(( 4 ))
تجمع الجميع علي طاوله الطعام الكل يحاول مواساه أبي، وأمي تحمد الله علي أنه لم يكن بالمحل أثناء الحريق ولا يهم أي شيء أخر وظللت أنا صامته كنت أشعر بخزي رهيب ولكن أقسم انني لم أفعل أي شيء لقد كان البارحة يوم رائع ولكن اليوم انتهي كل شيء ... .
:_ أبي يمكننا استئجار محل أخر ونعرض به البضاعة المخزنة وسوف نتمكن من توضيب المحل علي مهل من جديد، قالت هناء محاوله أن تواسيه.
هز أبي رأسه بتعب شديد وتمتم بخفوت:- لله الأمر من قبل ومن بعد، الحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه.
ربتّ أحمد زوج أختي عليه:_ تلك الفكرة رائعة يا عمي وسوف نساعدك أنا وأسامه بعد العمل وسوف أخبر كل أصدقائي الذين يتزوجون أو يزوجون أخوتهم وسيعود كل شيء الي سابق عهدة.
تشجع الجميع لهذه الفكرة واقترحوا البدء علي الفور بها ولكن والدي تمتم:_ لا يوجد أي بضاعة بالمخزن.
شهق الجميع:_ ماذا؟!.
:_ لما يا أشرف ؟!، سالته أمي بتعجب.
:_ لقد افرغت بضاعة المخزن والمال ذهب في نفقات الخطبة والزواج الخاص بشهد.
نظر الجميع نحوي شزرا ولم أعد أستطع تمالك دموعي وصاح أسامه مزمجرا بأبي:_ ولما اخذت شهد معك يا عمي بالأساس ؟!! وصاح بي أنا الأخرى:_ ما الذي عبثت به البارحة يا قنبلة النحس
الذرية انتِ؟!!.
:_ أقسم لم أفعل أي شيء.
زمجر بي أحمد:_ هل اشعلت سخان المياه أو أي نار البارحة.
:- أقسم انني لم أشعل التلفاز حتي لم أعبث بأي شيء.
نظر لي نظرة شر واضحه فهو لم ينتهي من اقساط المطبخ الجديد بعد، بدل من ذلك الذي احترق عندما كنت عندهم أخر مرة!!.
رن هاتف أبي وصمت الجميع ورد هو بتعب:_ الحمد لله يا سيد حاتم، لا هي الأخرى بخير لم يكن هناك أحد بالمحل، أجل الحمد لله علي كل شيء، شكرا لاتصالك.
وضع أبي الهاتف علي الطاولة وضم قبضتي يده وأسند رأسه بتعب عليها وتمتم:_ دبرني يا الله هذا الرجل له بضاعة محترقة بأكثر من مئتي الف جنية.
حزِنا بشدة ووضعت أمي يدها علي فمها تكتم شهقتها ولم نعرف ما العمل؟!.
ظل المنزل غارق بالحزن وكنت أشعر بسوء رهيب لما حدث لوالدي لقد اخذت النار كل شيء حتي أموال مبيعات الأسبوع الماضي احترقت بالمكتب وتدمر المحل تماما وبعد ذلك علمنا أن سبب الحريق هو ماس كهربي، حزنت بشدة وفقدت أي معني لهذه الحياة لقد ظننت أن العالم سوف يصبح وردي من جديد وسوف أعمل مع أبي وكنت بغاية السعادة ولكن كل شيء أحترق مثل حياتي البالية هذه.
بعد أسبوع هاتف السيد حاتم والدي وارتبك والدي بشدة شجعته أمي علي الرد وبعدما أغلق الهاتف كان حزين بشدة وتمتم:_ يريد مقابلتي لقد كان من المفروض أن يأتي قبل احتراق المحل بيوم كي يأخذ القسط خاصته ولكنه لم يأتي واحترق القسط بالمكتب ما الذي علي فعله الآن؟!.
ربتت أمي عليه وقبلت رأسه:_ توكل علي الذي لا يخفي ولا ينام لدي مبلغ صغير بمكتب البريد كنت اقتصده والأساور والسلسال الذهبي وسوف نستطيع تدبير هذا القسط لا تلقلق.
:_ وماذا عن باقي الاقساط ؟!.
:_ سوف نجد الحل بإذن الله انك لم تسئ لأحد من قبل وسوف يقف الله معانا.
ذهب أبي وهو مكسور وظلت أمي تدعوا الله وتقرأ القرآن الكريم الي أن أتي مرة أخري.
ولكنه كان أفضل حال ، بل أفضل بكثير وحالما رآني سألني:_ هل رأيت السيد حاتم ؟!.
:_ من ؟!، لا أعلم لقد أتي رجل بالستين وترك الكارت خاصته وكان يود رؤيتك.
:- لقد اعجب بك كثيرا.
كادت أن تخرج عيني من محجريها " ذلك العجوز!!" ولكن حالما أكمل أبي كلامه هدأت قليلا.
:_ ويود خطبتك لأبنة.
شهقت أنا وأمي:- ماذا؟!.
وسألت أمي بلهفة:_ وماذا عن البضاعة المحترقة؟!.
:_ لغي القسط واخبرني بأنه سوف يمدني ببضاعة أخري غير تلك التي احترقت وأمهلني فترة أطول
للسداد .
بكت أمي من فرحتها واخذت تشكر الله:_ ألم أخبرك يا أشرف حُلت مشكلتنا ووجدنا عريس لشهد أنه كرم الله وفضله علينا، وجاءت أمي وقبلتني ورسمت أنا بسمة كي لا أخيب آمالهم بعد هذا الغم الذي أصابهم الفترة الماضية.
جلس أبي وتنهد بشدة:_ ولكن المحل مدمر تماما ويحتاج الي الكثير من الأموال كي يصلح لعرض التحف من جديد.
ذهبت أمي للداخل وجلبت صندوقها الصغير ودخلت أنا الأخرى وأنا منومه وأتيت بقطعي الصغيرة عبارة ثلاثة خواتم ذهبية وسلسال صغير، وتكلمت أمي بحماسة شديدة:_ ولدينا خمسه وعشرون ألف بالحساب البنكي ويمكننا تدبير باقي مبلغ الإصلاحات أنا أكيده يمكننا بيع السيارة حتي.
تمتمت أنا:_ يمكننا إعادة الأشياء التي جلبتموها من أجل جهاز عرسي.
رفضت أمي بشدة :_ لااا يكفي خساره سوف نخسر بهم كثيرا.
وتنهد أبي:_ ولكن الخمسة وعشرون الف هذه تخص شهد من أين سوف نشتري الأجهزة الكهربائية خاصتها وباقي أغراضها ؟!.
ربتت أمي عليه:_ دع جهاز شهد علي جنب وتوكل أنت علي الله الآن وابدأ بالتصليحات.
رجع أبي يستند الي ظهر الكرسي بارتياح وهو يحمد الله ولكن أمي صرعته:_ ما الذي تفعله؟!!.
انتفض من كرسيه وكاد أن يسقط:_ ما بكِ يا امرأة ؟ استريح قليلا!!.
جذبته من ذراعة وقذفت به الي خارج الشقة:_ اذهب الآن واتفق مع العمال كي تبدأ العمل صباحا لا
وقت نضيعه.
:- أجل أجل معك كل الحق، وذهب سريعا وهو يحمد الله الذي اخرجنا من تلك الورطة.
والتفتت امي لي وصرخت بحماسة مفرطه:_ شهد لقد وجدنا لكِ عريس أليس هذا رائع؟!.
أدعيت الحماسة وضممت كل من قبضتي:_ أجل ما أروعه من أمر، ثم تهجم وجهي وسألتها بهدوء :_ ألن تحترموا العدة الخاصة بطلاقي؟!.
صرخت أمي:_ ماذا؟؟؟؟ وبسرعة البرق كانت ممسكه بشعري وسالت من بين اسنانها:_ هل لامسك هذا الوغد .
:- أه أه اقسم إنه لم يمس يدي حتي! اتركي شعري رجاء.
تركتني ثم بعد أن استوعبت ما قلته جذبتني مرة أخري من ذراعي وسألتني هامسة وفضول مخيف بادي علي وجهها:_ ألم يقبلك قط ؟!.
:_ حاول مرة ولكنني تقيأت قبل أن يفعلها.
تقززت مني بشدة وتركتني وتمتمت وهي متقززة:_ أقسم انني اشفق علي المسكين الذي سوف يتزوجك يا شهد، أغربي عن وجهي ، ذهبت الي غرفتي وامسكت الباب وصرخت بها:_ سوف يعاقبكم الله لأنكم لا تحترمون العدة، وأغلقت الباب سريعا وحالما أغلقته سمعت ارتطام حذائها المنزلي! به وصاحت بي من الخارج:_ تريدين الالتزام بالعدة لأن المسكين حاول تقبيلك وتقيأت أنت عليه؟!!.
فتحت الباب بحذر وسالتها لربما أجلت عرض الزواج هذا:_ لو كان قبلني تلك القبلة لكان لي عدة الآن؟!!.
صرخت أمي من الغيظ وأغلقت أنا الباب سريعا وسددت اذني عن وابل الشتائم التي ترشقني بها، أجمل شيء هو التفاهم بين الأم وابنتها أجل فانا سر أمي الحبيبة !!! " سامحني يا رب ".
علمت بعد ذلك أن عقد القران لا عده له، كان بإمكانها اخباري بهذا الأمر " يا الله من امهات هذا الزمن!!".
جاءت كل من هناء وملك كي يساعدوني أنا وأمي بتنظيف الشقة من أجل استقبال العريس وكل من أحمد وأسامه كانوا مع والدي، حضرت أمي الطعام وعرضت عليهم أن أوصل طعام الغذاء لهم بالمحل ولكن الجميع صرخ بي رافضين ولا أعلم لماذا؟!!.
انتهينا أنا وملك وهناء من تنظيف الشقة وتلميعها رغم انها كانت منظمه ولكن أمي لديها طقوس خاصة فيما يخص استقبال العرسان!.
بعد أن نشرنا الستائر ارتمت كل من ملك وهناء علي السرير يستريحون قليلا من هذا اليوم الشاق بينما كانت والدتي تطعم الخمسة ملائكة " سامحني يا الله " بغرفة المعيشة، كانت كل من هناء وملك يتأملون السقف وذهبت أنا الأخرى ونمت الي جوارهم وتشجعت قليلا علي الحديث:_ لا أرغب بمقابلة هذا العريس.
الاثنان معا :_ ماذا ؟!! ، ثم زمجرت بي هناء:_ هل جننت يا شهد؟!.
:_ لا أود الزواج يكفيني ما حدث معي سابقا كما وأن هذا الرجل حاتم.. وقح!.
جذبتني ملك من اذني وتمتمت من بين اسنانها:_ لما لم تقولي هذا من قبل؟ أتودين الغاء المقابلة بعد أن انتهينا لتونا من النظافة؟!! ، بينما هناء جذبتني بحده من ذراعي:_ انتِ السبب بالحريق، عليكِ بقبول هذا العريس يا شهد تحت أي ظرف وإلا دُمرت تجارة والدك الذي افني عمرة فيها كفاكِ جحودا ولا مبالاة .
صرخت بها:_ ألا يحق لي الزواج كما أحب؟، ألا يحق لي أن أحلم بأي شيء علي الاطلاق؟!.
تركوني ثم تكلمت هناء بكل جدية:_ انتِ مطلقة وهذا الشاب أعذب وغني وسوف يصبر علي والدك الي أن يصلح الضرر الذي حدث به، تلك الزيجة جيدة من كل النواحِ كما وأن أبوك وأمك سوف يصابون بالجلطة إن لم تتزوجي.
لم أعد أستطع التحكم بدموعي أكثر:_ ولكنني كنت أحلم بالسعادة الزوجية والآن طار هذا الحلم، كم كنت اتمني أن أكون سعيدة بزواجي.
زفرت ملك بحنق:_ أيتها البلهاء عن أي سعادة تتحدثين أنت لا يوجد أي سعادة بعد الزواج.
وضربتني هناء علي رأسي:_ لقد افسدت الروايات عقلك البالي.
جلست ملك وتكلمت بجدية شديدة:_ إليك الأمر يا شهد يتقدم الشاب لخطبة الفتاة ويعاملها معامله رائعة ويتحدث عن نفسه وكأنه بطل الأبطال فتخدع المسكينة وتقبل به وبعد الخطبة بشهرين تعلم إنه لا شيء مما سبق ولكنها تستمر لأنها وقعت في غرامه وتبدأ العلاقة بالفتور قليلا ثم تأتي مرحلة عقد القران ، وهنا تنهدت الأثنان معا قائلين " هييييييييييح بقي ! " ثم أردفت:_ ثم شهر العسل وتشعرين بأنك أميرة أو ملكه وبأخر الشهر تفاجئين بالحمل ويفرح هو كثيرا ثم تكرهين نفسك بسبب القيء والإرهاق المستمر، وتكرهين زوجك لرائحة اللعينة والتشابه الغير طبيعي الذي يكونه مع القرود!! ، ويشرف ولي العهد بعد تسعة أشهر من العذاب وتتمنين فقط في حياتك كلها أن تنالي قسط من النوم لثلاث ساعات متواصلة وتستمرين بالركض خلفهم وتنظيف الشقة الذي لا ينتهي وطلبات زوجك التي لا تنتهي، الملخص لا يوجد حياة زوجية سعيدة.
هزت هناء رأسها بهدوء موافقة علي كلام ملك بينما تمتمت أنا:_ حسنا ولما علي الزواج إذا ؟!
الاثنان معا:_ شر لابد منه!.
_ جلست أفكر فيما قالته كل من ملك وهناء لي وقد بدي كلامهم منطقي صراحتا، بالطبع ليست الحياه الزوجية بهذا السوء الذي وصفوها به وأنا أكيدة من ذلك فكل من هناء وملك تعشق زوجها صحيح أنهم يتشاجرون أحيانا ولكن بالمجمل أري الحب بعيونهم وبعيون أزواجهم.
علي إعطاء الأمر فرصة أعتقد أن علي فعل ذلك حتي لو كان هذا من أجل أبي، أجل علي المحاولة ثم وأنه من الممكن أن يكون فتي جيد وليس بالضرورة أن يكون وقح مثل والدة!.
_ جاء اليوم الموعود وانتظرت بغرفتي، كنت أحاول اخفاء مرارتي عن والدي ووالدتي فأبي كان فرح جدا بهذا الرجل حاتم ويتحدث عنه بحب شديد وعن أخلاقة وعن مكانته الخاصة بين التجار وأمي هي الأخرى، ورغم ضيق الحالة المالية التي نمر بها إلا أنها اشترت لي طقم جديد بالكامل من أجل هذه المقابلة.
دخل أبي علي بعد أن استقبلهم بحوالي الربع ساعة، ولكن السعادة والفرحة محت من علي وجهة ورقص قلبي من الفرح، تري هل الغيت الزيجة؟.
وأمي هي الأخرى دلفت وراءه وقد بدي الهم واضح جدا عليها وتمتمت بحزن.
:_ هل انتِ مستعدة يا شهد؟.
هززت رأسي موافقة بحذر ثم تمتمت بوهن:_ هل العريس سيء الي هذه الدرجة ؟!.
ازدردت أمي لعابها ونظرت بحزن الي أبي وأخفض أبي رأسه وجاء وقبل رأسي وتمتم بهدوء.
:_ حسنا يا شهد هذه مجرد مقابلة ليس إلا ولكي مطلق الحرية في القبول أو الرفض ولا تضعي المحل أو أي شيء أخر في اعتبارك هل هذا واضح؟.
ارتعبت بشدة تري ما مدي سوء الوضع؟، هل هو سيء لدرجة أن أبي يحدثني هكذا؟!.
خرجت بهدوء ولا أخفي عليكم لقد شعرت بالرعب بدلا من اللامبالاة التي كنت بها منذ لحظات، دلفت الي الصالون بحذر وأبي خلفي هو وأمي، ووقف السيد حاتم فورا وسلم علي بترحاب كبير وحالما وقعت عيني علي الشاب الجالس قبالته انسحب الهواء من رئتاي ورجعت الي الخلف واصطدمت بأبي وهززت رأسي نافية وتمتمت:_ لا أريد لا أريد.
وقف الشاب الذي كان يتناول طعامه ببلاهة لم أرها من قبل ومد يده كي يسلم علي ولكنني نظرت نحوه بكره واضح ولم أسلم علية، والتفت الي أبي ولم أبالي بوجود الشاب ووالدة وتمتمت بآسي
:- أبي أرجوك لا أريد.
لقد شعرت بالهواء ينفذ من رئتاي حالما رأيته واردت أن أصفعه علي وجهة بشدة، لقد كان وجهة مقيت بشكل لا يوصف جعلني أكرة نفسي واليوم الذي ولدت به!.
يمتلك وجه سمج الي أقصي درجة لم أشعر بالسوء في حياتي كلها مثلما شعرت في تلك اللحظة!، ارتبك السيد حاتم وتدارك الموقف سريعا قائلا بارتباك:_ هذا جمال صديق محمد ابني.
ارتاحت اساريري وتنفست الصعداء ووضعت يدي علي قلبي كي تهدأ ضرباته قليلا ونظرت الي السيد حاتم وقلت:_ هذا يعني إنه ليس العريس!، واشرت نحوه بأصبعي.
:_ اجل اجل إنه صديق محمد، جمال اذهب وأتي بمحمد.
ذهب السمج هذا الي البلكون كي يأتي بالعريس وبعد لحظة دخل السمج مرة أخري وخلفة شاب.
أتعلمون اغنية
" only you "
أجل تلك الأغنية التي عندما تأتي بأحد المشاهد الأجنبية تكون عادة مقترنه بخلفية بحر أزرق أو سماء زرقاء!!، هذا هو ما شعرت به ترددت أصوات الأغنية بأذني ولم أشعر بأي شيء أو أي شخص سوي هذا الشاب الذي دلف لتوه من البلكون، وازدادت ضربات قلبي حده حتي إنها شوشت علي باقي الأصوات الموجودة بالغرفة.
ظللت أنظر نحوه لم أشح بنظري عنه لثانية واحده وانتبهت بعد عدة دقائق الي أن فمي مفتوح اغلقته وابتسمت له فابتسم لي هو الأخر ابتسامة مهذبة ويبدو أن والده عرفني به فهز رأسه بأدب ترحيبا بي وعلي فمه نفس الابتسامة المهذبة ومن ثم تقدم نحوي.
كان يرتدي سروال من الجينز وحذاء غاية في الأناقة وقميص أبيض وفوقة سترة رائعة، وفي يده عصا يتكأ عليها ويبدوا أن قدمة مصابة بكسر أو شيء من هذا القبيل فقد كان يسير بهدوء شديد، وحالما اقترب مني اشتممت عطر في غاية الروعة لم أشتمه قط من قبل!.
مد يده يسلم علي وسارت كهرباء في جسدي من تلك اللمسة الصغيرة وتنحنح أبي بصوت عال
:_ حسنا لنجلس إذا تفضل يا بني، تفضل يا سيد حاتم.
جلست بالكرسي الموجود الي جوار كرسيه وقد افقت أخيرا الي فداحة ما فعلته، يا اللهي لما تجمدت هكذا ونظرت له؟!، ما الذي سوف يقوله عني الآن؟ بالتأكيد فتاه وقحة!!.
شعرت بالحرارة والسخونة كما لم أشعر من قبل، واستطعت الشعور بذرات العرق تنساب علي جبيني ووجنتاي تشتعلا من الاحمرار وحاولت وضع يدي التي كانت باردة كالثلج علي وجنتاي كي يهدأ الاشتعال الذي نشب بها.
تحدث أبي والسيد حاتم بعدة مواضيع عامة وتمنيت أن أسمع صوته، تري كيف هو صوته؟، لم أجرأ علي النظر له مرة أخري أبدا، كنت خجله كثيرا من فعلتي، وبعد مده قالت لي أمي:_ قدمي العصير يا شهد.
ولكنها لم تقولها برحابتها العادية في مثل تلك الظروف! كانت تجاهد كي تخرج الكلام من فمها طبيعيا، تري لما أبي وأمي متهجمين من هذا الشاب الرائع ؟!، قدمت العصير للسيد حاتم والفتي السمج كان يجلس الي جواره يضحك لي ببلاهة فتراجعت ولم أرغب بتقديم العصير له، ولكن أمي وأبي نظروا لي شزرا فاضطررت الي اعطاءه كوب، وذهبت بخجل شديد الي الشاب الرائع وقدمت له الكأس.
ابتسم لي بتهذيب مرة أخري ووقف وهو يتناول الكوب، نظرت له لوهله وقلبي يرقص بحدة بين ضلوعي لبسمة المهذبة ولياقته هذه ولكنني لمحت شيء هذه المرة، أخذ الكوب وجلس واعدت الصينية الي الطاولة ورجعت الي جواره مرة أخري وخطفت لمحة من جانبي وتأكدت مما رأيته اثناء تقديمي العصير له، إن اذنة بها خطب ما وكأنها تعرضت لحرق ما أو لشيء من هذا القبيل وجزء من رقبته أيضا، نظرت للأسفل وشعرت بالأسف للآجلة هل لهذا أبي وأمي متهجمين؟!.
تنحنح السيد حاتم وهو يضع الكوب من يده علي طاولة الصالون:_ ما رأيك يا سيد أشرف بتركهم يتعرفون علي بعضهم البعض قليلا؟.
نظر أبي وأمي لي وهزوا برؤوسهم موافقين وازدادت ضربات قلبي بسرعة رهيبة، تري ما الذي سوف يحدثني به؟!.
_ خرج السمج !وأمي وأبي وظل السيد حاتم بمكانة وشعرت بالخيبة ألن يذهب؟!.
أبتسم لي وقال بمرح سوف أعرفك عدة أشياء بسيطة يا شهد ومن ثم اترككم سويا، انتبهت له جيدا.
:- محمد ابني لدية عدة مشاكل صحية.
شعرت بالأسف الشديد عليه تري ما به؟.
:_ لقد صار له حادث بالصغر سبب له عده مشاكل، ومنذ عده أشهر أصابته سيارة في قدمة اليمني.
حزنت عليه " لهذا اذا يسير علي عكاز " ولكن هذا الأمر لم ينتقص شيء من روعته بنظري ولا أعلم لماذا؟!.
بدي الحزن أكثر علي السيد حاتم وتمتم :_ كما وأن هذا الحادث سبب له بعض التشوهات بجسده.
يا اللهي تلك التي رأيتها بأذنه ؟! حدثت نفسي ثم نظرت له فوجدت وجهة جامد نوعا ما، لا بد وأنه متضايق لما لا يحدثني هو ويخبرني لما يفعل والدة هذا بدلا عنة؟!.
:- كما وأنه لدية السكري.
ازدردت لعابي ونظرت الي الأرض وحال ذلك الشاب يقطع في قلبي أكثر من ذي قبل.
:_ والسكري أثر بشكل سيء علي نظرة وكل فترة يجري عده عمليات بعينة من أجل الحفاظ علي نظرة .
حسنا أذا هذا سر نظارته الأنيقة سميكة الزجاج.
وقال جملته الأخيرة واقفا بحزن شديد:_ كما أنه لا يسمع يا شهد اترككم للتعرف علي بعضكم البعض .
لم أستطع التماسك ونزلت دموعي كالبحر دون صوت ونظر لي السيد حاتم بعطف وتركنا وخرج، أقسم انني لم أبكي علي حظي أو أي شيء من هذا القبيل، بل كان الندم ،ندم ممزوج بعده أشياء، لظني السوء بالسيد حاتم عما قاله عن سليم، وندم علي اعتقادي بأنني أنا أكثر انسانة منحوسة علي وجه الأرض، لقد خلقني الله بصحة جيدة وأنا كنت أتذمر وأندب حظي دائما، لقد كنت جاحدة بحق نفسي وبحق النعم التي أنعم الله عز وجل علي بها " الحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه" .
لم يتناقص مقدار انبهاري من هذا الشاب الجالس الي جواري قيد أنملة ولكنني لم أستطع التحكم بدموعي رغم عني، وبعد عده دقائق استطعت التحكم بنفسي ومسحت وجهي جيدا وحاولت التنفس بطريقة أفضل.
ونظر هو نحوي فرفعت رأسي كي اتبين ملامح وجهه، هل هو غاضب أم لا ؟ ولكني وجدته ينظر لي نظرة جامدة للغاية، لابد وأنه تضايق من والدة أو مني لأنني بكيت، نسيت تماما من هول الموقف والمشاعر المتضاربة بداخلي التي تثور وتفور كبركان غاضب أنه لا يسمع وتمتمت:_ أسفة علي بكائي ولكنني أبكي لأسباب خاصة بي أقسم علي ذلك ولا دخل لما قاله والدك ببكائي.
لم يحد نظرته الجامدة عني وأخرج دفتر صغير وقلم، وضغط زر القلم ثم أشاح بنظرة وكتب شيء ما بينما لم أشح أنا بنظري عنه وبعد برهة انتبهت الي أنه لا يستطيع سماعي وضربت رأسي بكفي لشدة غبائي، وانتبه هو الي هذه الحركة البلهاء ووضع الورقة بيدي، قرأتها كان خطة منمق جدا " لا أحتاج الي شفقتك يا آنسة ".
ازدردت لعابي ونظرت نحوه بآسي تري كيف فهمني؟ لابد وأنه يجيد فهم حركة الشفاه، حاولت أن أشير له بعدة اشارات ولكنني نسيت اللغة تماما من شدة ارتباكي واخذت الوح في الهواء واعيد يدي مرة أخري بدوت خرقاء للغاية، أكثر مما أنا في العادة!!.
نظر نحوي شزرا واخفضت أنا رأسي لقد افسدت الأمر تماما افسدته قبل أن يبدأ حتي! ، كتب مرة أخري وأعطاني الورقة " لقد بعت نفسك الي الشيطان وانتهي الأمر ".
شهقت بحده وهتفت له قائلة برعب :_ ماذا ؟!!!!.
*** *** ***
أنت تقرأ
ليس زوجي المعاق !! الجزء الأول.. للكاتبه المميزة هالة الشاعر
Romanceجميع الحقوق للكاتبة ممنوع النقل والاقتباس الجزء الأول هناك صورة ما مرسومة في أذهاننا عن أبطال الروايات والبطلات وخاصة البطلات، دائما ما تكون خارقة الجمال طيبة رقيقة يعشقها الجميع!، أما عن بطلتنا هذه فهي مختلفة كل الاختلاف فهي فتاة نراها في حياتنا...