الفصل الثالث
هي وهو
ما حدث بعد ذلك لكل من شهد ومحمد علي حد سواء كان سريع للغاية، وذلك بفضل جهود السيد حاتم الذي يتمني إقامة العرس اليوم بدلا من الغد ولكن والد ووالدة شهد كانوا رافضين لأي إجراء سريع وأرادوا أتخاذ كل شيء علي مهل وسألوا شهد بدلا من المرة مائة.
ذهبوا لشراء الشبكة وتم عمل حفل بسيط وكان محمد يزداد غرابة في أمر شهد مرة بعد مرة لم تختر شبكة مبالغ فيها مثلما أعتقد ومثلما أشتري هو قبل ذلك!، ولازال يري الاستغراب في عيون كل من والديها وعدم التقبل التام له أما هي فكانت تدعي المرح أمامهم وأمام والده، وحينما يصبحون سويا تنظر أرضا ولا تتحدث بشيء، خف حنقه عليها كثيرا يبدوا أنها تفعل ذلك من أجل والدها واستغرب أمرها كثيرا ثم نهر نفسه سرا، فهو الأخر يفعل ذلك من أجل والده وما يهون عليه غرابة وضعة هذا هو أن والدة في تلك الفترة كان سعيد جدا، سعيد للغاية.
قرر السيد حاتم توضيب الشقة من أجل ابنه والعروس وطلب من محمد أن يأتي بعروسة كي تختار الألوان والديكور الذي تريده، ذهب وهو مجبر علي أمرة للزيارة الأسبوعية المفروضة عليه من والده واستقبلته والده زوجته المستقبلة وهي تشير بإشارات مبالغ فيها! يكفي فقط أن تتحدث بتلقائيه وهو سوف يفهم عليها ولكن والدة شهد لم تكن تستوعب الأمر.
دلفت شهد وسلم كل منهم علي الأخر وجلسوا بهدوء، ونظرت هي له بأسي وتنهدت لا تعلم ما خطبة ولما يرفضها هكذا؟ ولا تعلم ما خطبها ولما تتعلق به كل يوم أكثر من الذي قبله وسبت نفسها سرا، كم أنت جدباء ايتها الشهد!.
ضيفته عده أشياء حتي شعر بالحرج منها فهي تبتسم له بود، لا تحمل له أيه ضغائن وتتحدث معه بإشارات اليد ويبدوا إنها تتقنها في كل مرة أكثر من سابقتها، هل تتدرب ؟ هل هذا معقول؟.
لن ينكر أن الأمر ترك أثر في نفسه لمحاولتها علي الاقل!، أشار لها
:_والدي يرغب في مجيئك كي تختاري أثاث الشقة والألوان.
ابتسمت وهزت رأسها موافقة وأخرج هو ورقة وقلم وقرر وصف الشقة لها وأخبارها عن المقاسات وعدد الغرف كي تبحث علي الأنترنت وتختار ما تريد.
رسم مربع كبير وأخذ يقسمه وجلست هي الي جواره وبدت مهتمة جدا بما يفعله قسم المربع وكتب المساحات لأي غرض هي، استلمت شهد الورقة منه: مربع للمطبخ ومربع للمكتب ومستطيل كبير للصالة والصالون ومربع خاص بالحمام.
ثم أخذ الورقة وأشار لها علي مربعان مجاوران:_ هاتين الغرفتين سوف تدمجان معا كي يصبح لك حمام خاص ومساحة إضافية يمكنك اختيار كل شيء عدي هذه الغرفة غرفة والدي سوف تظل علي حالها ولن يغير الدهان خاصتها.
" غرفة والدة!!" تنحنحت ثم أشارت له:_ لما علينا العبث بشقة والدك؟ أليس لديك شقة؟!.
نظر لها لبرهة ثم أشار :_ ما الذي تعنية؟!.
:_ لم تخبرني بأننا سوف نمكث مع والدك.
:_ وما المشكلة إذا في هذا؟!.
نظرت أرضا لبرهة لا مشاكل معها مع السيد حاتم ولكن الفكرة نفسها غريبة عليها لا أحد من أخوتها أو أقاربها يمكث مع أهل الزوج بنفس الشقة، كيف لها أن تأخذ حريتها وأن تشعر بأنها في منزلها؟!.
:_ أنا لا أبالي إذا ما كانت الشقة كبيرة أم صغيرة لا أبالي إن كانت كلها غرفة واحده فقط ولكن المهم أن تكون هذه الغرفة لي مملكتي الخاصة ولن أشعر بالارتياح هكذا.
رفع حاجبية وأشار بتهكم:_ علي بطرد والدي إذا!.
:_ لا عليك بإيجاد شقة خاصة بك ولا أبالي أين موقعها أو حجمها ولكن أريد أن أسكن بمنزل لي فقط.
وقف وأشار بغضب لها:_ لم أري بحياتي كلها ناكرة للجميل وجاحده مثلك.
وترك المنزل وخرج، لم تبارح مكانها من الصدمة لكلامه الجارح الذي نعتها به منذ لحظات أتت والدتها ومسحت دموعها وسألتها برقة:_ ما بك يا شهد ما الذي حدث؟!.
ونظرت الي الورقة :_ما هذا؟، حكت لها شهد وقد كانت متعبه بشدة هو لا يريدها وهي تفعل ذلك فقط من أجل والديها لم يعد بإمكانها أن تخفي أكثر من هذا.
غضبت والدتها بشدة وأخبرتها بأنه يجب أن يكون لها شقة خاصة بها وإلا لن تتم هذه الزيجة فهذا الأمر غير متعارف عليه لديهم أبدا، وعندما أتي السيد أشرف تحدثت معه بغضب وأخبرته بأنها غير مرتاحة لهذا الوضع بالمرة ولم ترد بأن تتمادي فهي تعلم ضائقة زوجها المالية.
صمت السيد أشرف قليلا ثم تحدث بتعب:_ حسنا إن العلاقة بين حاتم وأبنه غير عادية فوالدته ماتت منذ الصغر وهو من تولي رعايته بنفسه وكل منهم متعلق بالأخر بشدة، أعلم أنك تودين الحصول علي منزل خاص بك وأنا الأخر أود ذلك يا شهد ولكن أعتقد بأن محمد لن يترك والده وحده، فكري بالأمر و أتخذي قرارك.
دلفت شهد الي غرفتها تقلب الوضع برأسها ووضعت نفسها مكان محمد تري لو كانت والدتها تعيش وحدها بالشقة هل كانت شهد لتتركها وحدها وتتزوج بعيدا عنها بعد كل هذه السنين؟، حسنا لو أن زوجها وافق أن تسكن والدتها معها لكانت سعدت كثيرا هذا هو وضع محمد بالضبط يصعب عليه ترك والده وحده.
_ كم من بيوت دمرت لتدخل الأهل؟ كما وأنها محجبة وسوف يتوجب عليها ارتداء زي معين أمام والده لن تتصرف علي حريتها وتستقبل من تريد استقباله بأي وقت ولن تشعر بأنها حرة في المنزل بوجود فرد أضافي، زفرت الهواء بحنق أكثر من ذي قبل " لو كنت أنا مكان محمد لما تخليت عن والدتي أو والدي...".
***
في اليوم التالي في السادسة مساءا:
دلفت شهد ووالدتها ووالدها الي منزل السيد حاتم الذي رحب بهم كثيرا ومحمد هو الأخر رغم أنه كان صامت، أما عن شهد فقد كانت تشعر بالخجل منه وحالما جلسوا ارسلت له رسالة نصية بكلمه واحدة :_ أسفة.
نظر لها لبرهة ولم يشير لها بأي شيء تلك الفتاة تحيره بشدة ما الذي تريده بالضبط ولما تفعل ما تفعله؟!.
:_ نريد تحديد موعد للفرح يا سيد أشرف كي أتمكن من حجز الفندق باكرا.
قالها السيد حاتم بحماسته المعتادة كلما أتت سيرة الفرح!،تنهدت والدة شهد وأخبرته بأن معظم أغراض شهد جاهزة ولا ينقصهم سوي الأدوات الكهربائية وهنا تلون وجه السيد أشرف عندما تذكر أنه مفلس تماما.
:_ أنا سوف أتي بكل شيء لا تقلقي يا أم شهد لي صديق عزيز لدية توكيل للأدوات الكهربائية فقط علي شهد أن تختار ما تريد ولا تقلق بأي شيء أخر.
خجلت شهد من السيد حاتم كثيرا فهو يدللها دائمة ويهديها بالكثير من الهدايا ويتصل دائما للاطمئنان عليها علي عكس أبنه الصامت شكلا وموضوعا!.
:_ محمد خذ عروسك كي تشاهد الشقة العمال سوف يأتون في الصباح وسوف يقلبون حالها، سوف نغير الأثاث كله واختاري الألوان كيفما شئت دفاتر الألوان والأثاث موجوده بمكتبي.
:_ شكرا لك عمي.
:_ حسنا يا سيد أشرف تفضلوا معي كي تتفقدوا المقاسات.
ذهبت والدة شهد مع الرجال وأضطر محمد الي الوقوف وأخذها في جوله وهو مجبر علي أمره.
:_ مشاء الله يا سيد حاتم الأثاث رائع وجديد وكل شيء منظم.
:_ أجل يا أم شهد محمد يحب النظام كثيرا وهو من بدل الأثاث منذ عامان فقط.
أخرجت السيدة ورقة وقلم كي تأخذ مقاسات السجاد والأغراض التي سوف تأتي بها وتحدث السيد أشرف للسيد حاتم:_ كل شيء جديد هنا لا أري أي داعي لتغيره!.
رفض السيد حاتم بشدة:_ هذه حياتهم دعوهم يرتبوها كما يشاؤوا هيا يا أم شهد أكتبي النواقص لا نريد أن ينقصهم شيء البتة، الشقة لا يسكنها سوي الرجال منذ ثمانية عشرة سنه ونحن لا نعرف بالكثير.
وفي الناحية الأخرى من الشقة أخذ محمد شهد كي يريها دفاتر الأثاث والألوان بينما ذهلت هي تماما حالما دلفت الي المكتبة وشهقت:_ كل هذه كتب!.
ولكن محمد كان يبحث عن الدفاتر لم يعلم بأنها تحدثت، بدأت بتلمس الرفوف بيدها وهي غير مصدقة، هذه المكتبة تحوي الكثير الكثير من الكتب وهي التي كانت تظن أنها مهوسة!، أتضح إنها لا شيء أبدا في بحر تلك الكتب وشهقت مرة أخري.
:_ يا اللهي هذا القسم كله كتب باللغة الانجليزية!.
لاحظ محمد اتساع عينيها من حجم الكتب لدية ولكن كان هذا هو رد الفعل المتعارف علية فكل من يدلف الي المكتبة يدهش من حجم الكتب لدية.
فرقع بأصابعه والتفتت له وهي لازالت علي حالها غير مصدقة، أشار لها بيده
:_ هذه هي الدفاتر خديها معك واختاري ما تشائين.
:_ هل قرأت كل هذه الكتب؟.
عدل نظارته:_ كلها عدي هذا الجزء، وأشار الي أول مربع بالمكتبة لم يكن يحوي إلا علي حوالي العشرين كتاب فقط فازداد انبهارها بهذا الشاب وكأن هذا ينقصها!.
:_ في أي المجالات تقرأ؟.
حسنا هل تحاول فتح حوار معه حقا! بالبداية اعتذرت و الآن تسأل بانبهار؟.
:_ في كل شيء وأي شيء عدي الروايات الرومانسية.
ارتسمت بسمة واثقة علي زاوية فمها فهي تعلم هذا جيدا، وتنهدت "إذا هو لا يتجنب رواياتي هو أصلا لا يقرأ الرومانسية".
لم يفهم ثقتها هذه مطلقا، وبحثت هي بعينها سريعا ونظرت الي قسم يحتوي علي روايات الفانتازيا وأخذت تشير بأصبعها وهي تردد:
:_ العاب الجوع ، سلسلة الشفق، هاري بوتر، سبتموس هيب، لقد قرأت كل هذه السلاسل أنها رائعة اليس كذلك ؟!.
هزر رأسه موافقا:_ أجل.
أخذت تبحث بعينها وتمتمت بآسي:_ يا لا حظي لا يوجد لديك مملكة الخواتم أو الهوبيت فأنا لم أقرأ هذه السلسلة.
كان قد قرأ شفتيها دون أن تنتبه فأشار لها:_ بلي لدي.
:_ حقا أين؟.
:_ بمكتبة غرفتي.
شهقت وهي تشير:_ هل لديك مكتبه أخري؟.
هز رأسه وضمت هي قبضتيها ترجوه:_ هل يمكنني استعارتها؟ أقسم أنني سوف أحافظ عليها وأعيدها كلها.
نظر لها نظرة زائغه هذا ما يقوله كل من يستعير الكتب، وهذا ما لا يحدث!.
تنهد وأشار لها علي غرفته بأنها الثانية في الممر وأخذ يبحث عن علامات لفواصل الصفحات فهو يكره ثني الصفح بشكل لا يوصف، ذهبت هي وهي متحمسة للغاية وقبل أن تفتح الباب أنفتح الباب المجاور وخرج منه كائن سمج مزعج يتثاءب بكل البلاهة الموجودة علي الكرة الأرضية ويحك شعرة البني الأشعث ويضع دب محشو أسفل إبطه، ويحك أسفل ظهرة لم تشعر بنفسها إلا وهي تصرخ صراخ هستيري وأمسكت بأقرب شيء وأخذت تضربه به مرارا وتكرارا كرد الفعل الذي ينتاب المرء بالضبط حينما يري صرصور وينهال عليه بالضرب بالحذاء المنزلي وأخذت تصرخ به بشدة وهي تضربه بالوسادة المزخرفة والتي كانت تظنها هي إطار سوف يفتح رأسه!.
:_ مت، مت ، مت.
يبدو انها كانت تظنه حقا صرصور!.
أتي والديها والسيد حاتم ولكن محمد هو من خلص الابله منها، وقفت خلفه وتشبثت بملابسة من الخلف وأنفاسها تعلو وتهبط في اضطراب شديد التفت لها محمد فتمتمت وهي علي وشك البكاء وعيونها مملوءة بالدموع:_ لقد أرعبنــــي.
نظر محمد مرة أخري الي صديقة فوجد أن هيئته " حاجه أستغفر الله العظيم! " لديها كل الحق ولم يكتفي الابله بمنظرة المشعث بل وكان مصر أيضا علي أن يرحب ويسلم عليها:_ ما بك يا شهد؟ هذا أنا جمال.
وحاول الالتفاف حول محمد كي يسلم عليها ولكنه تلاقي ضربتين علي رأسه مرة أخري وأبعده محمد عنها كي لا تفقد صوابها مرة أخري .ظلت تحتمي خلف محمد منه وعندما اقتربت والدتها هرعت الي حضنها وأخذت تبكي حلما نظرت والدتها الي سبب صراخها شهقت بشدة هي الأخرى وأخذت تربت علي ابتنتها وتمتم السيد أشرف :_ ما هذا الشيء؟.
تقدم جمال وهو يحك أسفل ظهرة ويتثاءب ببلاهة شديدة:_ هذا .. أنا يا عمي .. جمال ألم تتذكرني؟.
لم يحتمل محمد الرائحة أو البلاهة فأمسك به من حماله قميصه القطني المهترئ وقذف به الي الغرفة وأغلق الباب بالمفتاح ووضعة في جيبة فكفت شهد عن البكاء وساروا جميعا وكأن شيء لم يكن!.
***
كانت شهد في غرفتها تقلب في سلسة الكتب التي أعطاها لها علي مضض، هي ليست غبية كان واضح جدا أنه أعرها إياها وهو مضطر ولكن هذا الشيء أسعدها ولم تعلم لماذا؟ ، كانت تشعر بالشقاوة وبأنها يجب أن تشاكسه هكذا دون سبب!.
أخذ السيد أشرف والسيدة وفاء يكتبون النواقص وبدأت السيدة وفاء في اخراج الموجود لديها وكانوا منشغلين تماما في هذه المأمورية، خرجت شهد إليهم وكانت جهزت كل شيء تريده والصور والألوان للدهان وأخبرت والديها:_ المجلس جديد للغاية يعجبني كثيرا لن أبدله وكذلك الدهان خاصته والمطبخ هو الأخر رائع ولكن لونه كئيب سوف أبدله، والأدوات الكهربائية به رائعة.
زمجرت والدتها:_ سوف نأتي بموقد جديد وخلاط كهربائي حديث.
هزت شهد كتفها بأنها لا تبالي:_ ثم أخرجت الصور التي طبعتها واختارتها لغرفة النوم وأعجب والدها ووالدتها بها كثيرا.
السيد أشرف:_ هذا كل شيء؟.
:_ أمم أعتقد بأنني لم أري مكنسة كهربائية أحتاج الي واحده.
تنهد والدها بتعب ووالدتها هي الأخرى كانت حزينة كل من أختيها تتدللوا كثيرا وحصلوا علي كل ما اشتهوه وشققهم كانت رائعة وكل شيء كان جديد للغاية، ولكن شهد كعادتها حظها سيء في كل شيء!.
:_ شهد لا تفعلي هذا بنيتي سوف أتي بكل أغراضك جديدة مثلك مثل اخوتك هذا حقك ولا تبالي بأمر النقود.
:_ أبي أقسم لا أحتاج الي أكثر من هذا، كل شيء هناك جديد ورائع سوف أبدل ما لا أريده فقط لا تقلق علي. وقبلت رأس والدتها ودلفت الي غرفتها مرة أخري وكتبت علي حسابها الوهمي الموجود باسم " كاتبة مبتدئة" تقرأ : مملكة الخواتم
تري هل سيلاحظ أن شهد وكاتبة مبتدئة نفس الشخص؟!.
وبالخارج ظل والدها ووالدتها غير مطمئنين لكل شيء، شهد تحتاج الي رعاية ربما يعاملوها هكذا دائما لأنها الصغرى ورغم أنه لم يروا أي شيء سيء من هذا الشاب إلا انهم خائفين عليها من تلك المسؤولية.
***
مر السيد حاتم علي شهد مساء يوم وهو سعيد للغاية ويخبرها بأنه يحضر مفاجأة خاصة لها.
_وجد محمد والده يقذف به كي يستقبلها ويفتح لها باب السيارة فنزل علي مضض وفعل كل شيء بحركة ألية وعاد الي جوار والده مرة أخري.
كان السيد حاتم سعيد للغاية ورحب بها كثيرا وأخذها الي متجر كبير وفخم لاختيار فستان الزفاف كان واحد من أفضل المتاجر الموجودة بالمدينة وعندما دلفوا رحب بهم صاحب المتجر كثيرا وبارك للعروسين السعيدين!.
:_ مثلما طلبت تماما يا سيد حاتم هذه الفساتين كلها وصلت البارحة ولم يرها أي أحد من قبل كي تختار العروس ما تريد وبحرية تامة، ابتسمت شهد غير مصدقة كانت فساتين الزفاف أكثر من رائعة وراقية للغاية لم تكن تتصور أنها سوف ترتدي إحداها في يوم من الأيام، أرسل السيد حاتم لأبنه نظرة محذرة كي يلحق بعروسة وضرب هو بعكازة الأرض مغلولا مما يفعله والده.
أخذت تلف وتدور بالمتجر وهي تلمس الفساتين والقماش الخاص بها بيدها، كم كانت لتكون سعيدة لو أن الأمر مختلف!، ولكن يبدوا أنها لن تحصل علي الحب أبدا مثلما أخبرتها أختيها لا شيء مما يحدث بالروايات هذا مجرد هراء، ولكنها حتي حرمت من هراء الخطوبة وهذا الشيء ليس بغريب عليها.
أمسكت برقعة لتجد عليها سعر الفستان واتسعت حدقتيها غير مصدقة السعر المكتوب عليه نظرت الي محمد ودهشتها كانت شديدة تركت الفستان من يدها وأشار لها هو:_ ما بك؟.
:_ لا أعلم لا يبدوا من الصواب دفع مبلغ هائل مثل هذا كي أرتدي الفستان مرة واحده!.
نظر خلفه الي والده الذي يتحدث مع صاحب المتجر والتفت لها يشير بحزم:_ حسنا لا أعلم ما الذي تحاولين فعله بالضبط ؟!ولكن أنا أفعل ما أفعله لأجل والدي وأعتقد أنكِ أنتِ الأخرى تفعلين ما تفعلينه من أجل والدك اليس هذا صحيح؟!.
ضمت قبضتيها ونظرت أرضا بخزي من إشاراته الحازمة هذه وهزت رأسها موافقة ببطيء.
أشار مرة أخري:_ لا أريد لأبي أن يصاب بخيبة أمل وهو فرح هكذا، اختاري ما تريدينه من المتجر لقد فتح الرجل متجرة خصيصا لك وأبي يعد لهذه المفاجأة منذ أسبوع.
غزت الدموع عيونها بشدة لا تعلم ما خطبه وما علته معها؟! ودت حقا لو تذهب في الحال الي السيد حاتم لترجوه بألا يشكوا والدها بالشيكات التي لدية وأنها هي السبب في الحريق وعلي استعداد أن تعمل عمرها كله للسداد الدين ولكن حتي لو فعلت هذا ووافق السيد حاتم علي الفكرة الخرقاء كيف سوف يبدأ والدها من جديد؟ وكيف سوف تجد هي وظيفة لا تطرد منها أو تمكث فيها طوال عشرون عام علي الأقل كي تسدد هذا الدين الهائل؟!.
سحبت نفس عميق ودعت ربها ألا تبكي أمامه وهزت رأسها موافقه علي كلامه، تنهد وبدي نادم علي إشاراته التحذيرية:_ اختاري شيء إذا.
أشارت بإهمال:_ أي واحد لن تفرق. وسارت بعيدا عنه.
أشار للفتاة الموجودة في المتجر بأن تأتي بالفستان الذي بحلقت له أكثر من غيرة ودلفت الفتاة معها كي تساعدها علي ارتداء الفستان ولم تستطع الإمساك بدموعها أبدا.
:_ هل أنتِ بخير يا أنسه هل هناك خطب ما بك؟.
:_ لا أبدا لقد طرفت عيني لا أكثر.
عدلت الفستان حول شهد وقالت بانبهار:_ لديكِ ذوق رائع إن هذا الفستان هو الأفضل في المحل.
ابتسمت شهد لصورتها في المرآه وقالت مدعيه السعادة:_ إنه من اختيار خطيبي لا من اختياري.
:_ يبدو رائع عليكِ ولكنك نحيله سوف يحتاج الي التضيق.
أخذت الفتاة تعدله وشهد تقاوم البكاء وانتهت وخرجت لتجد السيد حاتم بوجهها:_ هل أعجبك شهد؟ إن لم يعجبك شيء هنا يمكننا انتظار أسبوع أخر سوف تأتي فساتين أخري.
:_ لا عمي الفستان رائع يعجبني كثيرا.
خرجت الفتاة ومعها الفستان وأبدي صاحب المحل إعجابه الشديد بذوق العروس:_ لقد أحسنت الاختيار تماما هذا أفضل فستان في المجموعة كلها.
ابتسمت ونظرت لمحمد:_ أنه ذوق محمد هو من أختاره لي.
فرح السيد حاتم كثيرا بهذه الإجابة وربت علي وجنة أبنه وهو فخور به لأنه يحاول التقرب من خطيبته وابتسم محمد بإرهاق لوالده إنه يفعل هذا ليفرحه ليس إلا، عليه بإتقان دورة جيدا مثل تلك الفتاة تماما.
:_ حسنا سوف يتم تعديله وإرساله علي الفور سيد حاتم.
تنحنحت شهد:_ هل يمكنني تركة هنا أنه ضخم للغاية والمنزل مليء بالفوضى لأغراض الجهاز خاصتي.
:_ أكيد يمكنني حفظة هنا إذا أردت.
وقع السيد حاتم علي الوصل وهو سعيد للغاية وخرجوا سويا من المتجر:_ حسنا يا شهد سوف نتناول عشاءنا بالخارج سويا أي المطاعم تفضلين؟!.
لم يكن بإمكانها أن تتماسك أكثر من هذا:_ مره أخري عمي رجاء فأنا أشعر بأنني لست بخير.
تركها علي مضض وصعدت هي الي غرفتها مباشرة وعندما سألتها والدتها عما فعلته بالخارج مع عمها ابتسمت بإشراق:_ لقد اشتري لي فستان الزفاف أنه رائع حقا أمي.
***
مر شهران ترك فيهم السيد حاتم أي شيء وكل شيء عدي الشقة كي ينهيها في الموعد تماما وبالفعل تم الانتهاء منها، تم تحديد موعد كتب الكتاب بالمسجد وتم عقد قرانهم قبل الفرح بثلاثة أيام، وقبلها بعده أيام ذهبت الفتيات مع والدتهن وأخذن كل أغراض شهد وقاموا بفرش كل أغراضها وتجهيز الشقة من أجل العروسان.
أتي يوم الزفاف أخيرا ومحمد لم يكن متهجم في حياته كلها مثلما تهجم وجهه في هذا اليوم، أتي جمال وهو يحمل كاميرا في يده وأخذ يلتقط صور لصديقة العريس ثم أخذ يحك ياقة قميصه التي كانت تحكه بشدة ويفك من ربطة عنقه وتمتم ببلاهته المعتادة:_ لا أعلم لما أصر والدك علي هذه البذلة بالذات لقد كان هناك بدلة بنية أعجبتني كثيرا.
جرة محمد من رابطة عنقه التي كان جمال حلها وعدل من هيئته ومن شعرة البني الطويل هو الأخر ثم ضربة علي مؤخرة رأسه وأشار له:_ أنت صديق العريس المقرب يفترض بك أن تكون أنيق أصمت اليوم جمال رجاء.
نظر جمال الي ساعته:_ لقد تأخرت كثيرا علي الاستوديو أذهب وأتي بشهد من الفندق وإلا تأخرنا علي القاعة كثيرا.
نزل محمد معه وركبوا في السيارة المخصصة للعريس المزينة بالورود واتجهوا الي الفندق.
_ أما عن شهد كانت تجلس أمام خبيرة التجميل التي تضع لها اللمسات النهائية علي وجهها، وبدأ اخوتها في إخراج الفستان من حافظته وأعجبوا به كثيرا، حافظت علي بسمتها الهادئة وساعدوها جميعا علي ارتداء الفستان وبدأت خبيرة التجميل بوضع الطرحة فوق رأسها دمعت عيون أخوتها كثيرا فرحين بأختهم الصغرى:_ تبدين رائعة يا شهد لم نتخيل أن ذوقك يكون راقي هكذا!.
ابتسمت لمشاكسة اختها ملك:_ ليس من اختياري أنه ذوق محمد.
قالتها بعيون زائغة وهي تقف أمام المرآه ولم تشعر بالدموع وهي تنساب من عيونها، لما تصر علي هذه الكذبة رغم أنها مؤلمة للغاية ولكنه تتمني لو كان هذا الشيء حقيقة، استاءت خبيرة التجميل من دموع شهد لأنها سوف تفسد الزينة واعتذرت شهد بهدوء:_ اسفة لست معتادة علي وضع الكحل بعيني يسبب لي الحساسية أضعه فوق جفوني فقط.
كانت عيونها حمراء بشدة وبدأت الفتاة بامتصاص الدموع بأعواد القطن وربتت عليها هناء الأخت الكبرى.
:_ دعينا وحدنا قليلا من فضلك.
هزت رأسها بتفهم وتركتها فغالبا ما يشعر العرائس بتوتر شديد، وربتت هناء عليها بقلق.
:_ خائفة؟.
هزت شهد رأسها نافية:_ أبدا كل ما هناك أن عيوني تؤلمني.
رسمت ملك بسمه:_ لا بأس كلنا توترنا يوم زفافنا هذا شيء عادي سوف تنسين كل شيء حالما يبدأ الحفل.
هزت شهد رأسها موافقة لن يتفهموا أبدا مشاعر خيبتها ولكنها نظرت الي نفسها في المرآه عليها بالفرح فالأشياء التي تفعلها اليوم سوف تفعلها مرة واحده بحياتها كلها، وهذا الفستان الرائع الذي ترتديه صُنع لهذه الليلة فقط ولا لشيء أخر.
راسلها محمد أكثر من مرة بأنهم تأخروا ولكنها راسلته بأنها لم تنتهي بعد، كان يشعر بالتوتر لأن الوقت ضيق والفرح مليء بتجار كبار زملاء والده بالعمل لا ينبغي التأخر عليهم، كان ينظر للفرح كله بأنه واجب وعليه تأديته علي أكمل وجه ولا شيء أخر.
انتهت شهد وبدت رائعة للغاية وارتأت هناء أن تجعلها مفاجأة للعريس فخرجوا جميعا من الغرفة وتركوه يدلف كي يأتي بشهد، كانت تشعر باضطراب رهيب وخجل وحالما دلف أعجبت كثيرا بأناقته وظنت أنه سوف يبادلها الإعجاب علي الأقل ولكنه لوح بعصبية مشيرا الي ساعته.
:_ يفترض بك الانتهاء في تمام السابعة الساعة الثامنة وعشر ألا يوجد لديك أي حس بالمسؤولية؟!.
صمتت بشدة من رد فعله العنيف هذا وانحسر الكلام بحلقها ودت لو تصرخ بوجهه ولكن هناء دلفت من خلفه تسأله عن رأيه بالعروس وهي تشير له بمرح:_ أنها رائعة اليس كذلك؟!.
هز رأسه لهناء بتهذيب وذهب وأمسك بيدها وأخذها الي الأسفل لم تشح بنظرها عن يدها التي تضمها بشدة وذهب ثلاثتهم الي الاستوديو ونفذت تعليمات جمال بحركة آليه وهو يلتقط لهم الصور واكتشفت أن الصور الموجودة علي حساب محمد، جمال هو من التقطها فهو مصور محترف ويمتلك الاستوديو الخاص به.
لم تنظر له مطلقا وكل منهم كان يدعي الابتسام في وجه الأخر بأعجوبة فهي حزينة وهو خجل من فعلته لقد كان غاضب للغاية من التأخير ولم ينتبه الي الموقف وأنه يفترض به قول شيء لطيف علي الأقل.
دلفوا معا الي القاعة وشعر هو بندم شديد نحوها ولكنه لم يعلم كيف يصلح فعلته بعد، فالهمس بأذنها لم يكن أحد الخيارات المتاحة لديه ولغة الإشارة فاضحة للغاية خصوصا وأن الجميع يراقبهم، تقبلوا التهاني من الجميع ثم بدأت الألحان كي يحظى العريس وعروسة بأول رقصة لهم... .
***
أنت تقرأ
ليس زوجي المعاق !! الجزء الأول.. للكاتبه المميزة هالة الشاعر
Romanceجميع الحقوق للكاتبة ممنوع النقل والاقتباس الجزء الأول هناك صورة ما مرسومة في أذهاننا عن أبطال الروايات والبطلات وخاصة البطلات، دائما ما تكون خارقة الجمال طيبة رقيقة يعشقها الجميع!، أما عن بطلتنا هذه فهي مختلفة كل الاختلاف فهي فتاة نراها في حياتنا...