف أكرم بانفعال: الواطية بنت *****!!
هشام بخفوت: خلاص يا أكرم ركز أنت في حياتك بقي وابدأ من جديد
ثم نهض قائلًا بإيجاز: أسيبك بقي سلام..
هتف أكرم قبل أن يرحل: متشكر يا هشام بيه، لو كان ليا أخ مكنش وقف جنبي زيك.. شكرا بجد.
إبتسم له وقال بمرح: ولو يا وحش أنت جدع وأنا في الخدمة.. سلام
خرج هشام ورحل تاركا إياه يتنفس بعمق يحاول جاهدًا نسيان كل شئ والبدء من جديد مع زينته.. زينته الحبيبة!
...............

بين أحضان الوحش - الكاتبة فاطمة حمديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن