كم من الوقت استمرت لوارا تحدق بروب ماكفرسون ويبادلها النظر ، هذا امر لم تعرفه ابدا ... ربما مجرد لحظات .. لكنها احست بان جو الوقار قد هجرها .. وانه احس بهذا ايضا .. تلك العينان السوداوان كانتا تخترقانها وكانه يحاول ان يرى ما بداخل روحها . ثم استدار لينظر الى ايلين .. وكانما احس بان شيئا ما جرى بينهما . ثم رفع جوناس راسه ، بعد ان كان اهتمامه منصبا على وضع السكر فى قهوته ، غافلا تماما عما يجرى حوله ، وسال روب : اكنت تعرف بامر لوارا قبل ان تراها هذا المساء ؟
اخذ قلب لوارا يخفق بشدة .. ولن تنسى تلك النظرة التى ظهرت على وجه ايلين بسرعة ، لكن كانت هناك فى تلك اللحظة ازمة اشد الحاحا تثير اهتمامها . فلو كرر روب اى شئ من الاتهامات التى الصقها بها اليوم ، لن تكون واثقة ، وبغض النظر عن مكان وجودهم ، من ان جوناس لن يوجه قبضته الى فك روب ماكفرسون 0
منتديات ليلاس
سارعت ترد قبل ان يقول روب شيئا : فى الواقع ، كنت فى دارموند بعد ظهر اليوم . اراد السيد ماكفرسون رؤيتى بسبب اوراق سرية ، وبشكل اضطرارى 0
ثم اخذت تشرح عن زيارتها ، مستعدة للكذب بدلا من ان تقول لجوناس ما حدث 0
انتظرت من روب ان يعارضها ، تعلم انه سيفعل ، اذا لم يرق له ان يوافق على اكاذيبها . ادارت راسها تنظر اليه ، لتجد ان السخرية عادت الى عينيه .. وبدا انه يعتبر شرحها لسبب زيارتها للشركة كافيا تماما ، فتنهدت بصمت ارتياحا .. لكنه قتل هذا الارتياح بحدة حين قال لها : قد اكون رئيسك لوارا .. لكن الا يمكنك ولو لهذه الامسية ان تنادينى روب ؟
كان اخر ما يمكن ان تتوقع سماعه منه ، وفاجاها هذا للحظات ، قبل ان تدرك انه ربما يكون طلبا عاديا لانه وجوناس من العمر نفسه ، وهذه مناسبة اجتماعية 0
اجابت ، بعد تفكير ، لكن دون اعادة ذكر اسمه : اجل .. طبعا 0
وبدا انها لن تتكبد اى عناء لتنقلب الى شريرة . رد عليها زوجها بشئ من التصلب : اليس كذلك ؟
تساءلت لوارا ما اذا كانت لدى جوناس فكرة عما تحاول ايلين ان تفعله ؟ ماذا تفعل ايلين هنا مع روب وهى تعرف تماما انها ستجد جوناس فى هذا المطعم بالذات ، من بين كل الاماكن ... لاحظت ان النظرة الصارمة المتشددة قد غادرت وجهه ، لتحل محلها كآبة كشفت لها الالم الذى يعترى داخله . حين نظر اليها ، كان من الطبيعى ان تشجعه بابتسامة 0
-اترقصين لوارا ؟
عيناها تركتا جوناس فجاة ، لتجد روب يقف على قدميه ، واضح ان فكرة رفضها لم تخطر على باله . وكانت سلطة هذا الرجل ، بالرغم من انها مغلقة بقفاز مخملى ، قوية بحيث وجدت نفسها تقف ، وترافقه معه الى باحة الرقص 0
الفرقة الموسيقية الرباعية كانت تعزف لحنا ناعما تطلب من روب ان يلف ذراعه حولها ، واحست بتلك الذراع تلفها كطوق من فولاذ ، لكنه لم يشدها نحوه . املت ان تكمل رقصها معه بصمت ، الا انها ، وقبل انهاء الحركة الاولى وجدت انها مخطئة ، فقد كان لدى روب اشياء حادة ومحددة يقولها لها ، والعدائية التى شهدتها فى وقت مبكرمن ذلك اليوم ، ظهرت مجددا وبكامل قوتها حين قال لها : الا يمكنك الانتظار لتصلى الى البيت قبل ان تلتهميه ؟
صوته ، البعيد عن الدقة ، حرك غضبها من جديد ، فسالت باختصار : جوناس ؟
-ومن غيره ؟ قد يكون عشيقك .. لكننى كنت اظن ان الذوق السليم يدعوك الى اخفاء رغباتك خصوصا فى وجود زوجته 0
اوه .. كم تتمنى لو انها قالت لجوناس كل شئ .. وكم ترغب فى ان تتخلى عن كل شئ ، اى شئ لتوصل لكمة الى هذا الفك .. وبنفسها ! .. اذ لمجرد ان ان هذا الرجل المتعجرف شاهدها تبتسم لجوناس ، وجد فى هذه الابتسامة دليلا على انها تعض النواجذ اشتياقا لان تاخذه الى منزلها .. ورت متصلبة : لقد قلت لك اننا مجرد صديقين .. نحن لسنا الان ، ولم تكن يوما عشيقين .. ولو استطعت ان ترفع مستوى تفكيرك عن الارض ، لصدقتنى 0
-ولو انك شاهدت من هذا العالم ما شاهته ، لعرفت اننى لايمكن ان ابتلع هذه الاكذوبة 0
عدائيته لها ، لم يؤثر ، ولاباية طريقة على رشاقته فى الرقص ، فاستدار بها دورة رائعة ، استطاعت ان تلحق بها بدون انزعاج .. ومع ذلك انفجرت : اووه .. صدق ما شئت .. اللعنة عليك !
دون انتظار رايه فيما سمع تابعت بحدة : وبما انك رجل واسع الافق ، لااعتقد ان وجودك الان مع ايلين هنا ، يعنى انك قد ترضى بمجرد الامساك بالايدى حين تعيدها الى منزلها هذه الليلة !
فى سرها ، علمت لوار ان هذا كلاما شريرا ، لكنه تندم عليه . لماذا يظن نفسه قادرا على ان يقول لها مايريده ولايتلقى الرد المناسب ؟ حين تراجع عنها قليلا لينظر الى وجهها ، توقعت ان يوبخها على كلامها ، لكنها رات ان الغضب قد زال عن وجهه وظنت النظرة التى ظهرت فوقه الان ، نظرة حيرة .. وسالها ببطء : الا تعرفين ان ايلين هى ابنة خالى ، وان نيكولاس ماكداف هو شقيق امى ، وان عائلتينا كانتا متماسكتين ؟
النظرة التى كانت فى عينى لوارا اخبرته انها لم تكن تعلم .. وانتهى اللحن الذى كانت الفرقة تعزفه ، لكن روب لم يبعد ذراعه عنها ، بل وقف ينظر اليها ، وتبادله النظر .. ثم عادت الموسيقى ، وعادوا الرقص مجددا ، على لحن سلو ناعم اخر 0
ما قاله لها بدا يستقر فى ذهنها ، فقالت : لم يكن لدى فكرة 0
صمت روب وهو يقود خطواتها وفقا لوقع الموسيقى .. واحست بمعنوياتها تنخفض .. لم تكن تفكر ابدا انها ستواجه معركة شرسة للحفاظ على وظيفتها ، بعد ان عرفت الان ان ايلين هى المحرك الاساسى وراء محاولة صرفها من العمل .. لكن .. ما هى فرصها الان بعد ان عرفت كذلك ان ايلين ليست صديقة عادية لروب ، بل هى احد افراد عائلته ؟ ولطالما كانا متقاربين كما قال ! تذكرت انه قال لها انه يعترض بشدة على ان يتعرض للضغط فى كل مناسبة للتخلص منها . ثم قال انه لاسباب اخرى هى روابطة العائلية .. ومع ان شخصا فى مثل مركزه قد يتمكن من قول لا ، ويعنى ما يقول ، كان لبعض افراد الاسرة امتيازا خاصا .. ساعتها تلك الا موجودة للتصرف على اساسها 0
سالته وهى تتابع التفكير : ايلين تريد طردى ايضا ، اليس كذلك ؟
-هذا ليس بالامر الغريب .. اليس كذلك ؟
هاقد عاد الى تفكيره الاصلى بانها عشيقة جوناس .. ووجدت انها ستضيع انفاسها فى تكرار ما قالته سابقا .. يمكنها الانكار حتى تكاد تختنق .. ولن تصدقها .. لكنها قالت محتجة : ايلين هى التى تركت جوناس ، وليس العكس 0
رد بحدة : ما من امرأة فى مستوى ايلين ، تبقى مع زوجها بعد ان يبدا بالعبث 0
-لكن ..
كانت تحاول ان تقول له انها واثقة من حب جوناس لزوجته ، وانها لاتظن ابدا انه كان يعبث .. لكن صدمة باردة هزتها قبل ان تكمل كلامها ، بعد ان استوعبت ان مايقوله روب ماكفرسون هو انها وجوناس ، كانا على علاقة ، حتى قبل ان تتركه ايلين . احست بالغضب يشتعل من جديد .. بدات الكلام : انتظر لحظة الان ..
كانت ستقول له بكل صراحة ان ايلين تركته قبل ثلاثة اشهر من تعرفها اليه .. لكن روب قاطعها مهاجما : لا .. انتظرى انت لحظة ! واضح لى ان ايلين نادمة على تركها لزوجها .. وواضح اكثر واقع انها تريد العودة ...
سالته لوارا تقاطعه : وما الذى يجعل من الواضح لك انها تريد العودة اليه ؟
لم تكن تصدق كلامه ، فايلين يمكنها العودة الى جوناس ساعة تشاء ، ونعرف هذا . لو انها ليست عنيدة حول اصرارها فى ان ترى زوجها يدخل مجلس ادارة شركة دارموند .. لتمكنت ...
قاطع روب افكارها : انها لم تستطع الانتظار لتراه الليلة ...
هذا واضح لوارا انه لا يعرف شيئا عن ان ايلين رفضت دعوة جوناس للعشاء .. واكمل روب كلامه : اضطررت للاتصال بوالد ايلين لمسالة طارئة . وحين انهيت مكالمتى معه ، دخلت ايلين على الخط تقول انها تشعر بالاحباط وتطلب ان اخذها الى العشاء .. ولم افكر بشئ ، فهى تطلب منى دائما ان اخرجها معى .. لكن ما ان رايتكِ ، حتى علمت ان بريستونز ليس بعيدا عن المكان . وحين اقترحت اجتماعنا نحن الاربعة ، عرفت لماذا اختارت هذا المطعم بالذات .. وكما قلت ، لم تكن قادرة على الانتظار لتراه 0
استمعت لوارا الى ما قاله ، وكادت تكشف له انها لا تستطيع تصديق قصته ، لانها تعرف ان جوناس اتصل بزوجته قبل ان تتكلم هذه معه لتطلب منه اخراجها الى العشاء .. لكنها لاحظت شيئا لم تلاحظه هو ، ولايمكن ان يكون قد راه ..لان ايلين لم تكن تجد من المناسب ان تخبره ان جوناس كان دائم الاتصال بها .. وعرفت بالضبط ما هى اللعبة التى تلعبها ايلين 0
استنتجت لوارا ، ان ايلين قد تكون راغبة فى رؤية جوناس ، لكنها كانت ترغب فى ايقاع الالم بجوناس .. وتمكنت لوارا ان ترى ما لم يستطع روب ان يراه بسبب جهله بالترتيبات السابقة والغاء ابنة خاله لموعدها مع زوجها ، فايلين قد حصلت على فرصة نادرة فى ان تصيب عصفورين بحجر واحد .. فقد كانت تعرف ان جوناس قد حجز طاولة فى هذا المطعم ، وعرفت حين اتصلت به مجددا لالغاء الموعد انه سيتصل بلوارا لياتى بها معه .. وبمجيئها الى هنا مع روب ، امنت لنفسها ان لاترى جوناس فحسب ، بل ان تجعل رئيس مجلس ادارة دارموند يصدق ان الشخص الوحيد الذى لم يستطع جوناس انتظار رؤيته حين عاد من سفره هو لوارا ويلكنسون . وانه لم يفكر البتة بزوجته . كما انها لم تضع وقتا فى ابراز هذه النقطة حين سالته بطريقة عفوية مزيفة : هل عدت اليوم ؟ وكانها لاتعرف !ادارها بين ذراعيه وهو يراقصها ، بحيث استطاعت رؤية الطاولة حيث يجلس جوناس وايلين .. امام ذهولها ، شاهدتهما يضحكان على شئ قاله واحد منهما .. ويبدوان كان لا وجود لاحد غيرهما . ثم قادها روب بحيث لم تعد تراهما . وسمعت صوته فوق راسها يسال : الا يمكنك تركه يا فتاة ؟
سؤاله لم يكن ساخرا ولاباردا .. وبينما حاولت معرفة ما تعنيه لهجته ، اذركت ، بصدمة كالصاعقة ، انها الشفقة 0
ذهلت .. الشفقة ! يالهى .. انه مؤمن باننى احب جوناس حقا .. ! وان رؤيتى لهما متفقان كدرتنى ! وكيف له ان يعرف ان احدى اعز الامنيات على قلبها ان تعود ايلين الى جوناس ، ليعود جوناس سعيدا مرة اخرى 0
كانت الفرقة تعزف اخر شطر من اللحن ، وتوقفت الموسيقى .. لوارا لم تكن قد تكلمت منذ طلب منها روب ان تترك جوناس وشانه .. لكنها وهى تترك نصف دائرة ذراعه ، احست ان الذراع الاخرى المحيطة بخصرها ، ترفض ان تتركها . فرفعت نظرها اليه لترى ان اى شفقة كانت قد احست بها فى لهجته قد اصبحت من الماضى .. وقال يحثها : اتركيه لوارا .. بابتعادك عنه قد تكون هناك فرصة لحل خلافاتهما 0
ارادت ان تنتزع نفسها من ذراعه ، لكنها لم ترغب ان يشهد احد صراعا لا طائل وراءه لو حاول التمسك بها .. اهناك فعلا فرصة لاصلاح الخلافات ؟ فجاة احست بنفاذ الصبر حيال الجميع ، بمن فيهم جوناس .. فهى ليست ابدا العقدة امام المنشار 0
لم تستطع ان ترى نفسها فى صورة المرأة الاخرى ، واسقمتها الصورة التى رسمها لها روب ماكفرسون . فصاحت بحدة : حسنا جدا .. بامكان ايلين ان تحصل على فرصتها مع جوناس .. وبما انك فجاة انقلبت الى مصلح اجتماعى وتحس بحاجتك الى عمل الخير .. بامكانك اعادتى الى منزلى ، وبما انك انت العبقرى .. فكر بشئ تقوله لجوناس 0
تركها روب ، ونظره حادة تعلو وجهه : يالهى .. كم انت واثقة منه ! ام انك .. ترين فى سمكة اكبر للاصطياد ؟
كيف تمكنت من اطفاء غضبها ، لم تكن تدرى .. لكنها توجهت الى طاولتهم غير عابئعة بما اذا كان لحق بها ام لا ، وهى تقول : انا واثقة انك دائما تحتفظ معك بحذاء الركض ، حيثما تذهب 0
لم تتوقع ان يلتقط روب القفاز الذى رمته فى وجهه فى فورة الغضب ، ويقبل التحدى .. لكنها وقبل ان تتمكن من استعادة مقعدها ، ذهلت حين جذبتها يده من ذراعها توقفها ، وسمعته يقول لجوناس انه سيوصلها الى البيت 0
لم تعرف كيف تمكنت من اخفاء ذهولها وهى تسمعه يلتقط كذبتها التى بداتها حول زيارتها له بعد الظهر ويدعى ان الاوراق التى جاءت لاجلها الى الشركة ، اخذتها معها الى المنزل .. وكان يقول لجوناس بثقة وسهولة ، انه اكتشف وهو يراقصها انه بحاجة الى تلك الاوراق لاجتماع صباحى مبكر . وانها لن تتمكن من ايصالها له فى الوقت المحدد غدا 0
كيف تمكنت لوارا من ان تخفى ذهشتها امام سهولة كذبه .. وعرفت ان تالقه قد اكتمل بقوله : اتمانع فى ايصال ايلين الى منزلها لاجلى ؟
بعد جلوس لوارا الى جانب روب فى سيارته واتجاهه بها نحو شقتها ، قالت له : حسنا جدا .. عرفت الان انك عبقرى 0
لم تكن تعنى ان تطريه .. ولم تبد ملاحظتها سوى ساخرة .. لكن هذا لم يزعجه .. بل قال : التواضع يمنعنى من موافقتك تماما 0
لم تشعر لوارا يوما بمثل هذه الرغبة فى ضرب رجل . ولما تبقى من الطريق ، ابقت كلامها معه مختصرا بارشاده الى الطريق .. بعد ان اوقف السيارة سالها : هل لى ان ادخل معك ؟
لم ترد عليه .. تعرف انه سيجد فى عدم ردها الرفض المطلق .. لكن ، راعها ان تجد انه فسر سكوتها بالموافقة .. ووجدته يغادر السيارة ويصعد السلم الى الباب الرئيسى معها ... فتنفست بعمق فى جهد للسيطرة على سخطها المتصاعد ، ودست المفتاح فى باب المدخل الرئيسى ، واستدارت لتقول له عمت مساء بطريقة حازمة تصرفه عنها .. لكنه دفع الباب وساعدها على الدخول ، مضيئا المصباح ، ثم استدار ليقفل الباب ثانية 0
قالت مجددا ، وبحزم : عمت مساء .. سيد ماكفرسون !
-ساوصلك الى باب شقتك 0
واحست بحلقة المفاتيح تنتزع من يدها ، واشار اليها لتتقدمه 0
سارت امامه الى الطابق الاول حيث شقتها الصغيرة ، ووقفت تشحذ اسنانها وهو يفتح الباب ، ويتراجع ليتركها تمر امامه .. يداهما وصلتا الى مفتاح النور معا ، واحست بقشعريرة لمسته فى الوقت نفسه غمر فيه النور غرفة جلوسها . فسارعت لابعاد يدها عن يده ، لكنه لم يترك لها يدها .. بل اقفل الباب ونظر حوله الى الغرفة الصغيرة النظيفة الانيقة ، وهو لايزال ممسكا بيدها . فقالت له : ايمكن ان استعد يدى؟
مشاعرها المتزايدة اضطرابا كانت تشتد تذبذبا حين تستقر عيناه على شفتيها ... يالهى لا تدعه يبدا شيئا معها .. لكنها لم تكن واثقة من ان اضطرابها هذا كان بسبب خوفها على وظيفتها ، ام انه بسبب شئ ما فى نظرته اليها ... تلك النظرة كانت تقول لها انه نادرا ما يواجه الرفض فى مثل هذه المواقف 0
قال لها ، دون الاذعان لطلبها : انها يد جميلة جدا 0
رفعها يتفحصها اكثر ، قبل ان يضعها على فمه يلامسها بشفتيه .. حاولت لوارا سحبها .. كانت تحس بلهيب غريب من المشاعر غير مرغوب فيها وغير مفهومة لها ، بعد ان رفض ترك يدها ، واستغل الموقف ليقربها اليه اكثر 0
-انا ... انا ... اظن من الافضل ان تذهب الان سيد ماكفرسون 0
كرهت سماع صوتها القاسى اكثر مما كانت تنوى . لكنه رد عليها بنعومة يصحح لها كلامها : روب ... ووجهك جميل يماثل يديك الجميلتين لوارا 0
شدها اكثر ، فاضطرت الى التقدم خطوة ، جعلتها تقترب اكثر 0
-اسم .. اسمع ... سيد ماكفرسون ..
-هس !
ماكانت تتوقعه ، ما كان جزء من عقلها يود قوله ، بدا يحدث .. فقد احنى روب راسه باتجاه وجهها ... ففتحت فمها محتجة ، لكنها لم تستطع فعل اكثر من هذا ، واحست لوارا ان عناقه هذا غريب عن كل ما اختبرته فى حياتها 0
حاولت بكل طاقتها مقاومته . لكن ما ان اطبقت ذراعاه عليها ، حتى واجهت اقسى عمل تقوم به وهو ان لا تستسلم . ارتفعت يداها تلتفان حوله وعلمت انها لم تعد تفكر0
لكن الفتاة التى عرفتها فى نفسها دائما ، تراجعت ، خائفة مما قد يقود كل هذا اليه .. واساء فهم حركتها ، فقال هامسا فى اذنها : انسى امر بريستونز 0
سماعها اسم جوناس ، جعل مشاعرها تتفكك وتتضح بعد ان تذكرت ما قاله روب وهما يرقصان : يالهى كم انت واثقة منه ! ام انك ترين فى سمكة اكبر للاصطياد ؟ اهذا ما يعنيه من كل ما يفعل الان ؟ ايظن ان تحديها الطائش له بان يوصلها الى بيتها يعنى له انها لن تمانع فى ترك جوناس من اجل لقطة اكبر ؟ واذا كان هذا ظنه ، فلماذا يظهر لها دليل على انه يجاربها فى لعبتها ، وبكل وعى منه ؟
طافت هذه الافكار فى راسها ، لتصل الى توقف كامل ، حين احست باصابعه تعبث بسحاب فستانها . لمسته خبيرة ، بحيث لم تشعر بها على الفور ، وجمدت ، ثم قالت ببرود : يمكنك ان تعيد السحاب مكانه 0
على الفور توقف وتراجع ينظر اليها . تعبير وجهها المتجمد تركه من دون شك فى انها تعنى ما تقول ، هز كتفيه ، وعادت النظرة الساخرة الى عينيه : كما تشائين سيدتى ...
مما دفعها ، وياللاسف ، ان تعرف ، انه وفى وقت كان يجعل نبضات قلبها تتسارع حتى كاد قلبها ينفجر ، كان اغواؤه لها يتم بكل برودة اعصاب . وقال : اعتذر لوارا0
الطريقة التى اعتذر بها كانت مهينة ، فواضح ان تاثيرها عليه ، على الرغم من نوعية التاثير الذى كان له عليها ، كان طفيفا واكمل : يبدو ان طريقتى فى المغازلة ليست ما اعتدت عليه 0
لم تشك ابدا ان كلامه هذا مجرد اظهار اخر لما يعتقده عنها ، فاختلط غضبها مع المها ، لتقول متهورة : هذا صحيح بما يكفى .. فانا معتادة على .. كمال محدد ..
اى شئ اخر كانت تنوى قوله ضاع من راسها حين رات ان السخرية ماتت عن وجهه .. لقد قصدت ان تؤلمه ، وعرفت ان لذاعة تعليقها ، واستخدامها لكلمة الكمال ، قد اصابت الهدف 0
قال لها يكبح غضبه : ربما لم اكن لبقا كعادتى فى مثل هذا الموقف .. لكن مع اعطائك لى اشارة الانطلاق حين دعوتنى الى ان اوصلك الى منزلك .. وعلى الرغم من محاولتك الظهور كصعبة المنال ، ظننت نفسى قد وصلت ، دون حاجة الى اللباقة .. لكن ، بكمال ام بدونه ، ماكنت ستعترضين لولا اننى ذكرتك بان بريستونز يبدو لك استثمارا افضل منى على المدى الطويل 0
لم تشعر يوما بسعادة مماثلة لسعادتها الان اوقفته عند حده كما فعلت ... فهو لايحاول ابدا ان يخفى عنها انه سوف يسام بسرعة من اى شئ قد تقدمه له .. وزادت سعادتها حين اضاف : لولا اننى ذكرتك بالتزامك معه ، لسارت الامور بشكل مختلف .. ولما كان رفيق ليلك رجل متزوج 0
لو انها تنوى جرحه بقولها له ان الكمال ينقصه ، فان انتقاده البارد لها ، ورايه الصريح باخلاقها كان اكثر ايلاما ، خصوصا وان هذه المرة هى الاولى التى تنسى فيها نفسها الى الحد الذى تتجاوب فيه مع رجل .. ازدراؤه الشديد لها جعلها تحس بالغثيان .. ثم ادركت فجاة ، وبوضوح ، الرد على ما كان يحيرها منذ دقائق .. الرد عليه بانه سمح لنفسه ، وحسب ظنه بها ، بان تستغله . وهو يظن انها تجرى خلف رجل يتفوق على جوناس فى خبرته مع النساء .. هذا الرد اصبح فجاة شديد الوضوح . وشاهدته يتقدم نحو الباب ، وعرفت انه مستعد للرحيل بعد ان قال ما يريد قوله ، فقالت له : كنت تحاول اخراج جوناس من حياتى ، اليس كذلك ؟ظننت اننى لو استسلمت لك ، فكل ما عليك ان تفعله هو ان تخبره فى الغد بما جرى ، وما ان يعرف ذلك حتى تنهى علاقتنا فورا 0
استدار روب ، واذا كان غاضبا ، فقد زال غضبه الان .. وقال ساخرا : لكنك لست على علاقة معه .. صحيح ؟ بكل تاكيد انتما مجرد صديقين ؟
الاحساس بالغثيان الذى اخذته لوارا معها الى الفراش كان لايزال معها حين استيقظت فى الصباح التالى . تذكرت مرة اخرى ما حدث بينها وبين روب ليلة امس . كانت تامل ان تكون مشاعرها قد خمدت قليلا بعد بضع ساعات من النوم ، لكنها وجدت ان ذلك لم يحدث وهى تتساءل مرة اخرى ماذا دهاها معه 0
لم يكن فى الرجل اى شئ يعجبها .. لطالما كانت تفكر ، وانها وحين ياتى الوقت ، وتجد الرجل الذى تمنحه قلبها ، سيكون ذلك الرجل لطيفا ، محبا ، ورقيقا . كانت تؤمن ان الاحساس بالرغبة فى ان تبقى بين ذراعيه لاختبار المزيد ، سيحصل حين تكون قد اعتادت على ذلك الرجل لبعض الوقت وعرفته اكثر . وان تكون نظرتهما المشتركة لبعضهما ، وببطء متدرج ، قد وصلت الى مرحلة ياخذ حبهما المشترك فيها مسيرته الطبيعية ... روب ماكفرسون ، لم تعرفه سوى منذ اقل من اثنتى عشرة ساعة .. رجل لم يكن لطيفا ، ولامحبا ، ولارقيقا . اخذها بين ذراعيه ، ليقلب كل نظرياتها عن الحب راسا على عقب 0
ماذا عن ردة فعلها ؟ خرجت من السرير بسرعة ، واخذت تدور فى شقتها تستعد للذهاب الى المكتب ، لتهرب من افكارها . لكن لامجال للهرب . كانت الافكار تربط مرفقيها وهى تستحم ، ترتدى ملابسها ، وتمسك بخناقها . هل كانت هى نفسها حقا تلك التى تصرفت ليلة امس ؟ ابتلعت قليلا من القهوة الساخنة ، لتحصل على لحظات قليلة من الراحة من افكارها المعذبة . لكن سرعان ما عادت تلك الافكار الى التزاحم . المشاعر التى احستها ليلة امس كانت خارج اطار اى تجربة اختبرتها من قبل ... اوه ... صحيح انها عرفت رجالا من قبل ، لكنها دائما كان لها تحفظ محدد معهم .. ولم يكن من عاداتها العبث معهم .. ليس هذا من طبيعتها .. او هكذا كانت تظن 0
احست بالعرق البارد يتصبب من جسدها وهى تتابع افكارها .. ماذا لو رفض روب ان يتقبل رفضها ؟ ماذا لو انه كشف محاولاته ، وتجاهل احتجاجاتها ، وتابع ما كان يفعله ؟ اكان من الممكن ان يتداعى كل ما امنت به ، ماذا لو استطاع ان يتغلب على مقاومتها ؟ ماذا ؟ لابد انه كان سيضحك بسخافة اعجابا بنفسه هذا الصباح ! ولكان قد عرف انها كانت تقول الحقيقة حين قالت له انها ليست عشيقة جوناس .. ولكان عرف انها لم تكن عشيقة لاى رجل 0
ركزت لوارا بقسوة على عملها ، وهى تحس بالفرح لوجود ما يشغلها عن التفكير ، الى ان رن جرس الهاتف ... وقال لها الصوت من الناحية الاخرى : آه .. لوارا 0
انه صوت الرجل الذى احتكر الكثير من افكارها وبعد وقت قصير من معرفتها به .. وتابع الصوت الكريه يقول ساخرا : هل حاولت الخلاص منى بالنوم ؟
ابتلعت ريقها ، وتمسكت بافضل ما تدربت عليه كسكرتيرة ، لتقول ببرود : صباح الخير سيد ماكفرسون 0
ليلة امس كانت تناديه روب .. وكادت تفقد سيطرتها على نفسها لكنها سارعت للتشبث بها : هل استطيع مساعدتك ؟
رد ساخرا : بكل تاكيد 0
تبع ذلك صمت قصير ، ربما كان ينظر خلاله ان تفهم كلامه ذو الحدين .. واشتد ضغط شفتيها الى ان اصبحتا خطا مستقيما ، لكنهما سرعان ما انفرجتا جناحين تابع كلامه : تعالى الى هنا فى اسرع وقت ممكن .. انت فتاة طيبة 0
اوه .. يالله ، الن تتغلب ابدا على قلقها حول مسالة صرفها من العمل ؟ وسالت رئيس مجلس ادارة دارموند ، وهى تدرك تماما انه لا يتوقع من احد ان يتساءل حول اوامره : لماذا ؟
-استطيع ان اقول ، لاننى اقول لك هذا . لكن ولانك على الارجح مضطربة ، وتودين انهاء اعمال ناقصة فى مكتبك ، ولانك لن تعودى ...
لن تعود ؟ ما ان تفهمت هذه الكلمة ، حتى تحطمت كل محاولاتها للتماسك . واصبحت كل مشاعرها متوترة بعد ان عرفت انها لن تعود الى مكتبها فى شركة غولدر وبروك .. فقاطعته قبل ان يكمل : اذا كنت تظن اننى ساقطع المدينة لمجرد ان تقول لى اننى مصروفة من العمل .. بامكانك التفكير ثانية سيد ماكفرسون !
لم تعد لحظتها تفكر ، وكانت الكلمات تتدفق منها دون وعى .. واكملت : واستطيع ان اقول لك ، ان ظنى بشركتك ليس بالجيد مهما كانت كبيرة . خصوصا وانك قادر على ان تعود بسهولة عن وعد قطعته للسيد غولدر ثم تتخلص من موظفيه لحظة يدير ظهره !
كان الغضب قد تملكها تماما .. اهذا هو الرجل الذى احتواها بين ذراعيه ليلة امس ؟ عاد الغثيان يتملكها مجددا وهى تتذكر كيف استطاع ، دون الرجال ، ان يثير فيها مشاعرا لم تكن تعرف بوجودها ... ثم وبعد اقل من اثنتى عشرة ساعة ، يطردها من عملها ... غيظها من افكارها ، مختلطا مع الذعر ، من انها لن تستطيع الوفاء بالتزماتها لعائلتها ، انساها واقع ان ما من احد يجرؤ ابدا على التحدث هكذا مع روب ماكفرسون .. واكملت تهدر بالغضب : ورايى فيك هو انك اقل من لاشئ روب ماكفرسون ، فانت الضعيف الارادة تستسلم امام الضغط ، الضغط الجائر ، من الاقاربك ، الذين لايملكون الجراة وحسن الادب لمواجهتى شخصيا ...
كانت على وشك ان تضيف انها لن تفكر بالعمل فى شركته لدقيقة اخرى حتى ولو ضاعف مرتبها ، لكنها صمتت قبل ان تكمل كلامها عندما جاءها صوت راعد من الطرف الاخر : اخرسى ! كلمة اخرى منك ستجعلنى اطردك حقا !
همست وصوتها يموت مع غضبها : اتعنى ...
-اخرسى واسمعى ! قلت لك بالامس انك ستكونى سكرتيرة لهيوز ماكدونالد حين يعود الى عمله اذا كان هذا ماتريدين . وبغض النظر عن اى ضغط عائلى ، لن اتراجع عن كلمتى ! والان ، انهى كل الاعمال العالقة امامك .. واحضرى الى هنا 0
-لكن .. لماذا ..
رد ببرود : لو تركتنى اقول لك قبل ان تنفجرى وتسيئى الى شخصيتى ، كنت ساقول لك .. ينقصنا بعض الموظفين هنا .. وستعملين حيث استطيع مراقيتك لفترة 0
-اعمل ... ؟
صاح متفجرا : تحركى !
واقفل الخط 0
هل جن ؟ اوه ... يالله .. انه غاضب جدا ! اعادت السماعة الى مكانها وهى شاحبة ، محاولة تذكر كل ما قالته .. هل قالت له حقا انها تحتقر دارموند ؟ هل قالت له حقا انها تظنه اقل من لاشئ ؟ لم تعد ترغب فى ان تتذكر المزيد ، لكنها لامته للتسبب فى اضطراب مشاعرها كما فعل ليلة امس .. كانت مستعدة للانفجار فى وجهه فى محاولة منها للانتقام من المشاعر التى اثارها فيها .. لكن .. اوه .. لو انها فقط انتظرت لتسمعه اولا ... هل وصفته حقا بضعيف الارادة ؟
ذلك الرجل الذى كان اقوى من ايلين امام ضغط اثنين من افراد عائلته ، ومن قال لها انهما مقربان له ؟*****
أنت تقرأ
هل تجرؤين للكاتبة جيسيكا ستيل
Romanceاذن انت الانسة ديكنسون 000 المصدر الوحيد لمشاكلى فى الوقت الحاضر ؟ لم تفهم لورا السكرتيرة البسيطة كيف تشغل بال روب ماكفرسون رئيس مجلس الادارة العظيم الى هذه الدرجة ، ولكنها ادركت ان مستقبلها محكوم بالدمار من هذا الرجل ، ومع هذا قبلت التحدى : -حياتى...