الراحلون بالأجابات

145 5 1
                                    

((في الاغلب..يرحل احدهما بالسؤال...والاخر بالاجابة..لذا تبقى بعد الفراق الكثير من الفراغات الموحشة))

كعشاق القرون الرومانسية..تتعرف إلي بأدب جم..وتهديني أغنية حب دافئة
وتترقب رده فعل اميرة مدللة...او سيدة نبيله..أو فتاة مهذبه من الأوساط المخملية..
فتنتظر مني دهشة تدفعني للتعلق بسحابة مسافرة فوقي..أو القفز عاليا للإستقرار فوق نجمة مضيئه..أو فرد اجنحتي للانضمام الى سرب الطيور المهاجرة
لكنني اخذل كل تخيلاتك الجميلة..وأضحك من اغنيتك حد القهقهة...
كأني فتاة غجرية قليلة التربية..لا تجيد أداب المعامله ولا حسن التصرف...ولا احترام الاخرين,

عذرا سيدي لم يمت إحساسي ولا أنا أنثى تافهة
لكن بعض الالم يضحك كطرافة
نعم.......بعض الألم يضحك كطرافة مفاجأة
ككذبة مكشوفة ألقتها إمرأة ثرثارة في مجلس النساء
فأنا توقفت عن سماع الاغاني...منذ ذلك الزمن الذي توقفت فيه عن الحب
كانت اخر اغنيه استمعت إليها....هي تلك الاغنيه التي بكيت بشدة وانا أدندن بها...وكان صوتي يعلو مع كلماتها كلما إرتفع الألم بي

كان الصمت يخيم على شوارع المدينة....على كل الطرقات...على كل المقاعد المنسية....على كل الأمكنة...رغم بكاء كل الأشياء في داخلي
كانت تلك ليلة صيفية.....لكنها كانت باردة جدا...كان الثلج يتساقط في قلبي...كانت سماء روحي تمطر في داخلي بغزارة...و كنت أرتجف تحت غطاء ذهولي بشدة...

كنت اثرثر مع نفسي باستفسارات لا نهاية لها....ولا إجابات...فكنت استفسر ولا اجيب فكل الاجابات بقيت خلفي بينما علقت الاسئلة في طرف ردائي كطفلة وأنا اغادر الحكاية......
فعند الفراق يرحل أحدهما بالاسئلة...ويرحل الاخر بالأجابات
وأنا كنت الطرف الراحل بالاسئلة....وبكلمات اغنية حزينه لا تزال على الرغم من السنوات كلما باغتتني في زحامهم شتتني...واستقرت كصفعة على قلبي...
فتقشعر لها ذاكرتي....وتستيقظ كل التفاصيل النائمة بي..وتعيدني الى تلك اللحظة الاخيره...الى بقعة أرض غادرتها ذات الحكاية
واحدهم يصرخ بي(احبيني بلا عقد)أو غادري
فأحمل(عقدي) وأغادر

فكيف احبه بلا عقد؟ وأنا المولوده على يد إمرأة لا يغيب ذكر الله عن لسانها
فكيف احبه بلا عقد وأنا تلك الطفله التي تردد وهي تتمرجح بفرح(قل هو الله احد,الله الصمد,لم يلد ولم يولد,ولم يكن له كفوا احد)
كيف احبه بلا عقد وأنا تلك المراهقة التي كانت تقلب الصفحه بحياء حين تصف سطورها الحب وتفاصيله الصغيرة..
كيف احبه بلا عقد...وأنا تلك الناضجه الساخرة من حكايات حب تمارس في الهواتف وفي الأجهزة وعلى الاوراق
كيف احبه لا عقد...وتلك العقد كانت بمثابة جدار الحماية بيني وبين السقوط في تلك المنطقه المحرمه من الحب
تلك العقد كانت بمثابة وصايا القدماء ..جدي و جدتي وأجدادهم..فكان يخجلني انتهاك حرمتهم...
لذا كنت اختار(عقدي)دائما وأفارق
حين اصبح الفراق مع الوقت مدرستي الكبرى
فتكرار الفراق علمني...كيف لا تبقى الارض مستوية...وكيف نتعثر في سيرنا عليها ليلة الفراق
تكرار الفراق علمني...كيف لا تبقى ساعات اليوم بعد الفراق ٢٤ ساعه وكيف يصبح اليوم أطول
تكرار الفراق علمني...كيف تصبح السماء ليلة الفراق بعيدة جدا فلا نلمح سقفها..وكأن الكون بقي بلا غطاء
تكرار الفراق علمني...كيف نكره بعد الفراق أحب التفاصيل إلينا فلا تبقى مفضلاتنا مفضلاتنا و لا هواياتنا هواياتنا ولا نفسياتنا نفسياتنا
تكرار الفراق علمني...كيف تشعر بعد الفراق بالبرد و الفراغ والغربة والتشرد
فنحزن بلا مطر...ونرتجف بلا برد...ونخاف بلا ظلام..
ونرقص بلا فرح

أتراك أدركت الان أني حين ضحكت في وجه أغنيتك...لم اكن أنثى ساخرة
أنا كنت أنثى متألمة...تخفي خلف قناع الضحك تفاصيل كثيرة

يمامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن