هي أنا

85 2 3
                                    

((كبرت (هي)...وما زالت تفاصيلها الصغيرة عالقة بي (انا))

نعم كبرت...

وأصبحت قامتي أطول من قامة(شقيقتي الكبرى)...
واصبح مقاس حذائي اكبر من مقاس حذاء (ابنة الجيران)
واختفى غبار الطرقات من باطن قدمي...وتلاشت كل آثار الجروح التي أورثتني إياها طفولة شقية
وأصبحت احمل حقيبة يد واضع ادوات التجميل وارتدي نظارة شمسية
ولكن هذا لا يمنع أني كنت
تلك الطفله التي تغادر منزلها للعب في الطريق صباحا وتعود مساءا تجر في أطراف ثوبها...وهن الطفولة وأتربة الطرقات

أنا تلك الطفله التي كانت تصر على أرتداء ملابس والدتها صباح العيد على الرغم من طول الثوب وقصر قامتها فكانت ترتديها وتتعثر

أنا تلك الطفلة التي كانت تتسلق أسطح منازل الجيران لتطارد حمامتها المفقودة او لتأتي بالكرة المقذوفة عاليا

انا الطفله التي كانت تدعي صوم رمضان في السابعة من عمرها كي لا تتفوق شقيقتها في الصيام عليها

انا الطفله التي كانت تحب الرسم بالفحم على حيطان الجيران فكانت ترسم سفينه و عصفور وسمكه

أنا الطفله التي لطالما تمنت ان تختارها معلمة الرياضة للمشاركة في الحفلات الموسيقيه..او الاذاعه المدرسيه

انا تلك الطفله التي كانت لا تذاكر دروسها ولا تكتب واجباتها ولا تحرص على تحصيل علاماتها المدرسية

انا تلك الطفله التي كانت تفضل الجلوس في المقاعد الخلفية في الفصل لكي تثرثر كثيرا وتأكل كثيرا...وتشاغب كثيرا
انا تلك الطفله التي كانت تختبئ في الفصل وقت الطابور لكي تحل واجباتها من كراسة زميلتها

انا تلك الطفله التي كانت تكره حصة اللغه العربية لان عصا المعلمه اطول من قامتها

انا تلك الطفله التي كانت تترك كتبها في المدرسه لكي تخفف من وزن حقيبتها المدرسية

انا تلك الطفله التي كانت تزاحم الرفيقات في طابور الطعام وحين تصل بعد عناء تنتهي الفطاىر و المشروبات الغازيه

انا تلك الطفله التي كانت تكتب لزميلاتها للذكرى بأقلام التلوين وتلصف لهن ملصقات مذهبة و فضية

انا تلك الطفلة التي كانت تتمنى ان تكبر فقط كي ترتدي (التنوره)وتكتب في دفاترها بقلب الحبر الجاف

انا تلك الطفله التي كانت تفرح حين تطلب منها المعلمه ان تمسح السبوره او تجمع اوراق الطالبات بعد الاختبار

انا تلك الطفله التي كانت تتوتر كثيرا حين تطلب منها المعلمه الواجب او تطلب تسميع السورة القرآنية

انا تلك الطفله التي كانت تنتظر جرس انتهاء الحصة الدراسية قبل ان يصلها الدور في أسئلة المعلمه وتدعوا الله كثيرا...ان يدق الجرس سريعا

انا تلك الطفله التي كانت تكذب كي لا تمارس التمارين الرياضيه...وتتمارض كي لا تشارك في جمع النفايات من ساحة المدرسة

فأنا تلك الطفله التي كانت تبكي حين تضرب المعلمه صديقتها...وتحمل كل أخطاء صديقتها كي تحميها

انا تلك الطفله التي كانت تنصت الى أسرار زميلاتها
وتحفظ السر وتتحمل عصا المعلمه كي لا تبوح به

انا تلك الطفله التي كانت تفشل في المحافظه على أدواتها المكتبيه..وتفشل في تغليف كتبها المدرسية..وتفشل في حل المعادلات الرياضية الطويله

انا تلك الطفله التي كانت تنسى علبة أدواتها الهندسية دائما...وكل أقلامها الرصاص مكسورة بلا مبراة

انا تلك الطفله التي كانت تعض رأس قلم الرصاص..وتقضم الممحاة ذات الرائحة الزكية بأسنانها

انا تلك الطفله التي كانت تتظاهر بالشبع امام زميلتها حين تنسى مصروفها اليومي

انا تلك الطفله التي كانت تكره الاحذية وتركض في الطرقات حافية القدمين

انا تلك الطفله التي كانت تعد أموالها يوم العيد..وتتمنى الا ينتهي صباح العيد

انا تلك الطفله التي كانت تفضل اللعب مع الصبيان وتقود فريق بقوة

انا تلك الطفله التي كانت تكره تمشيط شعرها..وترفض غسل قدميها قبل النوم

انا تلك الطفله التي كانت تحب جميع انواع الاكل...و لا تدقق في الشكل و الطعم و الرائحه

انا تلك الطفله التي كانت تتسلق الاسجار بخفة وتتدحرج بمهارة من فوق منحنيات الجدران و السلالم

انا تلك الطفله التي كانت تظن انها اميره وان جدها القوي لن يفارق الارض يوما

انا تلك الطفله التي كانت تفرح بهدايا الحجيج..خواتم الزجاج الملون و الصفارات و العباية الصغيرة و كاميرات الحج

انا تلك الطفله التي كانت ترفع طرف ثوبها كي تخوض في مياه الامطار المتجمعه في الطرقات

انا تلك الطفله التي كانت تظن ان هناك في مكان ما وعلى بقعة ما يعيش رفاقها ابطال المسلسلات الكرتونيه

انا تلك الطفله التي كانت تلوز اظافرها سرا...وتضع احمر الشفاه سرا...وتستمع الى احاديث الكبار خلف الابواب سرا

انا تلك الطفله التي مزقت معلمه التربيه الاسلاميه اول محاوله كتابيه لها وأمرتها بان تتوقف عن الكتابه

انا تلك الطفله التي كانت تكذب كثيرا..وتتخيل كثيرا وتثرثر كثيرا
وتعترف كثيرا و تضحك كثيرا وتنام كثيرا و تفرح كثيرا وتعيش كثيرا

يمامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن