(بعض العادات مؤلمة. لكنها صديقة مقربة)
عادات مؤلمة تلازم الكثير منا
وهي عادات الاحتفاظ بالهواتف القديمة تمسكا بمحتوى (ميموراتها)
وبتفاصيل قمنا بتخزينها بها ذات مرحله وإحساس ما
حتى تحولت الهواتف الى علب تخزين
نتناولها عند الحنين بنهم ولا تسد جوع سنواتنا مهما تناولناهافلماذا نحول هواتفنا القديمة إلى مقابر جماعية
ندفن بها مرحلة أو مجموعة مراحل العمر
بتفاصيلها وشخوصها وحكاياتها وإبطالها
ونهجرها في محاوله للنسيان
والبدء في خطوة جديدة
نحو جديد ما
لكننا قد لا نصل لهذا الجديد مهما خطونا
باتجاهه من خطوات
فبعض القديم يبقى تحت اقدامنا
كحجر عثرة
يكرر سقوطنا
ويعرقل إلى الأمام خطواتنا
فلماذا نصر على الاحتفاظ ببقايا الأشياء
فيصيبنا إصرارانا على الوفاء لتفاصيل مؤلمة بالعجز و التردد في التخلص منها
ربما احتراما لعمر ما
أو تمسكا في لحظات دافئة
نعلم يقينا ان الحياة قد لا تكررها لقلوبنا مرة أخرى
فنحتفظ بها كإرث ثمين نخفيها في هاتف قديم
نجمدها بحروفها و تواريخها و دقائقها
ونتصفح الهاتف بابتسامة ميت إذا ما ألقته الصدفة يوما أمام أعيننا
ونقلب محتواه بحسرة عمر
كامرأة مسنه تقلب محتوى صندوقها القديم
تبحث عن ثمين ماضيها
في كل قطعة ذكرى
وفي كل ذكرى عمر
فتشم العمر في ذكرى
وتشم الذكرى في العمر
علما أن قديمنا لا يحتفظ بعطره ومع هذا نحن نشم فيه رائحة عطر ما
رائحة زمن،رائحة حذث،رائحة فرح،رائحة موعد،رائحة لقاء،رائحة وداع
مجموعة روائح تعيدنا إلى الزمان ذاته و المكان ذاته
إلى حيث بدأت الحكايةتبقى هذه العاده ملاصقة لنا
فإذا ما قررنا يوما البدء من جديد
فإننا نتوقف طويلا قبل اتخاذ قرار التخلص منها
فإلقاء مرحلة من العمر في محرقة الايام يحتاج إلى الكثير من القوة
والكثير من القسوة..والكثير من الإرادة
لهذا الكثير منا يتحايل على قراراته
ويبرر احتفاظه بها تحت مسميات مختلفة
ويستبدل قرار التخلص منها..بقرار إخفائها
فيخفيها عن الاعين كدليل ثابت لماض غير مرغوب فيه من قبل الآخرينفاختصروا معاشرة الحزن
تخلصوا من وفاء الأموات للأحياء
وأطلقوا سراح ذكرياتكم كعصفور مكسور الجناح
اتركوها ترحل بمرها وسكرها
ولا تخزنوها في الآت إلكترونية
تتحول مع الوقت إلى..مقابر جماعيةفما أغبى الجريمة
حين نخزن تفاصيل اللحظات في آلة جامدة
لنكتشف بعد سنوات من المعاناة
أن كل ما تبقى لنا من أجمل سنوات العمر
هواتف قديمة
تتوسد أغبرة الأرفف و الخزائن تحمل في ذاكرتها
مسجات و أرقام و صور لبشر مروا بنا يوما
ورحلوا كما ترحل الأعمار
فلا هم داموا..ولا دامت الأعمار.
أنت تقرأ
يمام
General Fictionآلَبًعٌضًـ يِظُهّـر فُـيِ حًيِآتٌـنِآ عٌلَى هّـيِئة بًشُـآرة بًيِضًـآء وٌهّـکْذِآ ظُهّـرتٌـ آمًآمًهّـآ عٌلَى ذِلَکْ آلَطِريِقُ تٌـلَکْ آلَطِفُـلَهّـ _يِمًآمً_