رددت اتهامات كازما في اذنى تابى كصدى مزعج خلال الرحلة إلى ايطاليا. بعد رحيل السمراء, اقيم الغداء و انتهى بهدوء لكن تابى لم تحظ بأى فرصة لتحدث إلى آشرون على إنفراد لتطرح عليه السؤال. و قررت ان تثير الموضوع في الطائرة لكن ماليندا كان ترعى آمبير في مؤخرة المقصورة فشعرت بأنها لا تستطيع ان تتكلم بحرية.
هل من الممكن ان يكون لدى آشون مصلحه شخصية في هذا الزواج أكبر مما اعترف به؟ رأت تابى أن هذا ممكن عندما قارنت رفضه تحمل اى مسؤولية بشأن امبير قبل اشهر قليلة فقط و التغيير المفاجئ الذى طرأ على سلوكه. لِمَ لم يثير هذا التغيير السريع شكوكها أكثر؟ و خطر لها انه يعتبرها بلهاء و ساذجة, و شعرت بالخيانة ليس بسبب كذبة عدم صراحته بل بسبب سذاجتها و سهولة خجاعها. ما هى شروط وصية ابيه؟ كيف يمكن ان يخسر نصف الشركة التى يمتلكها؟ و إن كانت معلومات كازما صحيحة, فلِمَ لم يخبرها الحقيقة بكل بساطة؟
فكرت تابى بغضب متصاعد ان السلطة هى الواجب الوحيد على هذا السؤال. فستكون تابى مستعدة لأن تلبى مطالبه كلها طالما بقيت تعتقد ان آشرون يقدم لها خدمة و معروفاً من اجل آمبير فهى تشعر بالامتنان نحوه لإعتقادها انه يقوم بتضحية كبيرة حتى لو كان زواجهما زواجاً مزيفاً. ماذا لوكان الأمر خلاف ذلك تماماً؟ ماذا لو ان آشرون ديميتراكوس بحاجة لزوجة مناسبة بقدر ما كانت تحتاج هى للدعم و الاستقرار كى تتمكن من تبنى امبير؟ هذه المعلومات تغيير الصورة و المعادلة و تجعلهما متساويين. إلا ان آشرون ليس مهيئاً ليعامل تابى كند له فهو يفضل ان يعطى الأوامر و ان يطاع, لا ان يُقنع و يقدم التنازلات.
حسن, هذه الأيام قد ولت إذا كان ما قالته كازما هو الحقيقة.....علق آشرون في السيارة التى اقلتهم عبر توسكانا "انت هادئة جداً."
كانت قد بدلت ثوب الزفاف قبل إنطلاقهم من لندن و شعر بخيبة أمل غريبة عندما رأها ترتد بدلاً منه الثوب البنفسجى الذى اختاره لها بنفسه. بدا القماش سميكاً و الكمان الطويلان غير مناسبين لمثل هذا المناخ الدافئ و ظهر الاحمرار على وجنتيها على الرغم من ان المكيف يعمل في السيارة. لكن هذا الاحمرار عكس ظلالاً ملفتة على عينيها و ابرز بشكل ما امتلاء فمها الزهرى المفعم بالحيوية.
آخذ آشرون نفساً عميقاً و بطيئاً و اشاح بنظره عن وجها ليسقط على ركبة نحيلة و على البشرة الناعمة البيضاء تحتها مما جعله يتساءل إذا ما كانت بشرتها حريرية الملمس بقدر ما تبدو. صرف بأسنانه و لعن رغبته القوية. لم يخطر له يوماً ان العلاقة الأفلاطوبية يمكن ان تشكل تحدياً, حتى مع الخيارات المتاحة امامه.
اعلنت تابى بنبرة رسمية, و قد بلغ بها الغضب مبلغاً جعلها تعض شفتها السفلى لئلا تبدأ نقاشاً فيما هى لا تزال عالقة في السيارة معه "انا استمتع بمشاهدة المنظر من حولنا. إلى اين نتجه تحديداً؟"
"فيلا فوق التلال. كانت ملكاً لأمى على غرار معظم ما املكه لكننى جددتها العام الفائت."
تملكها الفضول على الرغم من غضبها فسألته "توفيت والدتك و انت لا تزال يافعاً, أليس كذلك؟"
توترت ملامح وجهه البرونزى النحيل و تأملتها عيناه القاسيتين قبل ان يجيب باقتضاب "نعم."
ارخى جدار التحفظ الذى يستخدمه كدرع ظلاً على وجهه الذى خلا من اى تعبير فيما اخبرته تابى مدركة مشاعره "فقدت والداى و انا صغيرة جداً فـ اُرسلت إلى مركز رعاية. و هناك التقيت جاك و صونيا والدة امبير." حاولت بكلامها هذا ان تملأ الصمت الثقيل.
قال آش "لم اكن اعلم انكِ تربيتِ في مركز رعاية."
ردت تابى متلعثمة بعد ان اصطدمت بعينين تضاهيان ظلمة منتصف الليل, عينان تظللهما رموش سوداء طويلة, و راحت تقاوم الشعور بأنها تسقط... تسقط... تسقط "حسنا.... لم تكن تلك اسعد ايام حياتى لكنى عرفت بعض الاوقات الطيبة. آخر مركز كان الأفضل فعلى الأقل بقينا نحن الثلاثة معاً."
و انتهى الحديث فيما حاربت تابى ذلك الشعور بالدوار و كافحت لتركز على غضبها. حسن, آشرون ديميتراكس وسيم بشكل مذهل و هو قادر على تحريك هرموناتها و إثارتها لكنه بارع ايضاً في التلاعب بالآخرين و مخادع و وحده الأبلة يمكن ان ينسى هذه الحقيقة. كما انه لم يفتها أنه ليس مهتماً في معرفة اى شئ عن ماضيها و عن حقيقتها كشخص. لكن هل نظظر إليها يوما كشخص صاحب حقوق؟ أم كشخص يمكنه ان يستغله بسهولة؟
استدارت السيارة و سلكت ممراً يصل إلى مبنى كبير يتميز بحجارته الصفراء و يمتد على اعلى التلة. اضطرت تابى لأن تشد شفتها السفلى لئلاً تفغر فاها في رهبة تثير السخرية لأن ما اسماه فيلا كانت هى لتسميها قصراً. في الباحة المرصوفة امام المدخل الرئيسى التى تزينها اصص حجرية ضخمة من الزهور الرائعة, تطاير الرذاذ من النافورة ليتساقط كحبيبات اشبه بالوان قوس قزح في البركة الدائرية الشكل. و عندما ترجلت من السيارة في ضوء ساعات المغيب الأولى, لفتت انتباهها حركة خفيفة و ظهر طاووس ابيض ناشراً ريشه الزاهى. إنعكس الضوء على الريش المنشور فبدا كمروحة رائعة فضية اللون. توقف الطاووس, رافعاً رأسه و احدى ساقيه, بثقة فائقة على الرغم من انه وحده.
همست تابى فيما السيارة التى تقل امبير و مربيتها فضلاً عن الحراس تتوقف خلف سيارتهما "تُذكرنى بهذا الطائر."
رفع آشرون حاجبه مستفهماً فهزت تابي كتفها محرجة و اضافت "لا تأبه. هل يمكننا ان نتحدث على إنفراد؟"
اجاب من دون ان يظهر اى تعبير على وجهه "طبعاً!"
إنما لم تفتها النظرة العابسة التى رمقها بها حين انتقلت لتتحدث إلى أمبير و مربيتها. و سرعان ما غفت الطفلة الصغيرة, فوججبة اخيرة و ليلة من النوم الهانئ هو ما تحتاجه بعد هذا اليوم الطويل الشاق.
كان بهو الفيلا يخطف الانفاس إذ امتدت الارضية الرخامية اللامعة تحت الأقواس التى تفصل بين قاعات الاستقبال. لم يسبق لتابى ان رأت هذا القدر من تدرجات اللون الابيض المستخدم في الديكور او مكاناً غير عملى بقدر هذا المكان في وجود طفل في الارجاء. و ذكرت نفسها بأنهم لن يقيموا هنا طويلاً بالطبع و بأن امبير لم تبدأ بالحركة بعد مما يعنى ان الطاولات الزجاجية ذات الاطراف الحادة و المنحوتات الملفتة الموضوعة على قواعد صخرية لن تشكل اى خطر عليها.
اعلنت فيما ماليندا تتبع مدبرة المنزل على السلالم الرخامية التى يحيط بها الحديد المشغول "مثير للاعجاب!"
ابلغها آشرون فيما هو يستدير ليبتعد عنها "علىّ ان اجرى بعض المكالمات."
"يجب ان نتحدث...."
نساء كثيرات قُلن هذه الجملة لـ آشرون على مدى سنوات و تبع ذلك مشاهد درامية و مطالبة بمزيد من الاهتمام وكان يكره ذلك. توتر جسمه, و انغلق وجهه القوى النحيل "ليس الآن.... في وقت لاححق."
"بل الآن."
هذا ما بادرته به تابى من دون تردد و عيناها البنفسجيتان تلتمعان غضباً فهى لن تسمح له بان يصرفها و كأنها نكرة كما وصفتها كازما. إذا طأطأت رأسها و عاملته كشخص افضل و اعلى منزلة منها فستقتنع هى مع مرور الوقت بأنها نكرة.
سألها آشرون ببرود "ما الأمر ؟"
تعمدت تابى ان تتوجه من البهو نحو القاعة المؤثثة بآرائك بيضاء وثيرة و استدارت ببطء, ثم قالت رافعة ذقنها "هل صحيح ان وصية والدك تشترط عليك ان تتزوج في غضون عام كى تحتفظ بملكية الشركة؟"
توترت ذقنه العنيدة و سألها بحزم "من اين اتيت بهذه القصة؟"
ثم زفر طويلاً قبل ان يضيف "أنها كازما..... أليس كذلك؟"
استجمعت تابى غضبها و عدم تصديقها و قالت "هذا الكلام صححيح إذن؟ لقد اخبرتنى الحقية."
رد آشرون بنبرة حادة و قد بدت عيناه عميقتين باردتين كـ اعماق المحيط "شروط وصية ابى لا تعنيكِ"
لكن تابى لم تكن بمزاج يسمح بإخافتها "كيف تجرؤ على ان تقول هذا في حين ان الزواج ناسب مصالحك بقدر ما ناسب مصالحى؟ ألا تعتقد انى استحق ان اعرف هذا؟"
صر آشرون بأسنانه البيضاء في محاولة منه لضبط اعصابه "ما الفرق الذى يمكن ان يشكله هذا بالنسبة إليك؟"
اجابت تابى بعنف و عيناها البنفسجيتان تقدحان شرراً "سيشكل فرقاً كبيراً! جعلتنى اشعر و كأنك تقدم لىّ معروفاً عظيماً من اجل مصلحة امبير."
قاطعها آشرون ليسأل بنبرة لا يمكن ان تهدئ المشاعر المجروحة "او لم افعل؟"
"ولا يمكنك ان تتوقف عن التصرف بفظاظة حتى هذه اللحظة!"
هذه النبرة الساخرة و هذه النظرة الفوقية جعلتها تشعر بالغضب و المهانة فتابعت كلامها "نعم يا آشرون, من الفظاظة ان تقاطع غيرك و من الفظاظة اكثر ان تنظر إلىّ و كأنى حشرة على الأرض يمكن ان تدوسها بقدمك! كنت صادقة و صريحة معك إلى اقصى حد فيما خدعتنى انت و محاميك."
ومضت عينا آشرون الذى وجد صعوبة في السيطرة على اعصابه و طباعه "كيف خدعناك؟ نفذت كل ما وعدتك به. تزوجتك, و ساعدتك على تقديم طلب لتبنى أمبير و حرصت على ان يكون مستقبلكما آمنا. كثيرات هن اللواتى يمكن ان يقتلن ليحصلن على نصف ما امنحك إياه!"
اطبقت يديها في قبضة غاضبة. ارادت ان تمطره بالضربات فيما هو يقف هناك ملكاً على ما يحيط به, متعاليا عن المخلوقات العادية و متحصناً من المبادئ الأخلاقية البديهية بثروة و نجاح بالكاد يمكنها تخيلهما. و سارعت تابي تقول دفاعاً عن نفسها "يا لك من متعجرف و كريه! تجعلنى ارغب احيانا في ان اضربك رغم اننى ليست شخصاً عنيفاً! ألا تدرك فعلاً لِمَ انا غاضبة؟ كنت صريحة معك. لم اكذب, لك ادعى و لم اتهرب. اعتقد انى استحق الاحترام نفسه منك."
زم فمه "يبدو ان الأمر لا يتعلق بالاحترام."
"اهكذا تتعامل مع الجدال عادة؟"
رد آشرون بصراحة "انا لا اتجادل مع الناس."
اجابته على الفور بنبرة حادة تعكس بشدة غيظها "ربما لأن الناس يمضون معظم وقتهم في محاولة إرضائك و في التملق إليك و ليس لأنهم يوافقونك دوما الرأى! انت تتجنب النقاش و ترفض ان تتجاوب مع شعورى الطبيعى بالانزعاج على الرغم من انك تبدو كشخص يحب المواجهات."
اعترف آشرون بإيجاز "لا ارغب في إطالة هذا النقاش, كما لا أرى ان انزعاجك طبيعى. لم اعتد ان ابوح بأسرارى للناس. أنا شخص كتوم و وصية ابى تندرج ضمن خانة الأمور الخاصة و الشخصية."
قالت تابى باستنكار, رافضة ان تترك الموضوع "من حقى ان اعلم ان لا حاجة لىّ لأن اشعر بهذا الامتنان كله و ان اخضع لطلباتك كلها لأن ما تكسبه من هذا الزواج يفوق مكاسبي أنا! استخدمت جهلى كسلاح ضدى!"
صرّح آشرون بصوت خفيض "الوصية مرتبطة بالاعمال ولا تعنيك في شئ."
"كف عن هذا الهراء. مسألة انك تحتاج لأن تتزوج بقدر حاجتى انا تعنينى ايضاً!"
وحدقت فيه بغضب قبل ان تردف "هذا يغير قواعد اللعبة."
عارضها آشرون حانقاً "ما من قواعد لعبة بالنسبة إلىّ لأن المسائلة ليست لعبة! لقد تزوجتك و ها انت تحاولين ان تستغلى وضعك كزوجة لىّ."
اتسعت عيناها البنفسجيتان دهشة و وضعت يديها الصغيرتين على وركيها, فبدت له كصورة مصغرة من امرأة بذئية تتستعد للقتال, مما جعل شعوره يتراوح بين التسلية و السخط. و شرعت تقول و الحقد يغلى في عروقها "أستغل؟ و كيف استغل؟ بأن اعارضك و لو لمرة واحدة؟ بأن اتجرأ على التعبير عن رأى في القضية؟"
تقدم آشرون منها و وضع يديه عليها و رفعها في الهواء قبل ان تتمكن حتى من كشف نواياه. تركها في الأعلى, عالقة في الفخ. "ليس لديك رأى في القضية يا عزيزتى........."
حملقت فيه تابى التى زاد سلوكه من غضبها و صاحت "سأركلك ان لم تضعنى أرضاً!"
بدلاً من ان ينزلها, قربها آشرون من جسمه الطويل و حرص على ان يقيد ساقيها على غرار يديها. و جذبتها العينان الذهبيتان المظللتان برموش سوداء كثيفة و كأنهما مغنطيس "لن يكون هناك ركل, او ضرب, او كلام بذئ..."
فسألته تابى بصوت خرج كالفحيح من بين اسنانها المطبقة "من قال هذا؟"
"زوجـــــــــــك."
قطب آشرون و كأن هذه الناحية خطرت له للتو فقط فيما أثار لديه هذا الواقع مزيجاً من التسلية و الغيظ.
بدت و كأنها مجموعة من الألعاب النارية و قد أشعلها للتو.
استعر الغضب في داخلها و قالت "أنت لست زوجى!"
التمعت عينا آشرون تسلية مما ابرز درجات اللون الفاتحة التى لاحظتها فيهما من قبل و اضفى عليه جاذبية خارقة جعلت فمها يجف و سألها
"من أنا إذن؟""جرذ يحمل وثيقة زواج!"
رمقها آشرون بنظرة تعاطف ساخرة و قال "أنا جرذك لأنك علقتِ معى."
صرخت تابى "أنزلنى! و إلا ستندم!"
"لا, أفضل هذه الوضعية على سماعك تصيحين في وجهى من الناحية الأخرى من الغرفة."
"لم اكن اصيح!"
كرر آشرون كلامه "كنتِ تصيحين. و انا لا اجادل بهذه الطريقة."
"لا آبه بطريقتك في الجدال!"
و راح آشرون يفكر بذهن شارد بأن هاتين العينين اللتين يتطاير الشرر منهما, و هذا الفم المغرى المثير حركت كل هرمون من هروموناته و اثارته كمراهق عديم الخبرة. لم يفهم ما يجرى, و لم يأبه لذلك و لم يعتقد انه يحتاج لأن يفهم, لكنه قرّب ذاك الفم الشهى من فمه فجاء طعم شفتيها لذيذاً و غنياً و حلواً و مغوياً كثمار الفراولة الناضجة في يوم صيف حار.
"لا.... لا......"
حاولت تابى ان تعترض لكن اعتراضها بدا و كأنه موجه لذاتها و ليس إليه.
لم يسبق لأحد ان قبّل تابى كما فعل, بكل هذا الشغق الذى يخفيه خلف قناع بارد و الذى شعرت به في كل مرة تواجدا معاً.
و اعترفت ببساطة بأنه مثير جداً جداً و كأنها تقدم لنفسها عذراً. و عندما رفعها اكثر ليمسك بها بشكل افضل, أفلت يدها. و بدلاً من ان تستعملهما لتفلت من قبضته, و ضعت إحداهما على كتفه و دست أصابع الأخرى في شعره الأسود الكثيف و الناعم. ثم انزلها على شئ ما ناعم و لين.
و على الرغم من ان جرس الإنذار رن في مكان ما من عقل تابى إلا انها ادركت كم تحب الشعور بجسده القوى و المفتول العضلات. في الواقع, كانت كل خلية من خلايا جسمها تنتفض و تهتز بطاقة مكبوتة, فتصلبت و قد انقطعت انفاسها بعد ان اجتاحتها موجة جديدة من الأحاسيس. لم تختبر مثل هذا الشعور بالحاجة قط من قبل, و لم تشعر يوماً بمثل هذا القدر من الإثارة. و فجأة, تعالت اصوات اخرى قضت على هذا التفاعل الجسدى : صوت قرقعة تلاه صوت خطوات تتراجع على عجل.
تساءلت تابى و هى تبتعد عنه لتجد نفسها على الكنبة "يا إلهى, ما كان هذا؟"
و اصيب جسمها بالذعر عندما اصطدمت عيناها بعينيه الغائمتين فدفعته من كتفه و انسلت من تحت ثقل جسمه بسرعة جنونية.
همس آشرون و هو يطبق أصابعه السمراء الطويلة على اصابعها "دعينا نذهب إلى الفراش."
الأمر بسيط و عادى بالنسبة إليه. هذا خطر لها حين تلفظ بجملته الأخيرة و تملكها الغضب لأنها لم تحاول حتى ان تقاومه. ابتعدت عنه إلى الزاوية الأخرى من الكنبة و راحت تملس شعرها الأشقر و تبعده بيدين مرتجفتين عن وجهها الذى بدا احمر قانياً لشدة ما شعرت بالخزى من سلوكها.
"لا, دعنا لا نفعل..... فهذا سيفسد الأمور."
أعلن آشرون بإصرار "السرير مريح اكثر من الكنبة."
أجابته تابى بإحباط و قد اجفلتها لسعة الأنفصال عن جسمه النحيل القوى "أنا لا اتحدث عن المكان بل ارفض الفكرة و اقول إننا لن نفعل هذا."
يستحيل ان تكون امرأة اخرىفى لائحة آشرون الطويلة للنساء اللواتى يسهل الحصول عليهن, مجرد جسد انثى لتحقيق رغبة رجل لم يعتد ان يعيش من دون جنس.
و فجأة بفضل الدرس الذى تعلمته الآن من آشرون, ادركت لِمَ لا تزال عذراء حتى الساعة. لم يجذبها اى رجل آخر بما يكفى لتُسقط دفاعاتها. هذا كل ما سيجمعهما, جنس واضح و صريح, و ليس علاقة تتوق إليها امرأة حساسة, و هى حساسة جداً أليس كذلك؟ ألم تكن كذلك؟ و ازعجها فعلا ان تستمر في تقدير وسامة ملامح وجه آشرون الأسمر الرجولية وجسده القوى و الطويل حتى فيما هى تفكر و تعيد تحصين دفاعاتها مجدداً.
زفر آشروون بشئ من الغضب قبل ان يقول "أن ترغبين فىّ و انا أرغب فيكِ."
فعلقت تابى بصوت مرتجف و بنفس مقطوع و هى تتذكر عناقهما الحار و الحاجة القاهرة التى اثارها فيها "هذا غريب, أليس كذلك؟ اعنى, نحن لا نتصرف بشكل حضارى حتى مع بعضنا البعض."
و كبحت الذكرى قبل ان تقف و تملس ثوبها بعناية.
عندئذٍ قال آشرون بصوت اجش و هو ينتصب واقفاً برشاقة طبيعية
"لكنك تثيريننى."
اشاحت تابى بنظرها عنه وعلقت "دعنا لا نتحدث في هذا... أنا و أنت؟ إنها فكرة سيئة جداً. ما يجمعنا اشبه بما يجمع القط و الفأر."
ثم تابعت تقول و هى تتراجع بتصميم نحو البهو "أود ان ارى غرفتى."
تطوع آشرون بضحكة لا مبالاة "سأرافقك فقد اخفنا الموظفين. اعتقد ان الأصوات التى سمعناها هى صوت احدهم و هو يحضر لنا القهوة و قد رآنا في ذلك الوضع."
قاطعته تابى بصوت حاد, متمنية لو يغير الموضوع "نعم, اتخيل ما رآه."
اجاب آشرون بلا مبالاة, رافضاً ان يطاوعها فيما هو يقودها إلى اعلى "حسن, هذا شخص سيقتنع بأننا فعلاً عريسان في شهر العسل."
ذكرته بعناد "لكننا ليس كذلك."
ردت هازئة "ستجعلنى عجينة طيعة لو كنت كذلك. ما زلت غاضبة منك يا آشرون فقد استغليت جهلى."
فأشار آشرن بنبرة هادئة لا تحمل اى أثر للاعتذار "أنا ذكر حتى العظم و انا مبرمج منذ الولادة على الاستغلال. لكنك من دفعنى إلى هذا فيما لم اكن اتوقع ذلك."
و فتح باباً مزدوجاً عند آخر الرواق يؤدى إلى بهو به بابان, قائلان و هو يفتح الباب الأول "هذه غرفتى."
و من ثم فتح الباب الآخر قبل ان يضيف "وهذه غرفتك...."
عضت تابى شفتها السفلى قبل ان تسأل "هل علينا ان نكون قريبين إلى هذا الحد؟"
همس آشرون بنبرة ناعمة كـ الحرير "أنا لا اسير اثناء النوم إنما مرحباً بك إن اخترتى ان تزورينى."
"لن افعل هذا."
دخلت تابى إلى الغرفة الكبيرة و راحت تتأمل الجناح لتنتقل بعدها إلى غرفة الملابس حيث فتحت الخزانة و وقفت مقطبة تتأمل الملابس المعلقة فيها.
"هل نسيت آخر صديقة لك أن تأخذ ملابسها معها؟"
"هذه الملابس لك. أنا طلبتها. ستحتاجين إلى ملابس صيفية هنا."
أرجعت تابى رأسها إلى الخلف لتتأمل بعينين بنفسجيتين مرتعشتين "أنا لست دمية تختار لها الملابس و تلبسها."
"أنت تعلمين ان كل ما ارغب فيه هو ان اخلع ملابسك عنك."
احمرت وجنتى تابى مجدداً و زمت شفتيها فيما تابع آشرون معلقاً بتسلية مفاجئة "أنت تحمرين كالنار المضرمة."
و ابتعد عنها ليفتح باباً آخر في الناحية المقابلة من الغرفة, باب يفضى على ما يبدو إلى جناحه الخاص.
فكرت تابى في ان تقفل الباب لكنها عدلت عن رأيها إذ ان مثل هذا التصرف مثير للشفقة. و لعل المفاجئ هو انها تثق فيه من هذه الناحية ولا تخشي من ان يحاول أخذ ما ليست مستعدة لتقديمه. إذا استطاعت ان تقاوم سحره جاذبيته فهى واثقة من أنه سيقاوم جاذبيتها بدوره و يبحث عن امرأة أخرى أكثر خبرة و مرحاً مناه. إلا انها لم تحب لسوء الحظ فكرة وجوده مع امرأة أخرى و وبخت نفسها على هذا لأنها كانت تعلم انها لا تستطيع ان تمنعه من الاقتراب منها و من الخروج مع امرأة اخرى في الوقت عينه. إما ان يكونا معاً و إما ألا يكونا, ما من حلول وسط او انصاف حلول.
نزع آشرون ملابسه ليستحم. كان لا يزال يشعر بالإثارة الشديدة و تساءل متى كانت آخر مرة رفضته فيها امرأة. لم يستطيع ان يتذكر و بقى قرار تابي و تصميمها يعتملان في صدره, وراح يفكر في ان هذا التحذير بأن يتجنبها اتى في الوقت المناسب.
لكنه لوى فمه و هو يشعر بالرغبة في ان يحلم بجسدها الصغير و هو يلتف حوله. إن كانت تُعلق هذا القدر من الأهمية على العلاقة الجنسية فهو لا يريد بالتأكيد ان يتورط.
نقبت تابى في ملابسها الجديدة التى اشتراها لها من دون ان يعلمها. و اختارت ثوباً طويلاً من قماش قطنى, بدا لها جميلاً لكن اهم ما يميزه هو انه يغطى كل ما يمكن ان يجده الرجل مثيراً. إذا بقى يديه بعيدتين عنها فستفعل مثله, و عضت شفتها السفلى بأسنانها. لن يحدث شئ بينهما مجدداً, لا شئ. يمكنها ان تتعامل معه و ان تواجهه, يمكنها هذا. لعل ثري و وسيم جداً و ذو خبرة في التعامل مع النساء لكنها لطالما كانت قادرة على حماية نفسها بشكل غريزى.
مدعمة بهذه الفكرة, اغتسلت تابى و بدلت ملابسها ثم خرجت لتبحث عن الجناح الذى خُصص لـ امبير و مدبرتها.
أنت تقرأ
أكثر من حلم أقل من حب روايات عبير للكاتبة لين غراهام
Romanceتابى كلوفر, الفتاة العنيدة و السليطة اللسان مستعدة ان تفعل اى شئ كى تجعل البليونير اليونانى آشرون ديميتراكوس يدعم طلبها لتبنى ابنة قريبه الصغيرة, لكن آخر ما تتوقعه هو عرض الزواج! لم يكن امامها من خيار سوى القبول.... حتى لو لم يتوقف الثرى المتعجرف عن...