٧. وادِي الريحَان

509 60 5
                                    

بدايةُ الفصلِ السابِع.

الحقيقةُ يمكِنُ أن تكونَ صادِمة.. غريبَة.. أو حتى غير مَنطقية، و لكِن هَذا لا يُغيِّرُ شيئًا من كونِها الحقيقة!

***

مُنتصف الليل

حذائي ذا الكعب العالي في يدِي و شعري أصبحَ مُبعثرًا بطريقةَ مُزعجة. قميصي الأبيض تحوَّل لرمادي فاتِح و ملامِحُي يبدو عليها التعبُ و التوتُّر في آن!

في طريقِي لبنايتي مررتُ على مطعَم باتريك المُغلق الآن، فتنهَّدتُ طارِدة كُل الأفكار التي راودتني بشأنهِ الآن. بالتأكيد هو غاضِبٌ عليَّ بطريقة مُخيفة! شققتُ طريقي إلى بنايتي و صعدتُ إلى الشقة. رميت الحذاءَ جانِبًا و ارتميتُ بإرهاقٍ على الآريكة.

سرحَت في تفاصيلِ اليوم أتذكَّرهُ و سُرعانَ ما سقطَت دمعةُ من محجرِ عيني.

| عودَةٌ بالزَّمن |

أخذَتُ أتأملُ ما حولي بافتتانٍ و انبِهارٍ حتى أنِّي نسيتُ أن أرمُش بعينيَّ. المكانُ خلَّابٌ و أخاذٌ للعقلِ بطريقةٍ غير مَعقُولة.

"أينَ نحنُ، نايل؟" سألتُ و لكنني كُنت سارحةً كُليًا مفتونة بما أرى.

"إنه وادي الريحان. سُمي بهذا الاسم لأن رائحةُ جوِّه دائمًا مُعطَّرةٌ بريحِ الريحان، رُغم أنهُ لا ينبتُ هُنا."

سمعتُ هَذا و ظللتُ أتأمَّلُ ما أرى. نهرٌ جارٍ شديدُ الاتساع، على ضفته التي نقفُ عِندها أعشابٌ ربنايةٌ شديدُ الاخضرار، و بينَ الأعشابِ أزهارٌ ذات أشكالٍ مُختلفَة و ألوانٍ لم أرَ بزهوها يومًا. السماءُ لونُها مُتغيِّرٌ في تِلكَ المنطِقة إلى الأزرقِ الصافي المُطعَّم بالبنفسجي. و على امتداد البصرِ في الضفَّة الأخرى تتراقصُ أشجارٌ مع النسيم. أشجارٌ لم أبصِر مثلها يومًا. سُبحان القديرِ فيما أبدَع!

هلَّ عليَّ نسيمٌ باردٌ جعلني أحتضنُ نفسي و أفرُك ذراعيَّ طالِبة الدفء.

"الجوُّ بارِدٌ هُنا." قلتُ ليبتسِم هو.

نظرتُ لكنزته الصوفية بحقدٍ وقتها. الجوُّ باردٌ فعلًا و أنا لا أرتدي سوى قميصٍ أبيض خفيف و بطال قُماشي بُنِّي.

"أعجبكِ المكان؟" تساءل بذاتِ الابتسامة لأجاوِب بحماسٍ و قد نسيتُ شعوري بالبرد:

"جدًا."

"و لكِن كيفَ لا أحد يعلمُ بشأنه؟ كيفَ ليس مزارًا سياحيًا أو حتى محميَّة طبيعية؟ إنهُ مكانٌ بديع!" أردفتُ بتعجُّب.

لعنةُ العرشحيث تعيش القصص. اكتشف الآن