١٠. أليسَت هِي؟

492 57 10
                                    

بدايةُ الفصلِ العاشِر.

تخيَّل أنكَ يومًا تخرَّبَ جدولُ مواعيدك، فوجدتَ أنكَ اتفقتَ مع صديقكَ أن تتقابلا، في نفسِ الوقتِ الذي لديكَ فيه عشاءُ عمل، في نفسِ ذات الوقت الذي يجبُ عليكَ الذهابُ فيه إلى المركز الرياضي، فتركتَ كُلَّ هذا و أعددتَ الشوكولا الساخِنة و جلستَ أمام التلفاز تُشاهدُ مُسلسلًا كوميديًا!

***

تلاحقَت أنفاسي مصحوبةً بمُعدَّلٍ خرقَ الرقمَ القياسي في خفقَان القلب. ظللتُ أقلبُ يدي و أتحسسُ جسدي لأتأكَّدَ أنني فعلًا هُنا!
أنا على آريكتي في غرفة جُلوسي و بيدي كِتابُ لعنة العَرش، و لكِن بحق اللعنة ماذا أفعلُ على آريكتي؟! أكنتُ أحلم؟!

حاولتُ فتحَ الكِتاب مُجددًا و لكن يبدو و كأنَّ أحدًا سكبَ عليهِ إنتاجَ مصنعٍ كامِل من الصمغ! يرفضُ أن يُفتحَ و كأنني غريبةٌ أمام طفلٍ عنيدٍ طلبَ منهُ أبواهُ ألا يُحادثَ الغُرباء!

"موعِدُنا مُنتصفُ الليل." قرأتُ تلكَ الجُملة على ظهرِ الكتابِ لأصرُخَ بتذمُّر. أنا سئِمت! حقًا سئِمت!

نظرتُ في ساعة الحائِط لأجدها الثانيةَ عشر و الرُبع! لم يتحرك الوقت؟!

لعقتُ شفتايَ و نهضتُ بتعبٍ عن الآريكةِ. كان يجبُ أن أرتمي على الفراشِ طالِبةً الراحة بعد هذا الاستنزافِ لعقلي، و لكنني بدلًا من ذلِكَ سحبتُ مِعطفي مُرتدية إياهُ على فُستاني. انحنيتُ لأرتدي حذائي، و عندما أعاقَ رؤيتي شيءٌ أشقرٌ مُزعج، لاحظتُ وقتها فقط أنني تركتُ العنانَ لشَعري! ما الذي يحدُث معي!

صفقتُ البابَ بعنفٍ خلفي و هِمتُ على وجهِي في شوارِع المدينةِ أنفثُ غضبي على البناياتِ و الأشجار و حتىٰ الأسفَلت!

و بالطبعِ كعادتِي اللامِعة عندما أكونُ مُستاءةً من أمرٍ ما، يبدأُ عقلي العزيز بعرضِ مشاهِد أمامَ عيناي من كُل للمواقِف المُحزنة في حياتِي مُذكرًا إياي بكُل ألم تعرَّضتُ له يومًا..

أنا وحدِي. وحدِي بالكامِل. ساندرا ليسَت هُنا لأثرثِرَ في أذنها بكُل عبث مشاعِري لتتلقاهُ هِي برحابة صدر و هي تعبثُ بشعري و رأسي على قدمِها لأخبرها بعدَ ذلِكَ بكُل وقاحة أنني سأبيتُ معها! آه، كم اشتقتُ إليها تلكَ المُزعجة ذاتَ الشعر البُرتقالي!

لا أعتقدُ أنني أريدُ الذهابَ للعملِ غدًا لأدخُلَ مكانًا أعتدتُ وجودَها فيهِ و لم تعُد، كما أنني مُنهكةٌ بشدَّة و مُستنزفةٌ عقليًا بعد كُل ما حدثَ الأيام الماضية لأستمعَ إلى مشاكِل أناسٍ آخرين.

جلستُ على مقعدٍ خشبي في جانِب الطريق الشبه فارِغ الآن. استخرجتُ هاتفِي و أخذتُ أحادثُ الحالات التي ميعادهُا غدًا لأؤجِّلَ جلساتهم. و صادفنِي رقمُ نايل! لا بالتأكيد لن أُحادثه! هو بالأسَاس تغيَّبَ عن الجلسةِ ليومين و لم يُعطني تفسيرًا فلمَ أحادثُه؟ و خصوصًا و أنَّهُ.. ليسَ مريضًا نفسيًا.

لعنةُ العرشحيث تعيش القصص. اكتشف الآن