نظرة أخيرة

433 54 0
                                    


أطالت ران البقاء مما جعل الجميع يقلق، بحسب التوقيت مر يوم كامل بدون أن يناموا، ولن يستطيعوا النوم بسبب الجدول المزدحم لذا التعب أعيا الجميع، أرادوا الذهاب للنوم لكنهم أرادوا أيضا توديع أصدقائهم، وأيضا كان عليهم العمل وإلا جون سيصرخ عليهم، تجمع الجميع بعد أن تفرقوا وهدت نفوسهم.
قالت سارا بقلق: هل أنا الوحيدة التي تشعر هكذا أم أن ران تأخرت؟
قال جون وهو يفكر: أجل لقد تأخرت.
صمت الجميع بسبب نبرة صوت جون، كانت حادة جداً وتعبر عن القلق والخوف، ران طلبت من الجميع عدم الدخول إلى أن تنتهي، لكن القلق منع الجميع من سماع كلامها.
قالت لانا بقلق: سارا لماذا لا تذهبي لرؤيتها؟
قالت ماريا مؤيدة: أجل قد تكون ليست بخير أنا قلقة.
قال إيرين: لا تقولوا هذا، هي بكل تأكيد بخير.
قال مين: لا أظن ذلك، ران لم يكن لها أصدقاء وكان جان صديقها الأول والوحيد.
قالت لين وقد تجمعت الدموع في عينيها: لو كنت مكانها أظن أني سأقرر الموت.
شعر الجميع بالخوف من جملة لين، نهض الجميع مسرعين إلى مكان ران لكن فور وصولهم للباب ران قد خرجت، نظرت لهم بعينيها المتعبتان وقالت: ماذا يجري لماذا جميعكم هنا؟
عانقت ماريا ران وهي تبكي أما سارا قالت لها وهي تمسح دموعها: إذا احتجتِ إلى الكلام أنا هنا ران.
أمسكت لين يدها وقالت لها وهي تبكي: أنتِ لستِ وحيدة ران جميعنا أصدقائك هنا.
قالت ران بصوت متعب ثقيل وهي تبعد لانا: ما الذي يجري لكم أنا حقاً متعبة من البكاء.
قالت لانا وهي تمسح دموعها: حسناً جميعاً دعونا نذهب لنصنع زهوراً للجميع.
بدأ الجميع التحرك متجهين إلى المكتب الوحيد في المركبة، جمعوا الأوراق الممكن أتلافها، وبدأوا بصنع الورد من الورق بقلق راقبوا الورق وهو ينفذ، خوفاً من أن لا يكفي الجميع.


توجهوا إلى مكان سبات الجميع ليودعوهم، عادتاً عندما تودع حبيباً لك فأنك تلقي أخر نظرة لك لوجهه لكي لا تنساه، لكن بالنسبة لهم لم يكن هناك وجه ليروه، كان كل ما لديهم الصورة التعريفية فقط.
تقدم جون لوضع الورود لكل الجثث وعند كل جثة يقول: لقد أبليت حسناً أنا فخور لكوني قد خدمت معك.
ديفيد فعل المثل، لأنه لا يكن مشاعراً قوية إلى الموتى مثل البقية، شين وضع الزهور وهو صامت ولم يقل شيء.
نورمان تقدم مع إيرين لكي يسانده، وضعا الزهور معاً وإيرين يبكي، يزداد بكائه عند كل جثة ليس لديه ما يقوله فدموعه تتكلم عنه، بعدها تقدمت ماريا وسارا وهما تبكيان أيضا، وضعا الورد عند جان قالت ماريا: أحمق لطالما كهرتك لكن لم أتمنى أن يحدث هذا.
تابعت بكائها لكن سارا تحركت إلى الجثة الأخرى وتبعتها ماريا عند جثة سوزان سارا قالت: كنت أتمنى أن أتعرف عليها أكثر ونصبح صديقتان.
قالت ماريا: أجل أظن أنها فتاة جيدة.
ذهبتا إلى الجثة الأخرى والأخرى أخر جثتين كانت لشادو وجابريل قالت سارا وهي تبكي: هؤلاء الأثنان لقد كانا يذهبان معاً إلى كل مكان، ولم يفترقا منذ أن عرفتهم، لكن لم أتوقع أن يذهبا معاً أيضا هذه المرة.
بكت ماريا بصوت عالي بسبب كلمات سارا، عادتا مكانهما ثم ذهب مين ولين ممسكان بأيدي بعضهما، عندما وضعوا الورود على جثة جان قال مين: لقد كنت رجلاً جيداً في نهاية عمرك فقط.
ثم اتجهوا إلى الجثة الأخرى كانت لسام قال مين: أنا لم أعرفك جيداً لكن وداعاً يا صديقي.
ثم إلى جثة سوزان قالت لين: لقد تحدثنا كثيراً معاً أنا سعيدة لأني كنت صديقتك سوزان.
ثم إلى جثة ساو قال مين: لقد كان قوياً، وصاحب مهارات عالية، خسارتك كخسارة قوة نصف الفريق.
ثم إلى جثة إيما قالت لين: كانت فتاة هادئة ودائما تتبع لانا، لم أعرفها جيداً لكن أظن أنها كانت فتاة جيدة.
بعدها ذهبا إلى جثة جابريل وقال مين: وداعاً يا صديقي.
قالت لين: حاولت حماية صديقك لكنك تسببت بقتله وداعاً جابريل.
عندما وصلا إلى جثة شادو تغير وجه لين وضع مين أخر زهرة لديه وقال: لم تكن رجلاً، كنت مجرد طفل مدلل، لكن لين أحبتك وهذا يكفي لتقبلك قليلاً، لكن مع هذا أنت ذهبت بعيداً، ولم تسمح لي بلكمك لأنك أبكيت لين أيها الوغد الجبان.
وضعت لين يدها على فمها وبدأت بالبكاء بينما مين يتكلم، بعد أن أنهى مين كلامه وضع يده على كتف لين، نظرت لين إلى عيني مين، كانت جامدة بدون حراك كان يحاول جاهداً منع دموعه من النزول، الأمر كان وضاحاً بالنسبة إلى لين، لأجله ولأجل دموعه علي أن أصبح قوية هذا ما كانت لين تفكر به، وضعت لين وردتها الأخيرة وعادا إلى مكانهما بقي ران ولانا...
قالت ران بصوتها المتعب إلى لانا: هل نذهب معاً أم ترغبي في الذهاب وحدكِ؟
قالت لانا بهدوء: لنذهب معاً.
شعرت ران بالقلق لكنها ذهبت معها عند جثة جان أمسكت ران دموعها لكن في النهاية دموعها فازت عليها، وضعتا الورد وتقدمتا إلى سام، بينما ران كانت تمسح دموعها تقدمت لانا بصمت من جثة إلى جثة، إلى أن وصلت إلى جثة صديقتها إيما عندما وصلتا وضعت ران الوردة، لكن لانا بقيت جامدة دون حراك، نظرت ران إلى لانا بقلق وجهها الجامد كان مخيفاً، وفجأة تغير التعبير في وجهها كانت خائفة ومتفاجئة، بعدها إلى وجه حزين باكي، رمت لانا نفسها على جثة إيما باكية بصوت عالي، وكانت تقول وهي تبكي: إيما أنا أسفة، لو أجبرت جابريل على الحديث، لما حدث هذا، لقد كنت أعلم لكن لم أرد تصديق ذلك، سامحيني، إيما أنا اسفة، لم أرد أن يحدث هذا، لم أرد أن أخسركِ إيما.
بسبب بكائها باقي كلامها لم يكن مفهوم، حاولت ران أن تجعلها تنهض لكن بدون فائدة، كانت متمسكة بجثة إيما بقوة، حاولت سارا أيضا لكن بكائها يزداد قوة في كل محاولة، توجه نورمان إلى ران الباكية وبيده مخدر، عندما رأته ران مسحت دموعها وبدأت بتحضير المخدر، بينما كانت لانا تبكي بقوة صوتها بدأ يخفت بسبب المخدر، شيء فشيء إلى أن نامت، حملها نورمان وقال: ساخدها إلى المشفى عندما تنتهي تعالى إلى هناك.
قالت ران وصوتها بالكاد يخرج: حسناً سأقوم بفحصها عندما أنتهي.
غادر نورمان بعد فترة من الصمت قالت سارا: لما ستقومين بفحصها؟
قالت ران واضعة يدها على رأسها وبصوت متعب: لأن لانا تملك جسداً ضعيف، ومع كل ما حدث لابد أن شيء حدث لها، كحمى أو شيء أخر لا أعلم أرغب فقط بالاطمئنان.
صمتت سارا ولم تقل المزيد راقبت الباب بصمت، ثم قالت: ران سأساعدكِ.
قالت ران: شكراً سارا.
بدأت سارا وران بتجهيز الجثث، بعد أن ودعت شادو وجابريل، واحداً تلو الاخر تم إرساله إلى المستودع، وهكذا نام الجميع بسلام.

في منتصف الظلام سمعت صوتاً قائلاً: لانا أنتِ حقاً تحبين النوم.
قالت لانا بصوتها النائم: من؟! أمي؟! إيد؟!
قال الصوت: كلا لست أمكِ ولست إيد.
قالت لانا: إذاً من أنت؟

أجاب: أنا أنتِ.
قالت لانا: إيما؟
قال الصوت: أجل.
قالت لانا: لماذا أنتِ هنا؟! أم أنا ذهبت؟
قال الصوت: كلا أنتِ لم تذهبي أنا عدت، لأقول لكِ شيئا.
لانا: ما هو؟
قال الصوت: أفتحي عينيكِ أنا هنا بجانبكِ.
فتحت لانا عينيها وأول ما رأته كان سقف المركبة، وعندما نظرت لليمين وجدت نورمان، جالس على سرير بجانب سريرها، كان ظهره ما تراه، التفت لها نورمان وقال بصوته الخشن الدافئ: هل أنتِ بخير؟
ابتسمت لانا وقالت والدموع في عينيها: أجل أنا بخير.
عم الصمت المكان قليلا ثم قال: سأنادي ران.

خرج نورمان من الغرفة، أما لانا قالت وهي تمسح دموعها: ما الذي كانت تعنيه بكلامها؟! لا أرغب أن أفكر بشيء خاطئ...

ما بعد الكارثة كارثة اخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن