بدايةُ الفصلِ الخامِس عشَر.
عابَ و لعَن و استنكرَ فعلةً، ثُم صار يفعلها كالمخلوقِ لها.
***
انتَهت مادلين مِن وضعِ العباءةِ المُرصَّعة بالألماس على كتفِ زوجِها الذي سيُصبحُ ملِكًا خلال دقائِق، و لكِن.. لا أحدَ سعيد.
المملكةُ بأكملِها تستعدُّ لميلادِ طاغيةٍ جديد سوف يعثو في الأرضِ فسادًا بالضبطِ كما مَن قبله، و الاحتماليةُ الأكبر أن يكونَ ألعَن.
نايل و نوح يُراقبانِ أباهُما و صدراهما يعلوان و يهبِطان، يتبادلانِ النظرات القلِقة كُل ثانِية.
حتى مادلين لم تكُن سعيدة، و لا انعكاسُ وجهِ زوجِها في المرآةِ يُخبرُ شيئًا عن سعادتِه.
الكُل كئيب."أشعرُ بالغرابَةِ و أنا أرتدِي عباءةً مُرصَّعةً بالألماس. بل أشعرُ بالحَقارة! أبناءُ المملكةِ يتكبَّدون الشقاء في سبيل الحُصول على أقوات يومِهم، و أنا هُنا أرتدي عباءةً مُرصَّعةً بالألماسِ كأرعنٍ كبير!"
التقزُّز في صوتِ چايمس لم يكُن إلا من نفسِه.
"إذًا تنازَل، أبي! لا تتقلَّد هذا المنصِب! هذا سيكونُ خيرًا لكَ و لنَا و للمملكَةِ أجمَع!" نطقَ نايل بلهفَةٍ آمِلًا أن يستطيعَ تغيير هذَا الوضع المُزري.
"لا أستطيعُ، نايل. إنهُ منصبٌ صعبٌ، و لكِن لا أستطيع. يجبُ عليَّ إصلاحُ ما أفسدهُ أخِي آرون." قال چايمس بمرارَة ثُم تحوَّلت ملامِحهُ للتصميم.
تبادلَ نايل و نوح النَظرات، قبلَ أن يومئ نايل لنوح في إشارةٍ خفيَّة. حالمَا رأى نوح إيماءَة أخيه التفتَ ناظِرًا لانعِكاس أبيه في المرآة و افترقَت شفتاهُ يستعدُّ للكلام.
"و لكِن عمِّي آرون قال ذلِك و هو يتسلَّمُ الحُكم بعدَ جدِّي، و جدِّي قال ذلِك و هو يتسلَّمُ الحُكم بعدَ جدِّي الأكبر! هذا العرشُ ملعونٌ، أبي، و مَن يجلسُ عليهِ تقعُ عليه لعنتُه!"
ملامحُ چايمس الصارِمة بدأت تلين، ثُم افترقَت شفتاهُ في شبحِ ابتسامَة، ثُم بدأت ابتسامتهُ في الاتساعِ حتى تحوَّلت لضحكةٍ ظلَّت تعلو حتى قطَّب الفتيان جبينيهما، حتى مادلين ظلَّت تنظرُ بين ثلاثتِهم باستغراب حتى استقرَّ بصرُها على چايمس.
"ما الأمر، چايمس؟"
"ألا تسمعين ما يقولهُ ولديكِ مِن هُراء! لعنةُ ماذا؟! لا ملعونَ سوى النفسِ البشريَّة، و هي التي سوَّلت لأخي آرون و الأجداد أن يتجبَّروا. كُل من يجلس على هذا العرشِ يودُّ أن يُمسكَ ملعقةَ الغرفِ الكبيرة و يشرع بالنهبِ من خيراتِ المملكة قدرَ استطاعتِه! لا ملعونَ سوى النفسِ البشريَّة!"
أنت تقرأ
لعنةُ العرش
عشوائيالشمسُ قد اتخذَت طريقها غربًا و الجوُّ أصبَح كئيبًا مع لمسةٍ من البُرودة. الأوجهُ كُلها مُنهكة و كأنهم لم يعودوا يخشون الموت. و لمَ يخشونه على أيِّ حال؟ هُم واجهوه مائة مرة بطُرقٍ مُختلفة! تنبَّهتُ عندما شعرَ عقلي بنايل يُفكِّر، لم يكُن أمامِي سوى ا...