2

12K 568 12
                                    

_أعلم أنها تستغرب أمري كثيرا ولكنني لا أعلم حقا لما فعلت معها ما فعلته كنت قاسي معها للغاية ولا أعلم لماذا؟ لم أواجه نفسي سوي بعد الزفاف بمده، عندما أتي والدي الي المنزل مرة أخري كنت أراهم يتحدثون ويمرحون سويا كنت فرح للغاية من أجل والدي فهو حزين بشأني وقلق طوال الوقت، ولكنه لا ينفك عن الضحك والابتسام منذ أن تم زفافي.علي الأقل أنها ليست كما كنت أظن بها ليست استغلالية أو وصوليه أو شيء من هذا القبيل لا أعلم لست متأكد بعد ولكنها عفوية للغاية ولا يمكنها تصنع علاقتها بأبي، لا أشعر بهذا مطلقا ولكن لا أعلم لما رفضت السكن معه منذ البداية؟، الوضع مضطرب قليلا خاصة بداخلي الزيجة كلها عبارة عن صفقة هي كي تنقذ والدها وأنا الأخر كي أسعد والدي في أيامه الأخيرة، أجل والدي الحبيب وكل ما لدي في هذا العالم سوف يذهب ويتركني وحدي في عالم لا أحد لي فيه.
لم يعلم أنني أعرف بعد منذ عده سنوات أجري عمليه جراحيه بالقلب وكانت خطيرة للغاية وأنجاه الله لي ومنذ سته أشهر عاوده المرض مرة أخري ولكن الطبيب أخبرني أن كبر سنه وحالته لا تسمح له بالخضوع لأي عمليات أخري، لم أرد أن يكون حزينا في أخر أيامه، وأن يرتاح ويسعد فشغله الشاغل هو أنا ولا شيء أخر.
نحن لسنا مجرد أب وأبنه بل كل شيء للأخر أب وأم وصديق ومعلم وكل شيء لي كان هو، لن ينفك عن لوم نفسه لأن الصمم أصابني رغم أنني لم ألومة ولو سرا، لا ليس والدي هذا الرجل الذي يمكن أن ألومه علي أي شيء.
كما وأنه يحفظني عن ظهر قلب لذلك أقسم علي بأن أبيت ليله زفافي بالغرفة وظل ساعة يتوعدني إن لم أبيت في الغرفة، حسنا لقد نفذت الجزء الخاص بي!!.
وهي الأخرى فعلت ما فعلته من أجل والدها، لم أعتقد بأن أبي كان من الممكن أن يؤذي والدها بأي شكل من الأشكال فطوال أربعة عشر عام عملت معه ولم أره يوما يؤذي أحد أو يشتكي علي أي أحد، ويخبرني دائما بأن الجميع يتعرض لعسرات، ولكنه أستغل الموقف وكان هذا الأمر بالنسبة لهم طوق النجاة.
ربما أنا حانق قليلا أيضا فكل تلك السنوات كنت أحلم بأن أتزوج صديقة لي في الجامعة لنا نفس التفكير ونفس الهوايات يكون بيننا صداقة قوية، ولكن لا شيء من هذا حدث لم أجدها بالجامعة ومنذ عده سنوات فقدت الأمل بإيجادها علي أي حال.
لم أري من العدل بحق شهد أن تخسر كل شيء هي فعلت ما فعلته من أجل والدها وأنا الأخر فعلت ما فعلته لأجل والدي كل منا لديه أسبابه لا داعي لتعقيد الأمور وإبقاء مسافة بيننا سوف يوفر علينا الكثير من الدراما لا حقا فهذه الزيجة لن تدوم.
***


_ نفذ ما لدينا من أغراض الثلاجة وأخبرت عمي بأنني أنوي الذهاب للتبضع ولكنه أصر علي بأن أذهب مع محمد و ألا أذهب وحدي ونزلنا نحن الأثنان معا وكانت هذه أول مرة نخرج فيها سويا
وحدنا، وحالما وقفت معه أمام السيارة ندمت علي موافقتي فالسيارة لن تقلع وأنا بها أعلم حظي جيدا .
:_ هل يمكنني الذهاب سيرا علي الأقدام ومقابلتك في المتجر؟!.
:_ إنها بعيدة للغاية لما لا تركبين معي؟!، أشار لي.
قررت المحاولة علي أيه حال لم يكن لدي حل أخر، ولم تمر ثلاثة دقائق حتي توقفت بنا السيارة!، كنت نلت أنا كفايتي من كل ما يحدث معي فبكيت بكاء هستيري فور أن توقفت بنا السيارة ألعن حظي السيء الذي يحيط بي من كل جانب دون أن أقترف أي شيء سيء؟!!.
قررت النزول من السيارة كي تسير ولكنه لم يسمح لي.
:_ ما بكِ شهد لما تبكين هكذا؟!!، كان محمد مذهول من سبب بكائي لشيء تافهة هكذا ولكنه لا يعلم.
:_ لن تسير السيارة أبدا.
:_ لما؟!!.
:_ لأنني بها كلما ركبت سيارة تعطلت لذلك لا أركب السيارة أبدا سوي مع أبي دعني أنزل رجاء لن تسير السيارة طالما أنا بها، وحاولت مسح دموعي التي تنهمر بشده.
:_ ما هذا الهراء؟!.
:_ أقسم انه ليس هراء لن تسير السيارة طالما أنا بها أرجوك دعني أذهب.
صفق بكلتا يدية متعجبا من كلامي هذا الذي وبالطبع لا معني له لديه ونزل من السيارة وأخذ يفعل بها عده أشياء وعاد ومسح يده كي ينظفها أدار المحرك وتحرك بالسيارة وظل ينظر لي كل فترة ولكنني أشحت بوجهي وحاولت كتم بكائي لا أعلم الي أين سوف يأخذني نحسي بعد، توقعت أن تقف السيارة بعد دقائق ولكننا وصلنا دون مشاكل أخري، هممت بالنزول سريعا ولكنه أمسك بيدي وأشار لي:_ رجاء لا تبكي هكذا مرة أخري السيارة تتعطل دائما أنها قديمة ولا شأن لك بها مثلما تقولين، كلما استعارها جمال تتعطل ولا أعلم ما الذي يفعله بها؟!.
ضحكت رغم عني عندما أتي بذكر سيرة هذا الابله حتي السيارة لم تسلم منه هززت رأسي موافقه ونزلنا كي نأتي بالأغراض وعدنا الي المنزل مرة أخري وأخذت أدعوا الله ألا تتوقف السيارة ووصلنا الي المنزل دون مشاكل.
***
لم تكن شهد لتجلس هكذا دون مشاكسة فهي لن تشعر بخير علي هذا النحو فالهدوء والسلام من الأشياء التي لا تتوافق معها، وهذا بالطبع عكس طباع محمد الهادئة بل الهادئة حد الملل القاتل من وجه نظر شهد بالطبع!، لذلك ارتأت أن تشاكسه مرة أخري.
لم يكن هناك وقت كافي للكاتبة بعد الزواج فواجبتها ومسؤوليتها تضاعفت كثيرا وهي بالأساس كانت تكره أعمال المنزل والمطبخ وطعامها سيء للغاية ودائما ما كانت تشفق والدتها علي المسكين زوج المستقبل خاصتها، ولكن عمها والسمج كانوا يخبروها دائما أن طعامها لذيذ لم تفهم لماذا ولكنها اعتبرتها مجامله فهي تكره المطبخ بشدة، وفي يوم بعد انتهائهم من تناول الغذاء كانت حسمت أمرها في مشاكسة محمد سوف تحدثه من الحساب الخاص بالكتابة والجميل أنها تجلس في مواجهته سوف تراقب رده فعله دون أن يعلم بالكاد منعت نفسها من الضحك.
كاتبه مبتدئة:_ مساء الخير.
ظهرت علامات التعجب علي وجهه فهي لم تتحدث معه أبدا من قبل علي الخاص لم تتحدث مع أي أحد من قبل علي الخاص بالأساس!.
:_ مساء الخير.
كاتبة مبتدئة:_ أسفه لتطفلي ولكن كنت أود معرفة رأيك بشأن عده أشياء ومنها سلسلة مملكة الخواتم.
لقد سألته شهد عن رأيه بالسلسة البارحة وأكتفي بهز رأيه مستحسن إياها ولم يحدثها بأي شيء، تري هل سوف يتحدث مع كاتبة مبتدئة؟.
أعتدل بمجلسه وكأنه يكلم شخص ما مهم:_ لا أبدا هذا الشيء يسعدني.
رفعت حاجبها بغيظ " ولما لم تسعد البارحة؟! يا الله من الرجال كلهم صنف واحد!".
:_ في الحقيقة أن هذه السلسلة من أمتع السلاسل التي قرأتها خاصه أن محورها لم يكن فقط حول قصة الحب بين الابطال مثل معظم الروايات وإنما لأنها تحدثت عن الأرض والخير والشر، ومزج الكتب كل هذا في إطار خيالي ممتع للغاية وكل من أتي من بعده قلده في كثير من الأشياء ... .
واسترسل في الكلام بأريحية وثقة تامه رغم أن نقدة كان بناء للغاية إلا أنها كانت تغلي من الحنق لما لم يخبرني بكل هذا البارحة؟ " أيها الوغد الخائن!".
حاولت أن تتماسك علي قدر عليها بذلك:_ نقدك من أكثر الآراء البناءة التي أقرأها يا أستاذ محمد ولا أخفي عليك بأنني أنتظرها بعد كل حلقة بفارغ الصبر.
ابتسم بشدة وهو ينظر الي هاتفه وودت هي لو تقذف رأسه بشيء حاد يفقده وعيه!، ضَرب جرس الباب وكذلك الأضواء أخذت تضيء وتطفئ في الشقة كي يعلم محمد بأن هناك من يضرب جرس الباب، كانت تعلم بأنه السمج فلا أحد يزورهم بهذا الوقت سواه.
:_ أنا سوف أفتح الباب عمي.
وذهبت لفتح الباب لتجد السمج يبتسم لها ببلاهة:_ مرحبا شهد.
ردت باقتضاب شديد:_ لا أحد هنا أذهب، وصفقت الباب بوجهه.
وصاحت بأعلى صوتها:_ أنه البواب عمي أتي لأخذ القمامة. ودلفت مرة أخري ولكن السيد حاتم كان يعلم أنها أحدي محاولات شهد لطرد جمال فذهب وفتح الباب له.
دلف السمج وكأن المنزل منزله يلقي بأشيائه في كل مكان ويخلع حذائه وهو يتنهد:_ يا له من يوم عمل شاق أنا جائع للغاية. وذهب الي المطبخ وأخذ يعبث بالثلاجة وسط نظرات شهد الحارقة التي أخذت تعض الوسادة الي جوارها من الغيظ لا تصدق ما يفعله والفوضى التي ينشرها حالما يدلف، خرج ومعه الطعام الموجود بالثلاجة وسقط منه وعاء لأنه يمسك بالأطباق دون صينيه ولطخ الثلاجة والأرضية وخرج الي الصالة كي يتناول غذائه.
زمجرت شهد به:_ يفترض بأن هذا طعام الغد سوف يتوجب علي إحضار طعام غدا هكذا!.
قال والطعام يملئ فمه:_ هذا جيد.. فأنا أحب الطعام المحضر.. طازجا لقد نسيت إحضار كوب من العصير يا شهد هلا سكبت لي.
صرخت من الغيظ وضربت الوساد عده لكمات ثم توجهت الي المطبخ وصرعت حالما رأت الفوضى التي نشرها الابله به أمسكت بعصي المكنسة كي تنظف ولكنها قررت بأنها لن تحتمله مرة أخري خرجت وهي ممسكه بالعصا وتصرخ عليه:_ أيها الابله عديم المسؤولية ما هذا الذي فعلته بالمطبخ لقد انتهيت للتو من النظافة؟!.
رد دون أن يتوقف عن تناوله للطعام بشراهة:_ أسف لقد سقط سهوا مني.
تعالي الحنق بداخلها كثيرا وقالي السيد حاتم:_ لا بأس شهد سوف أنظفه أنا.
خرجت وهي ممسكه بعصي المكنسة وهددته:_ أقسم إن لم تذهب الي المطبخ في الحال وقمت بتنظيفه بأنني سوف أقوم بكسر هذا العصا فوق رأسك الغبي، وزمجرت بصوت أعلي:_ قم في الحــــال!.
توقف أخيرا عن تناول الطعام ونظر لها باندهاش، تمتمت من بين أسنانها:_ ألم تسمعني؟!.
وقف محمد وذهب الي المطبخ وتنهد بتعب من الفوضى أنها كبيرة حقا أكبر من كل مرة، أشار لها بأنه هو من سوف ينظفها ولكنها صرخت:_ اقسم بأن لا أحد سوف ينظفها سواه.
دلفت الي غرفتها بغضب ودلف محمد ورائها ولكنها أتت بصاعق الناموس الكهربي وأقسمت علي صعق الوغد.
:_ كفي عن هذا سوف أنظفه أنا. لم تعيره انتباه فسبب انفجارها بالسمج هو غضبها من محمد بالأساس وخرجت لتجد جمال علي حاله يأكل ويلعق أصابعه:_ لقد كان الطعام لذيذ للغاية.
أشعلت الجهاز وهددته بأنه إن لم يدلف الي المطبخ وينظفه كما يجب لصعقته حاول السيد حاتم تهدئتها ولكنها كانت في أوج غضبها وكان شكلها مضحك للغاية فتركها تفعل ما تشاء، دلف جمال وجعلته يفعل كل شيء مثلما تريد تماما، كان محمد غاضب من عنادها كثيرا فلوحت بالصاعق مدعيه البلاهة وأصابته به فانتفض من مكانه وأخذ الصاعق بالقوة منها أشار بيده بغضب علي علامة الجنون.
انتهي جمال من التنظيف وخرجت وراءه:_ هيا أحمل حقيبتك وحذائك القذر هذا، حملهم وهو غاضب وجلست وهي حانقة تراقبه وربع هو يديه وتمتم بغضب بأس مثله.
:_ هذه ليست أصول الضيافة شهد.
:_ أخبرتك بدل من المرة مائة بأنك لست مرحب بك هنا.
كتم السيد حاتم ضحكه بأعجوبة، وتذمر جمال:_ ولكن محمد أخي كيف لي ألا أتي لرؤيته؟!.
:_ لا ليس أخيك لم ينجب عمي سوي محمد.
هز محمد والسيد حاتم رؤوسهم موافقين شهد فهم أخبروا جمال بدل المرة مائة بأن المنزل لم يعد يحوي رجال فقط وعليه القدوم بمواعيد ولكن هيهات لم يحدث شيء.
:_ أعلم ولكنه بمثابة أخي وأنتِ الأخرى أصبحتِ بمثابة أختي.. .
قاطعته مزمجره:_ لست أختك بأي شكل من الأشكال هل تفهم هذا؟ وأخذت الصاعق ودلفت الي غرفتها بغضب وصفقت الباب ورائها.
فنظر لهم جمال وابتسم:_ يا اللهي كم تحب المزاح معي؟!.
فضرب السيد حاتم رأسه بكفه لن يفهم جمال ولو بعد مائة عام!!.
دلف محمد بموعد نومه الي الغرفة وهي كانت تغلي وتفور علي الأريكة دلف الي الحمام كي يفرش أسنانه ومن ثم اتجه الي السرير كي ينام وحالما وضع رأسه علي الوسادة لم يمضي سوي عده دقائق حتي بدأ بالسيمفونية العجيبة خاصته، كان غيظها في ذلك اليوم كبير فلم تحتمل وقفت ومعها وسادتها وذهبت أمامه ثم ودون أي مقدمات ضربت رأسه الذي يشخر ويصفر بكل قوتها!.
انتفض فزعا وجلس سريعا وارتدي نظارته ولم يصدق ما فعلته أشار لها بهلع:_ ما بك؟!.
:_ لم أعد أحتمل أي من هذا.
:_ ما الذي تريدينه بالضبط؟.
:_ أنت تشخر بصوت عالي جدا لا يمكنني النوم.
أزدرد لعابة فهو يعلم هذا من والده وجمال لقد أخبروه بهذا مرارا، أشارت له محذره بإصبعها:_ لا تصدر أي صوت وإلا لن أدعك تهنيء بليلتك مثلي تماما هل تفهم هذا؟!.
وذهبت بغضب الي اريكتها تجلس عليها وتهز قدمها بعصبية بالغة تدثر مرة أخري بالغطاء وهو ينظر بالسقف وتسأل ما خطبها اليوم تبدوا وكأنها جنت!.
لم تحتمل أنه نائم هادئ هكذا وهي تفور من الغضب فذهبت له مرة أخري وأخذت تضربه بالوسادة حتي أسقطته أرضا.
:_ ما بكِ أيتها المجنونة؟!.
ذهبت وجلبت بغطائها من علي الأريكة وهاتفها وسماعات الأذن خاصتها وركلت غطائه ووسادته علي الأرض الي جواره وقف وهو يلهث:_ ما هذا الذي تفعليه؟!.
:_ اليس لديك أي نقطه من الدماء؟! كيف لك بأن تتركني أنام كل هذا الوقت علي الأريكة يا عديم الإحساس أنت؟!.
صفق كلتا يديه بالهواء:_ ولكن أنت من ذهبت للنوم هناك السرير كبير للغاية يمكنك النوم هنا إذا أردت.
:_ لا سوف تنام علي الأريكة وأنا علي السرير.
وتوسطت السرير وتدثرت بالغطاء وصفق هو كلتا يديه ببعضهم البعض واتجه الي الأريكة ولكنه لم يستطع النوم عليها فجسده أكبر منها، ففرش الغطاء علي الأرض وبعد مده غط بالنوم وعلي صوت شخيره مرة أخري، امسكت الوسادة وهمت بقذفه بها ولكنها تراجعت علي أخر لحظه وخرجت من الغرفة وعادت ومعها مشبك ذلك الذي تعلق به الملابس وكتمت أنفه به وركضت الي سريرها وما هي إلا عده ثوان حتي أختنق واستيقظ مفزوعا مما فعلته أمسك بالمشبك وسحقه بيده ونظر لها بشر أشارت له بأنها لن تحتمل صوت شخيره العالي مرة أخري أبدا.
زم شفتيه ولملم وسادته وغطائه وخرج الي الصالة وصفقت هي الباب وراءه وقد شعرت بقليل من التحسن أخذت تلمس السرير " يا اللهي أنه ناعم للغاية أقسم بأنني لن أفارقه مطلقا سوف أبيته بالخارج كل ليله كي يتحدث جيدا مع الغرباء".
***
استيقظت في اليوم التالي والصداع يملئ رأسها ولكن المنبه دق جرسه في تمام التاسعة، نظرت في المرآه لتجد أمامها شبح ذو أنف أحمر كبير صفعت وجهها بشدة "يا اللهي لقد أصابني البرد!" لم يكن صوتها يخرج حتي!، غسلت وجهها وتوجهت لتحضير الفطور ولكنها كانت مصابة بالدوار بشدة أخذت تترنح بالمطبخ وحينما راها السيد حاتم أجلسها علي الاريكة علي الفور :_ ما بك شهد؟!.
بصوت مضخم ومحتنق للغاية :_ لا شيء .. أنه مجرد برد عمي .. سوف أصبح بخير.
كان صوتها بشع ومحتنق للغاية، رفض السيد حاتم تحركها مطلقا:_ لا بنيتي أنا سوف أهتم بك لا تتحركي.
وذهب السيد حاتم لتحضير الفطور وعمل شيء ساخن لشهد، مر محمد من جوارها والشرر يتطاير من عينه لما فعلته به البارحة ولكنه حالما راها مريضة، ذهب الي غرفته وعاد ومعه عده أقراص للدواء ووضع مؤشر الحرارة بفمها ومن ثم ناولها عده أدويه بفمها وطلب من والدة الاتصال بالصيدلية كي تحضر عده كمادات طبية واهتم بها كثيرا وبدأت تستعيد وعيها علي العصر أفاقت علي الاريكة لتجد محمد الي جوارها يتصفح هاتفة.
:_ هل تشعرين بتحسن؟. أشار لها
هزت رأسها موافقة وحاولت الوقوف، ولكنه منعها:_ هل تريدين شيء؟.
أمسكت برأسها وتمتمت بصوتها المحتقن:_ سوف أعد شيء للغداء لقد تأخر الوقت وسوف يأتي عمي بأي وقت.
شعرت بالبلاهة الشديدة حالما انتهت إنه لا يستطيع سماعها ولكن لحسن حظها" وهذا قليلا ما يحدث ، بل نادرا!!" فهم هو عليها وأجلسها ثم أشارا والخيبة تبدو علي وجه :_ أبي عاد وهو بالمطبخ يعد الطعام، تردد لحظة وأشار بأسف:_ للأسف.
جلست فهي لا تشعر بأنها علي خير ما يرام بعد ولكن استغربت اهتمام محمد بها الذي يضع لها المؤشر في فمها ويهتم بدوائها وأسندت رأسها علي ظهر الاريكة تراقبه وهو يفعل هذه الأشياء، التفت لها وهي تراقبه هكذا ارتبك كثيرا وتشابكت نظراتهم.
كانت شهد نظراتها جامده لا تعلم ما به وما هو موقفه منها، أما محمد فبعد برهة أخفض نظرة الي الأسفل ومن ثم خرج السيد حاتم بمئزر المطبخ ومغرفة الطعام بيده يخبرهم بمرح أن طعام الغذاء جاهز شكرته شهد ونكزت محمد بذراعة وأشارت له بأن طعام الغذاء جاهز، فصفع مقدمة رأسه بيده!.
كان الحبور واضح علي السيد حاتم وهو يسكب الطعام:_ حسنا يا شهد لقد طهوت لكِ حساء خصيصا من أجل البرد، حان الوقت كي تتذوقي طعامي وتخبريني عن مدي مهارتي بالطهو.
ابتسمت شهد لعمها حاتم الفخور بطهوه وحالما جلس علي طاوله الطعام ضرب جرس الباب وضربت شهد رأسها بالطاولة، أنه السمج!.
دلف يلقي بأشيائه في كل مكان ويجلس علي الطاولة:_ أه يا اللهي أنا أشعر بجوع رهيب، كيف حالك عمي ؟ كيف حالك محمد ، كيف حا... اه يا اللهي تبدين مريعة شهد!.
تنحنح السيد حاتم كي يتكلم بأدب ولكنه لا شيء حدث!، أمسك الجميع بالملاعق وبدأت شهد والسمج بحماسة ومحمد يسد أنفه ويضع الملعقة بحذر شديد في فمه!!.
بصق السمج طعامه من المفاجأة:_ اللعنة هل عدت للطهو مرة أخري؟!.
وشهد احتنق وجهها بشدة وابتلعت الملعقة بصعوبة شديدة تحت نظرات السيد حاتم الشغوفة لمعرفة رأيها بالطعام وعلمت الآن فقط لما يخبرها السمج وعمها أن طهوها لذيذ حتي أن محمد أخبرها بذلك في مرة!، اللعنة ما هذا الذي وضعته بفمها؟!.
:_ أنه .. أه حسنا عمي لقد أرهقت نفسك كثيرا بالطبخ!.
سألها بشغف:_ ما رأيك إذا؟!.
ازدردت لعابها بصعوبة وهي تنظر لكل من محمد وجمال الذين يجلسون قبالتها وتمتمت رغم عنها:_ لذيذ للغاية.
فرح السيد حاتم وتذوق طعامه ومن ثم عبس ورفع أصبع للأعلى وكأنه وجد فكرة لامعة:_ قليل من الملح وسوف يصبح رائع.
وذهب كي يأتي بالملح وتمتم جمال:_ أنتِ كاذبة.
حينما عاد السيد حاتم اعتذرت شهد بأن معدتها تؤلمها ولن تستطيع تناول أي شيء وهي مريضة وقام جمال عن السفرة وأخذ حافظة النقود الخاصة بمحمد وهاتف محمد أيضا وطلب البيتزا.
رمي السيد حاتم بيده علي أنه لا يهتم بجمال وربت علي يد محمد الجالس الي جواره:_ حسنا محمد أنت سوف تنهي كل ما في الأطباق أعلم أنك لن تخذلني يا ولد.
ارتعشت شفتي محمد وأوشك علي البكاء ولكنه تحامل علي نفسه من أجل والده " اللعنة!".
بعد مده توجه محمد ناحيتها ومعه شطيرة وعصير ليمون وأشار لها بهدوء ووالده في المطبخ ينظف الاطباق:_ أسف علي الطعام ولكن لا أعلم كيف أعد الحساء وأبي.. حسنا لقد تذوقتِ بنفسك!.
سعدت كثيرا باهتمامه وأشارت له بهدوء:_ لا بأس أبي لا يعلم كيف يعد كوب من الشاي.
وابتسمت له، ابتسم لها هو الأخر وتراقص قلبها فتلك مرة من القلائل التي تتواصل اعينهم مع بعضهم البعض كان كل شيء يدو مثالي تماما في تلك اللحظة لشهد ولمحمد هو الأخر فمن النادر إيجاد صديقة يمكنها أن تفهم عليه، وضع المؤشر بفمها ولازال كل منهم يبتسم للأخر بهدوء ونظر به وأشار لها بأنها تتحسن وحرارتها بدأت بالهبوط ، جاء السمج وخرب لحظه التواصل تلك.
تكلم والطعام يملئ فمه ببلاهته المعتادة:_ يا شهد أتمني أن تتحسني في الحال كي تتمكني من إعداد العشاء، يمكنك التعويض علي وعمل بعض من أنواع المحاشي بالغد سوف أتي بالرابعة.
اغتاظت كثيرا لأنها كانت سعيدة للغاية بتواصلها النادر مع محمد فصرخت بوجهه:_ أغرب عن وجهي.
توقف عن التهام البيتزا بشراهة ونظر الي محمد:_ لما تعاملني هكذا؟!.
جاء السيد حاتم من المطبخ بمئزرة ويده المبللة مسحها بقميص جمال ومن ثم حمل حقيبة وحذائه وعلبة البيتزا ووضعهم علي ذراع جمال وقذف به الي خارج الشقة وأغلق الباب ومن ثم عاد لهم وسألهم بمرح وكأن شيء لم يكن:_ ما رأيكم بكوب من الشاي يا أولاد.
فهز الاثنان برؤوسهم موافقين.
***
تحسنت شهد وقررت مسامحة محمد علي مكالمته لكاتبة مبتدئة واستغلت رفض كل من السيد حاتم ومحمد بأن تمارس أي من أعمال المنزل الي أن تستعيد عافيتها تماما بالكتابة، وقررت إعطاء محمد فرصة أخري فهي تشعر بالقليل من الحظ وهذا شيء نادر، بل شديد الندرة!.
أنزلت الحلقة بعد أن طبعتها علي حاسوبها العتيق وأمسكت بالهاتف تتابعه بشغف تري هل سوف يلاحظ محمد أنها هي كاتبة مبتدئة ولما عساه يتحدث مع واحده لا يعرفها ولا يتحدث معها هي؟!.
بعد ثلاث ساعات من النشر وصلها رأيه علي الحلقة منمق ومرتب كعادته، تراقص قلبها بحده بين ضلوعها واعتدلت بمجلسها وهي تراقبه دون أن يلاحظ يعبث بهاتفة وراسلته من حسابها الوهمي.
كاتبة مبتدئة:_ شكرا علي تعليقك أستاذ محمد اليوم، ولكن ما الذي تقصده بإطلاق العنان لأفكاري وأن الفانتازيا بلا حدود، ألم تقتنع بحلقة اليوم؟!.
ابتسم محمد لهاتفة الذي أهتز عند وصول رسالتها، ولعنته شهد سرا " اللعنة عليك مائة مرة أيها الوغد!"، أعتدل بمجلسه وسط حنقها الشديد منه وبدأ بالرد علي الرسالة وقرب الهاتف من وجهه كثيرا، لم تحتمل شهد ودلفت الي غرفتها تذرع بها ذهابا وإيابا وأغلقت حساب كاتبة مبتدئة كي لا تري رده علي سؤالها " ذلك الوغد اللعين الخائن، لما عساه يبتسم لواحده لم يرها من قبل قط ولا يعلم حتي اسمها الحقيقي وأنا يتحاشى النظر بوجهي حتي!".
ظلت شهد تغلي وتفور الي أن دلف الي الغرفة ونام علي الأرض، ولكنه حالما أصدر السمفونية العجيبة الخاصة به، قذفته بالوسادة وفزع هو، فرك وجهه وقام بإهمال من علي الأرض " ها قد أصابها الجنون مرة أخري " وقبل أن تشير له بعصابية لملم فراشة وخرج للنوم علي الأريكة.
خرج السيد حاتم للحمام وسمع صوت رهيب بالصالة وذهب ليجد محمد نائم علي الأريكة يشخر، هم بإيقاظه ولكن باب غرفة شهد فُتح وخرجت شهد عابثة لشرب المياه.
:_ مساء الخير عمي، قالتها بوجوم.
:_ مساء الخير شهد، هل هناك خطب ما؟ ما الذي يفعله محمد علي الأريكة؟!.
عادت شهد وبيدها كوب من المياه وعيونها كانت عابثة ومحمرة للغاية وتمتمت بعتب للسيد حاتم:_ عندما أتيت لأول مرة عمي أنت ومحمد لمنزلنا هل ذكرت لي أنه يشخر بصوت عالي للغاية؟.
هز السيد حاتم رأسه بخجل بأن لا، زمت شفتيها وعادت الي غرفتها ونظر السيد حاتم لابنة وتمتم :_ مسكينة يا اللهي هذا الصوت رهيب.
خرجت شهد من غرفتها وهي تسير كالأموات لما ينام قرير العين وهي تكافح من أجل أن تكف عن البكاء؟، قامت بسكب كوب المياه فوق رأسه ولم تبالي لانتفاضة وسقوطه أرضا وعادت بنفس المشية البطيئة العجيبة الي غرفتها مرة أخري تاركه إياه كي يتذمر ويركل الأغراض علي راحته!.
استيقظت في اليوم التالي وحضرت الفطور، وغادر السيد حاتم المنزل في موعده في التاسعة والنصف صباحا أما محمد فلم يكن يغادر قبل الثانية عشرة، حالما ذهب والده اتجه ناحيتها وأشار لها بغضب :_ لما اصابك الجنون وفعلتي ما فعلته البارحة؟!.
تعالت انفاسها واشتاطت من الغضب :_ لأنك وغد وخائن.
جحظت عيناه منها:_ ما الذي فعلته؟!.
صاحت به وهي واضعه يديها بخاصرتها:_ تتحدث للغرباء جيدا أما أنا فلا ترد علي، حسنا تبا لك أيها الابله.
ضم قبضتيه وزم شفتيه بغل واضح:_ الزمي حدودك ولا تخرجيني عن طوري، انتِ وحدك من سيندم.
جلبت هاتفها وأرته حساب كاتبه مبتدئة وجحظت عيناه من شده المفاجأة وصرخت هي بوجهه:_ أنا هي كاتبة مبتدئة أيها الوغد.
ورمت الهاتف وأخذت تضربه علي صدرة بقبضتها وانهالت عليه بالسباب:_ تتحدث مع الغرباء وأنا تهز لي برأسك فلتذهب الي الجحيم أيها اللعين.
خجل محمد كثيرا من نفسة لأنها سألته وهو لم يجيبها بشيء أما عن كاتبه مبتدئة فقد كتب لها رأيه فيما يعادل الصفحة تقريبا!.
دلفت الي غرفتها وأخذت تبكي لم تعد تحتمل ما يحدث معها وهو يزيد من الأمور سوء بتجاهله المتعمد لها، وقفت أمام المرآه تراقب دموعها التي تسقط بغزارة وتتسأل الي متي سوف يتجاهلها الجميع؟ لما لا يرغبها أحد؟ والي متي سوف تتحمل هذا الوضع؟!، دلفت الي الحمام كي تغتسل عليها بألا تنجرف في البكاء فاليوم هو الخميس وعليها بالذهاب باكرا الي والدتها التي لا تنفك عن سؤالها إذا ما كانت حامل أم لا؟!.
***

ليس زوجي المعاق !! الجزء الأول.. للكاتبه المميزة هالة الشاعرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن