الاختبار

388 53 4
                                    

عم الصمت المكان، وعلا صوت شعلة النار، وكأنها تقول أجل هذه الحقيقة.
لم يستطع أحد التصديق، لقد كانوا يظنون أنهم يعيشون في كوكب الأرض طوال تلك السنين، لكن أن يكتشفوا أنهم مهاجرين من كوكب الأرض، وكل ما حدث لهم بسبب كذب الكبار!!
كسرت لانا الصمت قائلة: لقد كنت أعلم منذ البداية أن هذا كوكب الأرض.
نظر الجميع إلى لانا بتعجب ثم أكملت: لابد أنكم تفكرون الان إذا لماذا لم تخبرينا صحيح؟ لأنه لم يكن لدي دليل دامغ، كل ما كان لدي حديث عجوز ورثته من أجدادها، الكبار كانوا يظنون أن النظام كما كان، لهذا كانوا خائفين أن يُقتلوا على يد الدول المتحالفة، لكن لسوء حظهم لم يعد وجود للدول المتحالفة، الان هنا السؤال بعد معرفتنا لكل هذه الحقائق ماذا سنفعل؟
قال جون وهو يحاول كبت غضبه: الأمر واضح، أولا سنبحث عن أرض فارغة وكافية لعدد السكان، ونقوم بتسويرها وتسميتها باسمنا، أود حقاً ترك بعض الأشخاص هنا، لكن نحتاج للجميع من أجل العودة، لذا أظن أنني سأسأل المساعدة من رجال هذه القرية، إذا وافقوا على حماية أرضنا، طبعا بالمقابل سنعطيهم بعض تكنولوجيتنا ربما يوافقون وربما لا، على العموم نعود ونخبر الجميع عن كل شيء، ونحضرهم إلى هنا.
قال نورمان: الأمر سهل.
قالت لانا موضحة: أنه يسخر.
قال جون وهو يعرك ما بين عينيه: أعلم أن الأمر سيكون صعب، خاصة وأن البشرية هناك تؤمن بالكبار، لكن علينا فضحهم مهما كلف الأمر.
قالت ماريا بحيرة: بعض الأشخاص يعبدونهم هل سنكون بخير؟
قالت سارا بكل جدية وحزن: قد نضطر لقتلهم.
صمت الجميع خوفاً من كلام سارا، لكنها محقة، هم سوف يقومون بانقلابه على الكبار، لا يعرفون إذا كانت ستنجح أم لا، كل ما يعرفونه هو أنهم مُقدِمون على حرب كبيرة.
لم يعقب أحد بعد كلام سارا، ذهب الجميع للنوم، ربما يظن المار أنهم نوام، لكن التفكير أيقظهم طوال الليل.
في اليوم التالي، ذهب جون للتحدث مع جاسم، بقي الجميع في مكانهم منتظرين الأخبار من جون وديفيد.
مرت ساعة، تليها ساعة..
عاد جون، ووجهه لم يحمل أنباء سارة، قالت لانا فور رؤيتهما: ما الذي حدث؟
قال ديفيد بصوت خائب الأمل: لا شيء، قال إنه سيستشير كبير القرية، فهذا قرارهم لا قراره لوحده، لذا سننتظر لمدة، إلى أن يأتينا الجواب.
مر وقت ليس بطويل، طرق عليهم الباب جاسم، وقال لهم: جميعاً، الرئيس يرغب بمقابلتكم.
نهض الجميع مستبشرين خيراً، وتوجهوا إلى بيتٍ كبير، لم يكن كبير الحجم، لكنه أكبر بيت في القرية، دخلوا وألقوا التحية، وجلسوا، جاسم كان الصلة بينهم.
قال جاسم مترجما كلام الرئيس: نحن نرغب بمساعدتكم، لكن نرغب بضمان أنكم لن تغدروا بنا، لهذا سنقوم باختباركم.
قال جون: لا مشكلة لدينا، نحن واثقون من أنفسنا.
قال جاسم: سنختار شخصان من مجموعتكم هذه، ليتم اختبارهم.
توجس جون وقال: ولماذا فقط شخصان؟
قال جاسم: اختبار الجميع سيكون إطالة للوقت، لهذا سنكتفي ب شخصان.
ابتسم جاسم لهم لكن ابتسامته كانت مريبة بالنسبة إلى جون.
قال جون بحذر: إذاً من هما الشخصان؟
قال جاسم وهو يشير بعصاه: تلك الفتاة وذلك الشاب.
أشار جاسم على ماريا ومين، تعجب الجميع من اختيارهم، فقال جون بتعجب: هل هناك حكمة من اختياركم؟
قال جاسم مغمض عينيه: أجل، إذ نجحا سوف نقبل بمساعدتكم.
ابتسم جاسم بلطف لكن هذه الابتسامة أقلقت جون أكثر، نظر جون للاثنان وقال: أفعلا كل ما يطلب منكما هل هذا مفهوم؟
قالا الاثنان بصوت واحد: أجل.
نهضا الاثنان مع مجموعة من الأشخاص، رافقهم جاسم لأجل الترجمة، غابوا ساعة كاملة، وعندما عادوا كان مين يحمل ماريا على ظهره وتعابير وجهه كانت جادة جدا، أما ماريا كانت متعبة، واضعة رأسها على ظهره، ووجهها لم يكن واضح، شعر الجميع بالريب، اُدخِل مين إلى أحد البيوت، وذهبت ران معهم للاطمئنان على ماريا.
توجه جاسم للبقية وقال لهم بابتسامة: لقد نجحتم سوف نساعدكم.
قال جون بتعجب: أخبرني ماذا كان الاختبار؟
قال جاسم: اختبار للإنسانية.
غادر جاسم وأبقى الجميع في حيرة، قالت لانا إلى سارا ولين: مين لم يخرج بعد.
قالت سارا: هل تظنين أنه مجروح؟
قالت لين بقلق: كلا لقد كان بخير.
قالت لانا بحزن: ربما الجرح ليس في جسده.
قالت سارا بغباء: إذا أين؟
أجابت لين بحزن: ربما.
عادت سارا تسأل: أين هو الجرح إذا؟
قال شين بعد أن أشفق على سارا: هذه شفرة بين العشاق، إذا كنتِ لستِ منهم فلن تفهمي مقصدهم.
قالت سارا بغباء: إذا كيف فهمت؟
قال شين بانزعاج: ومن قال لكِ أني فهمت؟
قال ديفيد بملل: يقصدون في القلب، حدث شيء ما هناك، جعل مين لا يرغب بترك ماريا.
قال شين: آه هكذا إذا.
قالت سارا باستمتاع لما ألت عليه الأمر: الأمر يصبح مشوق.
قال جون بعد أن تأمل طاقمه: يا فرحتي بهذا الطاقم، ماذا عنك نورمان؟
قال نورمان الجالس في المركبة: هذا سيأخرنا.
قال جون بسعادة: أخيراً أحد جاد.
قالت لانا بانزعاج: يمكنكم الذهاب والبحث عن أرض مناسبة، ونحن العائق سنبقى هنا.
قال نورمان وهو يشغل المركبة: فكرة جيدة.
قال جون وهو يهم بركوب المركبة: حسنا إذاً، أنا سأذهب مع نورمان، وديفيد مع شين، وإيرين مع مين، هذا إذا خرج من عند ماريا.
قال ديفيد: هل ننطلق غدا؟! يبدوا أن مين متعب.
قال جون وهو ينظر إلى نورمان: لا مشكلة لدي، لكن أقنع نورمان.
قال ديفيد: لانا أقنعي نورمان بالبقاء.
قالت لانا بغضب: لماذا أنا؟
ابتسم الجميع إلى لانا بخبث ما عدا نورمان، قالت لانا بعدما تنهدت: حسناً بما أنكم عديمو فائدة. توجهت إليه ووقفت أمامه وقالت: أسمع نورمان، سنبقى اليوم من أجل التجهز، والتزود بالطعام، والماء، ووضع خطة محكمة، وتوزيع المناطق على المجموعات، ومن هذه الامور حسنا؟
قال نورمان: هل تحاولين إقناع طفل؟!
ابتسمت لانا ابتسامة عريضة وقالت: أجل.
لم يجب نورمان عليها وبقي ينظر لها ثم قال: حسناً، مع أن كل ما قلته يستغرق ساعة فقط.
ذهب نورمان بعدها إلى المنزل المخصص لهم، ثم تبعه باقي الشباب، أما الفتيات بقين بالقرب من المنزل الذي أُدخِلت له ماريا، بقين واقفات لفترة ثم خرجت ران، توجهن الفتيات لها، وقلن بصوت واحد: ران كيف ماريا؟! بخير صحيح؟! ماتت؟! قولي، آه، ماريا، بخير، ما الذي، تكلمي، جرح، حدث، خطير.
صرخت ران فيهن: أصمتوا، لا أفهم شيء منكن، فلتتكلم واحدة منكن.
قالت لين بقلق: أخبرينا كيف حال ماريا؟ هل هي بخير؟
قالت ران لتطمأنهن: أجل لا تقلقوا، الجرح ليس بخطير، إضافة أنهم عالجوا الجرح، بأعشاب طبية مفيدة، لذا لم يتجرثم.
قالت لانا: ماذا عن مين كيف كان؟
قالت ران: بخير لم يصب بجرح.
قالت سارا بخبث: لم نكن نعني هذا.
قالت ران بعد أن فهمت مغزى الحديث: آه فهمت ما تعنينه، لقد كان قلق جداً، ومهما سألته لم يكن يجيب، لقد كان فقط ينظر إلى ماريا.
قالت لين ساخرة: آه أخي مين، وجدت شخصاً أخرا تراقبه غيري.
ضحكن الفتيات ساخرات، لكن قاطع ضحكهن خروج مين من المنزل، فور أن خرج توجهن الفتيات للداخل، وجدن ماريا نائمة، لم يرغبن بإزعاجها لذا غادرن بهدوء، وهكذا أنتهى اليوم تاركاً الفتيات في حيرة من أمرهن بشأن ما حدث مع ماريا ومين.

ما بعد الكارثة كارثة اخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن