الحلقة العاشره

10K 313 0
                                    

أخرج عم اسماعيل شئ من معه :
- أنا من يومين وصلت الست سارة بنت عمك لمحطة القطر .. و بعد ما نزلت .. لقيتها نست ده فى التاكسى ..

فوجئت بأن عم اسماعيل يعطينى ألبوم الصور الخاص بـ سارة .. بعدما نسيته فى التاكسى الخاص به .. فشكرته على ذلك .. و أخذت ألبوم الصور .. و قررت أن احتفظ به ..

***


وصلت سارة إلى الأسكندرية .. و لا تعلم إلى أين تذهب .. حتى أوقفت تاكسى :
- وصلنى على أرخص لوكاندا قريبة لو سمحت ..

استطاعت سارة أن تجد مكانا يتناسب مع ما تمتلكه من نقود .. بعدها لم تضيع الفرصة .. و قررت البحث عن عمل شريف فى أسرع وقت ..

ظلت سارة تبحث عن عمل كثير و كثيرا .. و قد تعرضت لتعب شديد .. حتى إن وجدت عملا تشعر بسوء النية لصاحب ذلك العمل و طمعه فيها .. و لم تكف عن البحث .. و تحملت الكثير و الكثير ..

***


أما أنا فلم اتخيل أن أكون مفتقد سارة إلى تلك الدرجة .. فكل يوم يمر يزداد شوقى أن أراها .. و أصبح ألبوم صورها لا يفاقنى .. كلما أنظر إليه و أقلب صفحاته اتذكر كل شئ حدث بيننا .. و اسأل نفسى :
- يا ترى عاملة أيه يا سارة دلوقتى ؟
- يا ترى القطر ده كان رايح على فين؟

حتى ظهر علىّ فقدان التركيز .. و كاد أن يتعرض أحد المرضى بسببى للخطر .. لكنها مرت بسلام ..
حتى صاح فى صديقى ماجد :
- أيه اللى بيحصل لك ده ؟
أجبته فى حيرة :
- مش عارف يا ماجد .. مش قادر أنسى سارة ..
ماجد :- لازم تنساها و تفوق لنفسك ..
:- حاولت .. بس مش قادر ..
ماجد :- كل ده عشان أخت الرقاصة ..
هنا نظرت إليه فى حدة و صحت فيه :
- ماجد ...

بعدها أصابنى غضب شديد .. و غادرت عملى .. بل و أصبحت تصرفاتى غريبة بعض الشئ .. فكنت أذهب إلى محطة القطار كل يوم .. و انتظر بها ساعات لعلى أجدها و آخذها إلى حضنى مرة أخرى .. و كلما وجدت من تشبهها ينتفض قلبى .. و لكننى أعود بخيبة الأمل ..

***


تمر الأيام .. و لا تزال سارة تبحث عن العمل الشريف .. و كاد ينفذ ما معها من نقود .. حتى فوجئت أثناء سيرها يوما برجلا عجوز ملقى مغشيا عليه .. و لا يوجد من يسعفه ..
اقتربت سارة منه .. و تأكدت أنه على قيد الحياة .. و بالفعل استطاعت بذكائها أن تستخدم هاتفه .. و تأتى له بالإسعاف

بعد ساعات استقرت حالة العجوز
الطبيب :- ألف سلامة عليك يا حاج ..
العجوز :- الله يسلمك يابنى .. أنا جيت هنا ازاى ؟!
الطبيب :- أنت كان عندك أزمة قلبية .. و ربنا ستر و لحقناك فى الوقت المناسب ..
العجوز :- أنا مش عارف أشكرك ازاى يا دكتور ..
الطبيب :- أنت المفروض تشكر اللى جابتك هنا .. و لسة قاعدة برة عشان تطمن عليك ..
العجوز فى دهشة :- مين دى ؟!!

هنا دخلت سارة بإشراقتها الجميلة
الطبيب :- هى دى يا حاج ..
العجوز :- أنا مش عارف أشكرك ازاى يا بنتى .. الدكتور قاللى على كل حاجة ..
سارة فى ابتسامة : - ألف سلامة عليك .. و الحمد لله إنك بقيت كويس ..
الطبيب :- طيب استأذن أنا ..
العجوز :- أنتى منين يا بنتى ؟
سارة :- أنا من القاهرة ..
العجوز :- و جاية تتفسحى ولا أيه فى الاسكندرية ؟
ابتسمت سارة :- اتفسح أيه بس يا حاج فى عز البرد ده .. يعنى زى ما تقول كدة بدور على شغل ..
العجوز :- و لقيتى ؟
سارة :- لسة .. بس أكيد هلاقى إن شاء الله ..
العجوز :- أنتى باين عليكى بنت حلال .. و تستاهلى كل خير .. و أنا عمرى ما هنسى جميلك ده أبدا ..
سارة :- المهم إنى اطمنت عليك قبل ما أمشى ..
صمت العجوز قليلا :
- أنتى بتدورى على شغل معين ؟
سارة :-لا .. أى شغل شريف أقدر أجيب مصاريفى حتى ..
فكر العجوز قليلا :
- طيب أيه رأيك .. أنا عندى وظيفة ليكى ..
سارة :- بجد يا حاج ؟
العجوز :- بصى يا بنتى .. أنا قاعد لوحدى أنا و مراتى .. و خلاص كبرنا و ربنا مقدّرش لينا إن يكون لينا أولاد .. فأيه رأيك تاخدى بالك مننا .. و هتاخدى المرتب اللى تقولى عليه ..

صمتت سارة :- بس بشرط ..
العجوز :- شرط أيه ؟
سارة :- لازم تعرف كل حاجة عنى الأول ..

و بدأت سارة تحكى ما دار لها فى حياتها .. فقد وعدت نفسها من قبل أنها لن تخدع أحد بعدما خدعت حازم .. و حكت له عن أسباب هروبها الحقيقية .. و يستمع إليها العجوز صاحب الملامح الطيبة و التى تدل على أصله الطيب ..


عادت سارة مع العجوز الذى كان يدعى الحاج - حسن - بعد استقرار حالته الى البيت .. حتى قابل زوجته السيدة رجاء :
- أنا جبت لكى معايا مفاجأة ..

ثم دخلت سارة .. و بدأ يروى لزوجته ما حدث فى المستشفى .. و قد رحبت بها كثيرا .. و بدأت سارة تشعر و كأنها ابنتهما .. فكم كانا يمتلكان من طيبة و حنان .. و كم كانا فى قمة السعادة من وجود سارة معهما .. و كانت سارة هى الأخرى فى قمة سعادتها .. و لكنها مازالت تتذكر تلك الأيام الجميلة فى بيت حازم .. و كم زاد اشتياقها أن تراه و لو لمرة واحدة .. و تمنى نفسها أن يعود إليها مرة أخرى ..

***


.. بعد مرور ستة شهور ..


لم أكن أعلم أن فراق سارة سيعذبنى كل هذا العذاب .. فأصبحت ذكرياتها تحيط بى من كل جانب .. و كلما أحاول أن أنساها لا استطيع ... حتى شعرت أمى باضطراب حياتى رغم أننى لم أخبرها بما حدث بينى و بين سارة .. فوجدتها تحدثنى ذات يوم :

- حازم .. أنا خلاص مقدرش أكون زى الأول ..
فى دهشة من كلامها :
- أيه بس يا أمى .. أيه الكلام ده ؟!!
أمى :- بصراحة .. و من غير لف و لا دوران
نظرت إليها :- هه
أمى :- أنا لقيت لك عروسة ..

حسناء القطارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن