بدا للوارا وهى تنظر ، ان الثامنة والنصف لن تاتى ابدا . العديد من المرات ، والدقائق تزحف ، اعادت حفظ ما ستقوله .. يجب عليها ايضا ان تكذب على جولى .. ان تقنعها ، ويجب ان يكون صوتها سعيدا ، وكانها فى اعلى قمة فى العالم ، لاشئ من التوتر الذى تحس به يجب ان يظهر فى صوتها 0
فى الدقيقة الثامنة والخامسة والعشرين ، لم تعد تستطيع الانتظار .. اجبرت نفسها على البقاء هادئة وهى تطلب الرقم ، ثم تلاشى من راسها كل ما حفظته من كلام .. حين سمعت صوت جولى يرد ، اندفعت تهذر دون وعى عن الامر العظيم الذى حدث لها . وكيف ان روب ، رب عملها طلب منها الزواج . كلماتها كانت تتسارع واحدة اثر الاخرى حين ذكرت جولى انهما بحثتا هذا الامر منذ اسبوع وان لوارا لم تذكر لها شيئا عن حبها له 0
منتديات ليلاس
-اوه .. جولى .. تعرفين كيف يكون الامر .. كنت اعرف انك قلقة على ، ولم ارغب فى ان اقلقك اكثر باعلامك اننى احب دون امل . ربما تذكرين قولى لك اننى لازلت غير متزوجة لان الرجل المناسب لم يطلبنى بعد للزواج .. حسنا .. لقد حصل هذا الان .. و ...
-والان ، وبما انه فعل ، ها انت تهذرين لانك سعيدة جدا 0
لهجتها المبتهجة اعلمت لوارا انها صدقتها فتابعت تقول لها كم هى سعيدة ، وردت جولى بابداء سعادتها كذلك .. ثم اراد مارك ان يتكلم معها ، وكان يصيح بسعادة بصوته الرقيق لانه سيحصل على صهر ، ويسال ما اذا كان يمكنه ان يكون الاشبين . فقالت له : لم نحدد الموعد بعد حبيبى .. هل بونى هنا ؟
كانت تظن ان بونى هو الاصعب فى الاقتناع .. وكان فعلا هكذا . لانه سالها : الامر مفاجئ قليلا .. اليس كذلك ؟
كادت تسمع صوت دماغه يعمل .. فقالت توافقه : اجل .. هذا صحيح .. ويجب ان اشكرك انت على هذا ، فانت من عجل بحدوث هذا بونى 0
-انا ؟
-اجل .. انت .. قبل ان تدخل مكتبى يوم الجمعة ، كنت اعمل على الة التسجيل 0
-اجل ، رايتك تطفئينها 0
-وهذا هو الجزء الجميل من الامر كله .. فانا لم اطفئها بونى .. اوه .. كنت اظن هذا ، لكننى ادرت زر التسجيل ، وكل حديثنا ، وخصوصا الجزء الذى قلت فيه ان الرجل الذى احبه لايعرف بوجودى ، جرى تسجيله .. روب اعاد الاستماع اليه عندما كنت فى المقهى واثناء توصيلك الى المحطة .. وحين عدت الى المكتب سالنى .. وآه .. بونى .. كم كان هذا رائعا .. امر قادنا الى الاخر ، وقال انه يشعر نحوى بالاحساس نفسه !
كبتت انفاسها وهى تنتظر ان يرد ، ثم اطلقت انفاسها متنهدة بارتياح لسعادته لها كما فعلت جولى ومارك من قبله .. وقال : انا سعيد جدا لك لوارا علمت انها يجب ان تكون حذرة جدا من الان فصاعدا وقالت له : هذا ليس كل شئ ... حين وصلت مع روب للحديث عن الاشياء الاخرى ، اراد ان يعرف سبب تركك المدرسة . واعتبر هذا موقف رجولة منك ..لكنه قال لى اننا حين سنتزوج ، سيصبح مصروفى الشخصى ضعف مرتبى الحالى .. الاترى بونى ؟ سيكون من السخف ان تترك المدرسة .. لن يكون لهذا حاجة مطلقا 0
ظنت ان هناك املا جديدا فى صوته وهو يقول انه يفهم هذا ، وامتلا قلبها بالحب نحوه ، والامتنان غير المحدود لروب ، لان بونى سالها عما اذا كان روب سيمانع بان ترسل لهم المال ؟
-بالطبع لن يمانع .. انه رجل ثرى بونى .. وفوق كل شئ اخر ، يريدنى ان اكون سعيدة 0
السؤال التالى الذى طرحه بونى لم يكن متوقعا ، وجعلها ترد دون تفكير ، وحين اقفلت السماعة احست بالذهول .. فهل التزمت لبونى ان يذهب روب الى بروكن هيل للغداء معهم يوم الاحد ؟
اختلطت السعادة مع احساس مريض فى قمة معدتها ، بعد ان اكملت الكذب قدر الامكان . اخر شئ يمكن ان يرغبه روب هذا الاحد هو ان يذهب معها لمقابلة عائلتها .. لكن ماعساها تفعل غير هذا ؟ بونى طرح عليها سؤالا لم تفكر به من قبل ، وادركت الان انها كان يجب ان تفكر به .. وسالها : متى ستقابله ؟
وسمعت صوتها دون تفكير يقول له كم ان روب يموت شوقا لمقابلتهم . ثم عادت جولى الى الهاتف تقترح ان ياتيا للغداء يوم الاحد 0
تعمق احساسها بالسقم وهى تتصور السخرية العارمة التى ستمطر عليها حين تقول له .. كيف ستطلب منه الذهاب معها ؟ لكن .. كل شئ سيتدمر اذا رفض .. اوه .. انها مستعدة لتحمل اكبر قدر من السخرية ولكن المهم ان يوافق ... لكن ايفعل ؟ وكيف ستطلب منه ؟ واخذت تفكر بما يفعله عادة ايام الاحاد . جوانا بيريجيه لم تتصل به منذ اسبوع ، واحست بقلق اضافى ، لم تستطع فهم سببه ، حين فكرت به يقضى ايام الاحاد مع نساء لهن صوت مغِر مثل صوت جوانا بيريجيه 0
علمت ، بنفاذ صبر ، انها لن تستطيع الانتظار الى الغد لتعترف بماذا فعلت ، او ان تتوسل الى روب ، اذا احتاج الامر ، للذهاب معها يوم الاحد . مدت يدها الى دليل الهاتف .. لكن رنين جرس الباب اوقفها 0
كانت تخشى ان يكون الزائر هو جوناس ، لان لديها المزيد من المشاكل التى تفكر فيها دون ان تجبرعلى القول بانها لن تراه بعد الان .. لكنه لابد ان يكون الان يحضر عشاء عمله .. ام ان السبب هو ان الشخص الذى تحتاج الى محادثته الان هو روب .. حين نزلت الى الطابق الاسفل وفتحت الباب ، ووجدت روب هناك ، لم تستطع منع الابتسامة العريضة المشرقة تماما التى تصاعدت على وجهها ، او الكلمات المنبعثة من قلبها والتى قفزت الى شفتيها : اوه روب .. كم انا سعيدة لرؤيتك !
للحظة ، بدا روب مصدوما بتحيتها له ، ثم اصيبت هى بالصدمة حين بدا انه سياخذها بين ذراعيه .. ثم سقطت يداه مجددا الى جانبيه ، بعد ان تحركتا عفويا نحوها . وغطى حركته العفوية تلك بابتسامة وقال ملاطفا : ما هذا الاستقبال ! واظن اننى مسرور ايضا لاننى جئت .. من كنت تتوقعين غيرى ؟
-اوه .. لااحد 0
دعته للدخول ، املة ان يبقى حلو المزاج حين تقول له ما يجب ان تقول 0
-اظننى افسدت بعض الامور 0
صعد روب معها الى الشقة ، وجلس فى مقعد مريح يسالها عما قالته : ما الذى افسدته من الامور ؟ هل اتصلت باهلك ؟
-اجل ...
واخبرته معظم الحديث الذى جرى ، لكنها وجدت انها لم تقدر ان تقول شيئا عن الامر الذى سيسلبه قليلا من ساعات راحته يوم الاحد . وسالها : اقلت ان بونى وافق على البقاء فى المدرسة ؟
عرفت ان الوقت قد حان لتشرح له كل شئ ، ودون ان تتمكن من النظر اليه قالت : اجل .. هذا صحيح .. لكن .. لكن .. بونى سالنى متى ستجتمع العائلة .. بك . و .. حسنا .. خفت ان افسد كل شئ حين دعتنى جولى للغداء يوم الاحد .. فلقت .. اننا سنذهب 0
الصمت المطبق استقبل كلماتها ، ونظرت اليه لتعرف وقع الخبر : انا .. اسفة رو....
لكنها صمتت فورا لان روب لم يكن ينظر اليها بعبوس ، بل بدا لها انه يهز راسه بالموافقة 0
نظر الى قلقها لحظات ثم قال بهدوء : لا داعى للاسف لوارا .. من الطبيعى جدا ان ترغب عائلتك برؤيتى ، رؤية اى نوع من الرجال خطيبك 0
كلمة خطيبك بالكاد دخلت الى فهمها وهى تحدق به متعجبة : اتعنى .. انك لاتمانع .. وانك ستاتى معى ؟ ظننتك ....
-بالطبع ساتى معك .. بل فى الواقع كنت اخطط ان اكون معك وانت تجرين الخابرة ، ظانا ان عائلتك ستفكر بانه من الغريب ان تمضى فتاة مخطوبة ليلتها وحيدة . لكننى علقت فى زحام السير .. لقد تركت قهوتى لاصل الى هنا فى الوقت المناسب .. فهل ستكونين خطيبة محبة وتحضرين لى فنجان قهوة ؟
احبته فى هذا المزاح المرح ..هذا ما فكرت به وهى مشغولة فى المطبخ . ووجدت نفسها تحبه اكثر وهما يشربان القهوة ، ويسامرها ، ثم يخرجها عن صمتها لتخبره عن منزلها فى ضواحى بروكن هيل .. ولم تكن تعى ان الحب الذى تكنه لاقاربها الثلاثة كان ظاهرا على وجهها وهى تخبره عن كل واحد منهم ... وسالها : انت تكنين لهم الحب اكثر من الولاء .. اليس كذلك ؟
ابتسمت له : من الصعب ان لا احبهم .. لطالما كانت جولى طيبة معى ، وكذلك ولداها .. نحن نحب بعضنا وكاننا اخوة حقيقيون
مرت الدقائق دون ان يظهر شئ من عدم التجانس . ثم وهى تفكر كم هو لطيف ، رن جرس الهاتف .. وبما انه فى الغرفة نفسها ، فان الكلام بسرية كان مستحيلا .. لكنها كانت تحس بالحب والسلام معه بحيث لن تمانع لو سمعها 0
اعتذرت ، ثم مدت يدها ترفع السماعة .. حين سمعت صوت جوناس تمنت من كل قلبها لو ان هناك هاتفا اخر فى الشقة ، فهى تعلم انها لن تتمكن من اخفاء هوية المتكلم عن روب .. فهو ماكر بما يكفى ليعرف ، واذا ما شك فانه لن يتاخر فى السؤال 0
نظرت الى حجرها .. الى اى مكان ما عدا النظر اليه وقالت لجوناس انها كانت تعتقد انه وسط عشاء العمل الان .. لكنه ذكرها انه من المتوقع منه ان يذهب مع رفيقة ، وانه لم يرغب فى الذهاب وحيدا وسالها متى عادت ...
كانت على وشك القول انها عادت منذ ساعات ، لكنها تذكرت انها قالت انها ستعمل الى وقت متاخر . فاجابت بانها عادت منذ وقت قصير ، وكانت تريد وقبل اى شئ اخر ان تنهى المكالمة بسرعة ، لان روب بدا جامدا جدا ، وعرفت انه خمن هوية المتكلم .. وانه يتوقع منها ان تقول لجوناس انها لن تراه بعد الان .... لكنها لم تستطع فعل هذا فى الوقت الذى يبدو فيه جوناس مكتئبا هكذا . وسالها جوناس : اهناك مانع فى المجئ اليك لنصف ساعة ؟
ردت دون ان تستطيع منع لهجة الاسف من صوتها 0
-انا .. اسفة جوناس .. لدى زائر هنا فى الواقع ..
-اوه .. شخص اعرفه ؟
لافائدة من الاخفاء : روب 0
-اوصلك من العمل .. صحيح ؟
-كنا نتناول القهوة 0
التقطت اذنيها صوتا يدل على نفاذ صبر روب ، وعلمت ان من الافضل لها ان تنهى المكالمة فورا ، فلن يدهشها لو ان روب انتزع السماعة منها ، وقال لجوناس كلمة مختصرة ، حادة ، واقفل السماعة فى وجهه 0
لكن ، وعند هذه المرحلة ، بدا ان جوناس فهم الفكرة ، وان الكلام معه ليس سهلا بوجود روب ، فانهى المكالمة بقوله : ساتصل بك فيما بعد 0
التالف كان سائدا بينهما قبل المكالمة اصبح شيئا من الماضى .. واحست لوارا بالتوتر يسود الجو ، حتى قبل ان تنظر الى روب لتراه واقفا ينظر بعينيه القاسيتين اليها ووجهه متصلب : اعتقد اننا اتفقنا على ان لاترى بريستونز مرة اخرى ؟
-لكننى لم اره مرة اخرى 0
-لكنك لم تقولى له بعد .. صحيح ؟
نظرت الى عينيه ، وعرفت انه لن يفهم ترددها : سافعل 0
-تاكدى من انك ستفعلين .. لاننى لو سمعت انك اجتمعت به ولو صدفة ، فسانهى الاتفاق بيننا ، ووظيفتك معه 0
الكلمات كانت قاسية صارخة ، وكانه لايحمل جانبا لطيفا فى طبيعته . فتراجعت مذعورة : قلت لك اننى ساقول له
كانت تعرف انه يعنى كل كلمة يقولها .. ونظر اليها لحظات بدت طويلة .. دون ابتسام ، ثم توجه الى الباب فقالت : ساوصلك الى الخارج 0
توقف روب ، لتتوقف لوارا الى جانبه وسالها : اتصرين دائما على ايصال اصدقائك الى الباب الخارجى ؟
على وشك ان تشرح له امر الباب الخارجى ، الا انها لم تجد جدوى من هذا .. ودفعها الغضب الى القول : يكون هذا العمل احيانا اكثر لذة من احيان اخرى 0
علمت من ضيق عينيه ، وقساوه نظرته ، انه فهم انها تكره ان ترى جوناس وهو خارج ، بينما لا تستطيع الانتظار لتودعه هو 0
فجاة ، طار غضبها ، لتحل مكانه ، رجفة خوف .. فقد تحرك روب بسرعة ، ولم يكن لديها الوقت للتراجع حين امسك ذراعيها بقبضة لا تلين ، واحست انها محمولة بين يديه يشدها الى جسده القوى ، وقال من بين اسنانه : لقد حصلت حقا على خطيبة حلوة صغيرة ... اليس كذلك ؟ واتساءل عما اذا كان الختم الرسمى لصفقتنا يمكن ان ينزع منك بعضا من حدة لسانك 0
ردت بصلابة ، تنتزع نفسها منه بقوة ، ثبت عدم جدواها : اتركنى روب .. انت تعرف اننى لست خطيبتك الرسمية 0
-اتعترفين اخيرا ان لاشئ رسمى فيك ... لوارا ؟
واقترب وجهه من وجهها حتى انها احست بكيانها ينقلب راسا على عقب من الداخل ، وبجنون . قالت تحاول ارجاع راسها الى الوراء بعيدا عن متناوله : انا لااعترف بشئ 0
لكنها وجدت ان روب قادر تماما على تجميدها بذراع واحدة كرباط من حديد حولها ، بينما يحول راسها باليد الحرة الى الزاوية التى يشاء ، ثم ، قبل ان تتمكن من فعل شئ اطبق بذراعه حولها وشدها اليه معانقا ، واختبرت مرة ثانية الجنون نفسه الذى اجتاحها فى المرة الاولى 0
لكنه لم يكن عناقا قصيرا ، فبعد وقت قصير ، وهى تفكر بان ما يجرى هو الجنون فعلا ، والافضل لها ان تفعل شيئا ضده . وبسرعة ، فهى لاتثق بنفسها ، ليس معه على اى حال ، بعدها .. جنون ام لا .. لم تعد تستطيع ايقاف نفسها عن التجاوب معه ، ولم يعد بالتالى مضطرا لاجبارها على ان تبقى بين ذراعيه 0
ارتفعت ذراعاها حوله ، واحست بارتياحه حين تلاشت مقاومتها . ثم ، لم تعد تفكر ، بل كانت تعيش كل احساس جديد رائع يثيره فيها .. ولم تعد تشعر بالخجل لاحاسيسها . فبين ذراعيه ، عرفت تماما لماذا كانت له القدرة على ازعاجها بالطريقة التى يفعلها دائما .. انها تحبه
غرقت فى لمساته ، لاتعى تماما ما يحدث .. جزء ما من تحفظها الداخلى الاساسى طغا الى السطح فى الوقت الذى كان فيه يطبع قبلاته على راسها ، فى هذه اللحظات سخر منها صوت داخلى اخر ، يذكرها بانها ليست تلك المرأة الخبيرة التى يظنها 0
سقطت ذراعاها عنه ، وقالت بخشونة : لا ارادت ان تقول له لماذا لا تريد ... تريد ان تقول اننى لا اعنى لا فى الواقع ، وتشرح له .. لكنها لن تستطيع تحمل ضحكه عليها .. فوقفت بين ذراعيه متصلبة ، غير واثقة مما تفعل ، املة ، وخائفة ، ان يتجاهل رفضها 0
عندما احس بانها لم تعد تشاركه ، بل تقف دون حراك بين ذراعيه ، رفع روب راسه ، عيناه مليئتان بالمشاعر ، ينظر الى وجهها المحمر ، ثم وجدت ما لم تكن ترغب فى رؤيته يضئ فى وجهه ، وتحولت نظرته الدافئة الى جليد وهو يسيطر على انفاسه المتسارعه ، وابتعدت ذراعاه عنها ، وجاء صوته متصلبا خشنا ، يقول لها : سيدتى .. من الافضل لك فى المرة القادمة ان تتذكرى .. انه ليس من الادب ان يقول جسدك نعم ، ثم تقولين انت لا بالكلام 0
اذا ، لن يضغط عليها ، وتمنت لو انها تحس اكثر من هذه الذرة الصغيرة من الارتياح ، وان لايتفوق عليها صراخ الاحباط .. كم هو محق .. كان يعلم علم اليقين ، انها لم تبد مقاومة جسدية ضده .. ولانها لم تمر من قبل بمثل هذه التجربة ، لم تستطع ان تجد شيئا واحدا تقوله 0
سالها روب وهو يبتعد عنها خطوة : لماذا ؟
كررت لوارا وهى تحس انها خرقاء بلهاء ، تحاول ان تذكر نفسها انها فى السادسة والعشرين : لماذا ؟ .. لاجل السماء .. لان هذا .. لايبدو .. لى .. لائقا 0
تاوهت من داخلها ، يالله ! انها تبدو فى كلامها كمراهقة فى اول موعد لها مع شاب .. وشاهدت حاجبه يرتفع ، وعلمت انه يفكر بالشئ نفسه كذلك ، انها امامه مراهقة لم يلمسها احد من قبل ، ولم يساعدها بشئ ان شيئا ما فى تركيبتها الكيماوية دفع الدماء الى سطح بشرتها لتلونها 0
وتكلم روب ، ورات انها اخطات فهم تفكيره وعاد لونها الى طبيعته ، لكن ليرتفع ثانية . هذه المرة بالغضب ، حين لم يتركها فى اى شك من التفسير الذى وضعه لقولها ان هذا لايبدو لائقا 0
-ربما انت محقة .. قلت لك ان تتخلصى من بريستونز .. ولو فعلت هذا ، لما اطل ضميرك براسه فى مثل هذه اللحظة 0
استدار اليها ومقبض الباب بين اصابعه 0
-ربما من الافضل ان تتخلصى من الحبيب القديم قبل ان تتقبلى الجديد 0
كانت لوارا لاتزال شاهقة حين خرج من الباب .. واقفل الباب الخارجى محدثا ضجيجا .. قبل ان تستطيع الحراك
بعد ان امضت ليلا مسهدا تتساءل فيه كيف يمكنها ان تحب رجلا يهينها هكذا ، لم تعرف كيف ستتمكن من مواجهته فى اليوم التالى .. لكنها اكتشفت انها اجهدت نفسها دون طائل .. فصباح الخير المختصرة التى حياها بها ، اتبعها باخبارها انه سجل لها ما يريد املاءه ، وانه سيغيب معظم النهار فى الخارج ، وقال ان لاوقت لديه لاى شئ ليس له علاقة بالعمل 0
كان يومه عمليا كاملا ، وكذلك الايام الثلاثة التالية التى تلت . واذا كانت تظن ان الرجل الذى تسبب بدمار احاسيسها يمكن له ان يعاملها وكانه لم ياخذها بين ذراعيه ، وكانه لم يشتهيها ولا للحظة ، فقد وجدت ان عليها ان تتبنى التصرف نفسه نحوه .. فهو لن يشك يوما انها تحبه 0
حل بعد ظهر الجمعة ، دون اى ذكر لخطوبتهما .. وبتقدم النهار نحو نهايته ، بدات تقلق ، لم تكن تريد ان تكون هى البادئة فى طرح الموضوع ، لكنها اخذت تظن انه نسى كل شئ . اوه .. لكن ، لايمكنه .. اذا لم يذهب معها الى بروكن هيل يوم الاحد ، فهى تعرف ان كل شئ سينتهى بينها وبين بونى 0
تاخر روب فى العودة من غدائه ، لكن حين وصل ، توقف عند طاولتها ، مد يده الى جيبى بنطلونه . رفعت لوارا راسها من عملها ، تحاول ان تعطى الانطباع بانها لم تحس بدخوله .. امامه اجتماع يجب ان يحضره بعد وقت قصير .. وتعرف ان عليها تذكيره بموعد يوم الاحد . لكنه فاجاها وهو ينظر اليها بحدة : بالنسبة ليوم الاحد .. ساصل لاخذك حوالى الساعة العاشرة 0
كم كان ارتياحها عظيما ، حتى انها لم تستطع كبح تدفق الكلمات عبر شفتيها : ظننتك نسيت 0
وتلقت نظرة ساخرة 0
-لايمكن ان انسى اى شئ يتعلق بك لوارا 0
انتزع يده من جيبه ليضع امامها علبة مربعة ...
-لاتنسى ان تلبسى هذا 0
قبل ان تتمكن من جمع افكارها ، كان قد دخل مكتبه . اخذ حقيبة اوراقه ، وعاد ليلقى اليها نظرة من فوق كتفه ويقول : اراك يوم الاحد 0
كما تكون خواتم الخطوبة عادة ، كان خاتم الالماس والزفير الذى رماه روب لها بكل بساطة على طاولتها صافى الجمال . ومع انها عرفت ما تحتويه العلبة ، الا انها لم تعد قادرة على الكلام . ولكن ، تفكيره بان خاتم الخطوبة قد يضيف مصداقية لخطوبتهما الزائفة ، وانه فى سبيل توثيق هذه المصداقية وترسيخها ، قد اشترى لها شيئا ثمينا .. لم يكن ليخفف شيئا من الم الحب الذى تشعره نحوه 0
كانت مستعدة تنتظر عندما وصل روب يوم الاحد ، كان خاتم الخطوبة فى اصبعها ، وكانت قد امضت خمس دقائق كاملة فى خيال رائع بعد ان وضعته ، تنظر اليه ، وتامل ان تكون المرأة التى يحبها صاحبه نظر روب الى يدها قبل ان تنطلق بهم السيارة ، لكنه لم يبد انه يميل الى الكلام الان اكثر مما كان منذ يوم الاثنين ... وانخفضت روحها المعنوية .. اذا كانت الساعات التى ستقضيها معه فى بروكن هيل ، دون كلام فحتى مارك السطحى التفكير لن ينخدع او يصدق بانهما يحبان بعضهما 0
قطع روب حبل افكارها 0
-كم تعرف زوجة ابيك عن بريستونز ؟
ادركت انه يعتقد ان جولى تشك فى هذا التغيير العاطفى المفاجئ لو انها كانت قد اخبرتها انها تحب جوناس .. لكنها ، وبعد استعراض الايام القليلة الماضية ، رات ان اعتقاد روب بانها لاتزال تحب جوناس هو الغطاء الامثل لحبها له .. فحددت ردها : جولى تعتقد اننا مجرد صديقين ، لاشئ غيره 0
من تشدد تعابير وجهه الفورية عرفت انه يفكر بكم تمادت فى علاقتها مع جوناس ، حتى انها لم تعد تهتم بمن تكذب عليه . وازداد انخفاض روحها امام تلك النظرة الصارمة . كانت تعلم انها يجب ان تفعل شيئا ، تقول شيئا ، فلو انه سيبقى هكذا معها امام العائلة فمن الافضل ان يعودا الان عائدين الى سيدنى 0
قالت : روب .. ستحاول ان تتظاهر بانك .. انك تحبنى .. اليس كذلك ؟
عرفت ان وجهها اصبح زهرى اللون ، لكنها اضافت : اعنى حين نصل منزل العائلة ... من المهم ان لاتشك عائلتى بنا ونحن نغادرهم بعد الظهر 0
مرت لحظات طويلة لم يقل فيها شيئا ، ثم سالها بهدوء : هل ستحاولين التظاهر بحبك لى ؟
كانت تعرف انها ليست مضطرة للتظاهر ، فقالت وهى تحس بجفاف فمها : اجل 0
-اذا ، اطمئنى ، فمن المستحيل ان يسيل لعابى عليك فى كل لحظة ، لكن اظن اننى استطيع تمثيل دور الخطيب المحب 0
استقبالهما فى منزل العائلة كان مفعما بالدفء والترحاب كما كانت تتوقع . وبينما كان الخمسة جالسون لتناول القهوة بعد الغداء ، ودون استعجال احد لترك طاولة الطعام ، وجدت لوارا الفرصة للنظر الى الاربعة الذين تحبهم اكثر من اى شئ فى العالم 0
كانت جولى قد احبت روب على الفور ، بينما كان بونى اكثر تحفظا ، لكنه ارتاح معه وهو يخاطبه كرجل لرجل ، وبدا ان مارك احبه .. اخيرا نظرت لوارا اليه ، وعرفت ان حبها له لايعرف الحدود .. قال انه سيمثل دور الخطيب المحب ، وهذا ما فعله .. وبكثير من الاتقان ، حتى انها بدات تحس انها محبوبة ، ولكنها فى مرات عدة كانت تضطر الى اعادة نفسها الى الواقع ، الى ان تتذكر ان هذه مجرد لعبة يلعبانها معا .. وانها قد تفضح نفسها امامه اذا بالغت 0
صحيح ان روب لم يكن مبالغا كثيرا فى اظهار حبه لها بوضوح .. لكن كانت هناك اشياء صغيرة .. لمسة خفيفة من يده تمسح شعرها العسلى ، وكانه لايستطيع منع نفسه حين كان يعد لها الكرسى .. الطريقة التى كان ينظر اليها فيها كانت اطول من الضرورى ، وكانه لايطيق ان ينظر الى شئ غيرها انه رجل بكل معنى الكلمة ، ببذلته المكتملة الانيقة وقميصة الاخضر الفاتح اللون .. لم تكن تريد ان تنتزع عينيها عنه ، لكنها ادركت انها كانت تنظر اليه لفترة طويلة ، وبينما هو يتحدث مع بونى ، كان يمكنه ان يلتفت اليها فى اية لحظة .. فسلخت عينيها الممتلئتين حبا عنه ، لتجد جولى تنظر اليها .. وابتسمت جولى ، ابتسامة لطيفة دافئة ، وعرفت فى تلك اللحظة ان جولى تعرف سرها ، وتعرف انها فعلا تحب روب 0
ادارتا راسيهما معا باتجاه مارك لسماعهما قوله لروب : من الجيد ان تكون انت رب عمل لوارا .. اليس كذلك ؟
رد روب : اوافق معك .. لكن .. لماذا ؟
احمر وجه مارك غير الخجول عادة ، لتركيز اهتمام الجميع عليه ، وتحولت نظراته الى اخته : حسنا .. لقد نسينا تقديم الساعة اخر مرة كانت فيها هنا ، واضطرت الى اخذ قطار متاخر ... ولولا انك رب عملها لعانت المتاعب ، اليس كذلك ؟
لم يظهر روب اى ارتجاف عين يكشف عن ظنه بهذا التفسير الذى لم يعط لوارا فرصة لتقديمه ، او لواقع عودتها بالقطار ، الامر الذى يكشف بوضوح ان جوناس بريستونز ، واينما كان قد ذهب ذلك الاسبوع ، لايمكنه بالتاكيد ان يكون مع لوارا ، والا لعادا بسيارته 0
بعد انتهاء غسيل الصحون ، رفض دعوة جولى للبقاء حتى ساعة العشاء ، وسالهما مارك ما اذا كان لديهما الوقت لنزهة قبل العودة .. فابتسم روب ، قبل ان تتمكن لوارا من الرفض مجددا : ولم لا ؟
ومع انها كانت تظنه ، وقد ادى واجبه ، يود العودة الى سيدنى 0
نزهتهم سيرا على الاقدام اوصلتهم الى الاراضى المشاعة للبلدة ، ولم تعرف لوارا كيف اصبح روب وبونى مبتعدين عن المجموعة الصغيرة .. لكنها بعد الرد على بضعة اسئلة من مارك ، التفتت لتجدهما فى المقدمة ، مستغرقين فى نقاش عميق حول شئ ما 0
تحتاج الى كل ما تملك من انضباط كى لاتلحق بهما ، وتقطع عليهما الحديث . فقد كانت تخاف ان يقول روب شيئا ، دون ان يفكر به ، قد يعطى بونى اساسا للتفكير بعد ان يذهبا . فجاة ، تلاشى احساسها بالخوف ، واصبحت مقتنعة بان روب سوف يختار كل كلمة يقولها لبونى .. ولن يخذلها . قالت جولى ، وهى تسير الى جانب لوارا : لقد وقعت راسا على عقب .. اليس كذلك حبى ؟
وجدت لوارا ضحكة خفيفة : وهل هذا واضح على ؟
-لى فقط ، حبى . فانا اعرفك اكثر من غيرى .. ولاتخافى ان يعرف روب .. فهو يحبك كذلك 0
اوه ... جولى ... لو انك تعرفين .. اوه جولى !
حين عادا من النزهة ، نظر مارك الى سيارة روب الانيقة خارج منزلهم ، وذكر لوارا بالصورة الكبيرة المعلقة فى غرفه نومه ، والتى طالما قالت له انها ستاخذها معها ، لكنها لم تفعل ، لصعوبة حملها . واكمل : بامكانك اخذها اليوم 0
لم يعترض روب على نقل صورتها معها ، وما ان وضعت فى الصندوق حتى حان وقت الرحيل . فقالت لوارا ، كما كل مرة تتركهم فيها : ساكتب لكم 0
وعانقت العائلة فردا فردا ، بمن فيهم بونى ، قبل ان تدخل السيارة 0
كانت بلدة بروكن هيل ، قد اصبحت خلفهما حين التفتت لوارا الى روب ، لتشكره دون تردد ، وتقول له ان كل شئ سار بافضل مما تجرات ان تامل .. فسالها : الاتحسين بوخز ضمير لخداعهم ؟
ردت بحدة اكثر مما كانت تتصور : طبعا .. لكن لابد انك تعرف بان هذا الخداع ضرورى . يجب ان يحصل بونى على فرصته .. انه ذكى جدا ، ومن الاجرام بحقه ان لايحصل على المستقبل الذى وضع اماله عليه . ومن الاجرام ان يضيع دماغه سدى 0
لكنها كانت تعلم ، ان روب ، وبعد رؤيته لبونى بنفسه ، ليس بحاجة لان تشرح له هذا . وبقى روب صامتا ، ووجدت نفسها تفتش عن وصف اخر لدماغ بونى التحليلى تؤثر على روب : جولى لاتبحث مشاكلها المالية معه ابدا . لكنه يعرف تماما انهم بالكاد سيتمكنون من تحمل وجوده فى الجامعة 0
-وهنا ياتى دورك .. اليس كذلك ؟ انت تنوين التاكد من انه لايحتاج الى شئ اثناء الدرس .. لكن .. ستكون هناك اشياء اخرى يحتاجها عدا الكتب والمعدات 0
لم يكن بحاجة لان يقول لها انه يحتاج الى ثياب بمقاس رجالى ، وانه سيعيش فى حياة اجتماعية .. فهى قد خططت لهذا .. فلن تتركه يخصص شبابه فقط لدراسته . قالت بشئ من التصميم : سيحصل على كل ما يحتاج 0
-لا اشك فى هذا 0
تذكرت انها راتهما مستغرقان فى نقاش ، وتساءلت عما اذا كان قد فهم من حديثه مع بونى اهمية حصوله على فرصته .. لكنها ترددت فى السؤال عما جرى من حديث بينهما ، فهى تعرف انه يقول لها دون ان تحثه ، الا اذا لم يكن يرغب .. سالت ، تفتيش عن الوسيلة الليلة لتدس انفها : عم كنتما تتحدثان انت وبونى ؟
واحمر وجهها لتطفلها .. فرد عليها ساخرا : ما اطول انفك الحشرى ... !
ازداد احمرار وجهها ، لكن ما قاله لها جعل عينيها تزدادان اتساعا ، وهو يكمل ارضاء فضولها : كنت قد اخبرتنى عن تفكيره الذكى ، ومن خلال اشارات متفرقة خلال الحديث حول الغداء عرفت هذا تماما . لكننى اردت ان اختبر بنفسى نوع الامكانيات التى لديه 0
-اذا ، تعمدت ان تاخذه جانبا كى تستطيع تقييم ما يملكه دماغه بنفسك .. وكم هو متقدم فى دراسته ؟
مع ذلك لم تكن متاكدة من انها مسرورة لاخذه امر معرفة هذا على عاتقه .. لكن روب اعترف بهذا دون ان يجد اى خطا فيما فعل ، ثم ادار راسه ينظر الى الوجه المتجهم الناظر اليه .. وابتسم لها .. تلك الابتسامة التى كانت تجعلها تغفر له اى شئ ، بعد ان يبدا قلبها بالرقص . واكمل : قلت لى عن موهبته الذهنية .. لكن ارجو ان تسامحينى لوارا لاننى اعتقدت ان رايك ، وبسبب حبك له ، قد يكون منحازا 0
اضطرت الى ان تاخذ كلامه بانصاف ، وكانت على وشك سرد تقارير المدرسة لدعم رايها ، حين اكمل : اوافق الان على كل ما قلتيه عنه .. وامامه مستقبل باهر 0
ثم قال شيئا جعلها تنظر اليه فاغرة الفم : واوافق ان من الاجرام ان لايحصل على فرصته .. لذلك قررت ان تقدم له شركة دارموند منحة لدراسة الطب 0
-منحة دراسية ؟
بالكاد تمكنت من استيعاب ما قاله لها .. لهول صدمتها .. وسمعت نفسها تقول محتجة : لكن .. الشركة .. تكافئ فقط ابناء العاملين لديها 0
-اذا حان الوقت لتوسيع نشاطنا 0
حين انجلى تفكيرها ، اندفعت تشكره .. فطلب منها ان تتركه يركز على القيادة لان جزءا من الطريق امامه كان وعرا 0
وبينما هى تفكر ، لم تواجه معركة مع افكارها فقط بل مع دموعها التى رغبت فى ان تتدفق ... كان روب يثبت اكثر فاكثر انه اهل للحب مع كل نفس يتنفسه 0
لكن هذا الراى ضعف قليلا حين رفض عرضها لشرب الشاى ، بعد ان اوصل لها الصورة الى الشقة ، قائلا ان لديه موعدا .. هنا اخذت تتساءل ، بينما الغيرة تكاد تقضم قلبها ، مع من يكون موعده يا ترى ؟ لم تكن تستطيع تركه يذهب دون ان تشكره على ما ستمنحه الشركة ، عبره ، لبونى .. فقالت بنعومة : شكرا على مجيئك معى اليوم روب ...
ثم اصبح صوتها متحشرجا خشنا وهى تنظر الى الرجل الواقف على بعد خطوة منها فى شقتها الصغيرة : وشكرا لك مليون مرة لما تفعله من اجل بونى 0
ما حدث لها بعد ذلك ، عذبها لساعات فيما بعد .. لكن ، بوقوف روب بالقرب منها ، لايبدو عليه التباعد كما فى مرات عديدة فى الماضى ، تصاعد حبها له ، وعرفانها بالجميل ، يحتاجانها .. فخطت خطوة صغيرة ، لتقف على اطراف قدميها وتقبل خده0
وما ان لامست خده الدافئ حتى احست بصدمة تضربها نتيجة فعلتها .. لكن ، وبملامستها لدفئه ، لم تعد تستطيع التراجع .. فامسكت يداه القاسيتان بها لتدفعانها عنه . ونظرت اليها العينان السوداوان نظرة نارية ، وصاح بها : توقفى عند حدك ! كلانا يعرف اننا لحظة نود ان نتمادى اكثر ، سيطل بريستونز براسه الى تفكيرك . لكننى احذرك .. فى المرة القادمة لن اتوقف الى ان امحوه تماما من افكارك ، فاحذرى ان تبدئى شيئا لاتريدين ان اكمله وانهيه .. لن يكون هناك تراجع فى المرة القادمة 0
كانت لوارا متوترة الاعصاب قطعا ، وهى تدخل مبنى دارموند فى الصباح التالى .. ما الذى تملكها لتقبل روب ؟ اوه .. انه عرفانها بجميله لما سيفعله ليونى ، لكن ، الا يمكنها السيطرة على نفسها ، حتى انها حين تجتمع معه فى غرفة واحدة لا يعود كل ما تؤمن به مهما ؟
عرفت ان عليها ان تكبح نبضات قلبها ، وصممت انها من اليوم ، وصاعدا ، لن تقول او تفعل ، ولو مرة واحدة شيئا يبعد علاقتهما عن المستوى العملى .. ودفعت باب مكتبها تفتحه 0
-صباح الخير لوارا 0
روب ، وكعادته غالبا ، كان هناك قبلها .. واحست على الفور ، ان كل تعليماتها المتشددة لنفسها ليلة امس حول كيفية التصرف معه ، قد تلاشت فصوته لم يكن يحمل العدائية التى توقعتها 0
ردت ببرودة لم تستطع منع نفسها من الفخر بها : صباح الخير روب 0
لو انها تستطيع التمسك بهذه البرودة ، فمن يعلم ، قد تتمكن اخيرا من الحصول على ليلة من النوم المعقول .. اذ يبدو انها كلما تركت نفسها تتمادى معه ، تمضى ليلة تعيسة ، فى تفسير كل كلمة ، كل نظرة ، مرت بينهما 0
باحساس مبتهج ، لانه لم يبدا نهاره معها بالصراخ ، انحنت لتضع حقيبة يدها تحت الطاولة . ثم استقامت لترى انه ترك مكتبه ، ودخل يقف قرب طاولتها ، وشاهدت يده تتجه الى يدها الخالية من الخاتم .. ثم ضاع كل ما كان يود قوله لها ، مع كل اللطف الذى سبق وحياها به 0
-اين الخاتم ؟
-فى حقيبتى 0
كانت تنوى اعادته له هذا الصباح .. فانحنت تستعيد الحقيبة لتفعل .. وسمعته يامرها : البسيه 0
-البسه ؟ .. ظننت ...
-البسيه الان . انا لم اربط نفسى بك لمجرد التسلية 0
تطاير الشرر من عينيها ، بسبب انه يظنها غنيمة بلهاء ابتلى بها .. لكن قبل ان ترد عليه ، وترمى بكل حذرها ادراج الرياح ، كان يعلمها ، فى حال نسيت ، ان خطوبتهما ليست لمصلحتها فقط 0
-اتوقع وصول نيكولاس ماكداف فى اية لحظة الان . فضعى ذلك الخاتم .. وبسرعة . ولاجل الله ، توقفى عن النظر الى وكانك تودين اللعب براسى كالكرة !
اعطى اوامره ، ودون انتظار رؤيتها تطيع ، عاد الى غرفته ، واقفل الباب بينهما ، دون ادب ، كما لاحظت من صوت الباب الصاعق 0
بعد لحظات انفتح الباب الخارجى ، وكانت لوارا على الرغم من غضبها ، قد استعادت هدوءها ، لترد على تحية نيكولاس ماكداف : صباح الخير 0
كانت مشغولة حين رافق روب خاله عبر مكتبها ، لكنها توقفت عن العمل حين تقدم روب ليضع ذراعه حول كتفيها . وقال لها : كنت اخبر نيكولاس لتوى اخبارنا السارة حبيبتى 0
بغضب داخلى ، اعطته علامات كاملة لتمثيله الرائع ، ليبدو كلامه وكانه يعتقد بان السماء حيته بحظ رائع .. ومع ذلك فلمسة ذراعه على كتفيها كانت تميت غضبها . وقال نيكولاس : انا واثق انكما ستكونان سعيدين . من المؤسف انك مضطر للسفر فى هذه اللحظات السعيدة روب .. لكن .. هذه هى الحياة
تمكنت لوارا من اخفاء الانفعال عن وجهها لخبر سفر روب ، وتساءلت عما اذا كان هذا هو ما كان سيقوله لها حين دخل ولاحظ خلو يدها من الخاتم . ولم يبق خاله كثيرا ، ما ان خرج حتى ابعد روب ذراعه عن كتفيها ، فسالته بهدوء : امسافر انت ؟
-برزت ازمة فى فرعنا الاوروبى . وصل ممثلنا هناك ليلة امس ، وبعد قراءتى للوثائق التى جاء بها معه ، لم اجد بديلا عن السفر بنفسى 0
اذا ، كان يعمل ليلة امس ! لم يتركها بسبب جوانا بيريجيه وامثالها واحست بسعادة غير عادية لهذا 0
-متى ... ستسافر ؟
لكنها كانت تريد ان تسال متى ستعود فهى تحس بالحرمان مع انه لم يسافر بعد .. وهى من فكرت بالتفتيش عن عمل اخر ! كيف ستتحمل عدم رؤيته ثانية ، مع ذلك فهذا المركز مؤقت الى ان تعود السيدة شارب .. وعليها ان تتذكر هذا 0
-ساسافر فى الغد .. ايمكنك ان تتاخرى فى العمل الليلة ؟
تمكنت لوارا من ابقاء حاجبيها على المستوى نفسه ، دون كشف دهشتها لطلبه ، دون امر .. واكمل : لدى عمل كثير يجب ان اتممه .. ومساعدتك لى لن تقدر بثمن 0
ابتسم لها بسحر هدد عظامها بالذوبان . فردت : طبعا ...
ابتسامة اخرى كهذه ، وستجثو امامه !
مرت الساعات التالية ، ولوارا تسجل ملاحظات سريعة لتعليمات روب عما ستفعله فى غيابه الذى سيدوم ثلاثة اسابيع .. ثم دخلت مكتبها تفتش عن ملف ضائع يحتاجه ، الا انها رفعت راسها لتجده يتقدم نحوها ، والملف بيده .. وقاطع رنين الهاتف اى شئ كان سيقوله اى منهما ، وابتسمت له والكثير من الدفء يغمر جسدها لانهما يعملان معا بتناغم .ثم ، تلاشى كل الدفء منها ، واحست مرة اخرى انها تقف على الشوك . لان من كان يتصل هو جوناس ، وبوجود روب على بعد يارد منها لم تكن لتامل ان تخفى هوية المتكلم .. ثم ، من تراه غير جوناس يتصل بها الى هنا ظ
-اتصلت بى ايلين لتوها .. وقالت لى انك خطبت لروب 0
كان صوته وهو يسالها ، يبدو وكانه غير مصدق هذا القول .. نيكولاس ماكداف لم يضع وقته كثيرا ... اليس كذلك ؟
-اوه ... اجل 0
وتمنت لو ان روب يعود الى مكتبه ويقفل الباب وراءه ، لكن النظرة التى رمقها بها ، ووجهه غير المبتسم ، قالا لها انه لاينوى ان يتحرك . فعادت للاهتمام بجوناس ، تحاول اضفاء الفرح على صوتها .. لكنه عمل صعب .. واكدت بخفة : انا وروب مخطوبان
لكن جوناس لم يرحب بفرحها الظاهر فى صوتها ، وبدا عليه الالم لانها لم ترغب فى ان يكون اول من يعرف . وعرفت ساعتها انه يمر فى احدى نوباته السوداوية .. ولكن هل ان ايلين هى التى استغلت الفرصة لتنتقم منه ؟ مهما كان سبب تكدره فانها لن تستطيع شيئا لاخراجه منه ، مع استماع روب لكل كلمة ، وتابع جوناس : لم اكن اعلم انك مهتمة به .. مع اننى كان يجب ان اشعر بهذا حين اخبرتنى انه كان فى شقتك ليلة اتصلت بك 0
ثم تحول صوته الى الاكتئاب اكثر وهو يسال : ايعنى هذا انك لن تخرجى معى بعد الان ؟
احست بان عينى روب تحرقانها ، وعلمت ان الرجلين ينتظران الرد الذى سيحدد صداقتها بجوناس .. وحضرت نفسها لما ستسمعه فى صوته من رنة الوحدة 0
-حسنا .. هذا ما اخشاه جوناس ...
كان كلامها له رقيقا ، فقد تجاوزت عقدة ان يسمعها روب .. فهو يعرف مع من تتكلم على اى حال 0
سمعت تنهيدة استسلام من الناحية الاخرى للهاتف تبعها قول جوناس : ساحس بالوحشة من دونك لوارا .. لكن ، روب ليس بالرجل الذى يتحمل ان تكونى صديقة لرجل اخر ، حتى ولو كانت هذه الصداقة بريئة ، كونى سعيدة لوارا .. فانت تستحقين الافضل 0
كانت عيناها مبللتان حين وضعت السماعة من يدها . الرنة فى صوت جوناس وهو يحاول اخفاء اكتئابه ، جعلتها تذكر بقوة اكتئاب ابيها حين تركتهما امها ، واحست انها خذلته .. ثم سمعت حركة متوترة وراءها ، ثم شتيمة مكبوتة ، تبعها : لاجل الله !
رفعت وجهها الحزين واجفلتها نظرة روب ، التى قالت لها ان غضبه قد اصبح على شفير الانفجار .ثم ، وكانه لم يعد يثق بان يكلمها ، دفع لها بالملف وخرج 0
الكبرياء وحدها ممزوجة بالعناد ، جعلتها تكمل يومها ، كان روب قد عاد بعد وقت قصير من خروجه لكنه كان فى مزاج لايطاق 0
وما ان حلت الساعة السابعة ، حتى كادت معنوياتها تتحطم . عدة مرات خلال ما تبقى من اليوم كانت على وشك ان تكشف لروب كل ما يريد ان يعرفه عن صداقتها مع جوناس ، وخوفها على صحة عقله ، والوحشة التى يحملها دائما معه .. لكن ، فى كل مرة كان ياتيها فيها التهور ، كانت نظرة واحدة من روب تكفى لابعاد تهورها 0
مع اخر ملاحظة ، غطت لوارا التها الطابعة ، وتحضرت للخروج .. روحها المعنوية الهابطة ، لم تكن لتساعدها ، وفكرة انها لاتعرف متى سترى روب مرة اخرى ستقلقها .. كما انه لم يعرض عليها تناول الطعام كما فعل المرة الماضية ، وكانت سترفض على اى حال ، فلا فائدة من التواصل بينهما ، قالت تحاول ان تبدو غير مهتمة : من المحتمل جدا ان لا اراك حين تعود 0
-ساوصلك الى البيت 0
-لا حاجة لهذا 0
قالت بلهجة انهت الجدال : احضرى معطفك
الرحلة الى شقتها تمت بصمت ، تصارعت خلالها لوارا مع مشاعرها ، تفكر بكلمات فراق مناسبة حين تتوقف السيارة .. ادب فطرى متاصل فى نفس روب ، جعله يخرج من السيارة ليقف على الرصيف خارج شقتها 0
لكنه لم يحاول الذهاب اكثر من هذا .. وقالت لوارا : ليكن سفرك موفقا 0
استدارت لتذهب ، لكنها وجدت ان ذراعها شدت ليديرها ثانية اليه ، اصابعه تحفر لحمها ، تعابير وجهه كالصخر صلابة . وقال لها دون مواربة : تذكرى انك مخطوبة لى .. وتذكرى بالضبط لماذا انت مخطوبة لى .. وتذكرى اكثر ، خصوصا حين تتملكك عاطفتك نحو زوج ابنة خالى ، انك لو قابلته مرة واحدة ، فان المستقبل الذى تريدينه لاخيك لن يتحقق 0
منتديات ليلاس
رمى ذراعها عنه ، وعاد الى سيارته .. وكان محركها يرعد مبتعدا ، قبل ان تقفل باب المدخل 0
حين اصبحت داخل الشقة ، انهارت كل اعصابها المتوترة الضاغطة على مشاعرها المكبوتة .. وجلست تبكى .. واستمرت بالبكاء الى ان اصبحت غير قادرة على المزيد .. حين لم يعد لديها دموع ، دخلت الحمام ، لتغسل وجهها ... متمنية لو تستطيع ان تكره روب ماكفرسون ... ووجدت ان لديها المزيد من احتياطى الدموع لتذرفه بعد 0
*****
أنت تقرأ
هل تجرؤين للكاتبة جيسيكا ستيل
Romanceاذن انت الانسة ديكنسون 000 المصدر الوحيد لمشاكلى فى الوقت الحاضر ؟ لم تفهم لورا السكرتيرة البسيطة كيف تشغل بال روب ماكفرسون رئيس مجلس الادارة العظيم الى هذه الدرجة ، ولكنها ادركت ان مستقبلها محكوم بالدمار من هذا الرجل ، ومع هذا قبلت التحدى : -حياتى...