في اليوم التالي صباحا كانت شهد تضع الطعام علي الطاولة وتحاول كبت بسمتها ومشاعر الفرحة الهائجة ولكنها لم تعلم كيف؟!، لقد أعترف محمد بحبه لها البارحة ومنذ تلك اللحظة وقبلها يقرع الطبول ولا يتوقف عن فعل ذلك وبطريقة جنونية أيضا.
خرج من غرفته وبحث بعينه عنها وذهب لها المطبخ وهو يشعر بسعادة بالغة من الرائع أن تجد شريك حياتك، شخص يمكنه أن يكون سرك وعائلتك خصوصا لو كنت عشت وحيدا طويلا، قبل جبينها بحب وأخفت هي وجهها بصدرة وضم كل منهم الأخر وهو يشعر بسعادة بالغة.
جلس الثلاثة علي طاوله الفطور ولكن محمد جلس الي جوارها وليس قبالتها مثلما أعتاد ومن نظرات كل منهم للآخر فهم السيد حاتم كل شيء وأخفي وجهه بالجريدة وضم قبضه يده بحماسة شديدة:_ أجل، أجل كنت أعلم.
ومن ثم أزال الجريدة مرة أخري وحاول أن يتناول فطورة بطريقة طبيعية وتنحنح محاولا جعل كلامة جاد قدر الإمكان.
:_ شهد، شهد، شهد!.
ولكنها كانت سارحة تماما مع محمد يتأمل كل منهم الأخر بحب وهيام، فأضطر الي طرق الطاولة بقوة.
:_ أجل عمي!، لكم محمد هو الأخر كي ينظر له بعد أن فشل في لفت انتباهه وأشار وهو يحاول كبت ضحكة:_ لا داعي لمجيئك اليوم الي المحل فأنا سوف أقوم ببضع تغيرات في الديكور.
هز محمد رأسه بترحاب وهو يبتسم الي والده وخرج السيد حاتم وهو يضحك وقابل جمال علي السلم وجرة من يده:_ لن يفتح لك أحد الباب تعال سوف أعزمك أنا علي الفطور.
همت شهد بالذهاب ولكنه وقف وأمسك بيدها وأشار :_ الي أين؟.
تمتمت له:_ علي البدء بالتوضيب الآن لدي الكثير من الأعمال اليوم.
جذبها له وأشار:_ لا لن أسمح لك أنتِ معاقبة.
ضحكت بعبث وقالت له:_ حقا وما الخطأ الذي اقترفته؟.
نظر حوله ثم الي طاوله الطعام وأشارا لها:_ لم يعجبني تقطيعك لقطع الخيار!.
عبثت بياقة قميصه وتمتمت برقة:_ تبدو حجه مقنعه!.
***
كانت سعادة كل منهم بالأخر كبيرة للغاية فكل منهم عاش معظم وقته وحيدا شهد بسبب نفور الناس من نحسها المزعوم ومحمد هو الأخر بسبب فقدانه لسمعه، وسر كل منهم كثيرا لأن هناك الكثير من الأشياء المشتركة بينهم وأهمها علي الإطلاق كان حب كل منهم الي القراءة.
وقرر محمد مساعده شهد بشدة لأنه يؤمن بوهبتها في الكتابة وصارحها بكل وضوح:_ لديك خيال رائع ولكن عليك بالاهتمام بعده أمور إذا ما كنتِ تريدين إكمال ما تفعليه عليكِ بأخذ الأمور بجدية أكبر.
:_ كيف؟!.
:_ أولا عليك بالاهتمام بالقواعد اللغوية والنحوية علي نحو أكثر جدية.
هزت رأسها موافقة.
القي نظرة أخرى الي دفترها التي تسجل به ما تقرأ من كتب وروايات:_ عليك بالاهتمام بنوعيه الكتب والروايات المقروءة، فنسبة قراءتك للكتب صغيرة للغاية مقارنة بالروايات، إذا ما أردت أن تكتبي أشياء قوية عليكِ بأن تستمدِ معلوماتك من الكتب لا من الروايات فقط.
تذمرت منه:_ ولكن الكتب مملة ولا أستطيع أن أطيل بالي عليها، أما الروايات مسلية وممتعة وعندما أبدأ بقراءة واحده لا أتركها إلا وهي منتهية.
تنهد محمد منها:_ علي الأقل باشري ب عشرون صفحه كل يوم من كتاب وصدقا سوف تعتادين الأمر، وسوف أساعدك بكتب وسلاسل مبسطه، وقرص وجنتها بمرح وهو يشير:_ ليس علي كل شيء أن يكون مسلي.
هزت رأسها موافقه وهي لا تصدق ما يحدث معها ولمدي تفاهم محمد لحبها للكتابة وكيف يساعدها بكل مقدورة كان يجلس معها لكتابه الحلقات كل يوم وكان سريع للغاية في الطباعة علي الحاسوب علي عكسها كانت بطيئة جدا، كما أنه قرأ رواياتها الأخرى حتي الرومانسية وشجعها كثيرا علي تبديل أسمها الوهمي واستخدام الحقيقي لم يكن يخشي من شيء أبدا وكم ذادت ثقتها بنفسها لأنه يؤمن بها وبموهبتها.
قرر محمد اصطحابها الي رحله لقضاء شهر العسل وخطط الي جعلها متنوعة وأرسل لها رسالة اليكترونية بالصور للاماكن:_ أنظري الي روعة كل تلك الأماكن متأكد من أنها سوف تفييدك كثيرا في الكتابة والوصف.
صرخت من الفرح حينما تلقت رسالته وهي بالغرفة وخرجت تركض الي الصالة تقبل رأسه وضمه لها وتشكره كثيرا ولم تبالي بأن كل من السيد حاتم وجمال بالخارج حرج محمد منهم كثيرا ولكنه رويدا رويدا بدأ يعتاد علي طبيعة شهد فهي تعبر عن مشاعرها بكل صراحه في أي مكان وكل وقت!!.
فهي تصرخ وتقفز كثيرا، مثلا حينما أتي لها محمد بحاسوب جديد، أو باقة ورد رائعة، ولكن أصعب مرة كانت حينما طبع محمد لها نسخة من إحدى روايتها علي هيئة كتاب مع غلاف رائع أيضا صرخت شهد بكل قوتها وبكت وضمته وأخذت تقفز وأصابها الجنون وفرح محمد كثيرا لأنه لم يهدر أسبوعين من عمرة عبثا فقد أخذ القصة وصححها وتعامل مع موقع أجنبي محترف لتصميم غلاف جيد وكتب أسمها الحقيقي علي الرواية ومن ثم طلب عده نسخ منه كان موقع أجنبي للنشر الذاتي ولكنه لم يتوقع رده الفعل الخاصة بشهد أن تكون بمثل هذا الجنون لقد تفاجأت ثم أخذت تقفز وتصرخ بصوت عالي علم ذلك لأن والده وضع أصابعه في أذانه وأغمض عينه بشدة متضرر!، ثم أخذت تبكي بهستيرية شديدة وتضمه لها بقوة وتقبل وجنته ومن ثم تبكي وتقفز مرة أخري أستمرت علي هذا الحال لمده نصف ساعه تقريبا وأخيرا سقطت متعبة علي الأريكة وهي تمسك بحلقها من شدة ما كان يؤلمها واحتضنت الكتاب بشدة لا تصدق أنها رأت كتاب مطبوع واسمها الحقيقي عليه حتي لو كان النشر نشر ذاتي إلا أنها تأثرت كثيرا وظلت تبكي طوال الليل بحضن محمد لما فعله خصيصا من أجلها.
علي الرغم من سعادة كل من محمد وشهد إلا أن جمال والسيد حاتم كانوا في معاناه حقيقية فالسيد حاتم أوشك علي فقدان طبلة أذنة بسبب صراخ شهد المتواصل!! والمشكلة أن محمد لا يبالي فهو يرسل لها الصور والرسائل في كل وقت حتي لو كان الأثنان بالمنزل سويا وشهد حالما تري الرسالة أو المفاجأة تصرخ بمكانها من الفرح علي الفور ويعلم محمد بنتيجة مفاجأته من وجه والده وجمال لأنهم يعبثون ويسدون أذانهم ويضحك هو بشدة... .
تذوق محمد هو الأخر طعم جديد للدنيا وللسعادة فشهد كانت فخورة به دائما وتتخذ منه مثل أعلي وتحب الخروج معه كثيرا رغم أنه لم يكن يفعل سابقا لأنه لا يحب نظرات الناس له لأنهم يستغربوه وأصبح يخرج بكثرة معها دون أن يبالي للناس ورأيهم ونظراتهم، لقد تعلم الدرس مثل شهد تماما وأصبح يشير بيده دون خجل وبأريحية كبيرة وأرجع الفضل في ذلك الي شهد التي لا تبالي حتي أن من لا يعرفهم كانوا يظنوا أن شهد هي الأخرى لا تسمع ولكن كل من محمد وشهد لم يبالي بأي من أراءهم فالمجتمع اليوم لا يرحم، لا يرحم أحد مختلف عنه في أي شيء حتي لو كان شيء خارج عن إرادته مثل حاله محمد، ولا يرحم شهد هي الأخرى بإصدار كافة الأحكام عليها " لقد تزوجت منه لأنها جدباء، لقد أصبحت مطلقة ما الذي تنتظريه؟، تلك الفتاة دائما حظها عاثر، لم تحمل الي الآن ولن تفعل أنها خرقاء بكل شيء تفعله، الخ ... .
علي الرغم من أن هذا الشيء معارض لدينينا الحنيف الذي ينص وبوضوح علي ترك أمور الناس وعدم التدخل في شؤنهم، بل ويمكَنك من أخذ ثواب من مجرد التبسم في وجه أخيك، ولكن ما فعله الناس كان العكس تماما خاصه عندما ظهرت سعادة محمد وشهد مع بعضهم البعض، بدأ كل منهم بتلقي الانتقادات والتدخل العلني في وجوههم في أحدي التجمعات العائلية لعائلة محمد انهالوا عليهم بالأسئلة الفضولية والمخزية " كيف تتفاهمين معه بكل تلك السهولة؟!، هل هناك شيء ما قادم علي الطريق محمد نريد أن نسمع أخبار جيدة؟، هل الخطب منك أم منها من الأفضل أخذها الي الطبيب الفلاني .. أنه مشهور وجيد للغاية، هل تعلمتِ لغة الإشارة خصيصا من أجله؟ وما الذي يجبرك علي ذلك ، وهمست أخري أنها مطلقة ،...".
عادت شهد ومحمد والسيد حاتم من ذلك العرس متهجمين تماما ودلفت شهد الي غرفتها مباشرة وبعد عده دقائق دلف محمد خلفها واوقفها ليضمها الي صدرة ويسمح دموعها وأشار لها بحزن:_ لا تبكي شهد.
هزت رأسها موافقة ولكنها كانت حزينة للغاية.
:_ لا تبالي برأيهم شهد الناس لن يعجبهم أي شيء بأي حال من الأحوال انهم يرفضوني من الأول بالأساس لأني لا أسمعهم ولا يحبون التحدث معي بالإشارات ولا حتي عندما أتحدث لأن صوتي يخرج متقطع وغريب عليهم لقد وضعوني بخانه الأخرق وانتهي الأمر وأنتِ الأخرى شهد وضعوك بخانه سيئة الحظ ومن ثم صدقوا الكذبة وابتعدوا عنكِ، لن أفقد إيماني بالله أو بنفسي أو بكِ شهد لقد وضعني الله باختبار وأنا قبلت به بكل حب دون أن أسأله لما أنا؟.
ومسح دموعها برقة:_ لولا ما حدث معي سابقا لما كنت التقيت بكِ شهد، أنت أكبر نعمة حلمت بها بيوم من الأيام صديقة وحبيبة وطفله شقية كل ما أردته، والأهم من ذلك أنكِ رأيتني منذ اليوم الأول ولم تحكمي علي إلا من أرائي ومن عقلي ولم تبالي لعجزي.
تنهد وقبل جبينها:_ إذا ما أردتِ أن تسعدي بحياتك شهد، ورفع إصبعه عاليا يشير الي السماء.
ضعي الله فقط أمام عينك شهد ولا شيء أو أحد أخر.
ابتسمت كثير من بين دموعها واحتضنته يا اللهي كيف يكون كلامه بمثابة السحر هكذا دائما كيف تتضح لها الأمور علي وجه السرعة عندما يتحدث هو؟!، حتي أنه لا يتحدث أنه يشير ويدخل الهدوء والسكينة الي قلبها.
أخذت تغمر رأسها بصدرة تنعم بالنعمة التي ارسلها الله لها وحفرت علي ظهرة ثلاثة حروف
: س ح ر.
ابتسم ورفع رأسها وأشار بالكلمة التي حفرتها فهزت رأسها موافقه، استفهم منها لما حفرتها تركته وأشارت له :_ سحر ، كلماتك دائما كالسحر تهدئني علي الفور.
ابتسم بصدق شديد لها وأشار:_ هل أنتِ معي شهد لن نبالي لأي مخلوق منذ الآن أو بكلامه.
هزت رأسها بحب شديد لأفضل زوج يمكن أن تحصل عليه أي امرأة علي الإطلاق.
***
كانت تظن شهد بأن الحب يفتر بعد الزواج هذا ما أخبرها به الجميع علي أي حال، ولكن أثبت محمد صحة كلامه مرة أخري فالجميع كان مخطئ.
فالحب بين شهد ومحمد كان يكبر كل يوم عن سابقة وبشكل كبير للغاية وسعادتها هي الأخرى كانت تزيد وأمدتها بقوة كبيرة كي تدفعها الي الأمام لتغير نظرتها للعالم وتخلع النظارة السوداء التي كانت ترتديها لسته وعشرون عاما.
واكتشفت شهد شيء هام للغاية غير نظرتها للزواج كله فأهم شيء بين الزوج وزوجته الأهم حتي من الحب، هو التفاهم وقبول كل منهم للآخر بحلوة ومرة والمشاركة وكانت تعتقد شهد بأن الأخيرة تلك هي السر الحقيقي وراء سعادتها مع محمد فهو يحب أن يشاركها بالكثير من الأشياء وهي الأخرى تحب أن تتعلم منه، حتي وإن لم يتعلق الأمر بالكتابة فالسيد حاتم علم محمد صنع التحف والخزف ومحمد كان يصنع أحيانا أشياء في وقت فراغة وشهد كانت تراقبه باستمتاع وطلبت منه أن يعلمها، وهو الأخر كان يحب أن يشاركها بكل شيء حتي لو كان شيء عادي للغاية، فكل منهم وجد نصفة الذي كان يبحث عنه مطولا وما أسعد محمد كثيرا أن شهد تشركه بكل الأشياء حتي تلك المستحيلة عليه.. .
ذات يوم دلف الي غرفته ليلا بعد أن أنهي عمله بالمكتب ليجد شهد تجلس بأريحية علي الأريكة وتعبث بأصابعها في الهواء وتحرك فمها بأشياء غير مفهومه فابتسم لا بد وأنها تسمع شيء ما يروق لها جلس الي جوارها وفتحت هي عيناها وسعدت كثيرا ولازالت علي حالها تحرك أصابعها في الهواء ورأسها بهدوء مع الألحان وضحك هو بشدة منها، أشارت له بحماسة:_ محمد أرقص معي.
ونزعت سماعات الأذن كي يخرج الصوت من هاتفها وأمسكت بيده وأسندت رأسها علي صدرة وأخذت تتمايل معه ثم رفعت رأسها له:_ أنها أغنيه رائعة أريد أن أوصفها لك.
فهز رأسه موافق فأخذت تشرح له بحب شديد:_ الاغنية أجنبيه مليئة بالعزف الرقيق علي الجيتار والبيانو بالذات سوف أخبرك الكلمات بفمي وأعزف علي ذراعك.
ثم وقفت علي رؤوس أصابعها وسألت بمرح:_ ما هي أخر أغنيه تذكرها؟.
:_ س سيـــرة ال الحب.
ضمت قبضتيها:_ أنها رائعة.
:_ أجل لقد كان أبي يسمعها كل يوم تقريبا مع أمي.
:_ حسنا سوف اتمتم بالكلمات ركز جيدا معي.
أنت تقرأ
ليس زوجي المعاق !! الجزء الأول.. للكاتبه المميزة هالة الشاعر
Romanceجميع الحقوق للكاتبة ممنوع النقل والاقتباس الجزء الأول هناك صورة ما مرسومة في أذهاننا عن أبطال الروايات والبطلات وخاصة البطلات، دائما ما تكون خارقة الجمال طيبة رقيقة يعشقها الجميع!، أما عن بطلتنا هذه فهي مختلفة كل الاختلاف فهي فتاة نراها في حياتنا...