|1|

4.8K 329 1K
                                    

دعك من نقصي و أنظر لمحتواك


...

الإعتياد هو الدرس الأول الذي يتلقاه البشر عند أول هبوط لهم في هذا العالم ، كالصرخة الأولى عند الولادة، تبكي لإنك لست معتاد على إدخال الهواء الثقيل لصدرك ، أصوات ضحكاتهم المخيفة تخبرك أن الأمر قد بدأ ولا سبيل للتراجع بينما أنت هنا وحدك بضعفك عاجز عن أخبارهم أن هذا المكان الكبير جداً ضيق و كأنه خُرم إبرة و أنك تريد العودة من حيث جئت إلى ذلك المكان الذي كنت متقوس فيه محتمي من شيء مُخيف تجهله ، لكن هي مسألة وقت و ستعتاد ، صراخك سيرحل لتحتويك هالة الهدوء دون حول منك و لا قوة

في الإبتدائية قالت المعلمة أن أجسادنا مُهيئة للأعتياد ، فحين نجلس بمكان يحوي رائحة نتنة سنشعر بالضيق و أننا فقط نريد المغادرة و حسب لكن بعد وقت قليل سنعتاد على الرائحة ليتعجب كل مار فينا كيف بإمكاننا التحلي بالسكون بينما أجسادنا تغوص بمكان قذر ؟

عندما تلقيت خبر وفاة جدي بكيت في اليوم الأول و أعتقدت أن الحياة لن تستمر ، بعد عدة أيام خرجت لألعب في الحي و كأن شيء لم يحدث

نفس الأمر حين أخبرتني والدتي انني أعاني من مرض السُكري ، كان عليَّ حينها أن أبكي لكل مرة تعطي أمي الحلوة لأخي و أنا تنظر لي ببؤس و تخبرني أنني قوي ولن أضعف ، كلا يا أمي لم أكن قوي أبداً لقد فقدت الكثير من ذاتي و لم يتبقى لي شيءٌ منها حين كنت أحرك رأسي لك نافيا أنني لن أبكي ، كان كل شيء ينفجر بداخلي و يخنقني جداً يا أمي لكنكِ أخبرتني أن الرجال عليهم أن لا يبكوا

أسف أمي صغيرك كسر وعده لكِ لقد بكيت كثيراً كل ليلة لما لزماً عليّ استقبال مر الأيام بصدر متسع بينما أنا في ضيقها أختنق !

حلم كل طفل قطعة حلوة و أنا الحياة سلبت مني حلمي ، كان وقتها كل شيء مرّ حتى الأعياد أصبحت بلا معنى، جميع الأطفال يعودون لمنازلهم بملابسهم الملطخة أثر حلوى العيد إلا أنا كنت أعود بهيئتي الباهتة التي خرجت بها ، في البداية أظلمتْ حبيبتاي و العالم إنطفئ ، لما يجب أن اكون مختلف؟

أحتجزت نفسي بغطاء الحزن السميك لأحتمي من نسمات ربيع قد تحاول إبهاج صورتي لحظات ثم ترحل لتترك فيني رغبة بالتمرد محتجاً على رحيلها ، رغبة أعلم أنني لن أقوى على فعلها

لقد كبرت ومازال الطعم المر داخل فمي لكني أعتدت

نحن الأن ببساطة نتعايش مع الأشياء و كأنها لم تكن تزعجنا يوماً

بيكهيون هو الأسم الذي نادتني أمي به لأثنان و عشرون عام لا أعلم إن كنت أحب هذا الاسم او أنني فقط أعتدت عليه ككل شيء ، لكن هذا ما أدعى به على أي حال

ROBOTحيث تعيش القصص. اكتشف الآن